أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مازن لطيف علي - ميثم الجنابي في كتاب جديد عن التوتاليتارية العراقية وتشريح الظاهرة الصدامية















المزيد.....

ميثم الجنابي في كتاب جديد عن التوتاليتارية العراقية وتشريح الظاهرة الصدامية


مازن لطيف علي

الحوار المتمدن-العدد: 3279 - 2011 / 2 / 16 - 12:06
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


يواصل البروفيسور ميثم الجنابي كتاباته وتحليلاته للوضع العراقي برؤية وتحليل عقلاني وقد صدرله ً عن دار ميزوبوتاميا في بغداد كتاب "التوتاليتارية العراقية.. تشريح الظاهرة الصدامية" والكتاب عبارة عن حوار مطوّل مع البرفيسور ميثم الجنابي، وقد تم تقسيم الحوار إلى سبعة محاور أساسية تتناول فيها :

أولا تأسيس المفاهيم وتحديد الفكرة والمقولات. حيث يجري فيه تناول المقولات والمفاهيم وذلك لما لها من أهمية منهجية كبرى بهذا الصدد. حيث يرى الجنابي انه من الصعب الحديث عن "أصول فلسفية" مستقلة للتوتاليتارية. بمعنى أن من الصعب الحديث عن "فلسفة توتاليتارية" مستقلة قائمة بذاتها. بما في ذلك عن تلك الفلسفات التي اقترنت بها النظم السياسية التوتاليتارية كالشيوعية (الماركسية واللينينية والستالينية وغيرها) والفاشية والاشتراكية القومية(النازية). فالتوتاليتارية أيديولوجية وحالة ومنظومة فريدة وحديثة لحد ما من التحكم بالدولة والفرد والمجتمع والروح والجسد. وإذا كان بالإمكان العثور على صفات مشتركة بينها وبين الأديان و"مؤسساتها" اللاهوتية، كما هو الحال بالنسبة للكنسية، بما في ذلك في اشد حالاتها انحطاطا ودموية (العصر الوسط ومحاكم التفتيش والحروب الصليبية والدينية)، فان الخلاف يبقى كبيرا ولحد ما جوهريا. وذلك لأن الأديان ومعتنقيها "يؤمنون" بما يفعلون بوصفهم جزء من "إرادة إلهية" باقية في نصوص "مقدسة" (توراة وإنجيل وقرآن). بينما التوتاليتارية تضع "إرادة الحزب" و"القائد" فوق كل اعتبار. مما يفرغها من فكرة القانون والشريعة والنوازع الأخلاقية. كما أن الفكرة الدينية تتمتع بالقدرة على البقاء، بينما النظرية التوتاليتارية جزئية وعابرة.

ثانيا، تناول قضايا أزمة الدولة ومقدمات التوتاليتارية العراقية، منذ تكوينها الجديد عام 1921 حتى انهيارها عام 2003. حسث ذكر الجنابي ان العراق كان يفتقد إلى فكرة الجمعية والمركزية. وكلاهما كانا خارجه بالمعنى الجغرافي والسياسي والثقافي والقومي. من هنا كانت آلية الإقصاء المحتملة في قواه الناشئة تعكس آلية الإقصاء القديمة في كيانه المهشم. وقد عمقت السيطرة البريطانية (الكولونيالية) هذه الآلية من خلال تذويبها في قاعدة عملها العامة والشاملة آنذاك: فرق تسد! من هنا استعمالها لملك "أجنبي" وقادة لا علاقة لهم بتاريخ العراق ومعاناته الذاتية، وإبعاد القوى التي واجهته في مجرى "ثورة العشرين" والاعتماد على الطائفية المبطنة. ومن حصيلة هذه الممارسة التي تمتلك تاريخها الخاص الأسبق بوصفه جزء من زمن السيطرة الأجنبية، جرى تصنيع وتعميق وترّسخ تقليد سيادة الأقلية. مع ما ترتب عليه من عجز بالنسبة لتصنيع الفكرة الوطنية وفكرة الدولة الحديثة والأمة. وهو أمر جلي الآن. إذ لا فكرة وطنية عراقية وقومية عربية بالمعنى الدقيق والسليم لهذه الكلمة عند الأغلبية المطلقة من الأحزاب والنخب السياسية.

ثالثا، تناول الأصول السياسية للتوتاليتارية العراقية، عبر البحث في جذورها الاجتماعية وكيفية تراكمها في ستينيات القرن العشرين. حيث يرى الجنابي ان ظهور التوتاليتارية وسيادتها شبه التام في تاريخ العراق الحديث يعكس طبيعة الأزمة البنيوية الاقتصادية والسياسية والثقافية. بمعنى أن تجربة العراق هي إحدى الصيغ النموذجية لتداخل الأسباب الاقتصادية والسياسية والثقافية. ومن الصعب الآن الاستفاضة في تحليل هذه الجوانب وخصوصية تمظهرها في تاريخه الحديث، وذلك لأنها بحاجة إلى دراسة ميدانية تاريخية سوسيولوجية وكيفية انعكاسها في الفكر السياسي والثقافة السياسية. بمعنى أنها بحاجة إلى دراسة متخصصة. وهي مهمة يمكن تركها لأجيال لاحقة بوصفها جزء من وعي الذات التاريخي والسياسي. واكتفي هنا بالقول، بأن الصيغة العامة لتلاقي وتفاعل المكونات الاقتصادية والسياسية والثقافية التي أدت في تاريخ العراق الحديث إلى صعود التوتاليتارية تقوم في عدم قدرته على حل مشكلة الحداثة أو المعاصرة بطريقة عقلانية وواقعية. وقد كان بإمكان العراق حل هذه المهمة بطريقة سريعة وفعالة ونموذجية لحد ما فيما لو لم تسيطر الفكرة الراديكالية السياسية. وهي مفارقة القرن العشرين التي أنتجت بدورها أشنع أنواع التوتاليتاريات تخلفا! بمعنى المزاوجة بين راديكالية متطرفة في ميدان الأيديولوجية السياسية ومتخلفة من حيث مكوناتها وأصولها الاجتماعية! قوى سياسية راديكالية ذات أصول اجتماعية تقليدية ومتخلفة! ومن هذه المزاوجة ولد مسخ التوتاليتارية العراقية! وليس مصادفة أن يعود العراق بعد قرن من الزمن إلى البداية، أي انه استهلك قرنا من الزمن (القرن العشرين) لكي يبدأ في القرن الحادي والعشرين من ابسط متطلبات بناء الدولة والمجتمع والثقافة! أي البدء من الصفر ولكن على كمية هائلة من ركام الخراب المعنوي والأخلاقي! بحيث يشبه العراق الحالي وبشره بأهل الكهف بين عالم علمي تكنولوجي ديناميكي يعيش ويعمل بمعايير المستقبل. غير أن هذه الحالة المزرية تحتوي في أعماقها أيضا على إدراك الطريق المسدود والمغلق للنموذج التوتاليتاري.

رابعا، تناول الاقتصاد "السياسي" و"الاجتماعي" للتوتاليتارية العراقية (الصدامية) عبر تحليل بنية الاقتصاد السياسي للدولة العراقية وارتباط ذلك بصعود النزعة التوتاليتارية والأيديولوجية البعثية ونظام الحكم.حيث أشار الجنابي الى إن مفهوم "الدولة الريعية" في محاولاته تفسير خصوصية الدولة في إيران ودول الخليج العربية، طوّع المواقف السياسية والأيديولوجية عبر هالة الرؤية الاقتصادية. وبهذا فهو يشبه في الكثير من جوانبه اغلب ما ظهر في بداية النصف الثاني من القرن العشرين من مفاهيم ومقولات ونظريات بهذا الصدد. بعبارة أخرى، إننا نقف أمام ماركسية مقلوبة! وكلاهما يصبان في منحى واحد، ألا وهو تغليب الرؤية المسبقة والقيم الأيديولوجية والسياسية على تعقيد الواقع، أو من خلال سحب الواقع المتحرك والحركة التاريخية المتراكمة وتنوع الأشكال المتناقضة في كمون البدائل تحت خيمة التعميم السياسي. غير أن ذلك لا ينفي ما في هذا التحديد الاقتصادي السياسي من قيمة علمية وعملية في إدراك خصوصية النظام السياسي، على الأقل في ستينيات القرن الماضي (العشرين). لكنه لم يعد يمتلك قيمة علمية دقيقة في تفسير ظاهرة الدولة الحديثة والنظام السياسي في منطقة الخليج. كما انه يعجز عن تفسير وإدراك خصوصية الدولة والنظام السياسي الذي تبلور في العراق في مجرى النصف الثاني من القرن العشرين، وسقوطه المريع تحت ضربات الغزو الأمريكي عام2003.

خامسا، ويتناول الأسس الاجتماعية للظاهرة الصدامية، باعتبارها ظاهرة مركبة. حيث اعتبر الجنابي الظاهرة الصدامية ظاهرة مركبة. بمعنى أنها تعكس البنية الاجتماعية والاقتصادية، والحالة السياسية والفكرية والثقافية العامة التي تراكمت في مجرى التاريخ الحديث للعراق. الأمر الذي يفترض صياغة رؤية منظومية من اجل تحليلها. أما الرؤية المنظومية والملموسة فهي الوحيدة القادرة على تحليل وتركيب ماهية الظاهرة الصدامية وكيفية تبلورها وصعودها والأسباب القائمة وراء سيادتها وانهيارها أيضا. كما أنها المنهجية التي يمكن رؤية معالمها فيما اكتبه بهذا الصدد، أي فيما يتعلق بجانب من جوانبها بوصفها ظاهرة توتاليتارية. وهي منهجية ضرورية أولا وقبل كل شيء من اجل المستقبل. بمعنى التأسيس لما يمكن دعوته بمهمة تصفية الحساب التاريخي مع الظاهرة التوتاليتارية بشكل نهائي وتام.



سادسا ويتناول الأصول الأيديولوجية للصدامية وخطابها السياسي وطبيعة التحولات التي جرى عليهما في مجرى استحكام الدكتاتورية وتوسيع مدى النظام التوتاليتاري.حيث يرى الجنابي إن الخطاب الصدامي مناف للثقافة العربية الكبرى، كما أنه على ضفاف وخارج تياراتها الكبرى بالمعنى التاريخي والقومي والثقافي الصرف. فالثقافة العربية الكلاسيكية هي ثقافة كونية. كما إنها ثقافة حضارية ومدنية كبرى. والأهم من ذلك إنها ثقافة منظومات فكرية وتنوع محكوم بمرجعيات متسامية. وذلك لأن الثقافة العربية الكونية تحتوي على وحدة علوم العربية والدينية والفلسفية والتصوف والفقه والأصول والتاريخ والأدب والموسوعات والسياسة وغيرها من العلوم الطبيعية والإنسانية. فهي ثقافة لها نظامها ونسقها الخاص. إنها ثقافة المدارس المتنوعة، ومن ثم تنوع مرجعياتها الثقافية الكبرى، كما نراه على سبيل المثال في الفلسفة والكلام والتصوف والفقه وغيرها من العلوم والفنون. وقد كانت هذه الثقافة غريبة على الصدامية غربة تامة. كما أن تراث الصدامية بعيدا كل البعد عن الثقافة العربية الحديثة بمختلف مراحلها وتياراتها ومستوياتها من نهضة وإصلاح وليبرالية وتنويرية. وبالتالي، فإنها كانت خارج نطاق قراءة الأحزاب السياسية الراديكالية العراقية بشكل عام والبعث بشكل خاص.
وأخيرا المحور الذي يتناول الشخصية الصدامية عبر تحليل ما يمكن دعوته بانتروبولوجيا العبودية والاستبداد.حيث يرى الجنانبي إن إحدى السمات الجوهرية للتوتاليتارية هو ارتباطها بفكرة الجماهير والجماهيرية. بحيث يمكننا القول، بأن التوتاليتارية غير معقولة دون فكرة الجماهير والجماهيرية. وإذا كانت الجماهير تشكل على الدوام المادة الضرورية لكل الحركات الاجتماعية الكبرى بما في ذلك التي أثرت بصورة حاسمة في تغيير وتطوير المجرى التاريخي للإنسانية، فإن ما يميز التوتاليتارية بهذا الصدد يقوم في طبيعة الانقلاب الذي أحدثه وأدخلته على فكرة ووظيفة الجماهير.
كتاب " التوتاليتارية العراقية.. تشريح الظاهرة الصدامية" جدير بالقراءة ليطلع القارىء والمثقف والسياسي على تقييم شامل لظاهرة صدام والصدامية في تاريخ العراق المعاصر عالجا الجنابي برؤية معرفية وفلسفية .. الكتاب يتألف من 320 صفحة من القطع الوسط، صمم الغلاف الدكتور مصدق الحبيب .



#مازن_لطيف_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السرد في التراث العربي
- رحلة في عالم الفنان الراحل مؤيد نعمة
- نجل الموسيقار صالح الكويتي : الملك غازي اهدى والدي ساعة ذهبي ...
- حوار مع البروفيسور ميثم الجنابي عن حقيقة التصوف•
- مير بصري.. سيرة وتراث
- قصة حب بين فاطمة المسلمة والفتى الجميل سالم اليهودي
- أكثر من 15 مطبعة أسسها يهود العراق في النصف الأول من القرن ا ...
- ساسون حسقيل: أشهر وزير في تأريخ الحكومات العراقية المتعاقبة
- مير بصري .. شاهد على يقظة الفكر العراقي
- كريم مروة يؤرخ سيرة أربعة شيوعيين لبنانيين
- بيوت محمود النمر بلا قبعات
- الدكتور داود كباي .. شخصية عالقة في الذاكرة العراقية
- توفيق التميمي يوثق تاريخ شارع المتنبي في كتاب جديد
- استعراض تحليلي لثلاثية (العراق والمستقبل) لميثم الجنابي
- طبعة جديدة لكتاب -محنة يهود العراق بين الأسر والتهجيرالقسري- ...
- كتاب جديد للدكتور ميثم الجنابي عن المختار والحركة المختارية ...
- فيصل الاول ويهود العراق
- عن صالح نعيم طويق وابداعه في الصحافة والترجمة
- اسحاق بار موشيه .. أول يهودي يكتب مذكراته عن بلاد الرافدين
- لامبان في كتاب جديد : اصل الحجاب وثنيّ ولا علاقة له بالاديان ...


المزيد.....




- السعودية.. القبض على مصريين لـ-نشرهما حملات حج وهمية بغرض ال ...
- أمريكا: لا يوجد مؤشر على عملية إسرائيلية -واسعة النطاق- في ر ...
- شهداء في قصف مكثف على رفح وشمال القطاع
- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مازن لطيف علي - ميثم الجنابي في كتاب جديد عن التوتاليتارية العراقية وتشريح الظاهرة الصدامية