أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرثا فرنسيس - حكاية أب















المزيد.....

حكاية أب


مرثا فرنسيس

الحوار المتمدن-العدد: 3066 - 2010 / 7 / 17 - 13:09
المحور: الادب والفن
    


حكاية أب ..

استيقظ ذات صباح ، وهو يقفز من على سريره فرحا ً بما توصل إليه وماقرره ، جلس على طرف السرير ُيرتِب في ذهنه ماسيقوله لوالده اليوم ، فهمس بصوت لايسمعه غيره ، سأذهب اليه في مقر الشركة ( وهي شركة اسثمارية يمتلكها الوالد ويعمل بها الأخ الأكبر لصديقنا محور القصة ) واقول له يا أبي لم أعد احب الحياة هنا وكما تعرف لم أجد فرصتي حتى الآن في العمل الذي يناسبني ، فاسمح يا أبي أن تعطيني نصيبي في ميراثي منك ومن أمي رحمها الله ، وسأغادر البلاد خلال شهر على الأكثر . فكر قليلا ، ثم فكر أن يُجري تعديلا في كلماته لتكون بشكل ألطف حتى يقبله ابوه ، أبي أنا اعرف ان مايسعدني يسعدك وأنك تتمنى لى النجاح ،ولهذا أنا اريد منك نصيبي في ميراثي منك ومن أمي رحمها الله ... احتار فالكلام هو نفس الكلام ،وفي النهاية قرر أن يقوم ويذهب الى والده وليترك الحوار يأخذ مجراه ،وعلى كل الأحوال فقراري لن يتغير (هكذا قال لنفسه )
وصل رامي ( وهذا اسم الشاب واسم أخيه الأكبر عاطف ) الى مقر الشركة وصعد الى مكتب والده وهناك قابل عاطف خارجاً من اجتماع هام مع الوالد، اندهش عاطف من زيارة رامي للشركة فخاطبه قائلاً :هل أنت بخير ؟ نعم أخي شكراً لك ، هل أبي بمفرده أحتاج أن أتكلم معه بعض الوقت . سلام
دخل رامي وألقى السلام على والده وقبٌله وجلس ، ماذا بك يارامي ، قال الأب .. أنا بخير ياأبي ، فقط أريد منك طلباً هاماً بالنسبة لي .نعم يابني ماذا تريد أن أفعل لك ؟ أبي: أريد نصيبي من الميراث ...... لم يصدق الأب أذناه ، جلس على أقرب مقعد وحملق في وجه ابنه ونظر في عينيه .. ماذا ؟ نصيبك في الميراث ؟ نعم ، لقد قررت السفر واحتاج لميراثي حتى ابدأ حياتي بعيداً ، كانت صدمة الأب قاسية وذهوله ليس له حدود . هل فكرت جيداً ، يا إبني أنا أحبك ولن استغنى عنك ، كيف تتركني وتذهب بعيداً ولماذا ؟ العمل موجود والمال لك ولأخيك ، مالسبب ؟ لاشئ يا أبي فقط أريد الإبتعاد . أجابه الأب وفي حلقه مرارة المر ، تطلب ميراثك وانا على قيد الحياة ؟ حسناً ....سأفعل لك ماتريد . انصرف رامي ،كان راضياً عن انتهاء الموقف بسرعة ولم يفكر في موقف الأب الحزين .
وبالفعل أعطى الأب لابنه العزيز نصيبه ودموعه أنهاراً، ولم يكف عن المحاولة لإثنائه عن عزمه ولكن بدون جدوى ، أعد رامي كل ما سيحتاج إليه للسفر بعد أن اتفق مع صديق له في أحدى البلدان في سفر طويل، ولم يعرف احد من عائلته اين سيذهب . بكى الأب وكأن ابنه هذا مات أو فُقِد .
وصل رامي وقابله صديقه بحفاوة واصطحبه معه لبيته ، ُصدم رامي من مستوى معيشة صديقه فهو لم يعتاد هذا النوع من الحياة ؛ إمكانيات بسيطة ومستوى لايتعدي الحد الأدنى من النظافة .
مر أسبوع وكلما حاول رامي ان يقنع صديقه للخروج معه للبحث عن عمل يفاجأ اما بإختراع أي عذر او بالتظاهر بالتعب أو بتأجيل الأمر ليوم آخر ، والغريب انه بعد أقل من ساعتين تكون المكالمات السريعة بين شلة العاطلين قد أجريت وحضر الجميع للتسكع والسهر على حساب الضيف الغني ، ولاحظ رامي أنه في كل يوم تتسع شلة المتطفلين وتزاد قيمة الفواتير التى يدفعها رامي ، وجد رامي نفسه يفقد كل يوم من ماله مبلغا ًوقدره دون أن يجد عملا ًودون أن ينتبه لاستغلال هؤلاء الشباب له ولما يملك ، ولم يلاحظ مرور الوقت دون أن يحقق أي إنجاز . مرت الشهور والحال في تدهور مستمر حتى بدأ يشعر رامي بكم الخسارة المالية التي جعلت موقفه حرجاً، وتصور صاحبنا بنوع من السذاجة أن يقوم الأصدقاء بتبادل الأدوار ويتحملون الصرف بدلا ًعنه لعلمهم الأكيد انه لازال عاطلاً. ولكن ياللصدمة...... بدأ الأصدقاء الوهميين في التهرب منه حالما عرفوا بوضعه المالي ، وبدأ الصديق الذي يسكن رامي معه في التلميح انه يجب أن يتحمل عنه الدفع في إيجار الشقة التي يقطنون بها ، ولم يتحمل رامي تلميحات صديقه وهو ابن الأصول الذي يُعتبر أقل خادم في بيته أكثر نبلاًً من هذا الصديق فخرج في الشوارع يبحث عن عمل ، وفي يده شنطة يحمل فيها ما تبقى من ثيابه ولوازمه ، وأتى الليل ولم يجد عملا ًولم يعلم كيف سيبيت ليلته بعد ان طرده الصديق بشكل مبالغ في القسوة. ولأول مرة يبيت رامي في الشارع.
جعل يفكر في قلبه... كيف بعد أن كنت أعيش محبوباً في بيت أبي ، وبعد أن كانت لي غرفتى الخاصة ، إلى متى سأنام في الشارع ؟ هل ساظل بدون استحمام ،بدون أكل ، بدون نوم ... بدون كرامة .. كيف ؟ لماذا فعلت بحياتي هكذا؟ أين هي أيام أبي .. أين هي أيام البيت الجميل النظيف ، أين هو حنان أبي الذي تركته وكسرت قلبه ، ليتني مافارقته ،، ليتني ماتركت بيتي وبلدي وأخي وأبي ، ولكن مانفع هذه الكلمة المطاطة... ليتني ؟؟ أصبح حال أي خادم في بيت أبي أفضل حالا مني ؟
لو كان ممكنا ً ان أعود .. لو كان ممكنا ً... لو .. مالمانع أن أجرب ، وبدأ في إعداد خطابا ًطويلا ًليستدر به عطف والده ، سأقول له ياأبي انا اخطأت ، انا معترف ، أنا أسأت لك ولأخي ، هل تسامحني ؟ هل تقبلني ثانية ؟ اعتبرني كأحد خدامك أو موظفيك .. سأكفر عن خطئي ياأبي الحنون ، سأقبل أن أنام في حجرة الجنايني .. سأقبل أن أعمل في أي وظيفة بالشركة ، ولن أتقاضى أجراً .. يكفي أن أعود للبيت حتى لو لم أعد لغرفتي ومكانتي .. أنفرجت أساريره لهذه الفكرة هامسا ً ليتها تنجح ..وقام ليحدد موعد رجوعه فقد كانت التذكرة ماتزال في جيبه .. واختار اقرب موعد ووصل الى منطقته السكنية ، وعلى الجانب الآخر كان أبوه يوميا ً ينتظره ويظل طوال فترة المساء وعيناه تراقبان الطريق لعل فلذة كبده يرجع . وفي هذه الأمسية كعادة الأب في ترقب الطريق لمح شخصا ً نحيفا ً آتيا ً تجاه المنزل ولكنه يسير ببطء وتردد فيقف كثيراً ويمشي قليلاً ، ملابسه رثة متسخة ، منهك ، تأمله لحظات وفجأة اتجه الى الباب ونزل لايعلم كيف حملته أقدامه حتى كاد أن يقع، وجرى تجاه هذا الشاب واحتضنه بكل حنان وقوة ، ودموعه الغزيرة تتكلم أكثر من كلماته ، لم يهتم بقذارة الشاب او اتساخ ملابسه ،و لم يأبه لبشاعة رائحته ، بل كان فقط يُطمئنه حمداً لله على رجوعك سالماً ، بدأ رامي في إلقاء خطابه الذي حضره وحفظه عن ظهر قلب ... أبي سامحنى ..إقبلني .. سأعيش في حجرة الجنايني ولن .. وضع الأب يده بكل حنان على فم رامي قائلاً له لاتكمل يابني ، ماهذا الكلام ؟ فقط تعال .. أخذه واضعاً ذراعه حول كتف ابنه وعاد به الى المنزل . أخذه إلى غرفته التي كان يأمر بتنظيفها وإعدادها كل يوم لرجوع الابن الغائب ثم أمر الخدم بإعداد احتفال عظيم ودعوة الأهل والأصدقاء ليفرحوا معه بعودة ابنه الحبيب . لم يتردد الأب في احتواء ابنه ثانية ليعطي له حقوق البنوة من جديد ،وفي ذهول لم يصدق رامي الذي مرت عليه أيام بلا طعام وبلا شراب وبلا مأوى ، موقف هذا الأب العظيم ، لم يصدق هذا الحب وهذه الثقة خاصة عندما طلب الأب من رامي العمل بالشركة .!!
هل سيدرك الابن حقاً محبة الأب الحقيقية التي ليس لها مثيل ؟
محبتي للجميع



#مرثا_فرنسيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعال معي ....
- أحلام
- اليكِ ......ياطفلتي
- شريعة المساواة
- معاهدة معك......هل تقبل ؟؟؟
- موقف لن أنساه ..... طفل على الرصيف
- موقف لن أنساه
- عانس ..... كلمة لابد أن تُمحَى
- نعم أنا أحب الحياة
- هل تسمح عزيزي الرجل ؟؟
- يالهُ مِنْ لقاءٍ
- هل تفهمني؟؟؟
- أنا انسان
- موقف المرأة من خرافة وأكذوبة دونية المرأة
- شريعة الزوجة الواحدة


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرثا فرنسيس - حكاية أب