أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مرثا فرنسيس - بحث الإنسان عن معنى















المزيد.....

بحث الإنسان عن معنى


مرثا فرنسيس

الحوار المتمدن-العدد: 3158 - 2010 / 10 / 18 - 22:53
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


بحث الإنسان عن معنى
Man’s search for meaning
فيكتور فرانكل هو طبيب نفسي كان يمارس الطب في وقت الحرب العالمية الثانية والمعتقلات النازية التي كان يوضع فيها المعارضين لنظام هتلر ، وكانت أفران الغاز تميز هذه المعتقلات حيث يحرق فيها المعارضين والمرضى وكبار السن وكان التهديد بالموت يوميا مع المعاملة بكل قسوة هو النغمة السائدة.
سُجن فرانكل أربع سنوات في أحد اسوأ هذه المعتقلات النازية وخلال هذا الوقت توفي بالمعتقل كلٍ من أمهِ وأبوه وأخوه وزوجته فكانت مأسأة فظيعة بالنسبة له ،كان فرانكل يراقب الآخرين ويشاهد ردود أفعالهم تجاه الأحداث والضغوط الشديدة والتهديد بالموت في كل لحظة من لحظات اليوم وتجاه التجويع والتخويف أيضا ً، فوجد أن البعض يتحمل ويتأقلم مع هذه المعاناة الرهيبة حتى عبروا منها في تماسك نفسي وعقلي والبعض الآخر لم يحتمل فكان ينتحر بواسطة السور الكهربي وهو مايطلق عليه الذي ينهي عمر الإنسان بلمسة واحدةWalk to defense
والبعض الثالث يدخلون في اكتئاب فظيع وامراض جسدية ثم يموتون وذلك بسبب عدم تأقلمهم مع الأحداث .وقال فرانكل ان مايحدث في المعتقل لايختلف كثيراً عما يحدث في الحياة وفي العالم وهو قد يكون اقل قساوة وألم من الذي يحدث بالمعتقل ولكن بكل تأكيد توجد أيضا صعوبات وضغوط وتهديدات ومخاوف وقلق وكأنها سجن من سجون النازية حتى لو كانت بصورة أقل
كان رأي فرويد أن سلوك الإنسان وردود افعاله واتجاهاته ومشاعره هي ماينتج في عقله الباطن نتيجة الضغوط وطريقة التربية وهذا يرتبط بالتكوين البيولوجي والنفسي ،كل هذا يدخل في اللاوعي وبالتالي فإن الإنسان غير مسئول عن اختياراته وكان لفرويد مثل مشهور يقول انك إذا أتيت بمجموعة من الناس من خلفيات مختلفة ولهم شخصيات مختلفة ووضعتهم تحت ضغط معين كالجوع او التهديد بالموت فستجدهم بمرور الوقت سلكوا كحيوانات فيتقاتلون ويتصارعون بحثاً عن الطعام بلا تقييم عقلي او تفكير منطقي ومن افكار فرويد أيضا في هذا الشأن ان اللذة والمتعة هي اقوى دافع وحافز للإنسان للتمسك بالحياة ، ويقصد الدافع الحسي واللذة في الجنس وتطورت فكرة فرويد بواسطة اتباعه فأضافوا ان اللذة النفسية النابعة من تحقيق الذات ايضا تشكل الدافع والحافز اضافة للذة والمتعة الجنسية ،وأضاف الفريد ادلر التأثيرات الإجتماعية كعامل آخر على ماقاله فرويد ، قائلا ان البحث عن القوة والسلطة وان يصبح الإنسان الأعظم والأفضل هو مايعطي الحافز والدافع للحياة .
ولكن كسر فرانكل هذه الأفكار قائلا أن من مشاهداته للسجناء والمعتقلين في المعتقل وعلى الرغم من انهم كانوا جميعا في نفس الظروف وتحت نفس الضغوط الفظيعة كلهم مهددين بالموت كلهم يعانون من الجوع وكلهم يواجهون نفس التحدي : فهم اما أن يصروا على الحياة او يموتوا . كانت تصرفاتهم مختلفة فالبعض كان يتصرف بمنتهى الحقارة والبعض الآخر بمنتهى النبل تجاه بعضهم البعض ،البعض امتلأ مرارة من هذا الوضع ومن الآخرين والبعض استطاع مساعدة الآخرين في ان يتحملوا الألم فأصبحوا جزء من حل المشكلة بدلا من أن يزيدوا المشكلة , هناك اناس سحقهم الألم وحطمتهم المعاناة ، وآخرين زادهم الألم بريقا وتمسكا بالحياة استنتج فرانكل ان سلوك الإنسان وردود افعاله ومشاعره ليس مرجعها فقط الضغوط التى توضع عليه او الى تكوينه البيولوجي او النفسي او الإجتماعي ولكن بالدرجة الأولى هي ترجع الى قراره ، هل يتصرف كباقي الناس او يتصرف حسب توقع الآخرين ام بإرادته الحرة وتقييمه الواعي وأعطى مثلا من رؤيته في المعتقل ان الشخص الذي كان ينجز مايطلب منه كان يكافأ بسيجارة ورغم ان السيجارة تعطي متعة ولذة للبعض الا انها في المعتقل تمثل الفرق بين الحياة والموت لأنه من الممكن تبديلها بالخبز عندما لايحصلوا على طعام ، وكان من يصل الى مرحلة اليأس التام ويرجو الموت يرفض ان يقوم من مكان نومه وهو يعلم ان هذا يعني القتل في أفران الغاز بدون محاكمة ولكنه يجلس في مكانه ويشعل سيجارته ليموت بسببها ، وهذا دليل على ان المتعة واللذة ليس الشئ الذي يسعى من اجله الإنسان ولكنه نتيجة ثانوية لما يسعى اليه . كما كسر ماقاله ادلر عن ان المال والسلطة هي مايحفز الإنسان ويجعله راغبا في الحياة قائلا انها كارثة لأنه عندما يحصل الإنسان عليها لايجد الشبع فيضع هدفا ثانيا وهكذا وغالبا يصل به هذا الى الإنتحار وهذا يفسر انتحار مارلين مونرو في أوج مجدها ويفسر مافعله
مخترع حفار البترول Haward Hughe
وكان ثريا جدا وتزوج من أجمل سيدة في ذلك الوقت ريتا هيوارث ولكنه أصيب بحالة اكتئاب جعلته ينعزل عن العالم لدرجة انه كان ياخذ طعامه من المصعد حتى لايرى احد وظل على هذا الحال حتى مات بعد 13 عام
ملخص مايقوله فرانكل ان الإنسان مسئول عن تصرفاته وردود أفعاله واختياراته ، كما انه مسئول عن مشاعره لأن لكل انسان سلطان على مشاعره فالمشاعر تكون تحت سيطرة الإنسان بطريقة مؤجلة بمعنى ان هناك اشياء يفعلها الإنسان فلا يستسلم تماما لمشاعره الى ان تتغير وهو يستطيع ان يتصرف بطريقة معينة تؤدي الى تغيير مشاعره في نهاية الأمر
كما استنتج فرانكل ان الإنسان يستطيع التغلب على الظروف الصعبة التي يعاني منها ويتغلب على متاعبه النفسية ومشاعره السلبية اذا كان لحياته معنى وهدف لأن المعنى والهدف هو الدافع الرئيسي عند الإنسان وليس اللذة كما قال فرويد او الرغبة ان يكون الأعظم كما قال الفريد ادلر
ويقول ان من جعل العمل او حتى الأولاد هو المعنى الوحيد لحياته فإن خروجه على المعاش وزواج اولاده او سفرهم سوف يجسد الفراغ الوجودي له ويدمر شخصيته لأنه سيعتبر حياته عندئذ بلا هدف او معنى
ويعتبر مارتن لوثر كنج الذي قاد المسيرة ضد التفرقة العنصرية بالصيحة الشهيرة( انا عندي حلم .. احلم بأن يأتي اليوم ويجلس احدنا بجوار الآخر في الأتوبيس وفي الكنيسة ) هو مثلا لمن له هدف اسمى منه شخصيا ،هذا الحلم سعى لوثر كنج لتحقيقه وكان يعيش له بكل امكانياته ومواهبه ورغم انه كان من الممكن الا يتحقق في حياته ، الا انه لم يتوقف عن المحاولة .
يقول فرانكل ان ماساعده ان يعبر فترة السجن المرير ولم ينتحر هو وجود هدف واضح امامه وهو ان يكتب كل ماتعلمه في السجن في كتاب ينشر بعد خروجه من السجن فكان يأخذ قطعة فحم ويكتب ملاحظاته واستنتاجاته على قصاصات من ورق الجرائد ويخبئها ،كان هدفه ان ينشر افكاره بعد خروجه من المعتقل ، وهذا مافعله بالفعل وخرج لنا هذا الكتاب الرائع .
لايستطيع احد ان يحقن انسان بشئ ليصبح له معنى او هدف ولكن من الممكن ان يتحداه بأمور كثيرة يفكر فيها ويُخِرج من داخل نفسه هدف ومعنى يعيش من أجله .
ان لم يكن لحياتك معنى إصنع لها معنى .
محبتي للجميع



#مرثا_فرنسيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زهور الحوار
- رفقاً بالمرأة ايها الرجل
- 2- قانون الحياة ( الزرع والحصاد)
- 1-أين أبوك؟
- ليس وهماً
- مصر بلدي زمان والآن
- قصة لا إنسانية أخرى من واقعنا الُمرٌ
- لقطات
- قصة لا إنسانية من واقعنا المُر
- استراحة قصيرة
- ماذنبي ياسادة ؟؟
- لؤلؤة غالية اثمن
- الساقطة ......نجحت !!!
- المرأة في المسيحية
- لحظات صدق
- الدموع
- حكاية أب
- تعال معي ....
- أحلام
- اليكِ ......ياطفلتي


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مرثا فرنسيس - بحث الإنسان عن معنى