مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 3222 - 2010 / 12 / 21 - 15:49
المحور:
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
نسائيات .. وخواطر ثورية ؟
يقول الرفيق لينين : ( لا يجوز اللعب بالثورة ) –
وأنا اقول أيضاً : لا يجوز , بل مجرم بحق نفسه , وبحق الاّخرين كل من يلعب بطموحات الجماهير ويخدعها ويستغل عواطفها وعقلها ثم يتركها فريسة الخط السياسي الخاطئ .
............
لا يكفي العطاء السياسي .. والتصميم على العطاء , إنما المهم إيجاد الأسلوب والطريقة الناجعة في هذا العطاء والعمل الشريف , لأنه بدون أن نكتشف الواقع وندرسه جيداً , ونحلل شروطه ومعطياته لا يمكن أن ننجح مهما امتلكنا من وسائل جيدة ,, ويبقى عقيماً كل نضال وكل تضحية في ساحة غير مدروسة بعمق ..
...........
الحياة الزوجية :
الحياة الزوجية هي عناق وارتباط في القلب والعقل , قبل أن يكون زواجاً في الجنس والجسد والنسل ..
الزواج .. هو تفاعل حياة مشتركة بكل أبعادها , , بالأحاسيس , والمشاعر , والروح , والفكر
وعندما يحصل الإبتعاد والإنفصال عن هذه المقومات , والركائز , فإن الزوجين مقدمين على حياة زوجية فاشلة , وخالية من الحب , والمتعة .
دائماً يطلب من المرأة التضحية , والبدء بالعواطف , والبدء بالإخلاص , والصمت , والعمل , والتفهّم , لأفكار زوجها , والطاعة .. وووو الخ .. ولايطلب من الرجل أي واجب نحو شريكته وحبه ..؟
لماذا لا نطلب من الرجل ممارسة فن الحياة الزوجية مثلاَ ؟
لماذا لا نطالب الرجل كيفية التعامل مع الزوجة , وشريكة المسيرة الطويلة , أم القصيرة ؟
فالعلاقة مع الزوجة هي فن , هي علم , وأخلاق , وحب قوي مدروس وصادق ..
الزوجة .. هي تلك الجندية المجهولة , في الحرب والسلم , في المرض والصحة , في الغنى والفاقة والفقر ..
في البناء .. والتطوير .. والحياة .
وفي المجتمعات المتخلفة , تنسب منجزاتها للرجل باعتبارها إحدى توابعه .. خصوصاً في المجتمع الشرقي !؟
تعيش المرأة أو الزوجة في بلادنا , والشرق عموماَ
في بيئة مشحونة بالخوف سلفاً , ملغومة بالزلازل والهزّات الفكرية الخاطئة , الموروثة بالعدائية , وتحطيم , أو مصادرة الشخصية , وحروب عائلية لا مبرّر لها –
فهي لا تقدّر من المجتمع , ولا يعطيها المجتمع حقها كإنسان كامل الشخصية والتوازن والتفكير
ولا حتى من أقرب الناس لها وهو الزوج نفسه !!
فهو يتعمّد على سلب حريتها , ويتعامى أو يتقصّد إساءتها , وإرهاقها , وجرح مشاعرها , وتحطيم عنفوانها وكبريائها –
ويقتلع اللاعنف والبساطة والإحترام والهدوء من قلاع عقلها وروحها , لأتفه الأشياء وأبسط الأمور , وفي العديد من المواقف ...
لماذا ؟
لأنه ينسى أو يتناسى أن المرأة ليست فقط اّلة بيولوجية , ميكانيكية لإنجاب الأطفال –
واّلة يدوية ماهرة مجانية لإنجاز الأعمال المنزلية
إنها ... هي تلك الكتلة الناضجة من الأحاسيس , والمشاعر , والعواطف النبيلة الرهيفة – هي إنسان مثله
هي المعين الذي لا ينضب من الإخلاص والتضحية , والعطاء , ونكران الذات .
لقد قال السيد المسيح في تعاليمه على جبل التطويبات :
... " طوبى للمتعبين على الأرض , لأنهم يرثون ملكوت السماوات " .
حقاً ... ,, إن المرأة هي واحدة من هؤلاء المتعبين والمتعبات , والمضطهدين والمضطهدات على هذه الأرض .
بل هي المتعبة الأولى في التاريخ ,
العاملة , الكادحة و المضطهدة الأولى
إنها تلك الإنسانة التي تسير وتسير , وتعمل وتعمل ..
وتنتج وتنتج .. دون تأفف أو توقف .
تسير إلى الأمام , إلى الغد الأفضل الذي ترنو إليه
تسير بعجلاتها الذاتية ( رقم 11 ) , بأعصابها .. ووقودها
بحملها الثقيل الذي لا أحد يشعر به حتى زوجها أقرب الناس إليها !!
لا يشاهدها , لا يشاطرها أتعابها , لا نفسياً ولا معنوياً ولا أخلاقياً
إنه يبتعد عنها ويتجاهل أوضاعها , أو يتباعد –
هذا السلوك حقيقة , المنافي للإنسانية والأخلاق والعلم والمنطق والمشاركة الوجدانية .. والمساواة ,
ليس الرجل , ليس هو بحد ذاته مسؤولاً عن هذا الواقع المرّ مئة بالمئة
في الواقع هي التراكمات والتقاليد المتوارثة , والعادات , والتربية الذكورية في مجتمعنا الشرقي , تجعله يتصرّف بهذا السلوك اللامسؤول واللارفاقي , واللاندّي أو البعيد عن الندية والعيش المشترك تحت سقف بيت واحد .
هكذا إذاَ ,, المجتمع الشرقي الأصولي هو الذي ربّاه بأن يستعبد الاّخر – يحتقر الاّخر – يتعالى عليه – ويستعبده رغم أنه مستعبد طبقياً وسياسياً من الدولة والطبقة المستغلة – ويظن نفسه أنه الاّمر الناهي ( والكل بالكل ) !؟.
فيا أيتها المرأة , عليك بتغيير هذه المفاهيم الخاطئة , والتربية الناقصة المنحازة , الغير متوازنة .
ثوري على الإستغلال بكل أنواعه :
الإستغلال الإقتصادي , والإجتماعي , والتربوي , والجنسي , والسياسي ..
تعلّمي – أدخلي المدارس واقض على الأمية الأبجدية , والأمية الثقافية , تسلحي بالعلم والثقافة والوعي ,
لتكوني عنصراً حراً يأخذ قراره بيده وبعقله وبفهمه ومستوى تفكيره ..
ثم , انزلي إلى العمل , العمل المنتج , سواء كان داخل البيت أم خارجه ( المزرعة المعمل الورشة الوظيفة ..... ) . كوني إنسانة فاعلة ومنتجة وغير إستهلاكية , أو مبذرة في منزلك وبين عائلتك وفي مجتمعك , لكي تقدّري قيمة التعب في الحصول على ( القرش ) وقيمة الجهد والإرهاق والتعب .
ولكي يكون موردك المادي المالي المستقل لمساعدة ميزانية الأسرة وتأمين مصروفك الشخصي
وهذين الشرطين , العلم والعمل , هما الشرطان الأساس لتحرر المرأة من قيود الذل والإستعباد والخنوع لسيطرة الرجل
وبهذا , تساهمين بفعالية أكبر في بناء أسرتك , وبناء وتطوير شخصيتك وكيانك , وبالتالي تطوير مجتمعك ,
وتأخذي دورك في المجتمع شيئا فشيئاً للنهوض به ونقله وتغيير مفاهيمه الخاطئة , إلى تقاليد وعادات وأنماط سلوك عصري حضاري وإنساني جديد ...ينتج تشريعات ديمقراطية حديثة للأحوال الشخصية وحماية الأسرة والطفولة , و تلغي كل موروثات القوانين الرجعية العصبوية الموروثة منذ 1400 عام
فيا ايتها الأمهات .. والزوجات في وطننا
تحررن من العبودية , من الإضطهاد , من السلبية واللامبالاة والجهل والتخلف , وبذلك تستطعن أن تتحررن من إضطهاد المجتمع أولاً, و ثم إضطهاد الرجل ثانياً , واضطهاد الإنسان للإنسان عمومًا ...
للتحرر من الإضطهاد والتخلف والرجعية والتعصّب الأعمى ,, لتبني أسرة متحررة من كل قيود , إلا قيود الحب .. والحق .. والإحترام والحرية .. بالتعاون والتفاهم والإنسانية ,, وتسهمن بحركة التحرر الوطني عموماً التي لا يمكن أن تنتصر دون مساهمة وتحرير المرأة أولاً ..
إذ لا يكفي أن تنزلي إلى ميدان العمل , وتشاركي في بناء المجتمع وتربية الجيل
إنك مطالبة بأكثر من ذلك
فأنت النصف الذي يؤلف المجتمع المتقدّم
أنت نصف التحرر .. ونصف التقدّم .. ونصف الإنسانية
فعليك أن تكوني أهلاً لهذا الدور
وهذا الوزن , وهذا الثقل كماً ونوعاً
لأن الوطن لا يبنى على النصف الضعيف ... المهزوز
النصف الجاهل المسلوب الحرية والإرادة والمشاركة والعطاء
الوطن يتكامل ويتوازن ويتقدّم .. بالرجل والمرأة .. ببناة الأجيال
لتتوهج الحياة بالخصب والجمال والحرية لخير الإنسانية جمعاء ....................كتبت في دمشق / 1979
---------------------------------------------------------
تحياتي القلبية وأمنياتي الطيبة للجميع بأعياد مباركة وعام تقدم وتحرر وسلام للبشرية كلها
مريم نجمه / هولندة / أواخر 2010
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟