أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - جنوب مدن الله ( الألم )............!














المزيد.....

جنوب مدن الله ( الألم )............!


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 3097 - 2010 / 8 / 17 - 18:51
المحور: الادب والفن
    


(طفولتي تبدأ من رغيف الحنطة هذا )
أدمون فاتدركامن

يقع الجنوب في كل أزمنته وأمكنته في المكان الموجع من القلب وهو مكان يصلح أن يكون آنية للعاطفة التي تشرب منها ذاكرة الشعر عندما تعطش وتصير رغيف خبز لذاكرة القص عندما تجوع .
والجنوب ربيب أزلي للاستلاب ولا أدري لماذا ؟ غير أن جملة وليم فوكنر تفك لغز ( لماذا ؟ )
عندما كتب : لأنك جنوبي ..عليك أن تحلم جيداً ..
حين يطل الخريف على تلك الأمكنة المتوجعة يظهر الشكل الحقيقي للفقر قبل ظهور الرغبة لدى مساكين الجنوب باحتضان مواقد الدفء وفي الليالي المرتبكة مابين الرغبة بالحصول على رغيف خبز وتحقيق مودة الحب مع أمراة يهتز خيط التفكير في قدرة هذا المناخ على جعلنا نفكر بسر أن نخلق هنا مع أكواخ الطين وخوذ الحرب وأجهزة المذياع الصغيرة عندما يشدنا صوت فيروز في الصباحات المرتعشة ويذهب بنا إلى شهوة أن نكون شعراء أو أثرياء بخدم وحشم غير أننا سرعان ما ننتبه إلى أطراف أثوابنا المبللة بالطين والبرد والحزن فنعود إلى مناخ الأغنية ونطل على هاجس حنجرة الشوق وهي تعيد صلوات الطبيعة والفن والتشوق إلى ما نعتقده رغبة بامتلاك ما هو لنا ولكنه مأخوذ منا . أذن نحن مستلبون !
يوقظ الخريف خواطر المدن الجنوبية حين يأتي طيف النساء أولاً .
يحرك البرد فينا نوافذ الرغبة والسفر وتعزف الآلات الوترية أنشودة المودة إلى الورد حيث لازلنا نراه على أسيجة بيوت الأغنياء يكافح لكي يبقى رغم معاول البرد والمطر والوحل الذي تقذفه عجلات السيارات ، إنها ديناميكية من التفكير حين يصير الخريف عاطفة معطلة سوى أنك تشتاق فيه إلى معطف وصدر امرأة أو دمية تبتسم بعيون زرق فيما يكون شوقك في الربيع أبعد من ذلك تتمنى مدنا أوربية وحضور عروض أزياء وحضور مراسيم دفن رومي شنايدر فجأة يذكرك جيبك الفارغ وسعال أبيك بهذا الهذيان المجنون فتعود إلى أطلس الجغرافيا تعدد العواصم وتتخيل شكلها وتضحك حيث تشاهد باروكة الملكة الهولندية ارتفاعها اكثر من متر فتتذكر ضفائر بنات الجنوب في قريتكم وكيف كان ضفيرة كل واحدة أطول من خيط سحاب رسم على السماء بيانا من بيانات الجوع ورغبة بجعل الحب ملكا أو رئيس جمهورية أو حتى مختارا لقريتنا .
لقد أدمن خريف المدن الجنوبية على تحسيسنا بأن الامتلاك ليس أمرا سهل الحدوث وليس كل الذي تتمناه الثورات تنجزه ولهذا ظل الجنوب يمارس بهجته مع الحب والفقر ودلال النساء كلما أحس بشجن تمطر على رأسه الحاسر جراء مزن الخريف الثقيلة . لتمر عليك عبارة صاحب كتاب قصة الحضارة ديوارنت والقائلة :
..
أقرا كلمات ديوارنت وأتذكر رسالة حنين الآتية من شرق المتوسط . أبعثر نظراتها في أزقة الزمن وألبسها معاطف خريف موسيقى نثرها الجميل فيقف معي ملاك أخضر يشبه كرة العشب ومثلي يمسك ريشة فنان ويرسم تحت أجفانها منظرا لمساء خريفي في واحدة من مدن الجنوب ولتكن اور مثلاً .
يرتدينا الجنوب قبعات من الشعر نتأمل تحت ظلها ماقد نعتقده كشفا لعواطفنا المبعثرة في هم الكد العجيب من أجل أن نعيش وأطفالنا بقناعة . هذا الكشف يصوره فرويد حاسة مضافة إلى الرغبة بصناعة الحلم .
يقول بافلوف : نحن نحلم بالأمكنة أكثر مما نحلم بالأزمنة .
الحلم الجنوبي هو حلم الرمل والماء والملح والنار والآلهة والنخلة وسمكة الشط . كل تلك الأشياء تنشط فينا الرغبة للبحث عن التكوين الذي تقول عنه حنين انه صناعة للبرد الذي يبهج خواطرنا برغبة أن نولد سعداء ونموت كذلك . ولأن الموت يبدأ بلحظة زمان وينتهي أبديا بالمكان أفكر في جعل هذه الجهة التي تعتني بالاستلاب والفقر مكانا ميثولوجياً لحواس الشعراء وأدعوهم ليفكروا بمشاريعهم الجديدة من هنا من أور حيث المكان الذي تنام فيه عاطفة الحرف والموسيقى والأطلال المحترقة بدموع الأمراء المنتحرين. أولئك الذين تصفهم المدونات بأنهم انتحروا لأنهم مليئين بحاسة عشق مجنون وكبرياء لا ينحني لمحنة الشعب وأليه ينتمي قدر الجنوب وضياع الممالك العظيمة وبقاءنا نتدلى على حبل القدر . مرة في الفم رغيف ومرة أخرى في الفم حصاة .
تبقى المدن الجنوبية هاجس كبير في دفاتر الشعر ويبقى خريفها لون من ألوان انتظار الأمل وحاسة سابعة تضاف لحواس البشر الخمس أسمها حاسة الحزن . فالخريف الرمادي يسعى في أطيافه الوليدة من موسيقى الريح والمطر لصنع ذاكرة يكون الرومانسي فيها خاضع لتدحرج حبات الدمع على بلاط الخد وخلف الدمعة يسير قدرنا وهو يبحث عن متاهة أن نكون بحارة في محيط من الكلمات .
كلمات لعبث القدر وحاجة الحلم والرغبة بأن العشق هو الرصاصة التي تطلق على رأس الحرب وتمحوها من الوجود . كلمات زرق كذاكرة بحر صاف لاشيء يعكر مزاجه سوى مزاح النوارس ورغبة البحارة بأن تقترب الموانئ والنساء معا وهنا حيث أور تسجد للرمل وللنسيان يكون الخريف الجنوبي مثل جرس الكنيسة المهدمة لاشيء يدعوه إلى التراتيل سوى ريح نست أن ترتدي معطفها وجاءت إلى بوابة التأريخ لتقرا ما محاه الزمن وما أبقاه .
وما يبقي سوى بهجة تنظر نهاية دوامة البنادق ومراسيم دفن من يموتوا في جبهات القتال أو في خطوط حجابات السيارات المفخخة أو تموت وأنت منكب كعامل بناء في زقورة في كتابة رسالة حلم لامرأة هي أصفى من كل مرايا شهرزاد عندما كانت تصنع لشهريار كل يوم تسريحة مغرية كي تنسيه رغبة قتلها .
وهكذا تؤسطرنا مناخات الخريف تجعلنا مثل سكان الأقبية لا ننتظر إلا صباحات دلمون . ولأن الجنة لم تأت بعد يبقى الأمل بأن الخريف سيتحول في يوم ما إلى ربيع لاتأت معه سوى الحواري وحدائق الورد والرغبة بكتابة القصائد الجديدة .

ألمانيا 16 آب 2010



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوزان البرلمانيون العراقيون بالكيلو غرام......!
- جيفارا كان مندائياً ...وعبد الكريم قاسم صابئياً .!
- سُرَ المرأةُ ودهشة الأغراء فيها....!
- الجمال العراقي في العهد الملكي.......!
- اغمضي عينيك ..وأغلقي الباب وراءك......!
- الغفاري والعزير ...رؤيتان لحلم مشترك في ليل الرغيف والوردة . ...
- خلطة عراقية ( سليمة مراد وزهى حديد ومسماية سهر )
- كوكب حمزة ...سريالية الطيور الطائرة ........!
- أيها الديك ...سلاما لدجاجتك .......!
- حمدية صالح*...( هدهد ..وسليمان رسائل غرام المعدان )
- نار ونور و ( عبد الكريم قاسم ).................!
- إطلاق مركبة الدمعة في الفضاء...
- توراتيات ............!
- الروح الغريبة ...!
- نازك الملائكة...ورد لقبر غير قبرها.............!
- طوق الآس للسنة المندائية الجديدة.!
- الناصرية : البيت ومحلات باتا وكاظم الحلو الحباب.......!
- وصايا الكتاب ( المُغمسْ ) بالعطر.......!
- أنثى...الكائن الايروتيكي ، نهدٌ يتسلق شراعَ القبلةْ ........ ...
- غيبياتٌ ..يَعرفُها من روحه مطرْ.......!


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - جنوب مدن الله ( الألم )............!