أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - أبو الحسن سلام - المثقف والموقف















المزيد.....

المثقف والموقف


أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 3191 - 2010 / 11 / 20 - 18:27
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


تحضرني واقعة النّظام المعتزلي – كبير المعتزلة – في موقفه الناقد لأبي تمام الشاعر، وهو من هو، إذ يقول له : " يا أبا تمّام ، لماذا لا تقول ما يفهم ؟!" فما كان من الشاعر الكبير إلاّ أن قال له: " ولماذا لا تفهم ما يقال ؟! "
ولأن لكل منهما حجيته فيما قال ، فيكون لكل منهما موقف من طريقة المقولة وهدفها ، باعتبار التطابق المفترض بين طريقة القول ومعناه.
ولأن اختلافا قديما متجددا عبر العصور الثقافية بين مؤيدي المضمون على حساب الشكل ، ومؤيدي الشكل على حساب المضمون ؛ لذا فقد وجد كل منهما طرفا يؤيد موقفه وطرفا يزجره . ولم يزعم أحد من مفكري عصرهما العباسي – القرن الثالث الهجري – متهما أحدهما بأنه بلا موقف ، ومن ثمّ فهو غير مثقف!!

لكن من الغريب في القرن الحادي والعشرين في عصر التفكيك والكليب الثقافي والاقتصادي والاجتماعي أن نقرأ في حديث – لا أجد له مناسبة – لأحد المثقفين المصريين ، يتهم فيه فنانا مثقفا مسؤولا ، بأنه غير مثقف محتجا بأن ليس له موقف !! ذلك أنه لا يوجد مثقف إلا وله إنتماء طبقي وليس هناك مثقف خاص بكل الطبقات، وإنما لكل طبقة من الطبقات مثقفوها المدافعون عن آمالها وأهدافها وتوجهاتها ، وهذا معناه أن كل فئة مثقفة تنتمي لطبقة ما إنما تنطلق من موقف ما محدد يدافع عن انتمائها ، وهو في الوقت نفسه معارض إن لم يكن مضادا لموقف غيرها من الفئات المثقفة لطبقة أخرى غير طبقتها. وفي هذه الحالة لن يكون ذلك كذلك .

وإذا اعتبرت نفسي – تجاوزا – في مكان ذلك المسؤول المنتزعة عنه ثقافته - وفق حجة المعتدي عليه بالادعاء - فإن تصنيف موقعي الحقيقي والطبيعي سيكون موقع المثقف العضوي ، لا مثقف الجماهير العريضة للطبقات الكادحة. ولما كنت فنانا مثقفا ومسؤولا في آن ، فضلا على انتماءاتي للحي الشعبي الذي ولدت ونشأت بين أهله ، ومازلت متواصلا معهم ؛ فيكون من الطبيعي أن تتداخل انتماءاتي بين واجبي مسؤولا عن ثقافة بلد حملت مسؤولية إدارة آليات عمله الثقافي تخطيطا لسياساته الثقافية وتشغيلا لدولاب خدمة العمل الثقافي تيسيرا لعرض منتجات المبدعين والمفكرين ونشرها بكل انتماءاتهم الوطنية القومية والليبرالية بأجنحتها المختلفة ما بين يسار ووسط ويمين ، يكون من واجبي أن أصنع سياسات متوازنة بين توجهات كل الانتماءات الفكرية والاجتماعية وهنا لا يحق لكائن من كان أن يتهمني بالتعاون مع نظام قمعي استبدادي في أي مكان بالعالم ، لأني لا أسعى فيما أنا قائم عليه إلى مصالح صغيرة أو ذاتية على حساب مصالح المواطنين البسطاء ، ذلك أن طبيعة عملي هي أيضا توفير وسائل المعرفة وتنمية ثقافة كل المواطنين . فإذا كنت - فعلا- قد أنشأت مئات المكتبات وعشرات البيوت الثقافية في النجوع والقرى والمراكز على اتساع خريطة الوطن بصعيده ودلتاه ، فضلا على عشرات المراكز المتخصصة في الأوان الإبداع المختلفة في مناطق أثرية كانت لمئات السنين أوكارا للحشرات وللحيوانات الضالة والمتشردين المجرمين والعابثين. ناهيك عن المتاحف .ولم يستطع كائن من كان أن يفرض على سياساتي الثقافية مبدأ التطبيع مع العدو الصهيوني ، ولا أقول موقفي في حماية مناضل من أجل تحرير وطنه وهو مطارد خارج حدود بلاده. فهل يكون منصفا والأمر كذلك ادعاء مثقف ما أنني لست مثقفا وليس لي موقف. فما يكون كل ذلك أن لم يكن مواقف وطنية مشرفة.
ومع أني لست مطالبا بإثبات كوني مثقفا ، فمن قال إن المحتم أن يكون المسؤول عن الثقافة مثقفا أو أن يكون المسؤول عن أمن البلاد ضابطا أو عسكريا أو المسؤول عن صحة المواطنين في بلد ما طبيبا أو المسؤول عن مالية البلاد مليارديرا ؟ ليس في دول العالم مثل ذلك أبدا. فكيف وأنا فنان ومثقف يتهمني من لا يملك حق اتهام أحد بأنني غير مثقف ؟ أليس يقال إن الثقافة هي الأخذ من كل شيء بطرف . أليس يقال إن الثقافة هي تشذيب الفكر قبل أن يستوحش وبعد استيحاشه ؟ فلماذا يستوحش من يتهمني بعدمية الثقافة ، ليس معي فحسب ، بل مع كل مثقفي مصر في اتهامه لهم بلا استثناء بأنهم خونة زعما مستندا على أنهم في لجان متخصصة بوزارة الثقافة ؟ أليس هذا استيحاش في السلوك الثقافي في مواجهة 700 مثقف هم أعضاء اللجان المتخصصة بالمجلس الأعلى للثقافة وهم نخبة مبدعي مصر وعلمائها ومفكريها ، ومعظمهم قضى ثلث عمره في المعتقلات دفاعا عن قضايا الفكر والرأي وقضايا الوطن المصيرية . هل أولئك خونة ، كيف أطاع ضميرهذا الصارخ في أحراش المدنية فاتهم أساتذته وزملاءه . وماذا فعل هو ، هل اعتقل يوما ؟ هل أهين . وهل مجرد كتابة مقال أو مقالين أو ثلاثة دفاعا عن مفكر أو صاحب رأي يعد موقفا مصيريا ، ويحسب في تاريخ النضال الثوري ، بينما يتهم من أمضى عمره دفاعا عن قضايا وطنية مصيرية بالخيائة لمجرد أنه اختير لكفاءته وخبرته عضوا في لجنة من اللجان الثقافية بالمجلس الأعلى للثقافة ، مع زعم بأنه يتقاضى مبالغ كبيرة . هل يعلم صاحب الادعاء بأن العضو /العالم أو المبدع يتقاضى 100 جنيه عن حضور اجتماع اللجنة الشهري وهو مبلغ لا يوازي ثمن تذكرة السفر من بلده قادما إلى القاهرة. ولما كل هذا؟ لأن هناك نقد وجه لعمل من إبداعه ، ينسب رواجه إلى سهولة لغته ، التي تناسب مستوى التعليم المتدني في أيامنا هذه ؟ ومتى يدل رواج عمل إبداعي ما ، توفر على كشف عورة النظام المصري في الستينيات على أن ذلك الرواج في بلاد أوروبية كانت لها مواقف عدائية معلنة من تجربتنا في الستينيات بإيجابياتها وسلبياتها متى يدل ذلك على أن العمل لاقى نجاحا وحفاوة يمكنها دحض وجهات نظر نقدية متخصصة . قد يكون من الطبيعي أن يحتفي الغرب بأي إبداع ينتقص من قدر جهود وطنية أخطأت وأصابت والمثل الشعبي يقول: " حبيبك يبلع لك الزلط وعدوك يتمنى لك الغلط " وطبيعي أيضا أن يستقبل بعض النقاد الأوروبيين عملا ينتقص من قدر سياسات مضادة لفكرهم وتوجهاتهم الفكرية السائدة، مسلحين بنظرية النقد الاجتماعي موجهين سهامهم إلى ما يغاير مواضعاتهم وفكرهم ، محتفين ومهللين لصور الفكر التي تجرح وتعري توجهات ماضية لنظام من الأنظمة الشمولية ، تأسيسا على غياب الحريات أو مزاعم اضطهاد الأقليات وما شابه ذلك من اتهامات؛ بخاصة إذا كان العمل المحتفى به منهم يكشف عن عورات نظام وطني إنفرادي له أخطاؤه المميتة ، التي أوصلتنا إلى نهش أعراض ممارسات بعضنا بعضا ، وجعلت أحدنا يدعوا غيره بممارسة اليوجا ، التي لو كان هو ممارسا لها لما تفرغ لاتهام غيره بعدمية الثقافة وانعدام الموقف ووصم مثقفي مصر دون أن يستثني منهم أحدا بالخيانة لأن القليل منهم في منحة تفرغ للنتاج الإبداعي نظير 1000 جنيه شهريا لمدة عام مطالب فيه بأن يقدم عملا إبداعيا أو لأن بعضهم أعضاء بلجان المجلس الأعلى للثقافة دون أن يحصلوا أولا على عضوية نادي اليوجا ، عملا بنصيحة سيادته !!



#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الممثل وجماليات التعبير بالجسد
- تمثيل دور مسرحي وفق منهجين
- فنون المسرح بين الهواية والاحتراف
- زمن شويكار وبهجت قمر
- بديع الكلام المصري
- برومثيوس الأسود في قيود الحرية
- مسرح باكثير بين التسجيلية ودراما الأوتشرك
- المعارضات المسرحية في عصر العولمة
- جماليات الصورة الشعرية في القصيدة العربية
- أصدق المسرح أكذبه/ أصدقه؟!
- المسرح والتفاعل الاتصالى بين النوظيف الإبداعي والتوظيف العلم ...
- ( وشم الهناجر ) بين النقد ونقد النقد
- الفراق الطبيعي بين المفكر ومنتجه الإبداعي
- فن المخرج المسرحي بين التحصيل المعرفي والتأصيل العلمي
- تربية الإرهاب - مصادر الإرهاب الفكري ومصادر الفكر الإرهابي
- المشروع السياسي .. مجرد دليل عمل
- أصداء البوح الذاتي في شعر كفافي
- أوركسترا عناكب الثقافة العنصرية ومغزوفة النشاز القروسطية
- جسد الممثل والأعراف الاجتماعية - دراسة في مناهج التمثيل المع ...
- نصوص مسرحية للمسرح ونصوص للدراسة


المزيد.....




- على وقع حرب غزة.. مشاهد لاقتحام متظاهرين في اليونان فندقًا ي ...
- هل تقود الولايات المتحدة العالم نحو حرب كونية جديدة؟
- م.م.ن.ص// -جريمة الإبادة الجماعية- على الأرض -الحرية والديمق ...
- تمخض الحوار الاجتماعي فولد ضرب الحقوق المكتسبة
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 554
- الفصائل الفلسطينية ترفض احتمال فرض أي جهة خارجية وصايتها على ...
- بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- حزب يساري بألمانيا يتبنى مقترحا بالبرلمان لدعم سعر وجبة -الش ...
- الشرطة الألمانية تفرق مئات المتظاهرين الداعمين لغزة في جامعة ...
- -لوسِد- تتوقع ارتفاع الإنفاق الرأسمالي لعام 2024


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - أبو الحسن سلام - المثقف والموقف