أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مديح الصادق - زبَدٌ على السواحل والشطآن ... قصة قصيرة














المزيد.....

زبَدٌ على السواحل والشطآن ... قصة قصيرة


مديح الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 3129 - 2010 / 9 / 19 - 00:30
المحور: الادب والفن
    


صمتٌ قاتلٌ يكتم الأنفاس, فيه لا تسمع سوى دقات قلبك إذ تسارعت, وصراعا للعناكب والفئران التي غزت الدار, دار أهلها غطوا بنوم غليظ, والحوتة - في غفلة منهم - أطبقت فكيها, وفي جوفها طوت أجمل الأقمار, أولاد الكريهة دقوا طبولها, من كل وادٍ, وفجٍ عميق, سيوفهم أطياف الظلام, ووحشة الطرقات, لم يبق في الحي من ديك يؤذن الفجر, ويبعث الآمال فيفقس بيضها الدجاجات, ديوان القبيلة لم ينعقد - كالعادة - كي يفصل ما بين عمرٍو وزيد؛ فعمرٌو قد أدمَنَ الضرب مستسلما لما قدَّرته له الأقدار, والعارف في أمور الدنيا والدين أفتى بأن تُساق له قربانا كل ليلة عذراءُ لم يقطر زيتها من قبل, وأن لا يُجمع في سلةٍ طماطمٌ مع الخيار إلا في دهاليز الراسخين في العلم؛ لهم ما يشتهون, مقابل عهد عليهم بأن لا تبدِّد الظلامَ شمعةٌ, أو قنديلٌ

لا توقظ النيام يا { سمَّار } فالأمر عندهم سيَّان, إن غطّوا في شخيرهم, أم كانوا مستيقظين, وأنت وحدك خاصمت الكرى لست آبها لِمَنْ تدبروا حولك من ملوك الجن, أو التابعين, لا تيأس - أرجوك - فهي آتية, لا محالة, زوبعة لا تُبقي من أولادها واحدا ولا تذر, وحينما تأتي تقتلع كل الأشجار التي خوت؛ لأنها بلا جذور, وتُسقِط اليابس من أوراقها؛ فهي حتى لنفسها لا تصنع الغذاء, على السواحل والشطآن تقذف البحار بما تقيَّأته من زبد, وما عافت من نفايات, اللآلئ في أعمق الأعماق تبقى بانتظار أنقى, وأمهر الغواصين, على مفارق الطرقات يصطف الحائرون ممن خانتهم الشجاعة, وما عاد بأيديهم قرار؛ إن لم تكن مع الإنسان فأنت حتما مع الشيطان
لا تيأس يا { سمَّارُ } واضرب عصاك بقوة تهتز لها الأبدان, فلا يُدير مرة أخرى خدَّهُ عمرٌو لزيد, اضربها واصرخ بأعلى صوتك : يأهل الدار, كفى شخيرا, لقد تبين أن لا مارد يشعل النار كل ليلة - كما توهمتم - في قلعة { إحفيظ } كي يسرق تأريخنا, وأسماءنا ذوو القبعات السود, والقصار من السراويل

حفنة من ماء الجدول القاتم بكلتا يديه, لم يعد جاريا كعهده به, كالسمِّ طعمه, أُجاج, ريحه تزكم الأنوف, بقع بيضاء تغطي ما غسلته به, ياإلهي, ما ذا الذي حلَّ بنا ؟, أبَينَ ليلة وضحاها غيَّر النهر مجراه ؟ مالي أراه عكسا جاريا من الجنوب نحو الشمال ؟ عذب المذاق كان بالأمس, طاهر الوسم, يطهِّر المستنقع الذي يرويه؛ واليوم مستبسلا يهدر من كل المنافذ ماء النفايات, من كل ثغرة في الجدار, أغرق البيوت فعامت الأفراخ, والطيور, وما دجَّنت ليوم الحاجة الأمهات, زهرات الحديقة, والتينة, والنخلة زارها الموت, تقاسمتها مُدى الحطابين, والحطابات, الشمس غطت وجهَهَا أرتالُ غربان سود, الخنازير في الأرض عاثت فسادا, والكاهن المختار لم يبخل بما أفنى العمر في تأليفه من أدعية وتعاويذ, فبعد الخطبة العصماء ناقَرَ الدفَّ وغنَّى بصوته الذي يسرق الألباب : { دلللول, يالولد يبني دللول } فنام الجمع حالمين, هانئين

الكف اليتيمة لا تصفق يا { سمَّارُ } أما قرأتَ, بقصاصات الورق التي دسَّها في جيبك أستاذ الأدب العربي, أنَّ بذرة من خير تهزم جيشا من الأشرار, زميلك الذي صادقا أحببته { جبار } حين اختفى فجأة من فراشه في مسكن الطلاب بعد أن أدار حفلة شعارها { بالحب وحده نُغِّيرُ الكون } ففسرها الطغاة تحريضا على الانقلاب, ومثله كثير مِمَّنْ أحبَّ الناسَ والحياةَ : بشير, حازم, جورج, حسام, محمد, ستار, حميد, باسم, سردار, انتصار التي أُرغِمتْ أمُّها العجوز أن تبيع شالها كي تسدد فدية الرصاصات, تهمتُها : تُنشدُ نيرودا, وتُسمِع الناس صباحا تراتيل حب لفيروز, أما الشفاف { كريم } فمِن زاخو أعادوا قميصه, وظلت بعده هضيمة { لوحة العصافير } لم تكتمل ألوانها بعد, فهل تجرؤ أنت المفصول من درسك, والمحكوم غيابا بالموت أن تسبح عكس التيار, وأن تخالف الرأيَ مسؤولَ القرية وهو خليفة الله على الأرض, كن عاقلا واسمع نصيحة الجدَّة : كن عاقلا يا ولدي, لا تلقِ بنفسك مختارا في النار,مَنْ تزوج أمك فهو عمٌّ لك, ولا تستهِنْ بها مشورة الحكام, فللحكومة بخت كبير قد يُؤذينا ويُؤذيك

الماء الآسن يغلي, يحثُّ الخطى قاصدا منبع النهر, والمساكين مُخدَّرون, نيام, تحت أضلعهم أفاعٍ, عقارب قاتلات, أسلموا أمرهم لما أشار الكاهن أنْ تلك مشيئة الذي بقبضته مفاتيح الكون, ولا اعتراض على ما شاء, أو أن الساعة قد دنت وتلك واحدة من العلامات, مَنْ عجَّل فيها فلَهُ ثواب عظيم, وحين يغفو شعب على ماشلَّ تفكيره من أفكار فلا بد من صوت يصم الآذان فيوقظهم, أو وخزة من عصا صديق أم عدو, لهم تعيد الرشد

صوت الجدة من خلفه, وعصا المسؤول مشفوعة بفتوى الكاهن من أمام, تنهيدة الحبيبة الحرَّى كاد يسمعها عبر المسافات, عطشى لجرعة ماء زلال من كف الحبيب, فالشمعَ قد أوقدتْ, وباتتْ بكفَّيها عجينة الحناء, لم يبق إلا أن يطهرها ملك الماء, فيكمل العرس, إلهُ الشمس أطل برأسه من خلف السحاب, اعتلى الكوخَ المتهالكَ { سمَّارُ } وصاح بأعلى الصوت : يا قومُ, يا قومُ, مَنْ قام منكم سامعا هذا النداء فليحتطب حزمة قصبا أو برديَّا, ويغلق بها أقرب ثغرة تسحُّ النفايات إلى النهر النظيف, ومَنْ لم يستطع فليُلقِ بحفنة من التراب, ردِّدُوا الأناشيد, وغَنُّوا مواويل عشق؛ فليس في الدنيا ألذ وأحلى من العشق. تعالت الزغاريد, زغاريد العاشقات, الحالمات بأن يُلقين غدا ثيابهن في الغدير,العاشقون انتفضوا من كل حدب وصوب, واحدة تلو الأخرى أغلقوا الثغرات؛ فولَّى هاربا نحو جحره ذلك الزبد الآسن, البغيض

سبتمبر 2010



#مديح_الصادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعترافاتُ سفَّاحٍ يحتضرُ, بمناسبة يوم الشهيد الآشوري الكلدان ...
- زائرة آخر الليل , قصة قصيرة
- عتاب إلى الشهيد ستار خضير, الذكرى 41 لاستشهاده
- قاب قوسين او أدنى من جهنم ... قصة قصيرة
- العنقاء تشتهي العصافير المسيحية ... قصة قصيرة
- وعاد منتصرا , مِحكّان المهوال
- عمال العراق, تأريخ وتحديات
- اخلع جلبابك, يا مشحوت
- احذرا الكفر, سيادة الرئيسَين
- وفاء بالدَين؛ احتفلنا لقائمة الرافدين
- عرسا وطنيا كان في تورونتو
- انتخبوا مرشحكم ... مشحوت
- كل يوم يمر شباط
- شهداؤنا مصابيح نور, وأغراس طيب
- خذ ما شئت من الخرائب مادام كسرى سالما
- ما حرفا, وما اسما
- مراهنات { مشحوت } أبي حصان
- مواضع الهمزة المتوسطة والهمزة المتطرفة
- شرهان يبحث عن رتاَّق الفتوق
- موال زهيري بطور الصبي


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مديح الصادق - زبَدٌ على السواحل والشطآن ... قصة قصيرة