أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - نصوص مسرحية للمسرح ونصوص للدراسة















المزيد.....

نصوص مسرحية للمسرح ونصوص للدراسة


أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 2723 - 2009 / 7 / 30 - 10:00
المحور: الادب والفن
    


نصوص مسرحية للعرض ونصوص للدراسة
- التحولات الاجتماعية في( نساء ماريونيت) -
د. أبو الحسن سلام

يرى ستيوارت كرفيش أن المسرحيات العظيمة لم تخلق للدراسة بل تخلق للمسرح . فإذا افترضنا صحة ذلك الرأي ؛ فهل نسقط كل أعمال سوفوكليس واسيخليوس ويوربيديس وأعمال شكسبير ولوركا وإبسن وتشيخوف التي تعرضت لها مئات الدراسات والبحوث في كل اللغات الحية المقروءة على مدار قرن مضى ؟!!
الصحيح عندي هو أن المسرحية العظيمة تخلق للمسرح وهذا الخلق نفسه هو الذي يرشحها للدراسة. أما النص المسرحي الوحيد الذي يخلق للدراسة لا للعرض المسرحي فهو النص الزائف . ذلك أن دراسته تنبه الكاتب المسرحي إلى حقيقة زيف نصه.
والسؤال هنا : ما محل نص( نساء ماريونيت) للكاتبة هالة فهمي من العرض؟
وهل قابليته للعرض لها الأولوية على قابليته للدراسة أو قابلية الدراسة له.
وما هي المحددات المنهجية للحكم بهذه القابلية أو عدم القابلية ؟!
هل هي خبرة المنتج على نحو ما كان يفعل عبدالله عكاشة قديما مع المؤلفين ، حتى أنه لم يتورع عن أن يدعو توفيق الحكيم في منزله بعد الحادية عسرة مساء ليقرأ نصه الذي يرغب في إنتاج فرقة أولاد عكاشة له أمام أطفاله الصغار، فإذا لم يداعب النوم عيون الأطفال وقع عقد شراء النص مع مؤلفه ، وإذا ناموا في أثناء القراءة كان ذلك حكما برفض قابلية النص للعرض على المسرح. أم هي فاعلية خيال مخرج ما مدفوع بحماسة المبدع أو بحماسة ارتباطه بعلاقة ما مع كاتب النص أم هي نوع من شغل الوقت عملا بالمثل الشعبي " اليد البطّالة.."
وتحضرني هنا تجربة واقعية فريدة لمخرج مبدع هو الفنان حسن عبد السلام، فور عودته الاضطرارية من الكويت ولم يكن معينا بجهة أو هيئة حكومية أو متعاقدا مع مؤسسة ما في مصر، مما أضطر معه وقتذاك إلى قبول إخراج نص مسرحية(الزنزانة) للمستشار السيد الشوربجي وكان باكورة نصوصه التي قدمت على المسرح . ولأن حسن عبد السلام فنان مبدع ومخرج خلاق ؛ فقد جعل من ذلك النص الذي رفضه 16 مخرجا يهيئة المسرح المصرية إذ كان نصا يبدو في ظاهره بسيطا وحبكته سطحية ، إذ تدور بين سجينين في زنزانة ، كل منهما يسجن نفسه في ذكرياته خارج السجن المادي الذي زجا في إحدى زنزاناته الضيقة المعتمة. وضع حسن عبد السلام رؤيته تأسيسا على فهمه التحليلى للبعد النفسي لكل من الشخصيتين ، إذ رأى أن العاطفة الحاكمة لهذه الشخصية أو تلك هي إحساسها بالفقد والحرمان العاطفي الجنسي – تحديدا – حيث يدور كلام كل منهما حول استرجاع مواقف غرامية تعكس شبقه وحنينه لصديقته ، التي تعمل راقصة. ولأن المسرح صورة في الأساس ، سواء لبست رداء اللغة الكلامية حوارا وسردا أم ارتدت أردية لغات غير كلامية مرئية. ترجم حسن عبد السلام ما يدور بخاطر الشخصية لإلى صورة ، فجسد له حبيبته في الزنزانة ، فور ورود ذكرها على خاطره . أخرجها له راقصة (بعدّة الشغل ) من فتحة الكمبوشة التي حولها مصمم المناظر إلى عضو أنوثة ووصل بينه بعضو ذكورة يمتد نزولا من مقدمة المنصة المسرحية بمسرح سيد درويش بالإسكندرية (1967 ) على هيئة ) ramp) حتى الصالة . ولم يكتف بذلك ، بل وضع ممثلا ( محمود فرج) في زي سجان يتسلم المشاهد من كتفه ، فور حصوله على تذكرة الدخول من عامل التذاكر القابع خلف قضبان بداخل غرفة صرف التذاكر بزي سجان أيضا ، ولا يتركه حتى يحلسه على مقعد محدد ، حتى أنه فعل ذلك الأمر مع محافظ الإسكندرية ( حمدى عاشور ) نفسه.
أحال الفنان حسن عبد السلام نص الزنزانة من حالة التسطيح إلى الأسلوب الواقعي النفسي تمثيلا ، وأضفى على الصورة المسرحية المسحة الأدائية التعبيرية بتجسيده لما يعتمل بداخل الشخصية من معاناة إسقاطا لحالة الحرمان الجنسي التي تعيشها في سجنها ووحدتها القابضة. وأضفى على الصورة السينوجرافية ( المعادل المرئي لرؤيته الإخراجية) بعدا تجريديا ، ليكشف عن عزلة الإنسان بصفة عامة ، دون أن يقصر ذلك على حالة خاصة بعينها لشخص ما.
إن النص الذي بين أيدينا – إذا افترضنا أن لدينا في عصر التحلل الذي نعيشه- إذا افترضنا أن هناك منتجا مسرحيا بوعي عبد الله عكاشه وحس التاجر فيه – سوف يحتاج إلى أن يجمع أطفاله ويتركهم ساهرين ليستمعوا لهالة فهمي وهي تقرأ عليهم مسرحيتها هذه ؛ ذلك أنها مسرحية مسلية فعلا وحبكتها بسيطة ولغتها هزلية اغترفت من قاموس بيئة المجتمع المصري ، مجتمع يبيح كل شيء تحت شعار ملتبس مابين اقتصاد رأسمالية السوق ورواسب الاقتصاد الشمولى البيروقراطي ، مجتمع فاسد تطفو على سطحه الراقصات والمضاربون والوسطاء والمرابون واللصوص ويتسنّم فيه كبار التجار مقاعد الحكم. هو نص يعبر عن الواقع الكريه بلغة تهكمية. وهو كذلك لا يحتاج إلى مخرج عبقري يجهد ذهنه في وضع رؤية إخراجية، هو نص كوميدي بسيط في حبكة تأسست جمالياتها كأي نص كوميدي على العناصر نفسها التي تؤسس لجماليات الكوميديا :
• المفارقة الكوميدية في المواقف الملتبسة عن قصد في اللغة أو الحركة.
• العبارة الشعبية الشائعة.
• البرلسك أو عنصر التهكم والسخرية
• القفشة أو النكتة.
• البذاءة اللفظية والإيمائية.
• الجمل القصيرة التلغرافية الرشيقة
• النقلات الفجائية .
• التخلص الدرامي المتأثر بأسلوب القطع والوصل التليفزيوني؛ بخاصة في تقنية صناعة الصورة في المشهد المسرحي بين الحلم واليقظة.
• المبالغة في اللفظ والحركة
• توظيف أسلوب الجانبية في الحوار المسرحي ،لتشخيص حالة التناقض التي تعيشها الشخصية بإزاء موقف واحد و لتحقيق حالة النقد التهكمي ( المسكوت عنه) ، وتوزيع تلك المهارة على الشخصيتين الرئيسيتين (حسنة ودلال) في التباري بروح التنكيت.
• المهارة والدقة في رسم الشخصية رسما يمزج بين النمطية والروح الحية بما يكشف عن ثقافة الفهلوة وسيطرة الجهلاء والساقطين التي طغت على مجتمعنا المعيش الآن.
• دقة توظيف مفردات لغوية منحوتة تتميز بخصوصية فئوية ( لغة العوالم وفتيات الليل ولغة الحوارى الشعبية والأزقة) فللغة الحوار عند هاتين الشخصيتين المحوريتين ( حسنه وخادمتها دلال) أجروميتها الخاصة أو قاموسها الخاص النابع من ثقافته المتشبعة بروح بيئتها في عملها السايق.
• القدرة على خلق مقاربات بين ثقافة الماضي ومستحدثات السلوك الاجتماعي بدءا من عصر الانفتاح الاستهلاكي وتوابعه التي نعيشها.
• الاستدعاء التشخيصي لتوكيد حالة التهكم .
• التورية اللفظية التي تخفي خلفها ظلال البذاءة .
• الإسقاط اللفظي على صور واقعية من واقعنا المصري المعيش .
• اللجوء إلى أسلوب القلب ، اللفظي للمعاني وللصور – حسبما رأي برجسون في فلسفة الضحك – لإشاعة روح السحرية والضحك.
• تشخيص أمراض السلوك الاجتماعي في مصر بعد التسعينيات ، حيث اختلاط الأمور والمهام والتخصصات المتضاربة وسيطرت الخرافة والمشعوذين والعنف اللغوي والجسدي وروح التشفي والانتقام على العامة والكثير من الفئات المتوسطة.
• الاعتماد على الصدمة الدرامية البسيطة لخلق حالة من التوتر.
• نفاذ الحوار في مواقف كثيرة إلى جوهر ما تريده الشخصية وجوهر ما تشعر به بتوظيف تقنية ( الجانبية) بمهارة. وتلك خصوصية الحوار الدرامي التي لا يستحق أن يسمى حوارا دونها.
• القدرة على التحليل النفسي للشخصية كشفا عن تناقضاتها الرئيسية والثانوية.
• قدرة على التحضير للصدمة الدرامية والتمهيد المبكر لها.
• وبعد ، فيمكن القول بأن هذا النص يتمتع بحس كوميدي عال ، ويكشف عن تناقضات مجتمعنا ، ويعبر بصدق تعبيرا تهكميا عن الواقع المتردي الذي سيطر فيه الجهلاء واللصوص والمشعوذون وثقافة الفهلوة والاحتيال على مقاليد حياتنا.



#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديموقراطية اليونان بين الفلسفة والسياسة والمسرح
- مونودراما ( مذكرات شمعة)
- الدين والدولة
- المبدعون وآفة سوء فهم الناقد
- التطوير الجامعي والقفز على الواقع المعيش
- في انتظار أوباما .. في انتظار جودو
- المثاقفة والتناص (تطبيقات في النقد الفني والمسرحي)
- التنسيق الحضاري وسور السياسات العظيم
- القرد في عين أمه
- الإنتاج المسرحي في عصر العولمة
- القرد .. هدية مصرية للعمال في عيدهم
- دفاعا عن الوطن
- في ذكرى كادح مسرحي مات مغتربا
- تكوين رأي عام بوسيط مسرحي
- كورس وزاري
- نشيد المكسحين
- المونولوج الوزاري
- قمة بعمة وقمة بغمة
- ليلى تخلع قيس ( نميمة مسرحية)
- صوت قرنفلة الشعراء


المزيد.....




- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - نصوص مسرحية للمسرح ونصوص للدراسة