أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - أمهاتنا ( نعيٌ بطعمِ الدمعة )














المزيد.....

أمهاتنا ( نعيٌ بطعمِ الدمعة )


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 3127 - 2010 / 9 / 17 - 20:26
المحور: الادب والفن
    


أمهاتنا ( نعيٌ بطعمِ الدمعة )

نعيم عبد مهلهل

في تتبع مثير وتأريخي وجميل كتب الفنان والباحث العراقي حسين الهلالي مواليد الشطرة ( 1946 ) مقالة عن سبب النبرة الحزينة في الغناء العراقي والتي ظلت ملازمة له حتى في إيقاع الفرح وكأن طربنا آت من هاجس الحزن فقط.
وبالقرين والنص المدون على لوح الطين السومري من أيام مجد أور الغابر أثبت الهلالي أن المتوارث اليوم من هكذا صفة لصيقة بنا في إظهار ما في أرواحنا من شجن يعود الى تلك الأزمنة وان الأم السومرية كانت تتعامل في تهدئة رضيعها بنشيد حزين من ( الأويلاه ..والدله لوه ..وآه ..).
ما أثارني للكتابة عن هذا ما نشره الصديق الشاعر علي الشيال من مقطع فيديو في الفيس بوك عن امرأة ( عمارتلية ـــ ميسانية ) وهي تندب بنعي أسطوري ولدها المغدور موتا قي زمن الموت الرخيص ..الموت حتى وأنت تنظر دورك في طابور شراء الخبز أو تلتصق بك عبوة لاصقة وأنت لاتعلم .أو يأتيك كاتم صوت يهز رأسك بنشيد العدم وأنت أمام واجهة محل لبيع الملابس وأولادك ينتظرونك في البيت لتجلب لهم قمصان وبناطيل العيد الجديد .!
في هذا المقطع يأتي صوت الأم محملا بسريالية وعذوبة كل جمال الكون ..( بحة ) آسرة وعجيبة يرن فيها صدى صوت لم اسمع من عذوبته شيئا سوى في ( نعاويَّ ) أمي وهي تئن على اخوتي الذين ماتوا في أقدار الفقر والتسرطن الغامض وحوادث السير ..أو تلك التي كانت تنشدها في لحظة يأسها من توقف الحروب التي اعتصرتها بوطنيتها وحماسها المخادع من جبهات الشوش وسيناء وربايا بنجوين ..واتذكر واحدة من جملها الهائلة عندما كنت رابضا في ربايا الشمال جنديا تكتسحه الليالي الباردة وشبق شغفه بجمع صور الليدي ديانا وإيزابيل ادجاني وليلى علوي إنها أطلقت عبارتها المشتاقة إلى حين تأخرت إجازتي لتقول :أنا قلت يا علي ..والشمال قال جيبيه إلي ..) .
ثم أطلقت نحيبها المجنون بحنجرة أصفى من كل الينابيع وامطار شتاء الجوع السومري الذي ظل يلازم خاطرة الفقير حتى وهو في نشوة بأحضان الآلهة الأنثى..!
العمارتلية التي أطلت نحيب موسيقى القلب مررت بشجن غريب حسا روحيا متقن التجانس في تناغم مفرداته مع رنين أوتار حنجرتها .فجاء نواحها غريبا ومهيجا حتى ابعد واشد حس لقساة البشر .وبالكاد يستطيع الصلب أن يحبس دمعته عندما ينصت الى شجنها الموسيقي الآتي من روعة التجانس بين الموسيقى وحزن الكلمة وكأنها بفطرتها تذكرنا بهواجس الشعر الأولى التي كان الأنسان ينظمها بموهبة أحلامه وقلبه حتى قبل أن يكشف حرف الكتابة ..!
مثلت ( النعاويَّ ) في قيمتها الروحية لسان حال الضمير الحي والذي تتدفق فيه مشاعر الفقدان أو الحنين الى آخر غاب في مدن الهجرة والمنفى أو حبيب سرقته شظايا الحرب أو زنازين حكم ظالم .وأي كان شكل هذا الفقدان فقد تعاملت الروح الجنوبية مع هكذا هاجس بفطرة وحنان وعشق .ونتاج هذا الدمج بين الفطرة والعشق والحنان .ولد النعي والنواح وما تطلقه الأمهات من بوح دامع يفتت الحصى عندما نراه يمرر شجنه الى ألم وحسرة وجوع وأمنية أن يعود من ماتوا وقتلوا وسافروا ليحضروا ثانية في استعادة حلم جلجامش لعودة خله أنكيدو من موته.
العمارتلية التي وشمت يديها بتطريز اخضر كما طلاسم حضارة أجدادهما صناع حضارة مملكة أور ولكش واكد وميسان وكما تفعل نساء المعدان من اجل إغراء نجوم الليل لتبطل شخير بعلها وتغفوا مع حنانه بعد عناء نهار في قيلولة الماء والقصب .
هذه السيدة الخضراء كما امتداد واحات العشب في جوارحنا الجريحة ( نعت ) بنمط سريالي وحفرت في أخاديد مسامعنا شوقا واستحضار لكل غياب يلبسنا منذ أن ارتدينا قبعة البلوغ والنضوج واسسنا في خواطرنا براءة الرعشة وحتى زمن الفجر الحديدي الذي تنفذه الجيوش الغريبة في بساتيننا ومدننا بحثا عن أمير للقاعدة الماجنة في قتل الجميع بدون استثناء ونقشبندي لم تعجبه شطحة رامسفيلد وملثم يقتل مندائي ليسرق مصوغاته وغنوصيته .فيما آخر يأتي بشهادته المزورة ويدعي انه روزخون زمانه ويتاجر بالسكر والصوابين وتعب الشعب من مصاب غزو الجار والحصار ومجيء فيالق كارولينا لتحملنا من جور الحاكم الواحد المستبد الى جور المحرر والمعارض الذي خذل لحظته انه أعطى من اخوته 3 في زنازين الشعبة الخامسة ليستثمر هذا ويُنصبَ ويسُحتَ ويدعوا الناس للتظاهر ضد مظلومية الطائفة وانتظار الفرج القادم مع بوارج تركية محملة بآلاف الكي فيات من الكهرباء والطماطم والأناناس وكل ما يجعل المشخاب اجمل من دبي ألف مرة..!
أنهم يموتون كل يوم ، طيورنا المرتدية أجنحة المهن الفقيرة .المعلم والسائق والبقال وطفل المدرسة وعامل المسطر والجندي والشرطي وزوار العتبات المقدسة والأضرحة .
وكل يوم ننتج من أجلهم أطنانا من ( النعاوي ) وتجعلنا ننتج آلافا من الأمهات الثكلى من هذا الفقدان فتطلق الحناجر صداها في البحة الغريبة والغرام المدهش لذلك الحزن الموروث من وجع القلب ووجع القدر ووجع الحظ العاثر...
كل يوم يموتون ..أذن كل يوم رثاء ...
ولكن الى متى ...
دعونا نسال الله من خلال الصلاة ..
الى متى ..............؟

ألمانيا في 16 سبتمبر 2010



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبلة أمي وعينيك أهم من 11 سبتمبر ..!
- المكان المندائي..........!
- وجع ذاكرة المدينة
- متعة الأحمر بين شفتي الوردة والأنثى ......!
- منلوج الوردة روحانيات مهلهل
- إلى متى نرتهن بسخافة وسذاجة مانرى ......!
- اوباما ...رامسفيلد ..شوارزكوف ... نبيل شعيل ..!
- الأمريكان ذهبوا ...مالذي بقي ..؟
- الرؤى المدهشة ( إبراهيم ويوسف الصديق ع )
- وردة الروح أولا .....!
- العراق ...( صوت الله..وصوت الآه )
- جمهورية السيدة زينب....!
- جنوب مدن الله ( الألم )............!
- أوزان البرلمانيون العراقيون بالكيلو غرام......!
- جيفارا كان مندائياً ...وعبد الكريم قاسم صابئياً .!
- سُرَ المرأةُ ودهشة الأغراء فيها....!
- الجمال العراقي في العهد الملكي.......!
- اغمضي عينيك ..وأغلقي الباب وراءك......!
- الغفاري والعزير ...رؤيتان لحلم مشترك في ليل الرغيف والوردة . ...
- خلطة عراقية ( سليمة مراد وزهى حديد ومسماية سهر )


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - أمهاتنا ( نعيٌ بطعمِ الدمعة )