أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مازن كم الماز - الأخلاق و السياسة , دفاعا عن اللا سياسة















المزيد.....

الأخلاق و السياسة , دفاعا عن اللا سياسة


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 3185 - 2010 / 11 / 14 - 10:45
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الأخلاق و السياسة , دفاعا عن اللا سياسة

رغم ارتفاع عدد المحجبات بشكل عام بين الفتيات و النسوة السوريات , و ربما العربيات عموما , فإن هذا لا يؤشر على ارتفاع أو تحسن في الحالة الأخلاقية العامة , تماما كما أن تزايد عدد مرتادي المساجد , و ربما دور العبادة الأخرى لبقية الأديان , ليس مؤشرا على نفس الشيء , إنه على العكس يترافق مع انحطاط أخلاقي غير مسبوق , من المؤكد أن الحجاب أو عودة مظاهر التدين بشكل عام ليست هي المسؤولة عنه , لكنها من دون شك جزء من الظاهرة , من المشهد الكلي , سواء أكانت سببا أم نتيجة . إن الموقف السائد من الأخلاق يقوم على النفاق , إن هذا الموقف ليس فقط مبررا على ضوء القيم و الممارسات السائدة , بل و صميمي في الممارسة و الوعي السائدين . لنأخذ على سبيل المثال الممارسة السياسية السائدة , إنها اليوم , كما أبدا , تحاول أن تزعم أنها أخلاقية و تقوم على أسس أخلاقية , لكنها بكل بساطة تتناقض بشكل مباشر مع الموقف الأخلاقي الذي يقوم على المنطق الإنساني البسيط و الأكثر صحة و صدقا في هذه الأحوال و في كل الأحوال . قضية ما تسمى بالعدالة في اغتيال الحريري مثلا واضحة جدا و بسيطة , رغم أن ذات المنطق الأخلاقي الإنساني البسيط يمتعض من أن اغتيال الحريري دون ال 150 ألف لبناني و فلسطيني الذين قتلوا في لبنان يستحق وحده العدالة , حتى أن منطق هذه العدالة العوراء يتجاوز الطرح الطائفي ذاته , فالحريري ليس السني الوحيد الذي قتل في لبنان , و لا رئيس الوزراء السني الوحيد الذي قتل في لبنان و قتلته يسرحون و يمرحون بل و يتفذلكون عن العدالة و ملاحقة المجرمين و القتلة , و لا السني الوحيد الذي قتل بأيدي شيعية إذا صح أن قاتله شيعي . و لا قضية مثل ما يسمى بشهود الزور تستحق التفكير هي الأخرى , فشهادة الزور وفق الأخلاق السائدة و المنطق الأخلاقي الإنساني البسيط مخالفة أو جريمة أخلاقية إن شئت , و من الغريب أصلا أن يكون ملاحقة شهود الزور أو على الأقل إلغاء شهادتهم , مثل قضية مقتل الحريري أو أي إنسان آخر , مجالا للجدل و الخلاف . لكن هذه السياسة يا صديقي , و الأكثر إمتاعا هنا أن تجد من يحاول أن يقنعك أن كل هذا الصخب له أساس أخلاقي , هذه هي قمة النفاق . في الحقيقة يقوم الإعلام التابع لهيك سياسة على عدة مبادئ , إن صح تسميتها بالمبادئ , منها أن الكذب الذي نقوله نحن وحلفاؤنا حقيقة و الحقيقة التي يقولها خصومنا كذب , أن من نقتلهم نحن أو حلفاؤنا يستحقون الموت وفق عدد لا ينتهي من المبررات و أن من يقتله خصومنا شهداء . أننا عندما نسرق فإننا نأخذ مالا حلالا لا شك في ذلك و أن ما لدى خصومنا مسروق ممن نريد نحن أن نسرقهم أي ليس الغرض إعادة المال لأصحابه بل أن يكون متوفرا لنسرقه بإذن الله طبعا . الحقيقة أن الوصايا العشر نفسها التي تدور حولها ما تسمي نفسها أديان سماوية و ما تلاها من إيديولوجيات شمولية نفسها وضعت لكي تنتهك من قبل أقلية محددة بعينها , بينما يعتبر الإنسان العادي إذا انتهكها , علنا , مجرما و غير أخلاقي . ليو تولستوي , الذي تمر هذه الأيام ذكرى رحيله المائة , سخر من أولئك الذين يقتلون رغم أن المسيح أوصاهم : لا تقتل , و استنتج أن كل الدول و الحكومات التي تمارس القتل تتصرف ضد تعاليم المسيح . الغريب و الشاذ في الموضوع أنه عندما يقوم شخص واحد بارتكاب جريمة قتل يكون عدد ضحاياه محدودا , أما عندما يصدر سياسي أو رجل دين أو جنرال أوامره بالقتل فعدد الضحايا يكون غير محدود , رغم أن هذا لا يسمى أبدا جريمة وفق منطق الأخلاق السائد , السياسي أو الديني على حد سواء , تصوروا معي هذه الواقعة , لقد قام رجال الدين السنة بتبرئة كل القتلة في أيام الفتنة من جريمة القتل , لم يمنعوا فقط تطبيق أحد حدود الله الواضحة و الصريحة جدا و البديهية إنسانيا في نفس الوقت , بل و اعتبروا كل من أصدر الأمر بقتل آخرين أكثر من بريء , اعتبروه مجتهد أيها السادة , و سموا هذا النفاق اجتهادا أيضا , و النخبة السياسية اللبنانية , من بري إلى جعجع , قامت بنفس الشيء تماما بالنسبة لل 150 ألف ضحية الذين مسحتهم من الوجود فبعد أن اجتهدت في قتلهم اعتبرت هذا اجتهادا حسنا أو مستحسنا على وزن الفقه الإسلامي و أنه قد حقق للبنان و لها و حتى لمن قتلتهم المصالح المطلوبة بإذن الله طبعا , مجازر ببشاعة الكارنتينا و الدامور و صبرا و شاتيلا اعتبرت و كأنها لم تكن , لا داعي للاستغراب فالنخب الحاكمة و المتنافسة أيضا مارست هذا خلال قرون طويلة بشكل "أخلاقي" تماما . و لذلك اخترعت النخب منذ القدم شيئا سمته القوانين , لأنه إذا كان من الصعب أن تكون بريئا وفق المنطق الأخلاقي الإنساني البسيط فإنه من الممكن تماما أن تكون بريئا أمام ما يسمى بالقانون و كانت مهمة هذه القوانين أن تقدم بديلا عن المنطق الأخلاقي الإنساني البسيط و المباشر أي أن تحاول تصوير أفعال النخب غير الأخلاقية على عكس ما هي عليه , و أضاف عليه التنوير المعاصر ما يسمى بالدساتير , لذلك فالنخبة السياسية لا تتحدث أبدا عن الأخلاق كيلا تجد نفسها أمام محاكمة المنطق الأخلاقي الإنساني البسيط بل تتحدث عن الدساتير و القوانين , إنها عندما تريد أن تشتم خصومها تتحدث عن لا قانونية أو عن لا دستورية أفعالهم , الأمر الذي لا يعني أي شيء على الصعيد الإنساني , و ليس من الغريب هنا أن يسمي رجال الأديان و القوانين الوضعية أنفسهم على حد سواء على أنهم فقهاء في هذه المواضيع أي ضليعين في تبرير أفعالهم أو أفعال أسيادهم . مثل الأخلاق المعلنة , بما في ذلك الدينية , وضعت هذه القوانين ( التي تسمى لذلك بالوضعية ) فقط لكي تنتهك على يد واضعيها و ممن يسمي نفسه حارسا عليها , مثلا حرمت الأديان التي تسمي نفسها سماوية السرقة , لكنها جميعا شرعنت و قوننت ما سمته أخذ الغنائم , أي أخذ ما يملكه الإنسان بعد قتله , هذه ليست فقط سرقة , إنها سرقة مسلحة , نهب , سرقة من نوع قذر و همجي , سرقة وقتل في نفس الوقت . و جميعها حرمت الزنا لكنها جميعها شرعنت و قوننت اغتصاب النساء اللواتي يتم أسرهن ممن تصنفهم على أنهم كفار أو أعداء , هذا أفحش من الزنا , لأن الزنا يتم برضا الطرفين أما هذا فجريمة اغتصاب بشعة , تضاف لقتل البشر و سلب أموالهم , ثم نسائهم و أطفالهم , همجية ما بعدها همجية , ترعاها الأديان التي تسمي نفسها سماوية و يكرر رجال دينها و سدنتها ليل نهار على البشر المقموعين المكبوتين ألا يقتلوا و ألا يزنوا و ألا يسرقوا .. الخ . و أضافت البرجوازية هنا ابتكاراتها الحداثوية , يقول البعض أننا نعيش عصر الحداثة و التنوير بل ما بعد الحداثة و التنوير , و خلافا لما قد يزعمه البعض فقد أدخلت الحداثة البرجوازية بالفعل فروقا نوعية في مستوى النفاق الأخلاقي , فالإعلام و السياسة المتنورة تعني أن تستخدم مقتل بضعة ألوف في مانهاتن , قتلهم بلا شك تعبير عن الهمجية في أبشع صورها بالتأكيد , لتبرر مقتل مئات الألوف في أفغانستان و العراق و وزيرستان و غيرها , و لو أن ما بعد الحداثة البوشية اعتمدت أيضا على وصول بوش لمرحلة الكشف الإلهي حيث أصبح يتلقى رؤى و أوامر إلهية مباشرة من ربه فيم يتعلق بقتل كل تلك الآلاف المؤلفة , يعج التاريخ بمهووسين على هذه الشاكلة لكن درجة تزييف هذه الظاهرة غير مسبوقة , و العنوان حداثوي و تنويري يا سيدي , نعم لقد غيرت الحداثة البرجوازية وجه العالم , فلا من نسميهم اليوم بالهمج أو إنسان الكهف و لا حتى الحيوانات المفترسة , و لا يأجوج و مأجوج في آخر الزمان , قتلت و ذبحت و سفكت الدماء كما فعلت الحكومات البرجوازية من بني الإنسان في المائة سنة الأخيرة , بل و أكاد أجزم أنه لو امتلك الهنود الحمر قنبلة نووية كتلك التي ألقاها الأمريكان على هيروشيما لما استخدموها ضد عدوهم الأبيض أيا تكن ظروف المعركة , وحده البرجوازي الهمجي المتنور و الحداثوي فاق كل القتلة على مر العصور , حتى فاشي كهتلر لم يجرؤ على استخدام هذه القوة المنفلتة الجنونية من الموت و الدمار , أما جمال باشا السفاح الذي سمي كذلك لأنه شنق 31 شخصا فهو بالكاد يمكنه أن يعمل اليوم كسائق في بلاك ووتر أو عريف في غوانتانامو , أما في غزة عندما كانت قوات ما تسمي نفسها دولة إسرائيل لا تستهدف المدنيين كما قالت هي انتهى بها الحال بأن قتلت أكثر من ألف منهم , هذا الهراء يملك البعض الوقاحة لقوله و الآخرون لترديده , إنجاز آخر للحداثة البرجوازية يستحق الذكر , فبعد أن حولت الحداثة البرجوازية حياتنا إلى لعبة كومبيوتر حولت موتنا , قتلنا , أيضا إلى لعبة كومبيوتر , أصبح قتل البشر اليوم لعبة كومبيوتر صماء يمارسها القاتل و هو يبتسم و يتأمل في شاشة ملطخة بدماء حقيقية هذه المرة . لن يتغير هذا حتى يجري إلغاء السياسة نفسها بما تعنيه من "فن" التحكم بالبشر , لتستبدل بشيء آخر سمه ما شئت لكن المهم أنه يعني , أن جوهره هو حكم البشر أنفسهم بأنفسهم



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يجب لأا يمر ما جرى في كنيسة النجاة
- حروب في الظلام
- الأفكار المادية عند المعتزلة
- ملاحظات عن الجدال الاقتصادي الدائر اليوم في سوريا
- رؤية في وعي الواقع
- جدال حول التغيير
- أناركي روسي يكتب عن جهود الحركة الأناركية الروسية لمقاومة ال ...
- أناركي أمريكي يكتب عن الدين و الثورة
- لأسباب خاصة بالدولة , لميخائيل باكونين
- هل يمكن لملايين السوريين الفقراء أن يرسموا سياسة اقتصادية أف ...
- هناك طريقتان لفهم أو قراءة التاريخ
- لكن هذا سخف أيها الشيخ !
- نحو سلطة العمال لموريس برينتون
- الشبه بين النظام الستاليني و السوري : دروس الماضي و المستقبل
- كلمات في غياب مراقب الإخوان المسلمين السوريين السابق
- النقاب في سوريا
- عقد على خطاب القسم الأول للرئيس بشار الأسد
- مناقشة لموضوعات المؤتمر السابع لحزب الشعب الديمقراطي السوري
- أوجه الشبه و الاختلاف بين الله و الرأسمالية
- أحداث كومونة باريس


المزيد.....




- إيران تعلن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضرب ...
- مهرجان موازين يحتفي بدورته العشرين بحضور فني عربي وعالمي ممي ...
- غزة تشيع نضال وكندة.. رضيعان قتلهما الحصار الإسرائيلي
- رئيس وزراء إسرائيل يتحدث عن فرص جديدة لتوسيع -اتفاقات السلام ...
- مصدر إسرائيلي: دعوة ترامب لوقف محاكمة نتنياهو جزء من تحرك لإ ...
- هل يثير اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران زخما لوقف ح ...
- أول اعتراف رسمي.. وزير الخارجية الإيراني: أضرار كبيرة طالت ا ...
- مصادر إسرائيلية تتحدث عن قتال صعب وإجلاء جنود جرحى بخان يونس ...
- هل تجبر عمليات المقاومة نتنياهو على إبرام صفقة شاملة في غزة؟ ...
- تزايد اختطاف الأطفال على يد جماعات مسلحة بموزمبيق


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مازن كم الماز - الأخلاق و السياسة , دفاعا عن اللا سياسة