أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أمنية طلعت - مصر جديدة تتشكل بأرواح شهداء اللوتس














المزيد.....

مصر جديدة تتشكل بأرواح شهداء اللوتس


أمنية طلعت

الحوار المتمدن-العدد: 3276 - 2011 / 2 / 13 - 10:39
المحور: المجتمع المدني
    


لم يكن الثلاثمئة شهيد الذين سقطوا أثناء ثورة 25 يناير، هم أول شهداء يسقطون على تراب الوطن من أجل حريته، وإن كانوا يختلفون في كونهم دفعوا أرواحهم من أجل حرية مصر من المستعمر الداخلي أو المحلي. ولن يكونوا أيضاً آخر من سيضحي بدمائه من أجل رفعة المحروسة. طوال الأربعين عاماً السابقة استشهد كثيرون منا بشكل أو بآخر. كثيرون فقدوا أرواحهم داخل المعتقلات وخرجوا مجرد أجساد تتحرك، وكتاب تم قصف قلمهم بطريقة أو بأخرى فانزووا بعيداً أو هاجروا خارج البلاد، وآخرون تم سرقة أحلامهم بسبب المحسوبية والواسطة والبلطجة واستغلال النفوذ، وجيل كامل خرج للحياة دون تعليم أو إعداد لائق للعمل وكسب الرزق بكرامة، وشباب لا يمكن حصر تعدادهم وقعوا من اليأس وموت الحلم في شراك الإدمان، الذي فتحت حكومات مبارك منذ بداية عهده، بوابات البلاد على مصرعيها، مرحبة بمخدرات الصهاينة التي كانت تجارة للبعض داخل مصر، بينما هي خطة سياسية لتدمير الشعب من قبل إسرائيل. كثيرون وكثيرون، سُفحت أحلامهم وكرامتهم على تراب أم الدنيا، ولقد عبرت عن جيلي – جيل التسعينات – وما لحقه من ضرر على يد جمهورية مبارك الشيطانية، في روايتي " طعم الأيام" التي صدرت عام 2009، والتي تم ملاحقتها من قبل المثقفين المسيسين، مدعين أنها تقدم مبالغات لا أساس لها من الصحة، لكنها في حقيقة الأمر كانت صرخة مدوية، أطلقتها من نبع حزن ويأس صافيين، غمرا حياتي منذ قررت أن أنفي نفسي خارج الوطن، بعد أن تمت ملاحقتي حتى في لقمة عيشي من قبل أزناب مبارك التي انتشرت في كل ركن من أركان مصر. كلنا شهداء فقدنا أرواحنا على عتبات مصر، وكنا بالفعل قد وصلنا إلى مرحلة الجثث التي تسير على قدمين، تتعاطى مع الأيام بآلية، وشهية مفقودة تماماً للحياة. هذه كانت مصر وهكذا كنا حتى يوم الخامس والعشرين من يناير عام 2011.
أعترف بأنني لم أصدق أن شيئاً حقيقياً سيحدث، تجاربي الفاشلة في المظاهرات كانت من أسباب رحيلي، عندما كان المارون في الشوارع ينظرون إلينا باستخفاف ويعتبروننا ثُلة من الشباب الطائش، الذي يخرج طاقاته المكبوتة في العواء ضد السلطة الحاكمة، كانوا يأخذون المنشورات من أيدينا ليلقوا بها إلى الأرض فور إدارتنا لظهورنا، وكان الأمن المركزي أيضاً يستخف بنا، نحن المتظاهرون الأغبياء الذين لا يتجاوزوا على أكثر تقدير المائة شخص، مائة من الحالمين بسرابات يرونها هم ببساطة أوهام. لم أصدق 25 يناير واستخففت بها، كنت أرفض كل الدعوات التي تأتي لي على الفيس بوك لأشارك في المظاهرة، تعاملت مع أيامي بروتين اعتدت عليه منذ سنين، منذ أن فقدت الحلم وتشبثت بأهداب الكتابة، كآخر دليل لي على أنني مازلت أحيا، استعددت لإجازة منتصف العام الدراسية ووضعت خطة لابني وابنتي وأمي كي نخرج ونتنزه في أماكن عدة، لكن 25 يناير جاء هادراً مؤكداً أن مصر مهما غفت لا تموت، وأنها مهما شاخت، تعود لتولد من جديد كطائر فينيق عظيم.
ثمانية عشر يوماً من الصراع، مروا كثمانية عشر عاماً أو يزيد، يتساقط ورد بلادي أمام عيني، فمن يستحقون الفناء مازالوا يعيشون حتى الآن، بينما رحل صانعوا الحياة لهذا الوطن، ويرقد بين الحياة والموت آلاف من الشرفاء الذين فقدوا أعينهم وبُترت أعضائهم وأصيب من أصيب بالشلل، من أجل أن تحيا البهية، ويحيا باقي المصريين تحت ظلالها التي يجب أن نعيدها إلى نقطة الدفئ والحيوية.
يجب الاعتراف بشهدائنا كشهداء حرب، وبجراحانا كجرحى حرب، لأنهم بالفعل خاضوا حرباً، هي الأشرف من بين كل الحروب التي خاضها المصريون على مدار مئات السنين، هي الحرب من أجل العدل والحرية والمساواة وإقرار المواطنة لكل فرد يدب على تراب المحروسة، هي الحرب الفيصل بيننا وبين السقوط في مستنقع التخلف أو الارتفاع نحو ضوء الشمس المهيب. يجب منح أهالي الشهداء أوسمة شرف واعطائهم كافة المزايا التي تحصل عليها أسر شهداء أكتوبر وكافة الحروب التي خاضها المصريون من قبل، كذلك يجب منح الجرحى نفس الأوسمة ومخصصات تليق بما قدموه لهذا الوطن، تماماً مثل جرحى حروبنا العظيمة السابقة. الاعتذار إليهم وإلى أسرهم لا معنى له، بل تكريمهم وتشييد نصب تذكاري بأسمائهم وصورهم هو الذي ننتظره من مصر الجديدة التي حلمنا بها منذ الأزل، وها هي الفرصة بين أيدينا كي نبنيها.



#أمنية_طلعت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجيش ومعضلة رحيل مبارك
- كيرياليسون .....يا رب ارحم
- مازال شيوخ الاسترزاق يقتاتون على ذبح الفن المصري
- النيل يحزم حقائبه في اتجاه إسرائيل
- مشكلة الفقر وضرورة تنمية الدور الاقتصادي للمرأة العربية
- حي على الجهاد يا ستات
- محجبات ومنقبات في البارات والملاهي الليلية
- كم احببت الاسلام في تركيا
- لم يصبها الدور
- خلعت كل شيئ واختفت
- أسمهان و سلاف: معزوفة نسائية مبهرة
- تسيبي ليفني في التوراة
- علي كل لون يا فتوي.. والمرأة هي الخاسر الأكبر
- نساء الدرك الأسفل وإشاعة تمكين المرأة
- بطولات نسائية في بكين ..والعربيات في خدور الحريم
- النقاب فضل وليس فرض!
- إسلامهم أم إسلامنا؟ رفض تجريم الختان ورفع سن الزواج في قانون ...
- من يمتلك جسد النساء؟
- الفاعل والمفعول به ... إنتقالا من علم النحو إلى النشاط الجنس ...
- من ذات الهمة إلى إسراء عبد الفتاح ...المرأة العربية تُبعَث م ...


المزيد.....




- فيديو.. سمير فرج يُشكك في عدد الأسرى الإسرائيليين: حماس تخفي ...
- برنامج الأغذية العالمي: أجزاء من غزة تعيش -مجاعة شاملة-
- مديرة برنامج الأغذية العالمي: شمال غزة يواجه بالفعل مجاعة كا ...
- -جيروزاليم بوست-: صحفيون إسرائيليون قرروا فضح نتنياهو ولعبته ...
- فعلها بحادثة مشابهة.. اعتقال مشتبه به دهس طفلة وهرب من مكان ...
- المياه ارتفعت لأسطح المنازل.. قتلى ومفقودون وآلاف النازحين ج ...
- طلاب نيويورك يواصلون تحدي السلطات ويتظاهرون رفضا لحرب غزة
- خبير عسكري: المواصي لن تستوعب النازحين من رفح والاحتلال فشل ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بصفقة تبادل للأسرى
- الآلاف يتظاهرون في تل أبيب مطالبين بالإفراج عن الأسرى ورحيل ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أمنية طلعت - مصر جديدة تتشكل بأرواح شهداء اللوتس