أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عفيف إسماعيل - زهور ذابلة














المزيد.....

زهور ذابلة


عفيف إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 2102 - 2007 / 11 / 17 - 10:31
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


*مُسامرة سودانوية

***

أسم الكتاب: زهور ذابلة
المؤلف: ستيلا قايتانو- السودان-
الرسومات الداخلية: حسان علي أحمد
الناشر: دار عزة للنشر والتوزيع
تاريخ النشر:2005، 83 صفحة من القطع الصغير
***
"يكاد اليأس يقتلنا ، حين نرى الظلم أمامنا ولا نرى أحداً يثور عليه"
بريخت

***

في انحياز صريح لواقع القهر والفقر والتهميش إختارت الكاتبه ستيلا قايتانو مسرح مجموعتها القصصة " زهزر ذابلة" ان يكون من بيئة المهمشين في أرض السودان، فهي تغترف من واقع سوداني ملموس يرى حتي بعين الكفيف، لكنه العمى الجماعي السياسي والإجتماعي لا يراه أو يغض الطرف عنه عامداً يخرجه من صفة المأساة إلي صفة العادية والتعايش معه بقلب من رماد، ويلطف من اسطورة الخراب والبؤس والموات بإطلاق الأسماء المتعددة بقصد التقليل من الشأن الإجتماعي ودراجات المواطنة وتخفيف وطاة المسؤلية : "سكان الأحياء العشوائية/ معسكرات النازحين/ سكان الأطراف البعيدة/ عفن المدن/ احياء الصفيح/ الكرتون/ تتعدد الأسماء والبؤس واحد لتلك الاحياء الطرفية في العاصمة السودانية او مدنه الكبري او في الارياف البعيدة.

من هذه العوالم المنبوذة، وبلغة تعمتد علي واقعية السرد مباشرته تغوص القاصة" ستيلا قايتانو" بكاميرا الكلمات في الجرح حد النزيف والتقيح، تكاد ان تشم عفن الأمكنة والشخوص وحياتهم الرثة وكفاحهم المرير للبقاء علي ظهر الحياة، رسمت بالوان الكآبة والجوع والتشرد والذل والفاقة لوحة للشقاء الإنساني العظيم تحت العناوين التالية: نحو الموت والسجون، نحو الجنون، وليمة ما قبل المطر، خرائط لعوالم مجهولة، رحيل، في ليلة قمرية، زهور ذابلة، بحيرة بحجم ثمرة الباباي.

جمعت المجموعة القصصية بين خيطين متوازين هما: الموت والحياة في تجاورهما الذي يعكس احيانا تبادل الأدوار أي ايهما أرحم لشخوصها الواقعية، اغلب الشخوص الأساسية تكون نهايتها الموت المأساوي ففي "نحو الموت والسجون ونحو الجنون" يموت الاب بالسل بالإهمال والعوز من ناحية، والسلطة التي هدمت بيته العشوائي بحجة التخطيط وغضب الطبيعه المفاجي التي وجدته في عراء العراء بعد تم إعتقال زوحته إلي السجن بتهمة صناعة وحيازة و ترويج خمور بلدية وهي بالطبع مصدر رزقهم، التي كانت تحاول ان تجمع منها قليل من المال عسى ولعل ان تعالج زوجها المسلول في احد المستشفيات، وبعد موت الأب تشرد الطفلين، لتخرج الأم بعد حين من سجنها وتبدا رحلة البحث عن بيت وطفلين، وينتهي بها المطاف إلي الجنون في رحلة البحث عنهما. وفي" وليمة ما قبل المطر" موت"أولير" الفاجع وسط النهر بين غضب الطبيعة وسطوة الأسطورة التي بذرتها جدته ، وفي "خرائط لعولم مجهولة" الأب الشحاذ الأعمي الذي تدهسه سيارة اثناء رحلة بحثه اليومية عما يسد الرمق، وفي "رحيل" موت الشجرة الجزئي بحريقها المحير، وفي "زهور ذابلة" انتظار الشخصية الرئيسة لموتها الوراثي، وفي القصة الأخيرة التي تبدا بوفاة الأم في لحظة الميلاد، الأب الذي سحقه جاموس هائج، والجد الذي اغتاله والانجليز وهو فرحاً يركض إلي تنفيذ الحكم الذي يحمل رسالته من غير ان يدري فحواها في إشارة واضحة إلي اين يمكن ان يصل الجهل بصاحبه. وتضع بذور الحياة والأمل بحيدة ماكرة في ذاك الغصن الأخضر الصغير الذي لم يحترق في قصة "في ليلة قمرية" أو الزهور اليانعة التي سوف تذبل بعد ايام في قصة " زهور ذابلة".

القاصة " استيلا قايتانو" في مجموعتها القصصية" زهور ذابلة" رمت بحجر صلد في بركة الاسئلة الساكنة لإختبار عوالم سودانية واقعية لكنها منبوذة من من سمع وبصر وشم القائمين علي الامر في السودان منذ استقلاله، وتشرع السؤال الحارق في المدي إلي متي؟؟ مثل هذه النصوصة القصصية الجارحة الواقعية هي التي تنبيه وتساهم وتساعد في حل عصب الاشكالات المزدوجة التداخل بين السياسي والاجتماعي والثقافي، وتدفع بحق نحو عجلة السلام والتنمية والمساواة . ونحو احترام حقوق الإنسان في أي مكان كان. وضد الظلم والقهروالتجويع والخوف.

الفنان التشكيلي حسان علي احمد بحساسيته البصرية العالية، وبدرجة رفيعة من الحرفية خطط رسومات بصرية موازية أضافت تكثيف عالي المستوي للنصوص المجموعة القصصية. ونسطيع ان نقرا بين خطوطه البارعة لماذا ارادت الكاتبة "ستيلا قايتانو" لاغلب شخوصها ان تكون بلا اسماء او ملامح محددة، وتتشابهه في التعاسة والمصير.

كتاب " زهور ذابلة" للقاصة " ستيلا قايتانو" نافذة علي كوابيس اليقظة في الحياة السودانية، جديرأ بالقراءة، جديراً بالإحتفاء، جديراً بالتأمل و محرضاً علي الفعل.
*مسامرة سودانوية المقال الشهري الذى يكتبه عفيف إسماعيل لصحيفة المهاجر، التي تصدر عن منظمة المهاجر باستراليا.






#عفيف_إسماعيل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إندماج أم إقصاء؟!
- مبادرة -برانا- الثقافية
- نورس حط على القلب
- المتشظي
- عازف البيانو الأعمي في ميدان فورست او ظل بلا اثر
- الشاعر المصري حلمي سالم.. وفقهاء الظلام
- نافذةٌ لا تُغري الشمس
- وتبقي طفلة العصافير الموسمية
- بيكاسو ماقبل وبعد الجرنيكا
- الوان
- عودة
- قبعات غير مناسبة
- نصوص
- الموسيقار عاصم الطيب قرشي في مهرجان ميلا بالنرويج
- رتقُ الهواء
- خيوط بين الأشياء
- ساورا- إنداكوا
- 000الرقم:
- الخرطوم عاصمة للثقافة العربية والإرهاب
- مركز الدراسات السودانية


المزيد.....




- -أمريكا ستنقذه-.. ترامب مدافعًا عن نتنياهو وسط محاكمته بتهمة ...
- مقتل عدة أشخاص خلال هجمات للمستوطنين الإسرائيليين بالضفة الغ ...
- خبراء: عملية خان يونس أكبر مقتلة للإسرائيليين هذا العام وأقس ...
- إنفوغراف: قتلى وجرحى الاحتلال الذين سقطوا في غزة خلال يونيو ...
- وزراء إسرائيليون يقرون بالفشل في غزة ومسؤولون بالائتلاف يدعو ...
- ترامب: أميركا أنقذت إسرائيل والآن ستنقذ نتنياهو من المحاكمة ...
- ترامب يعترف بتقييم الاستخبارات حول وضع مواقع إيران النووية ب ...
- بعد وقف إطلاق النار.. وزير دفاع إيران يصل الصين في زيارة تست ...
- موجة حر غير مسبوقة تجتاح شرق روسيا: حرارة قياسية وحرائق تهدد ...
- عاجل | حماس: جرائم الاحتلال ومستوطنيه وآخرها في كفر مالك تست ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية في رواية - ورقات من دفاتر ناظم العربي - لبشير ... / رياض الشرايطي
- نظرية التطور الاجتماعي نحو الفعل والحرية بين الوعي الحضاري و ... / زهير الخويلدي
- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عفيف إسماعيل - زهور ذابلة