|
بدل حبو المنون ،تسلق لجاسم الجنون
عزيز الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 3240 - 2011 / 1 / 8 - 18:32
المحور:
الادب والفن
في قمة ريعان الشباب..كانوا يُساقون كالأغنام وأرخص..لساحات حرب جنونية .. عرايا من وطنية في ذواتهم...لا ترتع في ذاكرة حقولهم إلا إن الوطن وقادته يدفعونهم لمجنونية فقدان الأرواح سدى.. ولموت مجاني محقق..يركبون سفينته مقسرين وسط موج هائج لايوصف للرحيل السرمدي.... جاسم آخر عنقود عائلته ...كلهم عسكريون... مُدلّل الدار أما وأبا..من عامة الناس لا سحنة ولا بسمة ولا سمة تمّيزه عن أقرانه من نعاج الذبح المنتظرة تذبيحها الحتمي.. الحرب ضروس...تطحن كل الأجساد وتحيلها أشلاءا يصعُبُ على أهاليهم التعرف على ملامحها إلا بمشقة البحث عن وشم او شامة في يد أو خد او مايسميه العراقيون وحمة للدَلالة... حتى من تلبّس طوق النجاة قد يعود مبتور الأطراف او مشوه الخلقة فليست هي معركة ساعات وتنتهي... هي 8 سنوات من الجنون 96 شهرا من قوافل التوابيت.. قد يحمل وساما بالمفهوم المخادع الاعلامي آنذاك..فمن الغريب أن تقتل رصاصة واحدة جنديا بل تجد جسده ميدانا للرمي مثقبا كمصفي !لا تعرف لموتاهم، أوردة من شرايين فقد هزمهم الموت شرّ ممزق... كان أبو جاسم قائدا عسكريا...وأولاده ضباطا برتب وصنوف مختلفة فمن المحال ان يكون آخر عنقودهم في ساحات الوغى مقاتلا...حين أقترب موعد تلبية النداء العسكري الإجباري لمواليده... ولكنهم جميعا تنصلوا من الوعد المقطوع لامهم الطيبة الحنون، ان يكون صنف أخوهم غير قتاليا... فشاءت الأقدار ان يكون جاسما مقاتلا ليس في الصفوف الأمامية فحسب بل في حجاباتها ومراصدها ومجساتها!!فغادر جاسما فردوس أمه المتلوعة إلى جحيم آتون الحرب الضروس وساحتها الكروب..تأقلم جاسم المفجوع بموقف أبيه وإخوانه مع أول شظايا تناثرت كالحلوى النارية لمَقْدمِه اللاميمون! أندّس بموضع محفور مختلقا لنفسه صورة نجاة مستحيلة التصديق.يوما ما كان جاسما منهمكا يلتمس النجاة في حفر خندق يؤويه حمل معدات الحفر وشرع يهزم بعضلاته أرضا قد يسقط مضرجا بدمه عليها كل آن...كان القصف المدفعي شديدا وسرعة يدي جاسم أومض من بريق تساقط الشظايا وإذا به يجد إعاقة في أرض حفرته أ كنز؟ أم عتاد؟ قلّب كل الاحتمالات ليتفاجيء عندما رفع (قزمته) وهي آلة للحفر معروفة،تعلّق رأسا بشرية بهاّ! فكإنما انهضها بحفره ...للقيامة.. طار صوابه مرعوبا وهرب بعيدا وترك مُعِداته وسلاحه وعتاده وغذائه ...نهره الضابط اللائذ بحفرة قريبة! جاسم أحفر غيرها وأحتمي...هدأ روعه ..باشر الحفر بأرض أخرى مستعملا معدات غيره... وبنفس السيناريو المحال التصديق ، بعثت له الأقدار كتلة رأس آخر ملتصقة بقزمته الجديدة! هرب جاسم لامباليا نداء رفاقه وآمره بل غير مكترث بالشظايا والصواريخ التي كانت تبحث عن لحوم بشرية للاضطجاع!أطلق العنان لقدميه نسي الاتجاهات نسي مقتنياته الشخصية... نسي العطش والجوع والرعب وأطلق العنان لصدح ضحكات غريبة مموسَقَة الألحان ..جنونية وصراخ لا مفهوم..بعد تلك الليلة الحالكة السواد والرعب والتوجس والتفاصيل!عرضوا جاسما على اللجنة الطبية....قررتْ إعفائه من الجيش عاد جاسما لإحضان امه التي لن تعي أبدا معاناة آخر عنقودها ...تنتابه كوابيس الجثث التي اقلق مضاجعها بمعدات حفره...فيضحك ويبكي ويصفق ويعود هادئا...صامتا في قمة التعقل! يوما وجدته أمه الدامعة الشهقة والعين يحفر في الحديقة..إنساب لشرايينها السرور...كان يحفر مواضعا بتوئدة تريك أنه يحمل شتلات ما ،لم تكن في مرأى الناظر..سألته بحنانها ماذا تزرع ياولدي؟ تبسم لامه قال لها أزرع ريش الدجاج لينبت لنا الدجاج مجانا!! اليوم وبعد 20 عاما يجوب جاسم الشوارع مفجوعا بموت كل أهله.. الإخوان والوالدان يتصدق عليه من يعرف قصته ..فقد تسلق الجنون لجاسما متربصا..بينما كان ينتظر حبو قدوم الموت فنجى من الحبو ولم ينج ممن تسلق جذعه! عزيز الحافظ
#عزيز_الحافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماهو مستقبل 943قرىة في الديوانية ؟
-
انتهت معركة الوزارات ،بدأت معركة مناصب الدرجات الخاصة
-
بعد تسعيرة الكهرباء العراقية الجديدة للماء شهوق تسعيري!!
-
أول مطبات الحكومة.. مطب غاز ونفط كردستان
-
معضلة الكهرباء العراقية تحلّها الامم المتحدة
-
مظفر النواب وزيرا للثقافة العراقية
-
من حزمة المناصب الحكومية،الشيوعي مستحيل النول والمرأة بالنصي
...
-
دمعة على خد الموت
-
هل سينال الشيوعيون العراقيون اليوم مناصب حكومية؟
-
عمل المرأة -كاشيرة- حرام حسب فتوى لجنة الإفتاء السعودية!
-
دوري مجاملات حسين سعيد
-
دولة نوابها جميعا يريدون السلطة و يمقتون المعارضة
-
لا تنبهروا !قيمة التعويضات العراقية لإيران المحتملة هي 1100
...
-
هل نخفي أعداد المصابين بالسرطان لاسباب أمنية؟
-
هل تصبح البصرة إقليما بالحقيقة لابالحلم؟
-
ميزانية النظافة البصرية لسنة 2011 تقدر ب50 مليار دينار!
-
عندما يكون التعليم تشريدا للطلبة والطالبات!
-
من أسباب هجرة الصابئة العراقيين،قطع أرزاقهم!
-
عندما يكون راتب الموظف العراقي أعلى من راتب كاميرون!
-
روح تتنورس بهاءا
المزيد.....
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
-
مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف
...
-
-بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|