أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - باب داري















المزيد.....

باب داري


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3241 - 2011 / 1 / 9 - 17:11
المحور: كتابات ساخرة
    


بعض الناس إذا غضبوا في المنزل فإنهم يقومون بضرب صحن من الزجاج وكسره, والبعض يكسر النافذة ولكن 99% من الناس يضربون باب الدار تعبيرا عن قرفهم أو غضبهم أو حتى سعادتهم ,والفوضى والنظام والاحتجاج كل ذلك نتعلمه في منزل أمنا وأبينا قبل أن ندرسه كأسلوب عن التعبير السياسي اللفظي والعملي وكلنا تعلمنا من بيوتنا أسلوب المظاهرات والتكسير وخصوصا وقوفنا على باب الدار أحيانا دون أن نتكلم مع رفضنا دخول المنزل ونبقى على الباب أحيانا لساعة أو لساعتين حتى يأتي من يحن علينا لمصالحتنا وهذا ما يحدث نادرا ولكن ما يحدث بشكل ملحوظ هو ضرب الباب بالقوة تعبيرا عن استنكارنا واحتجاجنا وحزننا وحتى فرحنا فكل أفراد حارتنا وقريتنا يذهبون إلى باب الدار لضربه بقوة تعبيرا عن احتجاجهم ومنهم من يلجأ إلى تكسير أدوات أو أثاث المنزل كما يفعل ذلك الأزواج المتخاصمون, طبعا لا أستثني نفسي فأنا لي سابقة مع أثاث المنزل حيث غضبتُ في حياتي مرة واحدة وكسرتُ موبايلي حين ضربته في الجدار وقد ارتد عليّ قِطعاً محطمة أما غيري من الناس والجيران فإنهم يذهبون لباب الدار الرئيسي لضربه تعبيرا عن احتجاجهم أو يذهبون أحيانا لتكسير النافذة الزجاجية كتعبير عن غضبهم وحين نسمع عن مظاهرات في الشوارع فإننا أيضا نخرج من المنزل للتعبير عن غضبنا فنضرب السيارات وأبواب الدكاكين والمحلات التجارية ونقوم بتكسير كل شيء إلى قطع صغيرة وكأننا في المنزل وذلك لكي تسمع الحكومة أصوات احتجاجنا عليها وكذلك نفعل ذلك ونعبر عنه بالتكسير في بيت أُمنا وأبينا لكي يستمع الأهل لأصوات احتجاجنا.

واليوم وأنا جالس على التلفزيون أستمع للطرب الأصيل سمعتُ صوت أحدهم قد فتح باب الدار وأغلقه بقوة ومن ثم فتحه مرة ثانية وأغلقه بقوة ومن ثم فتحه وأغلقه بقوة أكثر من أربع أو خمس مرات وكان سقف المنزل والجدران تهتزُ من شدة الصوت العالي فسألت عن سبب هذا الإزعاج فقال لي علي: برديس فتحته وسكّرته ورقعته رقعاً_أي ضربته بقوة_ وبصوت عالي احتجاجا على سوء المعاملة معها , فقلت بيني وبين نفسي: أي هو بيتي صاير لوس أنجلوس سنة1992-1993م حيث أسمعوا العالم كله أصوات تكسير الأبواب والمحلات التجارية تعبيرا عن استيائهم !!أي هو الشاطر اللي بروح يفش غله بالباب وكأن داري مدينة فيها مظاهرات سياسية؟لو أن ابنتي برديس قامت بضربي أنا على وجهي أو رأسي لكان أهون عليّ من سماع صوت الباب المسكين وهو يُضرب ويُهان وتنتهكُ حقوقهُ المدنية بهذه القوة وخصوصا أنه باب جديد ما زال من ثمنه 100 دينار أردني لم أدفعها للحداد الذي قام بتفصيله لنا بعد أن عَتُقَ الباب القديم من كثر ضربه ورميه بالحجارة فاستدعيت سيارة إسعاف لنقله إلى محل الحداد وحين رآه الحداد قال لي (الباقي في حياتك هذا الباب سيموت حالاً ) فقبلت تعزيته لي بالباب وأمرته بأن يلد لي بابا جديدا يتحمل الضرب والاحتجاجات السياسية والمظاهرات فقد قلت للحداد : باب داري مين ما أجا بضربه في رجله أو في يده أو في أي شيء يحمله معه والكل يتهدد على الباب لذلك أريده قويا ومتيناً وكانت النتيجة هذا الباب القوي الذي يتحمل الظروف صيفاً وشتاء, وطوال الصيف وأنا أنادي أولادي وأُعلمهم بأن يفتحوا الباب وأن يتركوه مفتوحا لكي يدخل الهواء منه إلى الشقة ولكنهم يغلقونه بقوة ليس احتجاجا فهذه المرة يغلقونه بسبب تعويدهم على ذلك في فصل الشتاء حيث طوال فصل الشتاء وأنا أناديهم (أغلقوا الباب ) ولا يتعلمون ذلك إلا في بداية فصل الصيف فأعود وأقول لهم (افتحوا الباب) وأبقى هكذا طوال فصل الصيف حيث لا يتعلمون فتحه وتركه مفتوحا إلا في فصل الشتاء فأعود من جديد لأقول لهم (منشان ألله اغلقوا الباب) وأحيانا أجلس مقهورا وأنشد: (افتحوا البابَ فقد جاء الطبيبُ وانظروا نحوي فلي سرٌ عجيبُ) ,وصدقوني حتى أولاد الجيران إذا غضب أحدهم من أحد أولادي يأتي فورا وبيده حجرا كبيرا أو عدة أحجار صغيرة يلقيهن على الباب بسرعة ومن ثم يلوذ بالفِرار.

وناديت على أولادي اليوم بعد سماعي أصواتاً أخرى تقوم بفتح الباب وبإغلاقه بقوة ولا أحد منهم إلى جواري وصرت مثل المجنون أتحدثُ مع نفسي وأنا أقول : أي واحد فيكوا بزعل بروح بضرب الباب!! أو برقعه أو بدفشه في رجله؟!! ليش هيك؟ طبعا قلت ذلك وأنا نفسي كنت وما زلت أضرب باب الدار للتعبير عن غضبي وعن استيائي وسبحان ألله كل شيء وراثه حتى ضرب الباب فحتى اليوم حين أشعر بالنكد أغلق باب الدار ورائي وأنا خارج من المنزل بقوة تعبيرا عن غضبي واستيائي وكذلك تفعل زوجتي حين تغضب مني وهي خارجة حيث تقوم بإغلاق الباب بقوة لكي أسمع من خلال صوت الباب صوتَ احتجاجها العالي ,وحتى الضيوف الذين يأتون لزيارتنا إذا غضب أحدٌ منهم وخرج غاضباً فإنه فورا يضرب باب الدار بقوة تعبيرا عن احتجاجه أمامنا وكذلك الأطفال الضيوف من أبناء الجيران إذا خرج أحد منهم غير مبسوط من نتيجة اللعب مع أي أحد من أولادي فإنه يغلق الباب خلفه بقوة تعبيرا عن غضبه واستياءه , ولكن أولادي يضربون الباب تعبيرا أيضا عن فرحهم فأنا أسمعهم وأنا جالس في غرفة التلفزيون حين ينبسطون ويفرحون يفتحون الباب ويغلقونه بقوة وهم يقولون (ياي..ياي .يا سلام سلّم يا سلامْ.) فإذا أخذ أحدهم مصروفه اليومي وشعر بالانبساط فورا يضرب الباب برجله أو بيده للتعبير عن فرحه وهو يقول (ياي..يا سلام سلّم يا سلامْ) ومن ثم يدفع الباب بيده بقوة أو برجله خصوصا إذا خرج من البيت مبسوطا يريد أن يلعب في الشارع, وكذلك في حالة الحزن الشديد يضربون الباب وهم يقولون ( شو هذا الله يقطع العيشه معاكوا؟) بأسلوب استنكاري فضيع فأقول بيني وبين نفسي : الإنسان مثل الغوريلا التي تضرب على صدرها حين تفرح وحين تشعر بالحُزن وبالألم وبالغضب, طبعا كل ذلك يحدث وأنا جالسٌ في البيت وأستمع لصوت ضربات الباب فأعرف حجم الغضب من حجم قوة الضربة أو القصف فإذا خرج علي وكان غاضبا جدا فإنه يضربه ضربة يسمع صداها وصوتها المار من الشارع وإذا كان غضبه فوق العادة فإن صوت الضرب يسمعه كل من يجلس في الحارة وعلى أسطح المنازل .

وأحيانا يفتحون الباب ويتركونه مفتوحاً في هذا الفصل فصل الشتاء أيضا تعبيرا عن غضبهم فإذا غضب أحدهم فإنه يفتح باب الدار ويخرج منه دون أن يغلقه خلفه تاركا الهواء يملئ الشقة كلها لأنه يعرف بأنني أطالبه وهو خارج بإغلاق الباب لكي يبقى المنزل دافئا ولكن عقابا لي يتركونه مفتوحا لكي يهرب الدفء من المنزل, ولأن أولادي صغار لا يستطيعون ضربي فإنهم يعاقبونني من خلال فتح باب الدار وإغلاقه بقوة أو من خلال فتحه وتركه مفتوحا تعبيرا عن سياستهم وليس رغبة منهم في سياسة الباب المفتوح, طبعا أولادي لا يتهددون على الباب كما كان العرب يتهددون على الباب العالي في اسطنبول ولكنهم هكذا اعتادوا على ضرب الباب وركله بالأيدي وبالأرجل تعبيرا عن غضبهم وكأن الباب أحيانا هو أنا, فأحيانا أشعر وهم يضربون بالباب بأنهم يتخيلونني أقف في محل الباب فيضربون الباب وكأنهم يضربونني ويعاقبون الباب لأنهم يريدون أن يعاقبونني أو يريدون عقاب أمهم أو لأنهم يريدون عقاب جدتهم أو لتسجيل موقف احتجاجي على سلوكي معهم خصوصا حين يطلبون شراء شيء وأقول لهم (مافيش مصاري) عندها يخرج أولا علي من البيت وقد ضرب الباب برجله قبل أن يفتحه ومن ثم يفتحه ويغلقه خلفه بقوة كبيرة وبعد ذلك تتبعه برديس بنفس الوتيرة فتفتح الباب وتغلقه خلفها بقوة انتقاما مني ومن الأيام العسيرة.

عن جد باب داري مسكين أو كما يقولون عنه (مثل خبز الشعير ماكول ومذموم) ووحدي من أضمد جراحه هو وأثاث المنزل كما كانت تفعل أمي ,ولو يعرف باب داري طريق المحكمة, ولو كان يعرف كيف يذهب لوحده دون أن يحمله أحد في سيارة نقل لذهب هنالك لوحده ورفع على شخصي وعلى أولادي قضية انتهاك حقوقه المدنية, ولو كان أولادي يراعون حقوق باب الدار لَما ضربوه بأيديهم وبأرجلهم وبرؤوسهم 100 مرة في اليوم الواحد, ولكنهم مثل أبيهم, أي مثلي أنا , فأنا وأنا صغير حين كنتُ أعيش في بيت أمي وأبي وجدتي لم أكن أراعي الحقوق المدنية للباب, وكانت جدتي رحمها الخالق تقول (لو باب الدار بعرف كيف يشتكي بالمحكمة لحاله كان من زمان اشتكى عليك يا جهاد وعلى كل أخوتك) طبعا أولادي اليوم يعبرون عن غضبهم بضرب الباب كما كنتُ أنا أفعل ذلك أيام كنت ولدا صغيرا فقد كنتُ أغلقُ الباب بقوة هائلة تعبيرا عن غضبي حين كنتُ أزعل أو حين كانت أمي أو جدتي تغضباني وكنتُ أرفع رجلي اليمين للأعلى وأضرب الباب بقوة حتى وهو مغلق وذلك تعبيرا عن غضبي واستيائي وكانت أمي حين تسمع صوت ضرب الباب بقوة كانت تعرف أن هذا تعبيرا عن الغضب فتسأل أخوتي : شو ماله راح فش خلقه بالباب؟ فيقولون لها ما هي مطالبي ونادرا ما كانت أمي تستجيب لمطالبي وكانت على الأغلب لا تهتم بضربي للباب بقوة فكنت أصعّد الموضوع سياسيا أكثر فأضرب النافذة للتعبير عن غضبي وكانت في هذه اللحظة تستدعيني للنقاش ولبحث مطالبي وكانت أيضا جدتي تستجيب لمطالبي ولمطالب شقيقاتي اللواتي أيضا كن يضربن الباب بقوة للتعبير عن احتجاجهن.

وكل أهل حارتنا يعرفون أين نقوم بتخبئة مفتاح الباب لأن أمي حين نخرج كلنا من البيت تناديني بصوت مرتفع قائلة وهي في الشارع وأنا على الباب : شو خبيت المفتاح في المكان السِري؟) فأرد عليها بصوت عالي حتى تسمعه بسبب بُعد المسافة قائلاً)آه خبيته في المكان السري تحت الدلو الأخضر اللي زارعين فيه) طبعا وكل الحارة تسمع وتعرف أين مفتاح الباب.





#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدس لحم الفقراء
- كيف تريدون ذبحي؟
- الأموات يحكمون الأحياء
- لو أداة تمني
- الصحافة تلعب دور البوليس
- في العام الماضي
- واو القسم
- ملاحقة المهنيين
- الحق على مين؟
- الإنسان البليد
- الأم هي أول مدرسة
- هلوسات
- أصوات مزعجة
- كل عام والعالم بخير
- من يمثل الفكر الإسلامي!
- الانسان مثل الساعة
- روح الفنان
- مفاهيم مقلوبه
- سقوط أمي
- اقرأ تفرح جرّب تحزن


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - باب داري