أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد إبراهيم المحجوبي - العربية بين الشرف والضعف














المزيد.....

العربية بين الشرف والضعف


خالد إبراهيم المحجوبي

الحوار المتمدن-العدد: 3208 - 2010 / 12 / 7 - 00:10
المحور: الادب والفن
    


ليس من ريب في كون اللغات خاضعة لقانون بقاء الأصلح ؛ فليس من لغة معصومة عن الزوال ، ولا عن المسخ و التحريف ، شأنها في ذلك شأن البشر الذين يعتورهم الإنهاك، والمرض، والموت. فكثير من اللغات ذاعت، وشاعت ، ثم ضعفت ، ثم ذوتْ، واختفت ، ولم يبق لها ناطق بها، ولم يعد يشهد لوجودها غير رُقُومات، ونقوشات، حار الناس في فك طلّسْماتها، واستبانة مغيباتها ، ومن أشهر مثالاتها: اللغة السومرية، واللغة الهيروغليفية .
لا جرم أن اللغات البشرية وسائل تواصل ، وذرائع تبليغ، هذه صفة مشتركة بين جميعها ، بيد أن ذلك لا يقتضي تساويها في القيمة، ولا تساوقها في الأهمية ، ولا تماثلها في التأثير .
هذه مسلَّمة أنطلق منها؛ لأقول إن اللغة العربية هي أشرف وأفضل لغات البشر ، فهي التي اختارها الله تعالى لحمل خاتمة رسائله للعالمين ، في وقت كان إلى جوارها لغات مستعملة كاليونانية ، والعبرية ، والسريانية . لكنه - تبارك و تعالى- ترك كل ذلك واصطفى العربية دون سواها.
أقول هذا ولا أسمح لعاطفتي بجرِّي لقول إنها أهم لغات البشر ، لأن الأهمية الآن هي للأقوى، ولا يرتاب أحد في أن العربية -في عصرنا هذا- ليست هي الأقوى ، بل هي في أحسن الأحوال خامس أقوى لغة في وقتنا الحالي.


إن تفضيل الشيء على غيره يكون على نحوين:
1- إما أن يكون لـذاته، وذلك ما ورد بيانه في ترتيب فـروق القرافي –رحمه الله – ( ) قال: ((اعلم أن التفضيل يكون بوجوه مختلفة: الأول: تفضيل الشيء على غيره بذاته، وهذا كالواجب لذاته، له الفضل على غيره، وكالعلم يفضل الجهل لذاته))
2- وإما أن يكون التفضيل لصفاته، حين ينطوي شيء ما على صفات وخصائص لا توجد في غيره فيكون بذلك فاضلاً سامياً على غيره .من ذلك تفضيل الرسل على غيرهم من البشر ،لا لخصائص بيولوجية، أوتركيبية في جسومهم ، بل لما اتصفوا مما أسبغه الله عليهم ، من حملهم لرسالة الله ، ولتلقيهم الوحي منه تعالى .
وفي حالة اللغة العربية نرى أن تفضيلها قد قام على المستويين كليهما ، حيث إنها في ذاتها تفضل غيرها ؛ لما احتوته من خصائص ومميزات على مستوى الخصائص الصوتية ، والبنية المعجمية ، والأبعاد الدلالية. وكذلك على المستوى الثاني ، حيث إن لها ميزة خارجية أحلَّتها ذروة التشريف والتفضيل ، هي ميزة الاصطفاء الإلاهي. وبناء على هذا كله ليس من الغلو القول بأن اللغة العربية هي الأفضل و الأشرف .
وعلى كل حال ، حلّت صفات مقلقة ، مؤسفة ،لم تنفك عنها العربية في الأعصار المتأخرة؛ فقد صارت: مهددة، ومستضعفة، ومهملة.
1- العربية مهددة :
يجيء تهديدها من جوانب كاثرةٍ، منها أن قومها ضعفوا؛ فصاروا من أهون الأمم قيمة، وأوهنها قوة ؛ فترتب عن ذلك وقوع لغتهم في دائرة الخطر والتهديد.
2- العربية مستضعفة :
لكن استضعافها لا يستوجب كونها ضعيفة ضعفاً ذاتياً ، بل إن ضعفها متأتٍ من خارجها ، وتحديداً من هوان حَمَلتِها العرب، الذين ضعفوا واستكانوا، وغرتهم الأماني، فضيعوا الأمانة، بعد أن كانت محفوظة مصونة طوال العصور الوسطى، حين كانت لغة العلم والفكر.
3 - العربية مهملة :
حيث صار أهلها إلى التفريط في حقوقها ، وبخسها ما تستحقه من الاهتمام والرعاية ، سواء على مستوى العوام الذين آثروا لهجاتهم العامية، أو مستوى الخواص الذين انشغلوا عنها بما يملأ البطون والجيوب، أو مستوى المسؤولين الذين انشغلوا بما يثبت لهم الكراسي والمناصب.
إنها لغة تستحِق ألا تُسحَق، وتستأهل ألا تُهمل ، وهي الأجدر بألا تُحْقر، لكن لو ظل الأمر على ما هو عليه ، من تضييع لحقوقها ، فهي في طريقها إلى الوجوب في مهاوي كل تلك المخاطر، فالخطب جلل ، والجهد في كلل، ولن تغني تحسراتنا ، ولا تخوفاتنا، ما لم يتحرك صناع القرار ، والمسؤولون ؛ لاصطناع منجاةٍ تقي العربية مما يتهددها ، وتؤوب بها إلى مفقود مجدها، وفارط متانتها، وسالف سيادتها. وما ذلك بمتعذر فما يحتاج الأمر إلا لتنظيم وتخطيط بجهد بشري من المتخصصين، ودعم مالي من المقتدرين. ولن يحتاج الأمر إلى أكثر من جزء ضئيل مما يهرق من ميزانيات في غير محلها، وأموال في غير حلِّها.
-----------------------------------------------



#خالد_إبراهيم_المحجوبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ضيَّع حضارتنا ؟شرُّ خلف لخير سلف
- لا شيعة تمزق، ولا سنة تفرق
- اتصالية النهضة واللغة القومية
- وحدة الأديان ، وتسويتها
- إسلامات مع الإسلام
- تفسير القرآن بين التجديد والاجترار
- الدين والدولة بين التواصل والتفاصل
- الخصومة الفارغة للاستشراق
- النشاط العسكري في العهد النبوي
- رسالة مسيحي إلى المسلمين
- الترجمة: بين تصور القيمة ، ومسؤولية الإتقان
- تجديد الفكر الديني
- الأدب عند الإغريق
- خصومة الفقه والتصوف
- المجاز عند الزركشي
- تأصيل حق الأمان في منظومة حقوق الإنسان
- (إشكالية الوضع التاريخي والتأريخي للدولة الفاطمية)
- الإعلام والتنمية : نظرة في الترابطية والتفاعلية
- إشكالية الانتماء عند سكان المغرب العربي: نظرة في المرجعية ال ...
- السيميائيات ، بين غياب الريادة وإشكالية التصنيف


المزيد.....




- دميترييف: عصر الروايات الكاذبة انتهى
- عن قلوب الشعوب وأرواحها.. حديث في الثقافة واللغة وارتباطهما ...
- للجمهور المتعطش للخوف.. أفضل أفلام الرعب في النصف الأول من 2 ...
- ملتقى إعلامى بالجامعة العربية يبحث دور الاعلام في ترسيخ ثقاف ...
- تردد قناة زي ألوان على الأقمار الصناعية 2025 وكيفية ضبط لمتا ...
- مصر.. أسرة أم كلثوم تحذر بعد انتشار فيديو بالذكاء الاصطناعي ...
- تراث متجذر وهوية لا تغيب.. معرض الدوحة للكتاب يحتفي بفلسطين ...
- -سيارتك غرزت-..كاريكاتير سفارة أميركا في اليمن يثير التكهنات ...
- -السياسة والحكم في النُّظم التسلطية- لسفوليك.. مقاربة لفهم آ ...
- كيف تحوّلت الممثلة المصرية ياسمين صبري إلى أيقونة موضة في أق ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد إبراهيم المحجوبي - العربية بين الشرف والضعف