أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عفيف إسماعيل - مُسامرة حوارية مع الفنانة المغنية د. ياسمين إبراهيم















المزيد.....



مُسامرة حوارية مع الفنانة المغنية د. ياسمين إبراهيم


عفيف إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 3053 - 2010 / 7 / 4 - 14:28
المحور: الادب والفن
    


الفنانة المغنية د. ياسمين إبراهيم تقول:
*أن الواقع السودانى بتأزماته السياسية،الاقتصادية والاجتماعية أنعكس سلبا ليس فقط على الحركة الثقافية.
*الموصلي أعطىى خطوتي بعدا أوسع وفتح لتجربتى افاقا أخرى اذ تكفى عبقريته الموسيقية كى تمنح الغنا مذاقا اخر.
*فالتداعى مع النص يجعلنا نستشعر الحزن والصمود،الوحدة والتماسك ويزداد اليقين أن هناك قدرة ما خلف التعب.
*مصطفى سيد أحمد ترك فينا ما لو تمسكنا به ، زادنا حبا وجمالا.
*مجموعة ساورا الغنائية كانت أضافة فى حياتى على كل المستويات.
*العمل الابداعى لا يتوقف بالتغيرات المكانية لمن امتلك الوعى بذلك واعنى ما ذكرته مسبقا عن ضرورة التفاعل مع البيئة الجديدة،الاستفادة من الأدوات المعرفية.
أبنى تجربتى الفنية أحمل هما أكبر بمسؤولية العمل الابداعى تجاه التجديد، رج السائد وأكتشاف أفاق أخرى هى من صميم مكنونات الانسان السودانى والأنسانية.
أما قبل:
كي تدخل إلي حديقة الفنانة المغنية د. ياسمين إبراهيم محجوب الغنائية:
لابد لك ان تتعثر في اول ممرات بهاءها بفواح يدوزن الفضاء صداه يتردد بتنغيم صوتي نابع من روح قدسية، صلصالها النوراني معجون بالتراتيل وترانيم المعابد القديمة، وبعض اشجان الانعتاق من وحل الطين، ومناحات أزمان ضروس، وابتهاجات احلام طفولية تركض خلف قوس قزحها، ويقين عرافة بتواقيت الطلق المخبوءة في رحم الآتي.
كي تدخل إلي حديقة الفنانة المغنية د. ياسمين إبراهيم محجوب
عليك ان تشحذ حواسك بذاكرة الدعاش، لآن صوتها سوف يسري بك إلي سماؤات لا نراها، سوف تحلق في الما بين، وسوف تعود جينياً إلي برزخ التكوين، وفطرة البدايات، وانفطار الروح عن سيديمها الأول، وانفلاق البذرة عن الجذور، سوف تنعتق من ثقل الجسد المُتعب برهق عبء اللحظة، واطنان الهموم، سوف تتسرب مع صوتها إلي الأعالي مثل دخان أعود ندي هندي. سوف تعود جنين بذاكرة سبع اجداد، وطفل مغسول الصدر بعطر خفيف، ولمسة حانية، وهدهدت فصول الرذاذ لك حد الخدر الذيذ، والنشوة البكر، والاستفاقة الكسول.
..اذن ..
عندما تدخل إلي حديقة المغنية د. ياسمين إبراهيم محجوب الغنائية تعود طفلاً محباً للنزق الركض في براري خضراء لم تعرف قواميسها بعد مفردة الجفاف، الموات، وجدب المواسم. تنمو بداخلك نبتة الأمل، والاطمئنان.
كي تدخل إلي حديقة المغنية د. ياسمين إبراهيم محجوب الغنائية:
عليك ان تاتي إلي رنين حنينها الغنائي،الذي سوف يحلق بك إلي مسارب أعالي ألق البعيد البعيد.. برعاف مسبوق، ومنطاد جاهز للهبوط الاضطراري، كي تعود إلي ارضنا بين لحظة واخري كي تلتقط انفاسك الهاربة منك خلف رنين حنينها الغنائي االمشبع بالاصباح والهديل الحميم، ثم تعود إلي ذات التحليق المجيد، غير نادم إلا علي انك لم تتعرف بديع نمها من قبل، وعلي صوتها الذي يتنفتق مثل ميلاد لؤلؤة في ضوء الشمس، كي يغسل مسامك بترياق الاغنيات الندية.
.. وبعد الغناء:تنتخب حديقة المغنية د. ياسمين إبراهيم محجوب الغنائية اشعارها من نسيج لكلمات تنتمي إلي الحساسية الجديدة في الاغنية السودانية، نصوص شعرية طازجة المعني والمضمون، مشبعة بغنائية متدفقة، مترعة بالانتقالات من حالة إلي اخري بدقة ساعة سويسرية الصنع، نابضة بصور شعرية لها ديناميتها الداخلية التي تجعلها قابلة للتجدد المستمر، بعدد مهول من التلخيصات اللغوية،المجازيه ودلالاتها المفتوحة علي الوجود الانساني ككل، وتحوي وتحاورما يجاور الانسان من اقارب في محيطه البيئوي المتعدد المخلوقات ذات الارتباط الأصيل.
وتقتفي الفنانة المغنية د. ياسمين آثار عملاقة لها بصمتها المميزة علي صفحات تاريخ مشروع الاغنية السودانية الممتد بذات التطابق الخطو المتجاوز، لذلك ليس غريباً ان تكون حديقة د. المغنية ياسمين إبراهيم محجوب الغنائية عابقة بفواح لطيف في سليلة مجموعة ساورا الغنائية ذات المشروع الغنائي النهضوي المستشرف الآن والاتي.
لذلك جاءت الحان اغنيتها مزيج من الجديد الأصيل المتجذر في الوجدان السوداني العامر بالتعدد والتمازج المتصاهر رغم أنف هواة آفات بذر التشتت والعصبية.

الاستاذ أبراهيم محجوب مشروع الفنان الشامل المتعدد المواهب والغوايات،ماذا أخذت منه د.ياسمين؟*

ولدت على نغمات عوده فنمى فيا عشق للموسيقى كبر بتكاثف تلك الأمسيات وهو يتشارك أجمل الأغنيات مع والدتى أمال الحاج عبدالرحمن ذات الصوت العذب. علمنى منذ الصغر مصاحبة الكتاب وحب القراءة،فكان قبل أن أتعلم الأحرف يقرأ لى القصص ويشحذ مخيلتى بتصاويره،وحين أدمنت القراءة كان لشعره وقصصه ورواياته نصيب كبير،وهذا الاطلاع وحب النصوص بأنواعها جعله فيما بعد يمنحنى وأمى فرصة القارئ الأول لكتاباته،نجلس بعدها لنتناقش وكل يدلى بدلوه.عندما أعود بذاكرتى الى بدايات طفولتى،أذكره يأخذنى الى الندوات الشعرية،واتحاد الكتاب انذاك وهو حافل بالنشاط ولقاء الأدباء والمثقفين،المهتمين والمهمومين بالأدب والفن وقضايا البلد.ثم الى كلية الفنون الجميلة حيث بدأ فيها سنته الأولى فى قسم التلوين،فكنا نطوف كل أقسامها نمتع الروح والعين بتلك الأبداعات المعبرة والتى ما حصرتها جدران بل تمددت لتشمل الساحات الخضراء فى الكلية والطرقات الصغيرة.وكانت لكلية الفنون سطوتها اذ أنها لم تكن فقط منبرا لهذه الفنون وانما كانت أيضا ملتقى ثقافى تقام فيه جلسات أستماع وصار جاذبا لأهل الفن والأدب،المتذوقين له وحتى لمن لا له فى هذا ولا ذاك لكن جذبه الجو الحافل بالجميل والجديد. تلك الخطوات مع والدى العزيز،ظلت فى ذاكرتى وساهمت فى تشكيل ذاتى وكان هو دائما يضيف لكل حدث ولكل خطوة أبعادا ويعمق فينى الاحساس بما حولى،كيفية التعامل مع الجمال والتعبير عنه،عن أفراحنا أحزاننا ومحاولة التقاط ما وراء العادى،والتأمل والذى كان ديدنه فى كل الأوقات. أعلم ما أورثنى اياه ابراهيم محجوب جينيا،لكن وذاكرتى مشحونة بكل تفاصيله،فكره ،ابداعه ومساهماته فى هذه الحياة أحاول أن أحذو حذوه، أتشبث بما لم تكسبنى به الايام معه،وأترك للأفكار،الأحساس والتأمل حرية أن ينسرب من ذاك البعيد ليتحول أدراكا واعيا لمسيرتى فى الحياة وضرورة التخطيط للجميل القادم. لا زال لى تواصلا ممتدا معه حتى الأن وهذا التواصل أحد دوافعى لتطوير أدوات تشكيلى الجمالى والترسيخ للعمل الانسانى الذى أسس له وصاغ من أبنيته الابداعية مايجعله خالدا.

*القمر صاحبى أغنية ذات نص شعرى يحمل بين طياته الكثير.تصاهر ثقافى فى البناء الشعرى الغنائى،يجمع بين ملامح روح أغنيات الجاز الأمريكى القديم والشعر الغنائى السودانى وروح نهايات الستينيات وبداية السبعينات وبعضا من الروح الغنائية فى الشعر العربى القديم.كيف انتخبتك تلك الأغنية المدهشة؟
"القمر صاحبى" من نصوص المرحلة الأخيرة لابراهيم محجوب وأعنى بذلك المرحلة التى اتبع فيها شكلا جديدا فى الكتابة يختلف عن بداياته والتى كانت تجمع ما بين روح الشعر العربى القديم والحديث.والنص كما قلت عفيف حمل روحا غنائية بداخله وهذه أحدى الاشياء التى شدتنى اليه،و هذه الغنائية تحمل معانى أخرى مدعاة للتأمل والأستغراق فى صور شعرية وجمالية بسيطة وعميقة، ولأنى أعلم الحالة الشعرية والمشاعرية التى تتملك والدى فى كتابته لنصوصه، فأن تلك الحالة مضافا اليها أخيلته الممتدة وعمق التفكر فى تلك الزمكانية الخاصة به،تتقمصنى واتقمصها وأحس أنى جزء من النص. فى ظنى أن هذا التدفق فى العاطفة وكثافتها قادر على التسرب الى أى قارئ فالتداعى مع النص يجعلنا نستشعر الحزن والصمود،الوحدة والتماسك ويزداد اليقين أن هناك قدرة ما خلف التعب، قوة ما تصارع المخاوف، صديق ما رغم الغموض والتساؤل.لذا وان كان النص يبدو شديد الرومانسية، فهوايضا لسان حال الضيق،الرهق والمعاناة وهى توقن أن هناك نافذة للخلاص نفتحها بالصمود والقوة الكامنة فى داخلنا.

*الطاقة الابداعية هى طاقة متحولة على حسب احتياج مبدعها لها.الى أى حد أضاف التشكيل وعمق العلاقة بالألوان الى ياسمين المغنية؟
أعود وأقول أن لوالدى الدور الأعظم فى بناء علاقتى والألوان فقد علمنى وكذا_علم أخواتى من بعدى- وأنا طفلة صغيرة تسعد بمشاركاتها فى مسابقات الرسم والتلوين داخل السودان وخارجه،علمنى أختيار مواضيع تحمل أحاسيسا،تساؤلات وترمز الى قضايا انسانية تهم كل العالم. هذا التجريب،الانفعال والتفاعل الانسانى هو الذى أكسبنى عمق الاحساس باللون،بالنص وبالموسيقى اذ فى اعتقادى لا حد فاصل بينهم فى وجود المثير المحرك للمشاعر وبذا أسس لمقدراتى على التفكر،الاستلهام،أختيار النص/اللون الذى أعبر به عن رؤيتى وعن المشترك بينى والاخرين.

* مجموعة ساورا الغنائية ذات المشروع الغنائى والموسيقى المتجدد،ماذا أعطتك؟
ساورا كانت أضافة فى حياتى على كل المستويات، فهى مشروع فنى، ثقافى وأنسانى بحق.وجدت فى ساورا ما يرضى حبى للشعر وما يفجر احساسا مختلفا بالنص لكونها تبنت اختيار نصوص جديدة ومجددة فى عالمنا الانسانى من حيث المخزون الجمالى،العاطفى والاخيلة،نصوص تحمل تأملاتنا الصغيرة وهمومنا الكبيرة فالأغنية في ساورا ذات مضمون خاص يحمل موروثاتنا،يفاكر فى اليوم ويمتد رؤى للغد. ساورا أضافت لذائقتى الفنية والأدبية وهى تجربة دعمت فكرة العمل الابداعى لدى وكيفية تنفيذه وهى برغم العوائق التى واجهتها،علمتنى كيفية الانتماء للمشروع الانسانى والصبر لأجل الفكرة،أهمية العمل الجماعى، توحد الرؤى رغم أختلاف الاراء والعمل الدءوب،أحترام الاخر وتقبل النقد،وبين هذا وذاك خرجت تجربة جميلة عميقة ومؤثرة فى حياتى ومؤثرة ايضا فى الحركة الثقافية فى السودان.

*أحيانا قد لا نختار المكان، وربما المكان هو الذي يختارنا، كيف بدأت خطواتك فى أستراليا؟
أستراليا بلد جميل ومميز بهذه الثقافات المتعددة وقد كان هذا جانب محفز لى لمواصلة مسيرتى الفنية بوضع خطط تتناسب والتغيرات الجديدة المتعلقة بمخاطبة جماهير اخرى غير سودانية،قد تعرف أو لا تعرف على الاطلاق شيئا عن الفن السودانى.أعتقد بدأت خطواتى ثابتة وموفقة فى كثير من الخطط المرسومة لها فجاءت مشاركاتى فى منابر عديدة داخل وخارج مدينة سيدنى بالاضافة الى اتساع دائرة العمل لتشمل أكثر من حوارين فى اذاعتين مختلفتين وعبرهما تم بث بعض الاغنيات.

*ماذا عن همومك داخل هموم التجسير الثقافى؟
التجسير الثقافى واحد من الهموم الكبيرة التى أعمل على تحقيقه بشكل مرضى،وهو هم مشترك بين كل الأدباء والفنانين وذوى التجارب الأنسانية الثرية لخلق هذا التمازج بين الثقافات المختلفة لذا جاء تفكيرى فى كيفية تنفيذ الأعمال السودانية وتقديمها من قبل موسيقيين غير سودانيين والتى بالتأكيد ستحمل أحساسا وطابعا مختلفا مع الاحتفاظ بجماليات الموسيقى السودانية.هذا المزج يكون قادرا على جذب المستمع اليه،تعريفه به والبقاء فى ذاكرته كفن له خاصيته وأدوات جماله المتفردة.أهدف أن يتعرف الناس على الموسيقى السودانية بما تحمله من تلاقح أفريقى وعربى،وخصوصية السودان تحديدا بكم تعدده القبلى،اللغوى،الثقافى وحجم الموروث الذى يعطينا مسؤلية أكبر للمساهمة فى عكسه والاضافة اليه.

*الى أى مدى يمكن للمبدع البقاء حيا ثقافيا فى بيئة ثقافية جديدة؟
الى أبعد مدى طالما امتلك من الوعى ما يكفى للتخطيط والتفاعل عمليا مع بيئته الجديدة،وطالما أمتلك من القوة ما يجعله يتجاوز معوقات الانتقال الى مكان مختلف تماما والمشاعر السالبة التى قد تنجم عن الاحساس بالغربة أو تغير شكل الحياة فى المجتمع الجديد. فى أعتقادى هذا هو المحك الأكبر الذى يحدد أستمرارية العملية الابداعية من توقفها وكيفية هذا الاستمرار. الجيد أنه توجد هناك تجارب حية لمبدعين أنتقلوا الى بيئات جديدة لكن تمكنوا ليس فقط من مواصلة التجربة وأنما أثراءها بصورة عالية،فعالة ومتفاعلة مع المجتمع خصوصا مع توفر ظروف تساعد فى دفع العمل الابداعى بحرية تامة ودون قيود تعرقل من مسيرته وأكيد تجربتك عفيف هى أحدى التجارب الثرة والتى أعتبرها نموذجا لفعالية المبدع فى أى مكان.

*د.ياسمين والانتقال السريع من من مؤدية مغنية فقط الى كاتبة للنص الغنائى ثم الى ملحنة للنصوص.أرجو أن تحدثينا بالتفصيل كيف تم هذا الانتقال الفذ؟
كان هذا واحدا من أكبر أنجازاتى فى أستراليا،فقد درست الموسيقى هنا وكنت لا أملك حينها سوى معلومات بسيطة فى هذا العلم لكن خلال الدراسة تمكنت ليس فقط من قراءة الموسيقى وكتابتها بل أيضا تفجرت مقدرات لكتابة النصوص نفسها وتلحينها وكان هذا أحدى الأهداف الاساسية للدراسة أذ حدب القائمون على أمرها على أكتشاف المقدرات الكامنة للدارسين ،لفت نظرهم اليها ومن ثم يأتى دورنا بتوظيفها وتنميتها.لقد تم هذا الانتقال سريعا فعلا ووجدتنى أقوم بكتابة نصوصى وكتابتها موسيقيا،أى فى شكل نوتة موسيقية،وطبعا عفيف كان لك دورا كبيرا فى مناقشة تلك النصوص وتحليلها وما نسميه بورشة العمل المستمرة بيننا،كما كان لعبد اللطيف ضرارالموسيقى الفنان بكندا،دورا فى مناقشة الألحان وكيفية تطويرها،وكان كل ذلك حافزا لى للأنتاج ولتطويره.

*تمتاز د. ياسمين بأختيار نصوص تنتمى الى النص الطازج فى الأغنية السودانية،هل يعود ذلك التأثر الايجابى لتجربة مجموعة ساورا؟
ساورا أكيد لها دور بارز فى أختيارى للنصوص،لكن قبل ذلك نشأتى والبيئة التى ترعرت فيها كانت ذات أثر كبير.فقد فتحت عينى على عالم من الشعر والأدب مصدره والدى ابراهيم محجوب وجدى الحاج عبدالرحمن الذى كانت كل أمسية معه بمثابة منتدى ثقافى قائم بذاته،بكل ذاك التاريخ، الحكى الذى يسرده بسلاسة وجاذبية،و بمعين الشعر الذى يغمرنا به وبصوته الحلو وهو يلقى قصائده التى لحنها.أمى أمال الحاج عبدالرحمن والتى هى أيضا محبة للشعر وألقائه،ربت فينى حبا له وبالتالى كنت دائما مغرمة بقراءة الشعر والبحث عن الجديد فيه،والأبحار مع أخيلته ومعانيه لذا جاءت الأزمان التى توفر فيها العمل الثقافى الحر وسانحات التعرف على شعراء جدد،سماعهم وقراءة كتبهم،عاملا مثريا لذائقتى الأدبية. كم أحب أن أذكر هنا صديقى الأديب عبد العزيز بركة ساكن، أذ كانت سنين دراستنا فى مصر من أجمل السنين التى خلقنا فيها زمنا ممتدا لتناول كافة أنواع الأنتاجات الأدبية بالمناقشة والتحليل وتأسيس هذا الحوار الممتد بيننا،وبين مجموعة من الشعراء والأدباء المصريين الذين كانت المنتديات الأدبية عامرة بأعمالهم الابداعية.
* تجربتك مع مجموعة النيل الأزرق بسيدنى؟
مجموعة النيل الأزرق كانت البداية الأولى وقد اسسها الفنانان وليد الشوية وهاشم الشوية و تكونت من مجموعة من العازفين السودانيين ورغم البدايات الجادة الا أنها مرت بمعوقات حالت دون استمرارها..وعندما بدأت مشاركتى منفردة مع عازفين غير سودانيين بدأت باسم النيل الأزرق.التجربة مفيدة من ناحية أن الايجابى يملؤك حماسا ويدفعك الى تطويره أكثر والسلبى ايضا يجعلك تعيد تقييم ما تقدمه لتصلح أعوجاجه أو يمنحك فرصة رؤية أخرى قد تكون امتدادا لما تقدمه لكن بشكل مختلف أو برؤية جديدة تماما.أعتقد أن التقيم المستمر لما نقدمه،النظر للتجربة من بعد وأشراك الاخرين فى ابداء الرأى والنقد المؤسس هو واحد من عوامل النجاح،وهذا جزء من تخطيطى لجلسات الاستماع القادمة فى السودان حيث ستكون مشاركة شعراء وموسيقيين وكذلك الجمهور الذى سيستمع،يقيم ويدلى برأيه والذى دون شك يفيد تجربتى كثيرا.أنا أيضا ممتنة لكل الاصدقاء والناس الذين وقفوا معى سندا للتجربة ووضعوا كل الثقة فى نجاحها وليس أقل من شكرا.
*ما هو تعريفك للغربة؟
أفهم أن الغربة قد تكون غربة ذات وليس غربة مكان بمعنى أننا قد نعانى غربتنا ونحن داخل أوطاننا لكن فيما يخصنى،جاءت غربتى زمكانية أيضا حيث أنى أملك ارتباطا عميقا بالمكان السودان واعتقد أن أى لحظة تمر بعيدا من تلك الحدود الجغرافية هى خصما من زمنى الجميل وفى ذاكرتى الان عبارة الأديب واسينى الاعرج فى أحدى كتاباته حين قال "صدقنى ايها الوطن الذى يصعب نسيانه،يا طقوس الافراح الهمجية،أن لا شئ أجلب للألم مثل حبك".لكن هذا لا يعنى بالضرورة تكبيل مقدراتى على التوالف وبيئتى الجديدة وشحذ كل طاقاتى للخطو الايجابى بل قد تكون الغربة نافذة أوسع للأحلام فى ظل توفر ظروف انسانية أفضل و دافعا لتحقيق تلك الأحلام.
*من خلال تجربتك بين أستراليا والسودان هل من وصفة عملية تجعل المبدع يواصل عطاء مشروعه الابداعى والتواصل مع جمهوره داخل الوطن؟
العمل الابداعى لا يتوقف بالتغيرات المكانية لمن امتلك الوعى بذلك واعنى ما ذكرته مسبقا عن ضرورة التفاعل مع البيئة الجديدة،الاستفادة من الأدوات المعرفية،الثقافية والجمالية الجديدة،التخطيط الواعى لماهية العمل الابداعى نفسه،دوافعه وكيفية توصيله وأستمراريته،فالعمل الابداعى هو العمل الابداعى فى أية زمكانية طالما تأسست بنيته الجمالية والدلالية بقوة وطالما الهدف هو اثراء واقعنا الثقافى والتجربة الانسانية، تحريك الراكد واثارة الجديد.

*ماذا تحمل د.ياسمين أبراهيم فى حقيبتها الابداعية 2010؟
لدى العديد من التصورات والأفكار فيما يخص تقديم أعمالى الخاصة وكيفية تقديمها.فالعروض التى تحدثت عنها سابقا ستقدم نصوص لشعراء أقدر لهم جميعا مشاركتهم فى مشروعى الفنى ومساهمتهم المقدرة بهذه الأعمال الجميلة كى تكون جزءا من مشروعى الابداعى وهؤلا الشعراء هم أزهرى محمد على،عفيف اسماعيل،خطاب حسن أحمد،عاطف خيرى،عمر الطيب الدوش،مجدى النور،حميد،محجوب شريف،عثمان بشرى،عماد الدين ابراهيم،أمين صديق،بدرى الياس،د.طلال دفع الله،أسماعيل الأعيسر،علاء الدين سنهورى،ناصر القونى،محمد محى الدين،ياسر عوض،اسماعيل مصطفى،أبراهيم محجوب، الحاج عبدالرحمن ومستقبلا تعاون مع الاستاذة مدنى النخلى،التجانى حاج موسى وأسحق الحلنقى.كذلك الموسيقيون الذين دعموا مسيرتى سواء بالتلحين،التوزيع الموسيقى أوبالرأى والتشجيع،أشكر لهم هذا السند وهم أستاذنا يوسف الموصلى، الصافى مهدى،عبداللطيف ضرار،حمزة سليمان،عبد اللطيف عبد الغنى،عاطف صالح،ربيع عبدالماجد،علاء الدين سنهورى،عباس عمر،شريف شرحبيل،شمت محمد نور،سيف عثمان، ياسر مساعد وسيكون لى تعاون مستقبلا مع الاستاذ عمر الشاعر.
*ذاك التواصل الخلاق بينك وبين رائد الأغنية الحديثة الموسيقار الموصلي؟؟؟؟؟؟
أحب كثيرا أن أتحدث عن استاذى المقدر الموسيقار يوسف الموصلى وهو معروف بدعمه الكريم لكل جديد أبداعى يستحق وبتسخير خبرته ودرايته لكل ما يضيف للفن وقد كان لى مشجعا قويا أعطى الخطوة بعدا أوسع وفتح لتجربتى افاقا أخرى اذ تكفى عبقريته الموسيقية كى تمنح الغنا مذاقا اخر. فهو بالاضافة للأعمال الرائعة التى أهدانى اياها،لم يتوقف أبدا عن تواصل أقل ما أصفه أنه من أعمق الحالات الانسانية وأنبلها ولم يترك سؤاله اليومى عن سير خطواتى وما ألاقيه من صعوبات أو عوائق ظل دائما هو يساهم فى تذليلها بالمقترحات العملية،بالتشجيع والدعم القوى أو بحكاياه عن الصعوبات التى واجهت الكثير من المبدعين الذين تجاوزوها بالصمود، قوة العزيمة وبالعمل الدءوب على مشاريعهم الابداعية. وأنا أشكره عميقا وأمتن له ذلك فقد كان هو أحد الاسباب القوية لزيادة يقينى ان العمل الجاد له ثماره طال الزمن أم قصر.
حدثينا عن تجربتكما في المساهمة فيوضع بصمة غنائية لخارطة المستقبل السوداني عبر التدوال السلمي للسلطة؟؟
أستاذى الموسيقار الموصلى فتح لى بابا كبيرا لتنفيذ المزيد من الأعمال معه ومع الفنان اسامة على المقيم بالامارات ويقينى أن هذا سيمثل اضافة كبيرة لسير تجربتى وقد سبق ان شاركتهما فى تقديم أعمال موسيقية تتعلق بالانتخابات وتحث الشعب على معرفة حقوقه،الادلاء بأرائه لأجل حريته ومستقبله.التجربة بالنسبة لى كانت فريدة ومميزة لعظم الرسالة الموجهة للشعب ومسؤوليتها تجاه لفت الرأى العام لهذه الحقوق وتحريكه للمشاركة فى تقرير مصيره بوعى كامل اذ يقينى أن هذه هى أحدى أدوار الفنان تجاه مجتمعه وتجاه العالم ككل فالمسؤولية السياسية تحتم على المبدع ليس فقط مساهمته بل تحريكه بشكل فاعل ومؤثر لحركة التغيير السياسى،الاجتماعى والثقافى وهذا الدور السياسى بالضرورة ليس لأجل تنظيم سياسى بل هو أنتماء كلى للوطن لشعبه وللأنسان.
وعن تعاونك مع شقيقك بالرضاعة من ساورا الموسيقار عبد اللطيف ضرار وذاك التجسير امبدعي المهاجر؟؟
أستاذى الموسيقى عبداللطيف ضرار وهو صديق عزيز، أيضا كان له دورا كبيرا فى دعم خطواتى خصوصا فيما يتعلق بتلحينى للنصوص والتأليف الموسيقى وكذا الأداء، وكانت لنقاشاتنا وما يمكن أن اسميه بورشات العمل الموسيقية عبرالقارات، ودورها فى تجويد تلك الأعمال،أنا أحييه وأشكره كثيرا.
*وعن تعاونك مع الموسيقارالصافي مهدي؟؟
هناك أيضا الموسيقى أستاذ الصافى مهدى الذى لم يكتف فقط بأهدائى جميل أعماله أو بالتوزيع الموسيقى لبعض الأغنيات وانما بكل محبة وحماس استقطع من من زمنه الملئ بالمشاغل والأنشطة الموسيقية جزءا كبيرا لبروفاتى معه،لتجويد الأعمال والتفاكر حولها بل ولتعميق الأداء كى يصل العمل الموسيقى الى أعلى دلالاته التعبيرية والجمالية.رسالة شكر ومحبة له.
*تلك المقولة الشائعة "الموسيقى لغة عالمية" حدثينا عن ذلك من خلال تجربتك فى أستراليا؟
من خلال المنابر العديدة التى قدمت فيها عروضى باستراليا والاذاعات التى بثت بعض الأغانى،قدمت موسيقانا السودانية بأختلاف أيقاعاتها وجمال ميلودياتها وتوزيعها الموسيقى دون أن تكون اللغة حاجزا يحول وتجاوب الجمهور الايجابى معها وأعجابهم بموسيقانا ذات الخصوصية التعبيرية والجمالية،ولعمرى هذه هى دلالة الموسيقى كلغة عالمية لا تحتاج الى شرح أو ترجمة كى تحرك المشاعر أو تثير العواطف باتجاه التأمل،الانفعال والتفاعل العميق.

*هل لديك أرق النوستالجيا؟هل هو محفز أم هادم لانتاجك الفنى؟
نعم لدى أرق النوستالجيا لكنه لم يكن يوما هادما لانتاجى الفنى.تعرف..هناك مساحة ضيقة بين هذا الأرق كمحفز وبينه كهادم وهى مساحة موجعة وفيها قد يتولد الاستسلام أو المقاومة،والأخيرة تتطلب وعيا بضرورة الصمود والاستمرارية وبشحذ كل القوى الباطنة،النفسية،الذهنية،المعرفية والابداعية لتحويل هذا الأرق الى طاقة أيجابية والى مساحة ذات افاق تقود الى مزيد من الابداع ولا غير.لا أظننى كنت سأصل الى هذا الدفع الايجابى دون أحبتى وأصدقائى وهذه رسالة حب أرسلها لجلال الجميل، نازك عبدالباقى واليك عفيف اسماعيل.أنت تعلم عفيف أن نقاشاتنا سويا حول أدق التفاصيل، الحوار المتواصل والذى لا ينتهى بأنتهاء المحادثة الهاتفية، المشاركة، التفكير، الحب الانسانى الممتد، التأمل والتعمق، "الكتف الذى تميل عليه ويسندك" كما تقول، كل ذلك وأكثر كان ولازال الزاد الذى يغذى الروح ويوقد الذهن،فلا أقل من شكرا يا صديقى.أما جلال الجميل فهو الصديق قبل أن يكون شريك الحياة ومجرد وجوده الداعم كان يكفى لاستمراريتى بمزيد من الثقة، وجد حلوة الخطوة معاه.
بعض الاصدقاء والمعارف لازمونى فى كثير من التفاصيل وأنا أشكرهم على مشاركتهم لى الخطاوى ولا أستطيع أن أحصرهم جميعا فى هذه الأسطر لكنهم يعرفون ومنهم ياسر على، ياسر مساعد،الاذاعى زهير بانقا، زرياب أزهرى محمد على، الهادى جمعة جابر،عمر الطيب،صديقتى الأسترالية ليسا،طلال الجبل،الصحفي محى الدين على سعدالدين والصحفية هالة المغربى،الشاعر مدنى النخلى، الأستاذ محمد نعيم سعد، الصادق الشرقاوى،علاء الدين عبدالغفار(لى لى)،عبدالحكيم عامر، شكرى أيضا لدكتور الفاتح حسين فقد كان أيضا من المشجعين لى.الموسيقى عبداللطيف عبد الغنى اشكر له كثيرا وأمتن، دعمه لى ليس فقط بالاعمال الجميلة ولكن بالمتابعة والتشجيع،برحابة صدره وصبره وهو يمنحنى من وقته الكثير ومن فنه الأكثر.والدتى أمال الحاج عبدالرحمن أمتن لها وقوفها معى ومتابعتها لكل الخطوات بل والمساهمة بالرأى والفكرة والفعل فهى بأفقها الواسع، نظرتها الثاقبة وثقافتها كانت مرجعى فى العديد من التخطيطات وتنفيذها وكذا كانوا كل افراد اسرتى. أستاذنا الاديب الكبير أزهرى محمد على،كلماته، متابعته، تشجيعه ودعمه هو زاد الروح والخطى فى كل الأوقات فله عميق شكرى.الشاعر والموسيقى علاء الدين سنهورى،مثال للفنان الملتزم فكرا،فنا وسلوكا حيث لا فارق بين شخصه العادى وشخصية المبدع بداخله،كلاهما متسق برؤى ابداعية،قيمية ومفاهيمية تترجم نفسها عمليا فى هذا الواقع الذى ندر فيه الالتزام وعمق الفهم بان المبدع ليس فقط نصا جميلا أو موسيقى طربة وانما المبدع بفكره ورؤاه وسلوكه الذى يهزم سلبيات المجتمع ويعمل لأجل التغيير الايجابى.رسالة محبة الى علاء وهو يدعم خطواتى وبحماس عظيم يؤسس لركيزة اخرى فى تجربتى وأتمنى أن يحقق فى تجربته المميزة كل الطموحات.
*تجارب أبداعية موسيقية مجاورة لك تحمل هموم التجسير الثقافى فى أستراليا؟
بالتأكيد تجربة الموسيقار عاصم الطيب فى أستراليا تجربة ممتازة وتسير بخطى ناجحة فيما يخص التجسير الثقافى، والمقدمات التعريفية التى يقوم بها عاصم الطيب قبل كل عمل موسيقى عن منبعه، خلفيته الثقافية ومدلولاته الموسيقة شكل جاذب للمستمع يعرفه أكثر بكم التنوع الكبير فى السودان.

*د.ياسمين أبراهيم كناشطة فى شئون البيئة فى أستراليا، ماذا أعدت موسيقيا للحفاظ على هذا الكون المتهالك بفعل بنى البشر الهادم؟
كارثة التغيرات المناخية وما أحدثته من دمار فى عالمنا وحياتنا جعلنى أحمل مسؤوليتى تجاه عالمى الصغير الذى أعيش فيه وتجاه كل المجتمع بتوعيته بضرورة التغيير الايجابى وأيقاف هذا الخراب.لدى أفكار حول مشروع موسيقى يهدف الى زيادة الوعى بهذه التغيرات المناخية الهادمة وما يستوجب عمله تجاهها للحفاظ على الكون ومستقبل هذه البشرية،وتفاكرنا سويا عفيف فتح لى افق اكبر لتنفيذه.المشروع لازال فى عداد التخطيط لكنى استلمت نصوصا جميلة من د.طلال دفع الله مشكورا، تتعلق بالحفاظ على البيئة وأطمح أن يتسع المشروع ليشمل شعراء وموسيقيين اخرين.

*هل لديك مشروعات لأغنيات الأطفال؟
نعم لدى مشروع لأغنيات الأطفال،وهم الغناء للأطفال بدأ عندى منذ زمن طويل اذ كان والدى أبراهيم محجوب مهتما بالكتابة القصصية، الروائية والشعرية للأطفال وفى منتصف التسعينات كونت وأخواتى مجموعة غنائية صغيرة أسماها والدى "أسراب الطيور" وهو عنوان أحدى مجموعاته الشعرية، ثم قام الموسيقى عليش بتلحين نص اسمه "حسن وبتول" وقمنا بأدائه فى بعض المنابر.أن يكون لك مشروع أدبى أو فنى للأطفال لا ينفصل عن الهم الثقافى الذى نحمله تجاه مجتمعاتنا وعالمنا لذا أنا مهتمة بالعمل فى هذا المشروع.

*تجارب الغناء للمسرح؟
رغم أنه كانت لى تجربة وحيدة مع الغناء للمسرح الا أنها كانت فريدة وناجحة وأنا سعيدة بها جدا لأنها كانت أولى تعاملى مع الفنان، الشاعر والمسرحى مجدى النور فى مسرحيته "ود الجردقو"، فالنصوص كانت جميلة وتلحين الاستاذ شمت محمد نور يعلق فى الذاكرة. أتمنى أن تتكرر التجربة ويا ليتها تكون فى أحدى مسرحياتك عفيف والتى ستعرض قريبا فى استراليا، خصوصا وأن الموسيقار عاصم الطيب سيقوم بالتأليف الموسيقى.

*تجربة الغناء باللغة الانجليزية ولغات أخرى؟
الغناء باللغة الانجليزية كان تجربة محصورة فى نطاق دراستى للموسيقى فى الكلية وكان مناصفة مع الغناء السودانى.هى تجربة ممتعة خصوصا حين تقدم عمل باسلوبك الخاص وبأحساس مختلف ويتشارك ذلك معك موسيقيون من خلفيات ثقافية اخرى.أذكر فى أحدى الامتحانات أنى قدمت اغنية جاز "summer time " وكان يشاركنى بالعزف على الجيتار والغناء كهارمونى زميلى من تشيلى،وكان يتميز بذلك الدفء اللاتينى فى العزف والغناء،فجاء أداؤنا سويا جميلا وكان من أميز الأعمال التى قدمت فى الكلية وأشاد بها الاساتذة وأشاروا الى هذه الروح المختلفة فى الأداء وهذا المزج بين اللغة الانجليزية واللونية السودانية واللاتينية.ربما أقوم بتنفيذ بعض الغناء باللغة الانجليزية فى العروض الخاصة مع مجموعتى.

*د.ياسمين دائما تحتفظ فى قلبها مساحة خاصة للذين تحبهم،حدثينا عن محمود درويش، مصطفى سيد أحمد ومجدى النور.
ربما لم أبدأ قراءاتى للشاعر الكبير محمدو درويش الا حين بدأت المرحلة الجامعية لكنها كانت كافية كى تضيف لمذاق الشعر عندى ولخيالى وأحاسيسى ابعادا كبيرة فهو ذو كلمة مؤثرة،عميقة ومليئة بالصور الشعرية والانسانية التى تشحذ النفس بمشاعر كثيفة ودون مقدمات تأخذك الى عمق العالم الذى يحكى عنه،وهو نفس العالم الذى نعيشه لكن فلتت منا تفاصيله وبلا وعى بعدنا من تأمله والتفكر فيه لذا كان شعره يوقظ روح التفاعل من سباته الخامل ويحرك ذاكرة الحزن،الحب والجمال.
مجدى النور الأنسان الفنان،الفنان الانسان ،نحبيب الى القلب،ساكن فى الروح.أحبه مجدى الشاعر،المسرحىنالدرامى والمخرج وأحبه قبلا الانسان المرهف،عميق الحس وشعلة الحب التى يصيبك وهجها قريبا كنت أم بعيدا منه،يغمرك بشفافيته،صدق مشاعره،مرحه،ثقافته،شاعريته،جماله وجاذبية انسانية فريدة فلا تملك الا أن تحبه أكثر.مجدى عاش معنا زمنا فى بيتنا الكبير بحكم القرب الأسرى،فأنا خالة أطفاله وكنت بدءا عرفته من خلال "طفلة العصافير" أغنيته ذات الجماهير فى ساورا.مدى كان أول من رأى أهمية بنائى لمشروع أبداعى يحمل أعمالى الخاصة وكان بأيمانه بقدراتى وبتشجيعه لى يفتح لى افاقا مختلفة،ثم كان أن شاركت فى مسرحيته "ود الجردقو" بغناء أغنيتين وأحد النصين هو "حلوة الخطوة فى الرملة" الوجود بديوانه "فاجأنى النهار".بعد المسرحية أقترح على مجدى أن اسجل الاغنيتين ليتم تنفيذهما بالتصوير "فيديو كليب" لكن لأن مشروعى الفنى لم تكن صورته قد أكتملت أنذاك،فضلت أن أؤجل أقتراحه الى حين تنضج كل الأفكار.مجدى كان سعيدا بوجودى فى أستراليا لقناعة منه أن المكان سيحتفى بى وأنى سأشق طريقى فى العمل الابداعى بقوة فاتحة له دروباعديدة.مجدى له مساحات فى القلب وحضور فى الروح رغم الرحيل المفاجئ،ومليئة أنا به حد الحب والوجع لكن كل ما كان بيننا..وما كان بينه وبين الكل..كل ما كان بينه وهذا العالم حاضر وممتد ونابض بالحياة. ومجدى وقد تغنيت باشعاره، سعيدة جدا بأن تغنيت بنص كتب فيه وهو "مواطن بلدى أنيق" الذى كتبه ولحنه الشاعر والموسيقى علاء الدين سنهورى.علاء لم يلتق بمجدى أبدا فى حياته لكن التقاه فى شعره، مسرحه، كتاباته المختلفة وأنسانيته التى تمتد حتى لمن لم يلتق به، وعلاء بشاعريته الفريدة،بأفقه الذى يستحضر الناس..الأحداث والمعانى الحاضرة والغائبة وبمشاعره العميقة كتب هذا النص فى مجدى وقد صدق النص شخصه فجاء حميما، قريبا ونابضا بروح مجدى الحاضرة دائما، ثم أضفى اللحن عليها ابعادا واسعة كما قلبه مجدى فصارت هى الأغنية التى تلامس الأحساس وتتفاعل مع هذا المواطن البلدى الأنيق بهمه وهمنا..حلمه وحلمنا.

مصطفى سيد أحمد ليس مجرد مشروع أبداعى غنى للانسان وكل قضاياه الراهنة والقادمة، بل هو الانسان الذى وان التقيته ظل فى ذاكرتك أبد الدهر محفزا مشاعرا عميقة ومتشابكة بداخلك،وان لم تلتقه، ظلت أغنياته تفعل فعل السحر وتؤجج تلك العاواطف الكامنة، الحس المهموم بتفاصيل الواقع وارق التفكير تجاه..ماذا الأن؟ كنت وقد التقيته مرتين فقط فى نهايات مرحلة دراستى المدرسية، وسمعت تلك الأغانى، مندهشة ومتسائلة عن تلك النصوص الجديدة والأغنيات التى تشبه غيرها، ورغم التساؤلات، كان أول ما رسخ فى ذاكرتى هى تلك الطيور التى لا تعرف الخارطة ولا فى أيدها جواز سفر.الفكرة كانت مثيرة للتساؤل ومحفزة لسماع المزيد وهذا ما كان بعدها اذ صرت أبحث عن كل ما ينتجه مصطفى سيد أحمد وما يتسرب من أشرطة كاسيت فى وقت كانت كل الأجهزة الأعلامية فى سهوها وانصرافها عن مشروع بقامة وطن. صرت من ذاك الزمن وكلما سمعته أصاب بتلك الحالة من التحليق أو قل السفر الى عالم اخر ألفته والفنى، هو هذا الزمان أو زمن أخر لا أعرف متى، تواتر من الصور قديمها وجديدها الى المخيلة، هى الأماكن التى طرقتها يوما..أو حتى تلك التى لم أخطو فيها لكنها تملك أحساسا كافيا للتوغل فينى، هى الطرقات والشوارع، الأبواب والتفافات الحديد فيها..تعرجات الجدران..شجر النيم..السوق..الرواكيب..النخل..التراب..الكارو..الجيران..الازيار..الرمل مفروشا فى بيوت الطين ..الكسرة..المدرسة..الدكاكين..الأضاءات المتناثرة..ونسة الأمسيات..جدى..الصباحات..الحب وعاطفة أقرب للبكاء..أهلى..والأصدقاء..عبق ما من الماضى..كل الحاضر وامل كبير.مصطفى سيد أحمد وبشاعريته فى أختيار النصوص وبتلحينه لنصوص لم يكن من المتوقع امكانية تلحينها، وبتناوله وطرحه للأفكار، المشاعر والقضايا بعيدا عن المألوف، أثر على فكرى ومشاعرى للحد البعيد، وجعلنى الان وأنا أبنى تجربتى الفنية أحمل هما أكبر بمسؤولية العمل الابداعى تجاه التجديد، رج السائد وأكتشاف أفاق أخرى هى من صميم مكنونات الانسان السودانى والأنسانية عامة بحيث تضيف لخبراتها بطرق جديدة ومتجددة. مصطفى سيد أحمد أسس لهذه المفاهيم واسس لهذا الحب الممتد فينا اليه وترك فينا ما لو تمسكنا به ، زادنا حبا وجمالا.

*حلم لم يكتمل في ررحلة عودتك للسودان؟؟
كانت أحدى افكارى أيضا أن يقدم عرض موسيقى وسط أحتفالية ثقافية كاملة تشمل معرض تشكيلى تنفذه شقيقتى الفنانة التشكيلية المميزة سوزان ابراهيم وهى معروفة بادائها الفنى التشكيلى الجميل وبعمق الفكرة واللون لديها كأداة للجمال والتعبير، أيضا مسرح الشخص الواحد مقدما من قبل شقيقتى الممثلة المبدعة سحر ابراهيم وهى كذلك معروفة بقدراتها الدرامية الكبيرة وبموهبة أصيلة صقلتها خبراتها المسرحية لتجعلها تخطو بثبات ودراية، بالاضافة الى شقيقتى عازفة الجيتار سارة أبراهيم وهى عضو فى فرقة الزاندى لستشارك فى الاداء الموسيقى وشقيقتى سلمى أبراهيم مشاركة بالاداء الصوتى المصاحب. الفكرة كما قلت كانت لتقديم أمسية مليئة بأنواع الفنون المختلفة تتفاعل وتضيف الى المخزون البصرى، السمعى ،الروحى والحياتى لكن للاسف فى السودان ما يكفى من المعوقات لتعطيل أى فكرة أو مشروع صغيرا كان أم كبيرا ولا يبدو أن هناك أى نوع من الرعاية أو الاهتمام بالمشاريع الابداعية لا من قبل الدولة ولا حتى من القطاعات الخاصة التى كان بامكانها الاستثمار فى الفنون بأنواعها وتحقيق عائدها المادى والأدبى من خلالها والمساهمة فى الحراك الثقافى وحركة التغيير الاجتماعى.فعلى تعدد المنابر الثقافية يبقى السؤال الى أى حد هى فعالة ومؤثرة فى حركة التغيير الثقافى والاجتماعى؟وان كانت الدولة لا تتبنى_كركن اساسى لتطور المجتمع وبناء حضارته_رعاية المشاريع الابداعية بكافة أنواعها،العمل على تطوير منافذها وخلق جسورها داخل البلاد قبل أن تمتد عالميا،أذن ما هو المتوقع لأمة تصارع لأجل الخبز والأبداع فى ان دون نصير؟ما وصلت اليه الان ومن تجربتى العملية وما واجهته من مصاعب كبيرة لتحقيق أفكارى الفنية والانسانية ومن قراءتى للأحداث،أن الواقع السودانى بتأزماته السياسية،الاقتصادية والاجتماعية أنعكس سلبا ليس فقط على الحركة الثقافية وانما أيضا على موروثاتنا القيمية،المعرفية،السلوكية والجمالية وان لم نعى تماما الى أى منزلق نحن ننحدر ستكون العواقب محزنة.فالتاريخ الانسانى حافل بانتكاسات مرت على كثير من الشعوب لكن يبقى الوعى،المقدرة على الرفض وارادة التجاوز هى الطريق لصنع التغيير وتفجير الطاقات أيجابا ضد التخلف،القمع،الاستغلال وضد تغييب الانسان وتغريبه.

*أخيرا
شكرا كثيرا يا صديقى عفيف على كل المساحات التى تمتد دائما بيننا،مليئة هى بالحوارات، الأفكار، النقاشات، الأفاق، الأغانى، الأشعار، الذكريات، التداعيات، غدا،مليئة هى بالأمس واليوم ومليئة أنا بثراء هذه الصداقة ومشاعرها العميقة.



#عفيف_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رنين الحنين على أجنحة نوارس عائدة أو نغم أخضر
- مسامرة حوارية- جريدة الحصاحيصا
- زهور ذابلة
- إندماج أم إقصاء؟!
- مبادرة -برانا- الثقافية
- نورس حط على القلب
- المتشظي
- عازف البيانو الأعمي في ميدان فورست او ظل بلا اثر
- الشاعر المصري حلمي سالم.. وفقهاء الظلام
- نافذةٌ لا تُغري الشمس
- وتبقي طفلة العصافير الموسمية
- بيكاسو ماقبل وبعد الجرنيكا
- الوان
- عودة
- قبعات غير مناسبة
- نصوص
- الموسيقار عاصم الطيب قرشي في مهرجان ميلا بالنرويج
- رتقُ الهواء
- خيوط بين الأشياء
- ساورا- إنداكوا


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عفيف إسماعيل - مُسامرة حوارية مع الفنانة المغنية د. ياسمين إبراهيم