أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مريم نجمه - من رسائل المنفى ..؟















المزيد.....

من رسائل المنفى ..؟


مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 3145 - 2010 / 10 / 5 - 00:21
المحور: الادب والفن
    


من رسائلي ..
ولدي الحبيب
من حنين الأم إلى حنين الإبن .. حنين العمر
قبلة وردية أطبعها على وجنتيك الجميلتين بالنجاح وعبق الفرحة هذه يملأ جو العائلة بهجة وسروراً وغبطة , لأن الشعور بالفرح واحد للعائلة أينما كانت ..
وبعد الشوق والحنين لرؤيتك أنت وجميع إخوتك وأخواتك , أخط لك هذه الكلمات من عواطف أم تسهر على الوطن , وتحن إليكم كما تحن لترابه ..
لقد انتهت سنة كأداء في طريقك , سهرت وتعبت وقدمت كل إمكانياتك وذكائك والحمدلله قد حصدت الثمرة الحلوة , ثمرة النحاح والتقدم والتحصيل على سلم المعرفة والعلم ,, في أصعب جامعات العالم وأقواها . والناجح ناجح عن جدارة وعمل متواصل ودؤوب , كيف لا وأنت ذو الإرادة القوية والتصميم والعناد والمثابرة .. فامتلكت اللغة الأجنبية ( الفرنسية ) جيداً وسيطرت عليها وأخذت تمتلك علومها الهندسية بكل ثقة بالنفس وهدوء وملاحظة عميقة فمرحى لك ... وألف قبلة أطبعها على جبينك العالي وجبين الأخت المساعدة التي كانت أكبر عون وحضن في تغلبك على المصاعب وشظف العيش والغربة والعلم .
فنجاحك هو نجاح للوطن , وعلمك هو علم ووعي لابنائه ,سواء داخل ( السور والقيد ) أم خارجه ,, سيحتاجك الوطن مستقبلاً إن اّجلاً أم عاجلاً .. عندما يهندس المجتمع السوري نظامه الإقتصادي والسياسي والعمراني من جديد .. الذي سيبنى بكل تأكيد على العدل والديمقراطية والحرية واحترام الإنسان , عندها ستعودوا مسلحين بالشهادة والوعي والفكر النظيف والتجارب المبنية على احترام حرية ورأي الاّخرين وستزدهر بساتيننا وكرومنا وأرضنا بالقمح والزيتون والعنب .. وسلال الحب الوفيرة ..
ولدي العزيز حنين
ليس النجاح العالي هو وحده يفرحني , بل الذي يزيد ويضاعف من فرحي هو تطور وعيك ونضوجك والتحليل العلمي والمنطقي للأشياء والأحداث والأنظمة الإقتصادية والسياسية والمجتمعات البشرية التي مريّتم بها وعشتم فيها وتدرسون فيها وتحللون أمراضها وظواهرها الجديدة الجيدة و السلبية بوعي مرحلي وتكوين ذاتي وبتجربة ذاتية , فهذا أيضاَ فرح يضاف إلى فرح .
لقد كبرت يا ولدي بعقلك ووعيك وليس بسنك وعمرك فقط , كم كانت فرحتي وفرحة الوالد كبيرة عندما لمسنا مستوى الوعي وطريقة التحليل والتقييم الذي تفكر وتكتب فيها –
فإلى الأمام والرب يوفقك ويحرسك في خطواتك العلمية والعملية هذه ..
إبني الحبيب .... : يؤسفنا أننا لم نستطع أن نزوركم هذا العام بسبب التشدد ومنع سفر ( السوريين ) ؟
بالرغم من أنه على حساب الشخص المسافر ودون تحويل أيضاً , المهم أننا ننتظر الفرج والرب كريم أن يقدم الخير للجميع ..
الصحة دون الوسط أنا والوالد بسبب المناخ المتطرف الحار القاسي , والجو النفسي الذي نعيش ..
إنتبه لصحتك وصحة أختك جيداً , واقلع عن التدخين بعد أن أخبرتني بذلك وفرحت بالخبر , ولكن لم تصمد , فأين الإرادة ؟
المهم ... إن الشئ المؤلم بالنسبة لنا أننا نعيش على هامش المجتمع , مبعدون عن المشاركة في المجتمع الذي نعيش فيه وعن القضية التي نحن مشردون من أجلها .
ولذلك نحن هنا بالجسد فقط , لكن الروح والأفكار والتفكير والأهداف والطموحات هي معكم وفي الوطن الغالي , فإلى الأمام دوماً يا ولدي في طريق النجاح والتقدم بما هو مفيد وحسن , وإنني فخورة بشخصيتك المتزنة الناضجة , وعقلك الكبير الواعي , وأخلاقك العالية , فليكن الرب معك وحب الوالدين ورضائهم سياج عاطفي يدفعك لبلوغ الذرى وقمم الإبداع والعطاء .
لا تنسى إخوتك في لبنان دوماً يبلغوننا تحياتهم لكم واشتياقهم – تكرم بالرسائل لهم , وهم بشوق عارم لرؤيتكم بعد غياب خمس سنوات .... اّملة من الرب أن يجمعكم سوية في ربوع صيدنايا الحبيبة عما قريب وإلى لقاء
الوالدة ,,, مع الحب والقبل والتهاني ..... بغداد / 1987

******

وأنت يا سمراء .... و يا حبيبتي
قلبي معك .. وأشواقي تلفك وتحضنك كل يوم في الصباح مع الشمس , وفي المساء مع الكواكب .. والأحلام ....
أنت معي في يومي المبلل بدموع الغربة ... وحبات العرق
معي في سطور الكتب .. وحروف العلم .. ونكهة المعرفة اليومية ...
إذاً أنت متجددة مع الخلايا – وفي الرؤى – والعقل والفكر
ولأن العلم بحر , فأنت تبحرين معي في زورق النور , في رحلات استكشافية في أعماق الحضارات .
لا أكتب الكلمة إلا بعد أن أعيشها يا بنيتي , كما تعلمين يا ابنتي سمر , نتخطى يومياً اّلام الوحدة ومشانقها , ونتجاوز نيران الشوق , وسكاكين الغربة , وتمزق الفراغ ( العملي ) , أو الشلل السياسي الذي نعيش .
نعيش بين طيات الكتب والمجلات , والصحف والنشرات .
أجلس على سريري والكتب حولي مبعثرة كالزهور
أقرأ وأقرأ وأقرأ ... ثم أشعر بحبال الوطن تشدني إليه أكثر فأكثر , ونسيج القربى والأخوة تلاحقني في كل زاوية , والشوق للنضال يناديني ..
أنهيار المجتمع , وضحايا الظلم والغدر والفاشية تستغيث بي وتسألني ماذا نعمل وماذا سنعمل ؟
إنها المسؤولية يا أبنائي – فلايمكن أن نبقى كذلك مكتوفي الأيدي وسط التيار الإستسلامي الصاخب , وسط التلوث الفكري , وخمود النضال واعتقاله ؟
لا يمكن ذلك أبداً – فالحيوانات لا تقبل !!؟ فهل الحيوانات ستبقى في الزريبة ؟ ؟ وإلى متى ؟
حبيبتي سمر .. إنتبهي لصحتك ولا تدع العمل الكبير يشغلك عن جسمك , فالعقل السليم في الجسم السليم , والجسم بحاجة إلى راحة يومية , مع النوم الجيد والغذاء الملائم للحركة والنشاط والإجهاد المبذول .
أشكرك وأقدر فيك حبك وتضحيتك للعائلة ووقوفك مع أفرادها في علومهم وغربتهم , ومزيداً من التقشف والإقتصاد بالرغم من الوضع السئ أو دون الوسط الذي تعيشوه , لكن هكذا علمتنا دروس الحياة وخاصة مستقبلنا المجهول . يرجى إرسال الحقائب الفارغة تماما لا نريد منكم شيئاً . والدة صديقتك شذى مريضة ( إلتهاب مفاصل الركبتين ) حاولي أن تتصلي بهم – وأخوها فارس ذهب للتدريب فرح كثيرا في البطاقة المرسلة له من أخوك باسل
لا جديد لدينا وعندنا , راسلوا أخواتك في بيروت ,, وفقكم اله في دراستكم وأعمالكم وأموركم , ومستقبلاً وضاء أتمناه لكم جميعاً
مع القبلات والتحايا القلبية ..
16 – 7 - 1987

*******************
حبيبي باسل
وصلتني غمار رسائلك .. وصورك
وأخبارك .. وأفكارك
وقرأت المشاعر والعواطف المبثوثة فيها وفي طيات حروفها المشبعة بدم القلب ودمعة العين ,, ولمست فيها التصميم والإرادة والوعي ,, واستنشقت في زهرات كلماتها رائحة تراب الوطن الخصيب ... ونسمات جباله السمراء وعنفوان الصخر الرمادي الذي يسور الوطن وشهداء الحرية والإستقلال – والكلمة والموقف والتعبير
أجل حبيبي , ويا رفيق النضال والدرب الطويلة الطويلة التي ما زلنا نمشي ...
ليس بالأمر الغريب عنك يا ولدي فأنت إبن النضال وإبن المقاومة والشرف الوطني والخط الثوري الذي عمقناه معاً في الساحة المحلية والعربية والدولية .
عايشته منذ الطفولة بل منذ تكونت جنينا في رحمي , بكل ما تحمل وتعني هذه الكلمات من جذور وصدق وبراءة , وما تحمل من مؤثرات وأصالة وينبوع عميق للعمل والكلمة والممارسة .
ومن هنا من بداية الطريق المستقل المعتمد على الذات وعلى التجربة الشخصية لك بعد أن تزودت بالزاد المادي والمعنوي الأخلاقي والفكري , فقررت السباحة في المحيط الخارجي ..
فمرحى لك وأهنئك على الخطوة الأولى الواعية , ولثانية الممتازة والناجحة إلى الأمام ..
فلقد تعمدت في أتون الصراع السياسي والنضالي في سورية ثم عبرت وشربت من مياه الرافدين المعطاءة في ساحات المجد والكرامة والدفاع البطولي عن الأوطان والحدود والارض ..
وأخيرا عبرت إلى المحيط الخارجي الإنساني ربما يحمل من ثقافات وقيم وتراث ورجال وبطولات ومبادئ ومعارك ضد النازية والعدوان والتخلف والجهل والإستغلال , وبدأ يرسم هناك عصر الإنسان وكرامته وإنسانيته ..
فلتكن تجربتك هذه تفاعل ومزج وخلط وانفتاح وتلقيح الموروث بالحداثة والجديد بالقديم والداخل بالخارج والوطني بالإنساني .. نأمل لأجيالكم أن تحصد ما تفننت في عمله وإبداعه بكل خير وجمال وسعادة وحرية وكرامة وديمقراطية للإنسان والوطن لتنتصر ثورات المقهورين والمظلومين في ساحات الأرض وقاراتها .
حبيبي باسل ..
ختاماً : كن هادئاً وحذراً وواعياً في خطواتك وتصرفاتك , وانتبه لصحتك و ( نقودك ) , وانتبه من البرد والصقيع البولوني , واستمر في المطالعة العربية حتى لاتنسى لغتك العربية .
راسل الأقرباء والأخوة في المناسبات , ولا تبعثر أي حاجة بل حافظ عليها وعد للعشرة قبل أن تصرف أي فلس , فالحذر واجب ولا تخف يا ولدي فالرب معك ... يرعاك ويحفظك أينما كنت رضى الوالدين وعواطفنا ومحبتنا وشوقنا لك ومعك دوما وإلى أخبار جديدة سعيدة إنشاء الله ,, نحن بخير لا جديد عندنا
وإلى لقاء قريب
الوالدة والوالد ... 2 / 7 / 1987
من مؤلف : رسائلي
ملاحظة : كتبت على هذا الموقع ( الحوار المتمدن ) المحترم المقدمة من هذا المؤلف : رسائلي " الرسالة ثلثين المشاهدة " .
تحية حارة لأسرة الحوار العزيزة والصديقات والأصدقاء والقرّاء الكرام بعد عطلة صيفية منتجة .
مريم نجمه / هولندة



#مريم_نجمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العيون اللاقطة ؟ تسونامي الأشعة الشمسية .. والحرائق الأرضية ...
- تعابير عامية صيدناوية ؟ - 7
- أوراق على سواحل البلطيق ؟
- بالمعية بالمعية .. قمم الأنظمة العربية !؟
- أسرار الكرسي .. وأحلام السلطان ؟ نحن في عصر الترقيع ؟
- مصابيح الليل ..
- المرأة مصدر طاقة هي ( الطاقة الدمعية ) ؟؟
- من التراث السرياني ؟ -1
- من ملعب الزهر , إلى روضة العلم - أهم المهن والحرف اليدوية ( ...
- هل نجح أسلوب التسويق أم كسدت البضاعة وفسدت ؟ De Reclame
- مفاهيم وخبرات تربوية -1
- حبات متناثرة - 5
- الإنتماء الحقيقي ..؟
- البدايات .. ؟ مع المناضل الأردني الدكتور يعقوب زيادين
- العيون اللاقطة ؟ - 4
- حبات متناثرة - 4
- فضاء الحرية ؟
- من دفاتر الغربة ؟
- زهرة الطحالب
- نسائيات - 6


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مريم نجمه - من رسائل المنفى ..؟