أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم نصر الرقعي - سكولوجيا الثورة!؟















المزيد.....

سكولوجيا الثورة!؟


سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)


الحوار المتمدن-العدد: 3271 - 2011 / 2 / 8 - 04:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لن أتحدث هنا عن "الثورة" بمنظور سياسي أو إجتماعي أو تاريخي أي بإعتبارها ظاهرة إجتماعية وتاريخية بل سأتغلغل في أعماق النفس البشرية بملابساتها وأسرارها العميقة والعجيبة!.. للبحث عن "سر الثورة" هناك في أعماق نفوس الناس الثائرين الذين تعتريهم حالة الثوران فيخرجون عن طورهم ونمط سلوكهم اليومي المعتاد ويتحولون إلى ما يشبه البركان!.

لماذا وكيف ومتي تحدث هذه الحالة الطارئة و"غير العادية" التي نطلق عليها صفة "الثورة"!؟.. كيف تحدث وتنفجر لا إبتداء ً من الواقع الإجتماعي أو السياسي الظالم بل إنطلاقا ً مما يجري ويعتمل في أغوار النفس البشرية المغبونة التي تثور – فجأة ً - على الظلم والطغيان!.

الثورة خروج عن الطور؟

فالثورة – من الناحية السيكولوجية - هي بالفعل حالة من حالات الخروج عن الطور!.. خروج عن المألوف والمعتاد السائد!.. أي أن وقوع "الثوره" في أي بلد يعني بالضرورة أن الشعب فيها قد خرج عن طوره!!.. أي أنه خرج عن الطور الطبيعي الإعتيادي الراتب العام في الحياة اليومية!.. فكما يمكن أن يخرج (الإنسان/الفرد) عن طوره الطبيعي – لسبب من الأسباب - فكذلك (الإنسان/المجتمع) يمكن أن يخرج عن طوره الإعتيادي "الروتيني" الطبيعي المعتاد!.. فالشعب الثائر هو شعب خرج عن طوره المألوف!.

الثورة وميزان الغضب والخوف؟

تحدث الثورة في نطاق الفرد أو المجتمع ككل عندما يطفح الكيل !!.. أي عندما ينفد الصبر وتنتصر حالة "الغضب" الشديد في القلوب والنفوس على حالة "الخوف" العتيد!.. فالبشر بفطرتهم – فضلا ً عن ظروف التنشئة الإجتماعية في ظل مجتمعات أبوية ديكتاتورية قمعية – يخافون صاحب السلطان أي الحاكم!.. إلا أنه في لحظة غضب شديد وساعة فوران عارمة في النفس وفي الضمير تنتج عن سلسلة من تراكم المظالم والإهانات والحرمان ينتصر عامل "الغضب الشديد" في النفس البشرية على عامل "الخوف العتيد" فتحدث الثورة والتمرد والعصيان لصاحب السلطان!.

الثورة وميزان الغضب والعقل؟

الشئ الذي قد يستغربه البعض هنا هو أن حالة الثورة تحدث أحيانا ً عندما يتخلص المرء من عقال العقل!!!.. العقل الغريزي والعقل المبرمج بتوجيهات وتخويفات وتحذيرات المحيط الإجتماعي!.. فليس "الجبن" وحده هو ما يمنع الناس من أن يثوروا على جلاديهم ويتمردوا على الطغاة الجبابرة المجرمين وعلى البغاة الظالمين الذين يظلمونهم ويسومونهم سوء العذاب وسوء المهانة!.. بل في كثير من الأحيان يكون "العقل" هو الضابط المانع من حصول التمرد و"الثورة"!!.. فالعقل "الطبيعي" الذي يتصف به كل إنسان "طبيعي" عاقل هو بطبيعته الفطرية حسابي نفعي "برغماتي"!.. لذا نجد هذا العقل – وبشكل طبيعي تلقائي - ينهى صاحبه عن المجازفة بالنفس والمال والعيال ويحذره أشد التحذير من ركوب المخاطر أو التعرض لمواطن الهلاك!.. فهذه وظيفة أساسية من وظائف العقل "الطبيعي/ الغريزي" لحماية النفس!.. فكيف إذا صاحب هذا العقل الغريزي تعاليم إجتماعية ثقافية – وكذلك سياسية - تخوّف الأفراد من الخروج على تعاليم السلطان القائم وتحذرهم أشد التحذير من التعرض إليه بإنتقاد أو معارضة أو عصيان!!؟.

إن العقل الطبيعي في حالات كثيرة يُغلـِّب مُعطى "الأمن" وعامل "الخوف" على معطى وعامل "الغضب" في نفوس الناس لدواعي الأمن والسلامة ولو على حساب الكرامة!!!.. لذلك نجده يعمل على كبت الغضب ومنعه من التحول إلى سلوك غاضب .. لأن العقل – وهو أداة الحكم والضبط والربط في الكيان البشري – يرى وفق بعض الحسابات "الأدبية الإجتماعية" أن إطلاق هذا "الغضب" من معقله هو أمر غير لائق إجتماعيا ً! .. أو يرى وفق الحسابات الطبيعية "البرغماتية" أن التعبير عن هذا "الغضب" مكلف وباهض الثمن ونتيجته وخيمة على النفس!.. فعندما يشتمك ويهينك شخص جبار تعتقد أنه أقوى منك وأنه قادر على إلحاق ضرر ٍ حسي أو نفسي بك أو بمالك أو عيالك فإن عقلك – وليس جبنك بالضرورة – وعلى الرغم من شعورك بالغضب الداخلي - يدفعك إلى كبت هذا الشعور بالغضب لأن التعبير عنه – وأنت الضعيف مقابل هذا القوي – هو أمر مكلف جدا ً وقد يعرضك لمخاطر تمس أمنك وسلامتك وحريتك الشخصية!!.. فالعقل هنا ينصحك بأن كبت الغضب وعدم المقاومة هو أخف الضررين وأهون الشرين عليك!.. فهذا هو السلوك الطبيعي الإعتيادي لدى الغالبية العظمى من البشر الطبيعيين !.. فليس "الجبن" هو ما يمنعهم عن عصيان صاحب السلطان الجبار الجائر بالضرورة بل هو هذا "العقل الغريزي الطبيعي" الذي يُرجّح عامل "الأمن" و"السلامة" على القيم المعنوية والأدبية الأخرى كالحرية والعدالة والكرامة!.. ولكن في لحظة فارقة يطغى فيها الشعور بالغضب الشديد على الخوف العتيد في النفوس .. ويطفح فيها كيل الغضب على كيل الخوف .. نجد هذا الغضب الشديد العارم يزيح بقوة الإنفعال في الوجدان والإعتمال في النفس سلطة العقل " الطبيعي" عن كرسي القيادة وبالتالي يجعل النفس الغاضبة تخرج عن عقال هذا العقل "الغريزي والمنطقي النفعي الحسابي" المسنود بالتخويفات الإجتماعية لتثور وتعبر عن سخطها ورفضها التام مهما كان الثمن باهضا ً!!.. ولذا قد تجد الكثير من "الجبناء" والكثير من "العقلاء" المهذبين في المجتمع يستنكرون إقبال "الثوار" على التمرد والثورة في وجه الحاكم الجبار إلا إذا إنتصرت الثورة فهم سينقلبون إلى أول المداحين!!.. وفي هذا السياق يُقال أن رجلا ً سكرانا ً كان هو من فجّر الثورة الشعبية في "رومانيا" ضد الطاغية "تشاوسيسكو"!!.. فهذا الرجل الغاضب بسبب تناوله للخمر خرج عن حدود نصائح وتوجيهات وحسابات وضوابط "العقل" الطبيعي!!.. إذ أن "الخمر" عبارة عن مركب كيميائي يعمل – بطريقة ما - على التخفيف من سطوة وسلطان العقل على النفس .. لذا فهذا الشخص "الروماني" المخمور كان بسبب الخمر غير خاضع لإملاءات العقل وحسابات المنطق "البرغماتي" الطبيعي الذي يضبط سلوك معظم البشر.. هذا العقل الذي يحذر من تعريض النفس للمخاطر ويأمر صاحبه في الغالب إلى عدم التضحية بالنفس والمال!.. وبالتالي وجدنا هذا الشخص الغاضب والمخمور تحت تأثير الشعور بالغضب العارم من جهة – بالإضافة إلى تأثير تحرير الخمر للنفس من عقال العقل من جهة أخرى! – إندفع للتعبير عن حنقه وكرهه للطاغية المستبد وسط جمهرة من الناس في وقت كان فيه الطاغية "تشاوسيسكو" يخطب وسط الناس في ساحة عامة! .. فصرخ هذا الغاضب المخمور صرخة غاضبة مدوية في وجه "الديكتاتور" : ( إرحل عنا فقد سئمنا أكاذيبك!) فكانت هذه الصرخة بمثابة "القشة التي قصمت ظهر البعير" أو "ظهر الديكتاتور"!.. حيث شجعت هذه الصرخة الخارجة عن المألوف وعن عقال العقل الطبيعي والعقل الإجتماعي أولئك الناس الخائفين والخاضعين – أي الناس "العقلاء" وليس بالضرورة "الجبناء" - على إطلاق مكنون صدورهم وتحرير غضبهم وحنقهم المكبوت منذ عقود من عقال الخوف وعقال العقل!.. فكانت نتيجة إنتصار عامل "الغضب" على عامل "الخوف" في نفوس الجماهير هو تلك "الثورة الشعبية" العارمة التي أخرجت الرومانيين عن طورهم الإعتيادي وهدوءهم ورضاهم الظاهري الزائف!.. وهو ما حدث هذه الأيام في "تونس" ثم في "مصر"!.

فقد كان أحرار وحرائر "تونس" يحتاجون فقط إلى حادثة حرق "البوعزيزي" لنفسه إحتجاجا ً على جور السلطان كي ينفجر بركان ذلك الغضب المكبوت في نفوسهم ويزيح عن طريقه سد سلطان الخوف وسلطان العقل الغريزي تماما ً كما يزيح السيل العرم كل ما يعترض طريقه بعد إنهيار السد المانع!!.. كما أن المصريين بالمثل كانوا في حاجة فقط لنجاح الثورة التونسية لتلهمهم وتشجعهم على تجاوز عامل الخوف والتردد في أنفسهم وتحثهم على تجاوز نصائح عامل العقل الغريزي الذي يُغلّب في أنفسهم عامل الأمان والسلامة وعامل الإستقرار على عامل الكبرياء والكرامة والتغيير .. كانوا فقط في إنتظار نجاح ثورة الشارع التونسي كي يفجروا ثورتهم ضد طاغيتهم لعلهم يفوزون بحريتهم وإستقلالهم السياسي عن الدولة!!.

هكذا – إذن - هي طبيعة وسيكولوجية الثورات - كسلوك فردي أو جماعي – فهي تحدث بشكل طارئ ومفاجئ بسبب إنتصار قوة الغضب العارم والسخط الشديد على سلطان "الخوف" العتيد من جهة .. ومن جهة أخرى بفعل إنتصار صوت الغضب الشديد على صوت "العقل" الغريزي "البرغماتي" الحسابي وعدم الإستماع لتعليماته المحذرة وتخويفاته المستمرة!.. هذا الخوف الطبيعي وهذا العقل الغريزي اللذان يعوّل عليهما أي طاغية جبار في فرض سلطانه على الناس!.
سليم نصر الرقعي
(*) يتبع هذه المقالة مقالة أخرى ذات صلة بعنوان (سكولوجيا الثوار وطبيعة الأحرار؟)



#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)       Salim_Ragi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تنازلات نظام مبارك.. حقيقية أم إنحناء للعاصفة!؟
- هل الغرب بدأ يتخلى عن الحكام والقادة العرب!؟
- تنحى مبارك أم لم يتنحَ فإن الثورة نجحت!؟
- هل سيتعاطف العالم مع ثورة الشارع الليبي القادمة!؟
- ثورة الشارع المصري ورعب دول الجوار!؟
- سر الموقف الإمريكي من ثورة الشارع المصري!؟
- مبارك سيكون مسؤولا ً عن حمامات الدم القادمة!؟
- النظام .. يُريد .. إسقاط الشعب!؟
- اللجان الشعبية كأداة تنظيمية أهلية وقت الثورات والأزمات!؟
- قناة العربية وثورة الشارع المصري!؟
- الريس -مبارك- لم يفهم بعد !؟
- تحية لأحرار مصر!؟
- طغاة العرب يقولون: نحن لسنا تونس!؟
- لماذا نشرت الجزيرة هذه الوثائق الآن بالذات!؟
- الشرارة التونسية وصلت إلى مصر!؟
- ماذا يخطط القذافي للتوانسة منذ الآن!؟
- القذافي دعا بن علي للعودة مع وعد بدعمه!؟
- نحرق أجسامنا أم نحرق حُكامنا وأصنامنا!؟
- رد الشعب التونسي الأصيل على هذيان القذافي!؟
- الأنموذج التونسي لا النموذج العراقي!؟


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم نصر الرقعي - سكولوجيا الثورة!؟