أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السمّاح عبد الله - أوراقٌ للنشرِ في هيئةِ الكِتابْ














المزيد.....

أوراقٌ للنشرِ في هيئةِ الكِتابْ


السمّاح عبد الله
شاعر

(Alsammah Abdollah)


الحوار المتمدن-العدد: 3157 - 2010 / 10 / 17 - 10:44
المحور: الادب والفن
    


دخل علىّ مكتبي في الهيئة المصرية العامة الكتاب ، كان فارع الطول ذا ذقن غير محلوقة ولا كثيفة ، ونظراته زائغة يمنة ويسرة ، يتأبط مجموعة كبيرة من أوراق الكراريس ، سلم علىّ بحرارة مبالغ فيها ، موضحا أنه يعرفني معرفة أكيدة من خلال كتاباتي التي يتابعها بشغف وحب كبيرين ، كان يسميني " صلاح " ويؤكد أن لي من اسمي نصيبا كبيرا ، فالصلاح باد على سيمائي ، مما يسهل عليه مهمته التي أتى من أجلها ، كان مرهقا إلى الدرجة التي جعلتني أشعر تجاهه بكثير من التعاطف والإشفاق ، ولما كانت " أم فتحي " تأتي بالشاي الذي أطلبه منها بعد ثلاث ساعات وأحيانا بعد أربع وعشرين ساعة ، فقد قدمت له كوب الشاي الذي أمامي والذي لم أكن قد ارتشفت منه سوى رشفة أو بعض رشفة ، أمسك بالكوب الساخن وصبه كله في جوفه مرة واحدة كما لو كان كوب ليمون يتجرعه صاد في أغسطس، وما أن انتهى حتى عرفني بنفسه : أنا فلان الفلاني ، نبي هذه الأمة . هزتني المفاجأة فاعتدلت من فوري مرحبا به كما يليق بالأنبياء ، وقدمت له سيجارة وأشعلتها له قبل أن أشعل تبغتي ، فلقاء الأنبياء أمر لا يتكرر حدوثه كثيرا هذه الأيام ، أخبرته أنني تحت أمره وأنني على استعداد لتقديم كل ما أستطيع تقديمه ، خففت كلماتي من توتره بعض الشيء ، وبدا كما لو انه أخيرا وجد ضالته ، فرش أوراقه أمامي قائلا : هذه هي الرسالة التي أنزلت علىّ ، وقد خصك الله بشرف نشرها على الملأ ، وهي خدمة كبيرة لها أكبر الأجر وأعظمه ، كانت الأوراق منزوعة من كراريس مختلفة ، ومكتوبة بقلم رصاص ، وكانت الحروف باهتة حينا وواضحة أحيانا غليظة آنا ورفيعة آناء ، والأوراق غير مرتبة ولا مرقمة ، وكانت ثمة أغلاط في النحو واللغة والإملاء ، غير أن الأفكار – كما استطعت أن أتبين – كانت عميقة وكبيرة ومعقدة ، وكنت ببساطة أستطيع أن أفك رموز كلمات مثل المصير الإنساني والوجود والعدم والكون والخلق ويوم القيامة وحق الرجل على النساء ، رتبت الأوراق وساويت أطرافها بما يليق بالكتب المقدسة ، وقدمتها له وأنا في حالة متناهية من الخجل ، معتذرا له عن عدم استطاعتي نشرها ، حيث أن سلسلة " كتابات جديدة " التي أعمل مديرا لتحريرها معنية فقط بنشر الأعمال البشرية ، وخاصة الإبداعية منها ، أما الأعمال غير البشرية ، وخاصة الفكرية منها فهي ليست من اختصاصنا ، كان متفهما للأمر بل ومقتنعا بوجهة نظري إلى الدرجة التي جعلته يشكرني بحرارة وهو يتأبط أوراقه ، وقبل أن ينصرف سألني مستفهما : ومن تراه يستطيع أن ينشره لي ؟ أخبرته أن هيئة الكتاب كلها لا تستطيع القيام بهذا الأمر الجليل ، ويمكنه أن ينشره في المجلس الأعلى للثقافة ، قال لي ومن المسئول الذي يمكنني أن أذهب إليه ؟ أخبرته أنه الدكتور جابر عصفور ، ثم عقبت : ومن حسن الحظ أنه رجل مفكر ويقدر مثل هذا النوع من الكتب ، ويكفي أن تعرف أنه تلميذ أهم مفكر في العصر الحديث هو الدكتور طه حسين ، قال لي وأين هو الآن ؟ قلت له إنه مات في سبعينيات القرن الماضي بعد انتصار حرب أكتوبر باثنين وعشرين يوما ، أوضح لي أنه بقصد الدكتور جابر عصفور وليس الدكتور طه حسين ، فوصفت له مكتبه في المجلس ، طلب كارت توصية مني للدكتور المفكر جابر عصفور ، فاعتذرت له متعللا بأن الشعراء لا يحبون أن يوصوا المفكرين على أحد لأنهم غالبا يفكرون ، كما أن المفكرين لا يقبلون توصية من الشعراء لأنهم دائما يشعرون ، وتمنيت له نجاحه في مقصده مذكرا إياه بأن كل الأنبياء لاقوا الأمرين في سبيل نشر رسالاتهم ، وعليه أن يتحمل ما يمكن أن يقابله من مشاق ، ويكابد ما يمكن أن يعانيه من مجاهدة ، تركني ومضى وعلى وجهه ابتسامة الامتنان الكبيرة .

في اليوم التالي، قدمت لي " أم فتحي " كوب الشاي الذي كنت طلبته منها بالأمس لضيفي الكريم ، أخذت منه رشفة أو بعض رشفة ، وأنا أكمل حديثي مع الدكتورة سهير المصادفة رئيس تحرير سلسلة " كتابات جديدة " حول ضرورة توسيع رقعة السلسلة ، ونظرا للنجاح الكبير الذي حققته السلسلة ، كنا قد أنشأنا فيها عددا لا بأس به من السلاسل الفرعية التابعة لها مثل سلسلة " المختارات الشعرية " ، وسلسلة " الكتابات الأولى " ، وسلسلة " النقد " ، كان مكتبها مواجها لمكتبي ، فقلت لها لماذا لا ننشيء سلسلة خاصة بالأعمال الفكرية ننشر فيها أعمالا تطرح رؤى كونية وأسئلة كبرى ، وتناقش قضايا المصير الإنساني والوجود والعدم والكون والخلق ويوم القيامة وحق الرجل على النساء ؟ الدكتورة سهير المصادفة مثقفة واعية وتملك كاريزمة خاصة في الكلام خاصة حين يتعلق الأمر بالقضايا الفكرية ، رفضت الفكرة رفضا تاما ، طالبة مني أن أدع ما لقيصر لقيصر وما لله لله ، وأن أفصل تماما بين عملنا في هيئة الكتاب ، وعمل الدكتور جابر عصفور في المجلس الأعلى للثقافة.
عادة ما تكون الدكتورة سهير المصادفة قادرة على الإقناع.

--------------------------------

السمّاح عبد الله



#السمّاح_عبد_الله (هاشتاغ)       Alsammah_Abdollah#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لويس عوض : صورة جانبية
- مديح العالية
- الطوافة
- سَرْدِيَّةٌ أُخْرَى لِلرَّائِيَةْ
- هواء طازج - 3
- سلفادور دالي
- انخطاف
- ورود يانعة لنا كلنا من رجل واحد
- انظر وراءك في فرح لتكتب شعرا حقيقيا
- من أين أقتطع خبزة القصيدة ؟
- خراب السقيفة
- فرلين
- عن مكاوي سعيد
- تصاوير ليلة الظمأ
- أقوال المرأة البليلة وتفاسير أقوالها
- أغنية البحار
- فتنة الذكرى
- معزوفة للحمائم البعيدة
- الشهداء
- استراحة المحارب


المزيد.....




- جودة خرافية للمباريات.. تعرف على أحدث تردد قناة MBC أكشن 202 ...
- -الدين المعرفي-.. هل يتحول الذكاء الاصطناعي إلى -عكاز- يعيق ...
- هوليود تنبش في أرشيفها.. أجزاء جديدة مرتقبة لأشهر أفلام الأل ...
- رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار: التعاون الثقافي مع روسيا ...
- -بيت الشعر في المغرب- يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر ...
- عودة الأدب إلى الشاشة.. موجة جديدة من الأعمال المستوحاة من ا ...
- يجمع بين الأصالة والحداثة.. متحف الإرميتاج و-VK- يطلقان مشرو ...
- الدويري: هذه أدلة صدق الرواية الإيرانية بشأن قصف مستشفى سورو ...
- برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لجميع التخصصات عبر ...
- دورة استثنائية لمشروع سينما الشارع لأطفال غزة


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السمّاح عبد الله - أوراقٌ للنشرِ في هيئةِ الكِتابْ