مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 3244 - 2011 / 1 / 12 - 08:43
المحور:
الارشيف الماركسي
ليبرتاد * 1905
إلى المستسلمين
أنا أكره المستسلمين !
أكره المستسلمين , كما أكره القذرين , و كما أكره الكسالى .
إنني أكره الاستسلام ! أكره النذالة , و أكره الكسل .
إنني أتعاطف مع الرجل المريض الذي ينحني تحت وطأة حمى خبيثة ما , لكنني أكره الرجل المريض المتوهم الذي يمكن لشيء من الإرادة أن يجعله يقف على قدميه .
إنني أتعاطف مع الرجل المقيد بالسلاسل , المحاط بالحراس الرازح تحت ثقل الأغلال الكثيرة .
بينما أكره الجنود الذين ينحنون تحت ثقل الضفائر و النجوم الثلاثة , العمال الذين ينحنون تحت ثقل رأس المال .
إنني أحب الرجل الذي يقول ما يشعر به في أي مكان كان , بينما أكره الناخب الذي يسعى وراء الانتصار الأزلي عن طريق الأكثرية .
أحب العالم الذي يتحطم تحت وطأة البحث العلمي , و أكره الفرد الذي يحني جسده تحت قوة غير معروفة , لمجهول ما , لإله .
إنني أكره كل الذين يتنازلون لآخرين عن جزء من قوتهم كبشر , الذين لا يخفضون رؤوسهم فقط , بل يجعلونني و من أحب , نخفض رؤوسنا أيضا , من خلال ثقل تعاونهم الكريه أو عطالتهم الغبية .
إنني أكرههم , نعم أكرههم , لأنني أشعر بذلك . إنني لا أنحني أمام ضفائر الضابط , أو حزام المحافظ , أو ذهب الرأسمالي أو أخلاقه أو دينه . لوقت طويل عرفت أن كل هذه الأشياء هي مجرد دمى تافهة يمكننا أن نكسرها كالزجاج ... إنني أنحني تحت ثقل استسلام الآخرين . آه كم أكره الاستسلام !
إنني أحب الحياة .
أحب أن أعيش , ليس بطريقة ثانوية مثل أولئك الذين يشبعون فقط جزء من عضلاتهم و من أعصابهم , بل بطريقة كبرى ( أو هائلة ) , تمنحني الإشباع لعضلات وجهي إضافة لعضلات ساقي , ظهري إضافة إلى دماغي .
لا أريد أن أبادل جزءا من الآن مقابل جزء متخيل من الغد . لا أريد أن أتنازل عن أي شيء من الحاضر لأجل رياح الغد .
لا أريد أن أحني أي جزء مني تحت كلمات مثل : الوطن الأم , الإله , الشرف . إنني أعرف جيدا أيضا فراغ ( أو خواء ) هذه الكلمات , هذه الأشباح الدينية و العلمانية .
إنني أضحك على الانسحاب , إلى الجنان حيث يبقي الأمل بالحصول عليها , يبقي المستسلمين على حالهم , إلى جانب الأديان , و رأس المال .
إنني أضحك على أولئك الذين كي يدخروا لسني عمرهم الأخيرة يحرمون أنفسهم في شبابهم , لكي يأكلوا في سن الستين , فإنهم يصومون عندما يكونوا في العشرين .
أما أنا فإنني أريد أن آكل عندما أملك أسنانا قوية و أن أمضغ لحوما جيدة و ثمارا ريانة . عندما تكون عصارات معدتي قادرة على الهضم دون مشاكل أريد أن أشرب حتى الثمالة المشروبات المنعشة و المقوية .
أريد أن أحب النساء , أو امرأة , بشكل يعتمد على رغبتنا المشتركة , و لا أريد أن أسلم نفسي لعائلة , لقانون الأخلاق , ليس لأي شيء أية حقوق على أجسادنا . أنت تريد , أنا أريد . دعنا نضحك على العائلة , القانون , الشكل القديم من الخضوع .
لكن هذا ليس كل شيء . إنني أريد , بما أنني أملك عيونا , آذانا , و حواسا أخرى , أكثر من مجرد أن أشرب أو آكل أو أن أستمتع بالجنس : أريد أن أختبر المتعة بأشكال أخرى . أريد أن أرى منحوتات و لوحات جميلة , أن أعجب برودين أو مانيت . أريد أن أصغي لأفضل مجموعات الأوبرا تعزف بيتهوفن أو فاغنر . أريد أن أعرف المسرحيات الكلاسيكية في المسرح الكوميدي الفرنسي ,
إنني أريد السعادة لنفسي , لأصحابي الذين أختارهم , و لأصدقائي . أريد بيتا يمكن أن ترتاح فيه عيناي بسرور عندما أنهي عملي .
لأنني أريد لذة العمل , أيضا , ذلك العمل الصحي , ذلك العمل القوي . أريد ليداي أن تتعاملا مع المسحاج , و المطرقة , الرفش و المنجل .
لندع العضلات تنمو , للقفص الصدري أن يصبح أكبر بحركات قوية مفيدة و واعية .
أريد أن أكون مفيدا , أريد أن نكون جميعا مفيدين . أريد أن أكون مفيدا لجاري و أن يكون جاري مفيدا لي . إنني أرغب بأن نعمل كثيرا لأنني نهم للسعادة . و لأنني أريد أن أسعد نفسي فإنني لست مستسلما .
نعم , أريد أن أنتج , لكني أريد أن أحصل على السعادة لنفسي أيضا . أريد أن أعد العجين بيدي لكن أن آكل خبزا أحسن , أن أعمل في حصاد العنب لكن أن أشرب خمرا أفضل , أن أبني بيوتا لكن أن أعيش في شقق أفضل , أصنع أثاثا لكن أن أمتلك ما يفيد , و أن أرى ما هو جميل , أريد أن أبني مبان لكن كبيرة بما يكفي لكي أسكن فيها أنا و من معي .
أريد أن أتعاون و أنا أنتج , لكني أيضا أريد أن أتعاون و أنا أستهلك .
يحلم البعض بأن ينتجوا لآخرين و سوف يتركون لهم , يا لسخرية هذا , أفضل جهودهم . أما بالنسبة لي فإني أريد أن أرتبط بحرية مع الآخرين , أن أنتج لكن أن أستهلك أيضا .
انظر أيها المستسلم : إنني أبصق على ما تعبد . أبصق على الإله , على الوطن , على المسيح , على العلم . إنني أبصق على رأس المال و قطع الذهب , أبصق على القوانين و الأنظمة , على رموز الدين , إنها دمى تافهة , دعها وراء ظهرك و ستتحطم إلى أشلاء .
هكذا فإنك قوة , أحد تلك القوى التي لا تعرف أنها كذلك , لكن على الرغم من ذلك فإنها قوة , لا يمكنني أن أبصق عليك , يمكنني فقط أن أكرهك ... أو أن أحبك .
قبل أي اعتبار فإن رغبتي هي أن أراك تطيح باستسلامك في استيقاظ هائل للحياة .
لا توجد هناك جنة في المستقبل , لا يوجد هناك مستقبل , يوجد الحاضر فقط .
تعال نعيش !
عش ! فالاستسلام موت .
الثورة هي الحياة .
ترجمة : مازن كم الماز
نقلا عن http://www.marxists.org/archive/libertad/index.htm
ألبرت ليبرتاد ( 1875 – 1908 ) أناركي فرنسي يصنف على أنه أناركي فرداني ( كما كان حال الهيغلي الشاب ماكس شتيرنر ) , ولد في بوردو و توفي في باريس , تربى في ملجأ للأيتام و نتيجة لمرض في طفولته فقد القدرة على تحريك ساقيه لكنه سيستخدم هذه الإعاقة فيما بعد بطريقة مفيدة حيث سيستخدم عكازاته كسلاح ضد رجال الشرطة , عندما جاء إلى باريس في عمر ال 21 انخرط على الفور في الخلايا الأناركية هناك حتى أنه كان يبيت عادة في مكاتب جريدة الحرية الأناركية , و أثناء قضية دريفوس ( الضابط اليهودي الفرنسي الذي اتهم بالخيانة العظمى ) نظم الرابطة المعادية للعسكريتاريا ( 1902 ) . في عام 1905 أسس ما يمكن اعتبارها أهم جريدة أناركية فرنسية ( فردانية ) , التي كانت تحمل اسم الأناركية نفسها , و التي ساهم فيها أيضا إيميل أرماند و الثوري الروسي فيكتور سيرج ..........
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟