نقاب فرويد

أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 3191 - 2010 / 11 / 20 - 22:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

نقاب فرويد
- سيزوفرينيا مسرحية –
د. أبو الحسن سلام

( الأستاذ أبو باشا – أستاذ الإخراج - خلف مكتبه ، طلاب وطالبات الدراسات العليا متناثرين أمام المكتب في جلسة علمية ، حول علم الإخراج المسرحي ، في أحد المعاهد الفنية أو الأقسام المسرحية ، بإحدى الجامعات . الأستاذ ، يشرح لطلابه معلقا على مسرحية ( لعبة الست) لفرقة ستوديو الممثل، بطولة محمد صبحي وسيمون)
( جرس الهاتف يدق ، يرفع السماعة )
الأستاذ : أفندم .. نعم .. آلوه .. أهلا سيادة العميد .. كده !! لا فورا
طالع لحضرتك فورا .. طبعا .. طبعا .. مع السلامة .
يا نعيم ( يكلم المدرس المساعد)
الأستاذ نعيم: أمرك يا أستاذي .. ( يقف وكان يجلس قريبا منه)
الأستاذ: كمل أنت معاهم .. اشرح اللي عي الشاشة.
أ‌. نعيم: أمر سيادتك ( يرتدي الجاكيت يساعده نعيم ويخرج)
( يحتل أ.نعيم كرسي الأستاذ ، ويشخص دور الأستاذية)
أ‌. نعيم : شوفو أنا ح أشرح بطريقة مبتكرة .. أنتو عارفين أنا الهرم
الرابع في درس التحليل .. فول بروفيسير ولا يعلى علىّ..
(.. ضحكات مكتومة ثم دقات رقيقة على باب غرفة المكتب من الخارج .. ولما لم يجد الطارق إجابة ، يفتح الباب ويقف في مدخله .. فإذا بالطارق ، خيمة سوداء خلفها إمرأة لا يظهر منها شيء سوى بريق عينيها من خلف فتحتى النقاب ، ضحكات الطلاب . يخفض الأستاذ صوت الممثلين ، من جهاز التشغيل أمامه. )
المنقبة: السلام علي من اتبع الهدى .
( صمت مع ضحك مكتوم)
المنقبة: السلام على من اتبع الهدى!!
نعيم: دي تحية المسلم لغير المسلمين !! أنت شايفانه مش
مسلمين ؟ !
المنقبة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. (صمت)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته !!
نعيم: تحت أمرك !!
المنقبة: تأذن لي أقعد ؟
نعيم: نعم ؟ أي خدمة ؟
المنقبة: آخد نفسي .. ( تجلس على مقعد قريب من الباب )
حضرتك الأستاذ نعيم؟
نعيم: الأستاذ الدكتور نعيم .. أي خدمة ؟
المنقبة: بتدرّس الإخراج ؟
نعيم: أنا البروفيسير نعيم !! فول بروفيسير .. لاحظي ده
طالبة: أستاذ الإخراج المسرحي .
المنقبة: ( تنظر إليها شذرا)
نعيم: خير !!
المنقبة: خير إنشاء الله !! طبعا خير !! ( صمت )
نعيم: من فضلك قولي عايزه إيه !! أنا مشغول مشغول جدا ..
وأنت اقتحمت المحاضرة . وقتي ثمين .. نعم.. أفندم ..
المنقبة: عايزه اتعلم الإخراج !!( صمت ينظر الطلاب لبعضهم
بعضا .. صمت لفترة ، ثم ينفجر الطلاب بالضحك )
.. إيه ؟! أنا قلت حاجة تضحك لا سمح الله !! (صمت)
نعيم: خللي كلامك معايا أنا .. أنا البروفسير.
طالبة: فول بروفسير .. لاحظي ده !! ( يرمقها بنظرة حادة )
المنقبة: إيه رأي حضرتك ؟! ( ينظر الطلاب لأستاذهم)
نعيم: الإخراج ؟!
المنقبة: أيوه .. ( صمت ) الإخراج !! حضرتك أستاذ !!
نعيم: لاحظي إنك بتتكلمي مع فول بروفيسير(صمت) إخراج إيه؟
المنقبة: فول بروفسير .. إخراج مسرحي !!
نعيم: طيب .. هو .. قصدي يعني .. وإيه علاقتك بالمسرح ؟
المنقبة: لأ.. مفيش لحد دلوقتي .. بس أنا أحب أبقى مخرجه.
نعيم: طب إزاي ؟ وأنت .. قصدي بردون يعني .. بردون جدا
المنقبة: حضرتك .. تقصد .. النقاب ؟!
نعيم: طبعا النقاب .. بردون يعني ..
المنقبة: عادي يعني !!
طالبة: واو !! عادي ؟!
طالب: امبوسيبول .. مش ممكن !!
نعيم: ( يدق بخفة على المكتب) من فضلكم !!
المنقبة: ليه امبيسيبول .. قصدي ليه لأ !! إيه المانع ؟
طالبة: المانع ده ( تشير إلى النقاب )
نعيم: أنت بتحبي المسرح ، ولاّ موفدة من قبل جماعة.. أو
.. قصدي نادي ، جمعية إسلامية ، حاجة كدة يعني!
المنقبة: لا.. طبعا .. جاية من تلقاء نفسي .. ماليش دعوة بحد .
طالب: إشمعنى الإخراج ؟
المنقبة: والله .. دي حرية شخصية !! أنا عايزة كده !!
طالبة: وفي البيت موافقين ؟!
المنقبة: تقصدي إيه ؟ أنا مش قاصر !!
طالبة: لا.. ما هو باين !!
المنقبة: ( تنظر ناحيتها دون تبين تعبيرات وجهها)
نعيم: طبعا أنت عارفه إن المسرح صورة ..
المنقبة: يعني إيه حضرتك ؟
نعيم: لا.. المسألة عايزه شرح كتير وأنا مشغول .. مشغول جدا
حد يفهمها ( يتشاغل بتقليب صفحات كتاب ، ثم يدير ظهر
كرسيه الدوار ليصبح ظهره للطلاب )
طالبة: يعني كل ما على المسرح انتحال شـخصيات الممثل أو الممثلة
كونها تمثل يعني لازم تنتحـل شخصية ما مرسومة في نص
مسرحي بمعـنى تحاكي أو تقلد تقليد فني شخصية خيالية من
بنات أفكار المؤلف. شخصية غير حقيقية!!
المنقبة: أيوه .. أنا عارفه دا طبعا.
نعيم: وعشان تمثل لازم تكشف وجهها وايديها ، ويجوز بعض
أجزاء من جسمها إذا تطلب الدور هذا .
المنقبة: بس أنا مش عايزه أمثل !! أنا عايزه أبقى مخرجه.
طالب : وهو أنت ح تشغلي مين ؟ مش ممثلين وممثلات !!
نعيم: يا آنسه .. آنسه طبعا .. ولاّ ..
المنقبة: (تهز رأسها ) .
نعيم: آنسه ؟ مش كده ؟ ( تهز رأسها إيجابا) المخرج بيتعامل
مع ممثلين وممثلات وأدوار مرسومة على الورق في النص
والأمر لا يسلم.. أنت فاهمه طبعا .. ولاّ تحبي أشرح لك !!
حتوجهيهم إزاي وأنت لابسه الخوذة دي (ضحكات)
المنقبة: ( يبدو من حركة التفاتها السريعة أنها متوترة) يعني
مينفعش اتعلم أبقى مخرجه.
نعيم: دا متوقف أولا على السؤال : هل ممكن تعلم الإخراج
( صمت ) .. شوفي .. أنا بصفتي فول بروفيسير ...
المنقبة: حضرتك بتدّي محاضرات في الإخراج ..
نعيم: دي محاضرات في تاريخ الإخراج أو مدارسه ومناهجه ،أو
أو في أسس الإخراج أو تقنياته أو جمالياته أو نقده مش أكتر
الإخراج موهبة في الأساس وكريزما ذاتية وثقافة عريضة ،
ومخيلة غير طبيعية ، لا تقبل التوحد مع الواقع أو المألوف.
وأنا علشان أبقى فول بروفيسير في الإخراج ..
المنقبة: يعني ما ينفعش أبقى مخرجة مسرحية ؟
نعيم: على إيد فول بروفيسير زي أنا .. ينفع تدرسي إخراج ، تصقلي
موهبتك .. بس من غير نقاب..وتسمعي كلام أستاذك أنا طبعا
المنقبة: ( تهز رأسها إيجابا) طبعا يا أستاذ .. يا بروفيسير.
نعيم: .. ممكن بالحجاب ، أو الخمار .. لكن النقاب نو .. ويحتمل في
الإذاعة .. آه ممكن تبقي تخرجي إذاعة ع الهوا .. ح توسطلك
المنقبة: بس أنا عايزه مسرح مش إذاعة.
نعيم: آه.. إصرارك جزء من تقديري لك لكن الإصرار على النقاب ..
مشكلة . . دي خوذة يا بنتي .. مش عارف بتسمعي إزاي و..
وإزاي .. ما علينا. إزاي الواحدة فيكم بتقدر تفكر ودا على رسها
المنقبة: خطيبي !!
نعيم: آه .. دا بيت القصيد أنا قلت كده .. ( صمت)
طالبة: اقلبيه (ضحكات)
طالب: آه .. فلسعيه !! ( ضحكات) ( الأستاذ ينقر بإصبعه فيكفون)
نعيم: لا مؤاخذه من غير إحراج يعني .. بتحبيه ؟ لازم بتحبيه عشان
الطاعة العميا دي ؟ ( صمت ) هوووو !!
المنقبة: هو خطيبي..
نعيم: بتحبيه ؟ هو دا سؤالي !!
المنقبة: ( صمت)
نعيم: أكتر من حبك للمسرح ؟
المنقبة: بس دا كان شرطه عشان يحصل جواز .
نعيم: تنفي شيء ربنا كرّمه !!
المنقبة: ( تهز رأسها في صمت )
الأستاذ: أنت محتاجة تحسمي أمرك .. المسرح أو النقاب
المنقبة: حضرتك تقصد المسرح أو الزواج !!
نعيم: بالضبط.. أصبت كبد الحقيقة !! دا قصدي .
المنقبة: هو مسافر بره مصر في شغل ..
طالبة: عشان كده الإخراج نقح عليكي .. ( ضحكات)
نعيم : وبعدين !! (صمت) دا انفصام في الشخصية ..
طالب: فرويد !! (صمت)
نعيم: أنت تسيبيلي نفسك خالص (صمت) .. قريتي فرويد ؟
المنقبة: ( تبدو وكأنها تبتسم من وراء النقاب) مش عارفه أعمل إيه ؟
نعيم: أنا قلت لك .. سيبيلي نفسك خالص وأنا أعمل منك حاجة تانية
خالص . (صمت) هو أنت كنت بتروحي المسرح ونت صغيّره ؟!
( جرس التليفون يدق )
نعيم: ( لنفسه) دا وقته ؟ آلوه ..أهلا .. أهلا .. وحشاني .. لا أبدا .
خلاص .. بعد ساعة أشوفك . إيه؟! النادي ما نقرب المسافة
.. ما أنتش عارفه ؟! لا بقا ؟ زي المرة اللي فاتت .. لأ ؟ .. ل
ليه لأ ؟ لا لآ .. أما أوصل أطلبك .. ماشي؟ .. أوكي .. حاضر،
حاضر .. طيب .. باي .. باي.
( ينظر إليها .. خلسة .. تخلع فردة جوانتي )
المنقبة: كنت بروح المسرح مع جوز خالتي وأنا صغيرة .. وحتى لما ك
كبرت وبقيت في الثانوية كان بياخدني معاه في العربية .....
كان مدير المسرح .. كنت أشوف المخرج يأمر وينهي ويشخط
في الممثلين .. رجالة كبيرة وستات هوانم .. كانوا يعملوا له
ألف حساب .. جوز خالتي صفية هو المخرج .... كنت لمـا
أروّح البيت ألم اخواتي الصغيرين وأعمل عليهم مخرج و
وأخليهم يعملوا كل اللي شفته في البروفات.
نعيم: كانوا أصغر منطك بكتير ؟ خواتك
المنقبة:بسنة ,سنتين يدوب
نعيم: ولما اتخطبتي اتنقلت العصمة من إيدك لإيد خطيبك
المنقبة: نعم؟؟؟
نعيم: قصدي أصبحت بتتلقي الأوامر بعد ما كنت بتأمري وتنهي.
المنقبة: ( صمت) ( تكتفي بتركيز نظراتها في عيني الأستاذ مباشرة من
وراء ثقبي النقاب.. تخلع فة الجوانتي الأخرى )
نعيم: ( يركز نظرته إلي عينيها المختبئتين وراء النقاب )
( موسيقى ناعمة .)

( الإضاءة تنسحب وتنكمش لتتركز على يدها وهي ممتدة إلى يد
الأستاذ لتصافحه ، تمتد يده لتعانق يدها )
( يتصاعد تلقائيا حوار غزلى بين حسن أبو طبق ولعبة )
( الستار يتحرك رويدا وبنعومة ليثبت عند فتحة ما قبل الإغلاق بقليل في منتصف فتحة خشبة المسرح والإضاءة تتركز على يديهما ، مع سماع الدقات الثلاثة المعتادة قبل رفع الستار)

#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات