نار ونور و ( عبد الكريم قاسم ).................!

نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 3076 - 2010 / 7 / 27 - 15:58
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

نار ونور و ( عبد الكريم قاسم ).................!

نعيم عبد مهلهل

لم يغب عن بالنا في وهج الطفولة ولم يزل ذلك الكتاب الأثير والملون بالمتعة والخوف والترقب ورعشة الأصابع يسكن الذاكرة بعد كل هذه السنين الطوال ويرافقنا دائما عندما يعاد أستذاكره ونحن نراه بين أصابع أو في حقائب أبناءنا..
ذلك الأثير المسمى ( القراءة الخلدونية ) كان وعلى طول المدى نقطة التحول في حياتنا المعرفية والروحية والاجتماعية .
أنا هنا أستعيد متعة ومعنى مفردتين في هذا الكتاب لم أدرك لماذا كان معلمنا يتعامل معهما بخصوصية وعناية ويكتب فوقهما عندما كان يدرسنا ونحن كنا حينها لانفقه العبارة التي يكتبها ويجعلننا نرددها وهو ينصت لإنشادنا وفي غاية السعادة ...والعبارة التي نرددها ولم نكن نفهم معناها هي ( نار نور ...قاسم يخبز خبزا بالتنور.......!)...
مرة ونحن في متعة الإنشاد لهذه العبارة دخل مدير المدرسة فجأة على المعلم وهو يهز عصاه كما المايسترو في متعة كان يغمض فيها عينيه ويهيم كمن ( يتدروش) في سحر العبارة..! سأله ما سر هذه العبارة وأنت تكررها منذ عامين ( كان الزعيم عبد الكريم قد أطيح فيه قبل عامين ..وتم اغتياله في محاورة عصبية وفائرة وغبية في مبنى الإذاعة في الصالحية عام 1963) عندما يصل منهجك في تدريس القراءة الخلدونية إلى مفردتي ( نار نور )....!
كان رد المعلم .إن هاتين المفردين يصل وقت تدرسيهما دائما في الخريف .ومادامتا هما مفردتين حارتين علي أن أغلفهما بنشيد الفته فقط لأجعل موسيقاها سهلة في الحفظ ..!
ولأن مدراء ذلك الزمن يفكرون بالمهنية اكثر من أي تفكير أخر لم يبحث عن المغزى ..وهز رأسه ضاحكا ومضى ...وكان سننا وعقولنا لا تبحث عن تفسير العبارة ولهذا لم يبق منها سوى صداها وموسيقى إيقاع إنشادها الجميل وربما اغلبنا نسي العبارة مع تراكم المراحل الدراسية واتساع معارفنا .لكنها بقيت تجلس في ذاكرتي وتساؤلي من هذا المقصود بأنه يخبز خبزا في التنور ...!
بعد مرور 30 عاما على أزمنة ذلك الإنشاد البريء أتيحت لي فرصة معرفة هذا الذي يخبز خبزا في التنور عندما كنت جالسا في مكتبي الوظيفي ودخل علي كهل يحمل ورقة بيضاء يطلب فيها نقل ابنته من مدارس الريف إلى مدارس المدينة ، وما أن وقعت عيني على الاسم حتى فاض الدم عطرا في عروقي ولأحمل دمعتي قبل أجفاني إلى وجه الرجل ( معلمنا ) في الصف الأول الابتدائي .وارحب فيه بمشاعر يستحقها .أولها التبجيل وأخرها تقبليه على رأسه ..!
فرح الرجل أن يرى نتاج أحلام القراءة الخلدونية تنتج له مثل هذا الاحتفاء الذي يليق فيه .
أجلسته جنبي وسوية استعدنا حلم المدرسة والأبوة ( والجزه ) في مشية حذاءه الجذيد وهو يمشي متفقدا حروفا المرتبكة على الورقة وإملاءنا ونظافة دفاترنا من سخام المساحة..!
وفي تداول الذكريات تذكرت عبارة ( النار ونور ) وسألته عن سر العبارة ، فقال انه كان يقصد الزعيم عبد الكريم قاسم الذي ذبح غدرا.......!
والعبارة وضعتها جزء من الوفاء للرجل هو من عينني واعاد أرض أبي الزراعية .وهو من وفر للشعب الخبز ..!
أذن بعد مرور 30 عاما عرفت من هو قاسم ...!
عرفت سر النار والنور .آلائي غاب طعمهما كليهما في هذه الأيام بسبب أن القادة ينتظرون من الشعب ليخبز لهم ليأكلوا ( ولا ولن ولم ) يشبعوا فيما كان عبد الكريم قاسم يخبز للشعب ليأكل ..!
ألمانيا في 27 تموز 2010

#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل