نـحو - الـملتقى الـثـقافي الـكردي- الـعربي- 2

صلاح بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 948 - 2004 / 9 / 6 - 10:20
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    

( 2)

لم تنقطع سبل التواصل والتعايش بين الكرد والعرب منذ قرون فبحكم الجيرة الجغرافية بين كردستان وجزيرة العرب ارتسم تاريخ مشترك في حياة ابناء المنطقتين على الصعد الثقافية والمعاشية والروحيه وحسب الروايات التاريخية سبق تواصلهم الاسلام بمئات السنين وبدأ فعلياً خلال حكم الفراعنه في مصر وامبراطورية – ميديا- التي بسطت سيطرتها على كردستان. ولاشك أن الفتوحات الاسلامية في القرن السابع قد ادت الى مزيد من التلاقي والتفاعل والتعارف عن كثب بعد وصول طلائع – الفاتحين – العرب الى ديار الكرد منطلقين من الجزيره العربية صوب الشمال. وكان لمساهمة النخب الكردية في نشر الدعوة من علماء وفقهاء وائمة ورجال دين الوقع المؤثر في تعزيز التواصل الانساني والتعرف عن كثب على احوال وتقاليد وحضارة البعض ولم يمر وقت طويل حتى تحول الكرد الى تعلم اللغة العربية بغية قراءة – القرأن- والحديث النبوي وانتشرت الطرق الصوفية والتكايا المنبثقه عن الدين الجديد في طول كردستان وعرضها، وتوجه البعض من الفقهار الكرد الى مكة والمدينه، والقدس والشام والقاهرة واليمن.
شكل العصر الايوبي محطة بارزة في العلاقات الكردية – العربية وقام صلاح الدين الذي انطلق جدوده من – دوين- اربيل في كردستان العراق مع جيش من المقاتلين باعادة كتابة تاريخ الشرق من جديد وتغيير صورة شعوبها التي بانت وكانها تقبل الضيم وتعجز عن الدفاع عن النفس والقيم والحقوق، ونجح في مواجهة الهجمة – الصليبية – والتصدي للغزاة الطامعين، وتحرير بيت المقدس من الاحتلال العسكري الاوروبي الذي فرضه نبلاء وامراء واقطاعييو العائلات المالكه في المانيا وفرنسا وايطاليا, لم يكن سر صلاح الدين يكمن في شجاعته وتفاني جنوده فقط بل كان في سعة معرفته بالاحوال السياسية المحيطه وباستراتيجية المواجهة الحضارية وطرق التعامل مع الخصم، فقد قاد حملة الدفاع عن الارض والمقدسات العربية والاسلامية وهو كردي وواجه. جحافل – الصليبيين- وهم من قوميات عديدة ويتكلمون لغات مختلفة، وحرر بيت المقدس وهو موئل مقدس للديانات السماوية الثلاث الاسلامية والمسيحية واليهودية واستطاع في خضم هذا البحر من تزاحم الاقوام والديانات والمذاهب والاثنيات ان ينتصر ويوحد الصفوف ويميز دينيا بين المعتدي – الاجنبي- والمقيم – الوطني- ويتسامح في الوقت المناسب مع اعدائه ويضمن الحرية للمعتقدات واقامة الطقوس وممارسة الزيارات للاماكن المقدسه عند مختلف الديانات، وبذاك ضرب مثالا مازال يستشهد به لدى مثقفي الغرب حول التعايش بين القوميات والتعددية واحترام الآخر والذي يرتبط باسم صلاح الدين كنهج متكامل احوج مانكون اليه بعد اكثر من ثمانية قرون.
وقد واصل الكرد في مختلف اجزاء كردستان التي توزعت بين تركيا وايران والعراق وسورية بعد انهيار الامبراطورية العثمانية عيشهم المشترك مع عرب العراق وسورية وساهموا بكل قواهم في معارك التحرير والاستقلال وقدموا الغالي والرخيص من اجل التقدم والبناء وانخرطوافي الحركات الوطنية والمعارضة الديمقراطية في سبيل التغيير والاصلاح وحل القضية القومية الكردية باسلوب الحوار السلمي ولم يمارسوا في جميع ثوراتهم وانتفاضاتهم من اجل حقوقهم المشروعه سوى الدفاع عن النفس امام الهجمات العنصرية وحروب الابادة وعمليات التطهير العرقي والاستئصال والاسلحة الكيمياوية والتهجير والاقتلاع، ولم يمارسوا طوال تاريخهم اي عمل ارهابي تجاه الاخرين بدوافع عنصرية او دينية او مذهبية وظلوا متمسكين وخلال اكثر من نصف قرن بالحل الوطني الديمقراطي لقضيتهم ولكن دون جدوى التوصل الى الحل المنشود .

#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل