أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - باسم السعيدي - انما الأمم الأخلاق ما بقيت ..














المزيد.....

انما الأمم الأخلاق ما بقيت ..


باسم السعيدي

الحوار المتمدن-العدد: 955 - 2004 / 9 / 13 - 11:19
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


هذا البيت من الشعر كان وما زال وسيبقى من أعظم ما قالته العرب ، وهو حكمة القرون التي لن تنقضي بنقضه، ولم يعد هذا القول المأثور يتمتع ببريقه الذي يفترض به أن يكون أزلياً ، فالأمة واجهت وتواجه حرباً من أجل بقاءها ، ككل الأمم التي سبقت وتلت تلك اللحظة التي خرج فيها ذلك البيت الى الوجود .
في حرب العرب والاسلام ضد اسرائيل واجهت الأمة الهزيمة تلو الهزيمة ، والخيبة في الوعي والتخطيط والتنفيذ والممارسة ، واجهت الأمة ضيق أفقها مما يعد أزمة حقيقية في ثقتها بنفسها ، وشعرت بالعار يجللها ، والخزي يكتنفها ، ولم تعِ الدرس ، ولم تحاول النهوض بنفسها الى مستوى التحديات ، ومعضلة القدرة على البقاء .
ان عدم القدرة على التعايش مع العار ، عالج الخطأ بخطأ أكبر وأفدح ، إذ بدأت الأمة تفقد أخلاقها وقيمها ، وبدأت بالتالي تفقد القدرة على التمسك بهويتها .
ورب سائل يرى المبالغة في الوصف ، والحقيقة هي أن الرائحة التي تزكم الأنوف لا تزكم أنف صاحبها كما لا يخفى ، والمشكلة الملحَّة تكمن في فهم النخب الفكرية (كما يظهر) لهذا الانحدار الأخلاقي غير المسبوق ، فنلاحظ الطريقة التي يتعامل بها المثقفون ورجال الدين في وصف العمليات الانتحارية التي يقوم بها مجانين الموت المجاني ، ويروح هؤلاء بعيداً في فلسفة الوضع الرديء الى ما هو أسمى ، ولكن هيهات أن يخدع المرء نفسه ، وهيهات يختبيء العاقل من عقله .
المشكلة ان من طليعة الأمة الفكرية من يتواطأ مع الموت ضد نفسه وضد فكره وضد حتى انسانيته ، أسوق مثلاً ربما مثل في فترة من الزمن النفس الذي يشق الخطى سراعاً نحو منهجة الانسانية لدى الأمة ، وأخص بالذكر الدكتورة نوال السعداوي ، فقد رأيتها قبل عام ونصف تقريباً على فضائية البي بي سي ضمن برنامج ( Hard talk) سألتها مقدمة البرنامج عن رأيها بالعمليات الانتحارية في فلسطين واسرائيل ، وفوجئت حقاً بجوابها ، جواب نموذج فكري متفتح ينظر الى الأمور بلا تقييد للفكر، فوجئت بهذه التي تمثل قفزة الى الأمام في العالم العربي الذي يفتقد الى مثلها والى مثل جرأتها في الطرح ، حتى تجاوزت المألوف والموروث الى رؤية ذات بعد انساني بعيداً عن قيود وأغلال اصطنعناها لكي نفلسف الجمود على واقع موروث ، جوابها كان على شكل سؤال :- مالذي تتوقعينه من أعزل يدافع عن بلده سوى بجسد عارٍ؟ إنه يضحي بذلك الجسد الهزيل الذي لا يملك غيره .
هذا الجواب وإن كان رائعاً في البيان ، لكنه موغل في تشويه صورة الحقيقة ، وانحراف فكري واضح عن قيمية البشر ، فضلاً عن هدر الكينونة الانسانية لتحقيق هدف لا وجود له ، لاينتج عنه سوى المزيد من الكراهية والحقد ، ولا يفضي سوى الى مزيد من القتل والقتل المضاد الذين ينصبَّان صبّاً على رؤوس المدنيين الفلسطينيين تحديداً .
نحن في العراق لم نكن (كمجموع) نشعر بهذه الشيزوفرينيا الفكرية التي تطلب الحياة بالموت ، حتى رأيناها هنا رأي العين ، عايشنا الموت المبرمج من قبل إخوة لنا ، عرب ، مسلمون ، لا يختلفون عنا لا بالدين ولا بالقومية ، سوى بكونهم مرضى نفسيين ، سايكو باثية أخذت بعقولهم بعيداً في ثقافة القتل ، تراتبية عجيبة في التربية والسلوك ، ليست خطأ تنظيري ، ولا رؤية مجتهد أخطأ وله أجر .
إن ما يجري بجميع أركان العنف الذي تستخدمه الأمة بشكله المرَضيّ في فلسطين ، الشيشان ، السعودية ، نيويورك وواشنطن ، افغانستان ، في العراق ، إن ما يجري يؤكد بما لايدع مجالاً للشك أن الأمة أمام مرض جديد ، هو فقدان الأمة لأخلاقها .
ورحم الله الشاعر الذي قال
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت *** فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
بغداد 11/ أيلول



#باسم_السعيدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيناريو طرد الاحتلال .. قصة قصيرة
- تقييم الساسة غير الحكوميين في العالم العربي
- فرية كامل السعدون ... حول الإسلام
- الى وزير التجارة العراقي ... تحذير
- الجيش الاسلامي .. والمطالبة بالفتوى
- هل تقدر الحكومة على الصمود ؟
- أي الاسلام .. هذا الذي يقبل بما يجري؟؟
- مخالب الأسد .. من بعبدا الى الدستور
- عدنان الزرفي..النموذج
- مسرح الطمأنينة
- الإسلام البوهيمي … والإسلام المحمدي
- هيئة علماء المسلـ(حـ)ين والشرطة
- الى الكتاب والنخب العراقية
- النجف الأسيرة ..فجعت مرتين
- الى الكتاب والنخب العراقية
- من اوراق الحرب بين مطرقة التحالف وسندان صدام
- محاكمة التاريخ لعبد الكريم قاسم
- ما بعد الانتخابات في ايران
- في اليوبيل الفضي للثورة الايرانية.. الانكفاء
- اصفاد ..المتوارث


المزيد.....




- شاهد ما رصدته كاميرا CNN داخل مبنى في إيران استهدفته غارة إس ...
- شاهد ما قاله المتحدث باسم الخارجية القطرية لـCNN عن تطورات م ...
- مُلمحا إلى جعل العقوبات على إيران أكثر مرونة.. ترامب: سيحتاج ...
- أول موسم عاشوراء دون نصرالله.. شيعة لبنان يستعدون لإحياء الم ...
- -ماذا ينتظر الشرق الأوسط بعد المواجهة بين إيران وإسرائيل؟-- ...
- -يوم حزين- لإسرائيل ـ مقتل سبعة جنود بعبوة ناسفة في غزة
- دول الحلف الأطلسي تؤكد تمسكها -الراسخ- بالدفاع المشترك وتتعه ...
- كمين مسلح نفذته حماس يودي بحياة 7 جنود إسرائيليين في قطاع غز ...
- ترامب يشيد بإحراز -تقدم كبير- بشأن غزة وحماس تؤكد تكثيف الات ...
- قمة حلف الأطلسي في لاهاي: ترامب يلقي كلمة ويجيب عن أسئلة الص ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - باسم السعيدي - انما الأمم الأخلاق ما بقيت ..