أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - نجيب الخنيزي - جدل العلاقة بين الوطني والقومي ( 2 )















المزيد.....

جدل العلاقة بين الوطني والقومي ( 2 )


نجيب الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 3125 - 2010 / 9 / 15 - 07:16
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


جدل العلاقة بين الوطني والقومي ( 2 )

واجهت الفكرة القومية والنزعة الوحدوية العربية التي عبرت عن تطلعات العرب المشروعة وبالأخص لدى عرب المشرق (النزوع القومي لدى عرب المغرب تمثل في إقامة الدولة الوطنية) تحديات وعراقيل جدية (موضوعية وذاتية) فمن جهة هنالك التجزئة التاريخية الممتدة لعدة قرون إثر سقوط الخلافة العباسية وتدمير عاصمتها بغداد و حرق كنوزها الثقافية على يد المغول ، وما أعقبها في قيام دويلات وولايات عربية متنابذة ومتصارعة ، وحين توحدت هذه الدويلات تحت ظل السيطرة العثمانية ظلت العلاقات والصلات التي تحكمها تمر عبر المركز (الأستانة) باعتبارها ولايات تابعة للخلافة العثمانية التي مارست بدورها سياسة التتريك والبطش وفرضت تعيين الولاة والقادة العسكريين والجباة من الأتراك مع ترك هامش معين للزعامات الأرستقراطية المحلية (كبار الإقطاعيين ورؤساء العشائر والقبائل) في إدارة الشؤون المحلية وحين قويت بعض الزعامات المحلية بما في ذلك الزعامات ذات الجذور غير العربية استطاعت فرض نوع من الاستقلال (محمد علي في مصر والمخزن في أقطار المغرب العربي) مع التمسك بالتبعية الرمزية لسلطة المركز (الخلافة) وسعت لإرساء دعائم ومقومات الدولة الحديثة . غير أنه سرعان ما أجهض هذا التوجه بفعل محدودية وانتقائية وقصور التجربة وبفعل الحصار والتحجيم الذي مارسته الدول الغربية وأخيرا بفعل السيطرة والهيمنة الاستعمارية المباشرة إثر انهيار الدولة العثمانية بعد حرب 1914م (الحرب العالمية الأولى) وهزيمة الثورة العربية الكبرى (1916م) وإجهاض مشروع قيام المملكة العربية المتحدة الأمر الذي فرض على العرب خوض معارك وثورات الاستقلال الوطني من أرضية قطرية وتحت زعامات محلية في المقام الأول ونذكر هنا الثورة المصرية 1919م بقيادة أحمد عرابي, والمغرب تحت قيادة العائلة العلوية وليبيا تحت قيادة السنوسية والسودان تحت قيادة المهدوية وثورة العشرين في العراق تحت قيادة رجال الدين وزعماء العشائر ثم تثبيت فيصل الأول 1922م ملك على العراق ، كما اندلعت ثورة 1925م في سوريا التي جرى إجهاضها من قبل الفرنسيين . وجرى تنصيب الملك عبدا لله بن الحسين ملكا على إمارة شرق الأردن ، وقيام دولة لبنان الكبير 1921م . أدى رحيل الاستعمار المباشر من معظم الدول العربية بعد الحرب العالمية الثانية (تأخر استقلال دول المغرب العربي حتى أواسط الخمسينيات أما الجزائر فلم تنل استقلالها إلا في سنة 1962م في حين أعلن استقلال اليمن الجنوبي قي عام 1968 ) بفعل معارك الاستقلال والتحرير الذي قدمت فيه الشعوب العربية ملاين الشهداء مما أدى إلى تكوين الدول العربية المستقلة التي تكرس استقلالها بميثاق الجامعة العربية الذي ينص على الاعتراف بالحدود القائمة لكل دولة عربية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكل دولة. واجه الفكر القومي العربي في موجته أو مرحلته الثانية إشكالية أو معضلة مزدوجة لم يستطع إزاءها تقديم إجابات أو اتخاذ مواقف صحيحة تستمد عناصرها من الواقع الملموس المادي (بما هو متحقق) وليس المتخيل ( الافتراضي ) المجرد. فمن ناحية أدى تطور الوضع العربي العام ضمن المعطيات التاريخية والموضوعية إلى إقامة كيانات تتسم بخصوصيتها الوطنية وتشرب أهلها فكرة التوحد الخاص (الوطني) وتشكلت وتداخلت مصالح وأهداف مشتركة بين أفراده,. أقول هذا بغض النظر عن مدى صحة ونجاعة الفكرة القومية والوحدة الشاملة التي أومن بها كخيار لقيام أمة موحدة حرة ومستقلة و قوية ومتقدمة على جميع الأصعدة ، كما هو الحال مع باقي الأمم في العالم .
غير إن الواقع الموضوعي ومجرى التطور لنشوء الدولة الوطنية ( القطرية ) فرض الحاجة إلى احترام هذه الخصوصية والانطلاق منها وبها من أجل الارتقاء والبحث عن صيغة أو صيغ وحدوية تتواءم والحقائق المستجدة . هذه الحقيقة الموضوعية اصطدمت بالفكر القومي العربي السائد كان يستقي منظوره الأيدلوجي والسياسي من خلال استحضاره مفاهيم ورؤى مستمدة من الفكر القومي الأوروبي وتحديدا النموذج القومي الألماني (بيسمارك) ونظيره الإيطالي (جاريبالدي) حول أولوية العنصر الإثني واللغة والتاريخ والثقافة في تحديد الهوية القومية وبالتالي الاستناد إلى مفهوم الدولة القومية والإقليم/ القاعدة في حين تجاهلت مفهوماً آخر غربياً للقومية بالمعنى الفرنسي - الإنجليزي الذي جسدته مبادئ الثورة الفرنسية والثورة الإنجليزية (الشارترية) وما تضمنه إعلان الاستقلال الأمريكي من مبادئ والذي تواكب مع ترسيخ الدولة/ الأمة بمفهومها القانوني - الدستوري الذي يساوي بين جميع التكوينات (المجتمع المدني) الإثنية - الدينية - المذهبية - الثقافية وفقا للعقد الاجتماعي المبرم بين الدولة والشعب والمستند إلى مفهوم المواطنة القائم على أساس المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الجذور والانتماءات الفرعية . وقد أدت غلبة النموذج الألماني لدى مكونات الحركة القومية العربية إلى تشكل مفهوم تلفيقي وغير تاريخي للقومية العربية تنزع إلى التراث والماضي وتضف عليها صفات مطلقة وخصائص ثابتة من جهة ، وإلى محاولة تمثل الحداثة الغربية وإسقاط مفاهيمها (خصوصا في المسألة القومية) بصورة ميكانيكية وانتقائية من جهة أخرى. وتكمن تلفيقية الفكرة القومية العربية السائدة في أنها لم تأخذ بعين الاعتبار المسار التاريخي الخاص لظاهرة نشوء القوميات في الغرب وما يمكن أن يستخلص منها من التجارب والدروس ونشير هنا إلى عملية التمايز والتجاوز والقطع الجذري مع الموروث الاقتصادي (الإقطاع) والديني (سلطة الكنيسة) والسياسي (الحكم المطلق) والاجتماعي (القروسطية) والولوج في مسالك الحداثة الفكرية (التنوير) والحداثة الاقتصادية (الصناعة والعلم) والحداثة السياسية (دولة القانون والمؤسسات) والحداثة الاجتماعية (المجتمع المدني) وإنهاء العلاقات التراتبية (العامودية) التقليدية باتجاه علاقات أفقية تقوم على أساس الاختلافات والتناقضات والصراعات الاجتماعية والسياسية والأيدلوجية والثقافية.
تلك المعطيات تطلبت مرحلة تاريخية طويلة (أكثر من ثلاثة قرون) لعبت فيها البرجوازية الغربية دورا حاسما في ترسيخ الوحدة الكيانية والمجتمعية وتبلور الهوية القومية والثقافية الخاصة التي تجسدت في مفهوم الدولة / الأمة . في حين واجه الفكر القومي العربي واقع التجزئة لكيانات مجز عدة (22 دولة) وغير موحدة في تاريخها (إذا استثنينا الدولة العربية/ الإسلامية في أوج ازدهارها والتي دخلت مرحلة الانهيار بعد القرن الرابع الهجري) وتعمقت هذه التجزئة طيلة فترة السيطرة العثمانية ، والهيمنة الاستعمارية المباشرة وغير المباشرة ، وخصوصا إثر قيام الدولة القطرية إثر معارك الاستقلال والتحرر الوطني حيث استمر انقطاع أو ضعف الروابط والصلات ما بين الدول والمجتمعات العربية ووقوعها بدرجات متفاوتة أسيرة للتبعية والإلحاق والتخلف والاستتباع إلى الخارج على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة . لقد ظل الفكر القومي يراوح أزمته بين استحضار الماضي المزدهر التليد أو القفز إلى المستقبل المجازي حيث الفكرة القومية المجردة المنشودة التي ستحل كل المعضلات وتتجاوز كل المعيقات التي تمنع قيام دولة عربية حديثة واحدة تمتد من المحيط إلى الخليج ، سواء تم ذلك عن طريق شعار الـ"حرية - الاشتراكية - الوحدة" التي طرحها القوميون العرب ( قبل التطوير والتجديد ) والناصريون قبل أن يفترقا ، أو الـ"وحدة - حرية - اشتراكية" التي طرحها البعث أو عن طريق مفهوم الأمة الإسلامية التي طرحها الإخوان المسلمون أو وحدة الجماهير العربية الكادحة والطبقة العاملة العربية ذات التوجه الأممي التي طرحها الشيوعيون العرب غير أن التجربة والواقع أكدا بما لا يدع مجالا للشك أنه في عدد من الدول العربية التي نجح فيها القوميون أو الإسلاميون أو الاشتراكيون في الوصول إلى السلطة أو التأثير فيها فإن الشعارات الكبيرة التي رفعتها والأهداف العظيمة التي طرحتها وصلت إلى طريق مسدود وجرى الالتفاف عليها والتراجع عنها في مراحل لاحقة علما بأن الحركة القومية العربية استطالت واستطاعت الوصول إلى السلطة عن طريق الانقلاب العسكري في عدد من البلدان المهمة (مصر, سوريا, العراق, اليمن, السودان, ليبيا) أو عن طريق الثورات الشعبية ضد الاستعمار كما حصل في الجزائر واليمن الجنوبي وكانت تستبد إلى تأييد والتفاف شعبي عربي واسع كان يؤمن عن قناعة بالفكرة القومية والوحدة العربية باعتبارها الطريق الوحيد لبناء الدولة العربية الواحدة القوية والمقتدرة والتي ستحقق الحرية والعدالة والمساواة والتقدم للأمة العربية . بالتأكيد لا يمكن إنكار وإغفال المنجزات الهامة التي تحققت على طريق تعزيز واستكمال التحرر والاستقلال الوطني مثل تصفية القواعد العسكرية الأجنبية واتخاذ خطوات ملموسة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي مثل تصفية مواقع الإقطاع المتحالف مع الاستعمار وتطبيق الإصلاح الزراعي لصالح الفقراء من الفلاحين والكادحين وتأميم الاحتكارات والمصالح الأجنبية (قناة السويس, النفط, الشركات والبنوك) واعتماد خطط طموحة لتطوير الصناعة والتعليم ومكافحة الأممية وتحرير المرأة والالتزام بالقضية الفلسطينية وانتهاج سياسة عدم الانحياز وبلغ المد الوحدوي ذروته إبان زعامة جمال عبدالناصر الذي امتاز بشخصيته الكارزمية ووطنيته وصدق توجهاته القومية الأمر الذي أهله إلى إقامة أول وحدة اندماجية (بصورة طوعية) بين بلدين عربيين (1958م) غير أن الوحدة المصرية - السورية سرعان ما انهارت وحدث الانفصال 1961م إثر انقلاب عسكري قاده نفر قليل من الضباط السوريين بدعم من قوى إقليمية ودولية . فشل الوحدة المصرية السورية والتورط المصري في أحداث اليمن وهزيمة يونيو 1967م إلى جانب ما تكشف عن الممارسات القمعية والفساد وتهميش وإقصاء الشعب عن المشاركة في تقرير مصيره وبناء مستقبله ليس في مصر وحدها بل في جميع الدول التي حكمتها أنظمة شمولية مما أدى إلى انكفاء وتراجع وهج الوحدة والفكرة القومية والنكوص عن كافة المنجزات التي تحققت في مصر إثر وفاة عبدالناصر 1970م والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا لم تستطع الجماهير التي نزلت بالملايين إلى الشوارع للضغط على عبدالناصر ليسحب استقالته إثر هزيمة يونيو 1967م وتكرر المشهد أثناء جنازته من حماية إرث عبدالناصر والدفاع عن منجزاته التي تعرضت للتصفية من خلال انقلاب من داخل النظام قاده السادات وحفنة صغيرة من الملتفين حوله؟



#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب والعولمة .. انكفاء أم اندماج
- جدل العلاقة بين الوطني والقومي
- العرب والحضارة الغربية..تبعية أم مشاركة ( الحلقة الأخيرة )
- العرب والحضارة الغربية.. تبعية أم مشاركة ؟ (5)
- العرب والحضارة الغربية.. تبعية أم مشاركة ؟ (4)
- العرب والحضارة الغربية..تبعية أم مشاركة (3)
- رحيل المفكر الكويتي الدكتور أحمد البغدادي
- العرب والحضارة الغربية.. تبعية أم مشاركة ؟ (2)
- هل تموت النخلة في غياب غازي القصيبي؟
- العرب والحضارة الغربية.. تبعية أم مشاركة ؟ ( 1 )
- خطة التنمية التاسعة .. وتوطين العمالة السعودية
- التساؤل حول جدوى قانون التأمين ضد البطالة ؟
- ڤالا - لا تزال الزهور تبحث عن آنية - +
- التأمين ضد التعطل
- لقاء خاص مع وزير العمل البحريني
- تساؤلات حول البطالة النسائية ؟
- القطاع الخاص وتوطين العمالة
- هل سوق العمل بيئة طاردة للعمالة السعودية ؟ ( 2)
- هل سوق العمل بيئة طاردة للعمالة السعودية ؟
- هل البطالة السعودية هيكلية فقط ؟ - 4 -


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - نجيب الخنيزي - جدل العلاقة بين الوطني والقومي ( 2 )