ئارام باله ته ي
الحوار المتمدن-العدد: 3050 - 2010 / 7 / 1 - 15:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الأسلام والمعارضة السياسية
( فترة الرسول)
بعد انهيار المنظومة الشيوعية واندثار الأفكار الماركسية في منطقة الشرق الأوسط ، أتجهت المجتمعات نحو ما تسمى بأفكار الصحوة الاسلامية التي طغت على جوانب الحياة الفكرية . وعلى الرغم من تشتت اراءالاسلاميين وأختلاف مشاربهم ، الا أنهم جميعاً يتفقون على أن الاسلام هو الحل و يسعون الى تطبيقه ، سواء الراديكاليون السلفيون أو تيارات أخوان المسلمين الذين يدعون الوسطية . السؤال الملح الذي يهمنا هنا . هل تجوز المعارضة في ظل نظام اسلامي اذ احكم الاسلاميون الأصوليون ؟ . هل يتوجب على الاخرين الغير مقتنعين بهذا المنهج مغادرة دار الأسلام الى دار الكفر ، أم يجوز لهم تنظيم تكتل أو جبهة معارضة ؟ هل النظام مقدس لو أضفيت عليه الصبغة الاسلامية ؟ هل المعارضة في الاسلام خاضعة ل ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الأثم والعدوان ) ؟ ولكن ماذا لوا لم يؤمن المعارضون بالاسلام و قرآنه أصلا ؟ يذهب بعض الاسلاميين الى أن أساس المعارضة موجود في مبدأ (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وهذا لايحل الاشكال بطبيعة الحال ، حيث أن مايراه الاسلامي معروفا قد يراه العلماني منكراً ، و العكس الصحيح . في الوقت الذي يرى فيه البعض حديث ( الدين النصيحة ) مستندا يمكن بناء المعارضة على أساسه . هذه كلها اشكاليات معقدة واجتهادات انية مرحلية ... ان البحث عن الأجوبة المتعلقة بالأسلام ومواضيعه غالباً مايرجعنا الى الصدر الأول للمسلمين (والذي يهمنا في هذا المقال الفترة النبوية) .
لا نستطيع التطرق لموضوع المعارضة طيلة الفترة المكية لأن المسلمين لم يكونوا في السلطة ، و أنما كانوا هم يمثلون المعارضة للنظام السائد حينها . و هذا يحتم علينا البدء من المرحلة المدنية ، أثناء هجرة الرسول من المكة الى يثرب وأصدار صحيفة المدنية ( بمثابة دستور الدولة ) التي تدل في مضمونها على احترام التعددية الدينية ، وأن الحروب التي وقعت بعدها بين المسلمين و اليهود لا يمكن ان نضفي عليها طابع السلطة والمعارضة لأنه حدث تواطئ مع جهة معادية من قبل اليهود (حسب المصادر الاسلامية) وما يهمنا هنا المعارضة وليس الحرب .
يذكر (هادي العلوي) أسماء بعض اليهود (كعب بن الأشرف ، سلام ابن أبي الحقيق ، ابن سنينة) الذين أمر الرسول بأغتيالهم لأنهم كانوا يعارضون النظام الأسلامي ، ويهجون الرسول والمسلمين ونسائهم . هنا يفتح باب النقاش ، هل تم قتل هؤلاء لمجرد معارضتهم للنظام ؟ هل يجوز القتل لمجرد السب والهجاء ؟ أم أن أوامر الاغتيال جاءت بحق هؤلاء لتحريضهم مشركي مكة والمعادين للنظام في يثرب (المنافقين) ،على القيام بأنقلاب عسكري وتفتيت النظام السياسي للمسلمين ؟ . يجمع الفقهاء – عدا أبو حنيفة – على جواز قتل من سب الرسول . صحيح أن المعارضة لاتعني السب والشتم ، ولكن هل يستوجب ذلك القتل ؟ .
في المقابل ، هنالك حالة أخرى قد تكون هي الأقرب لمفهوم المعارضة السياسية ، وهي حالة (عبدالله بن سلول) وجماعته الذين كانوا يناوؤن المسلمين ونبيهم ، دون أن يكون ذلك خافيا على الرسول حتى أن هناك من الصحابة من أشار بقتله الا أن الرسول رفض ذلك بالمطلق ، وصلى عليه صلاة المسلمين أثناء وفاته . ما هو السر وراء ذلك ؟ وما الفرق بين حالته وحالة اليهود ؟ .
وتذكر المصادر التاريخية حادثة أخرى لشخص يدعى (ذي الخويصرة) كان قد اعترض على طريقة النبي في قسمة الغنائم ، وطلب منه أن يعدل في ذلك . فأغتاظ الرسول منه ، واستسمح عمر بن الخطاب ( في بعض الروايات خالد بن الوليد) من الرسول ان يدعه ليقطع رأس هذا المعترض ، لكن لم يسمح له بذلك . في الحين نفسه لم يفتح لهذا المعترض باب الحوار ولم يناقش على أساس الحجة بالحجة . هل كان ذلك حكما ربانيا ( وماينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى ) أم كان ذلك مجرد اجتهاد قائد ؟ .
ماسبق كان في المجال التطبيقي ، الذي لانستطيع الوصول بموجبه الى أجوبة قاطعة حول نظرة الأسلام للمعارضة ، في حين لايخلوا الجانب النظري من الأشكال نفسه . حيث هناك التباس بشأن المرويات المنسوبة للنبي ، عن جواز ومنع الخروج على الحاكم ، فهناك اتجاه عام مفاده (من خرج على امام زمانه فأقتلوه بهذا السيف) ، والأحاديث الواردة على هذه الشاكلة تكثر ، لامجال لذكرها في هذا المقال المختصر . في هذا السياق ينكر بعض الفقهاء الخروج على الحاكم حتى وان كان فاسقا مادام يقيم الصلاة . ولكن بلغة العصر ، قد يفسر الفسق على شكل فساد اداري ومالي وأخلاقي . ثم لا يجوز معارضة هذا الحا كم الموصوف بهذه الصفات !! ، أنه أمر محير . كيف يصلح المجتمع ، وكيف يغير الله بقوم هم لم يغيروا في أنفسهم ؟ . (ان الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) . ان المرء ( مع كثير من الحذر والتروي ) ، يشم من هذا الاتجاه رائحة أموية لأسباغ الشرعية على حكمهم الجائر الفاسد ، ولاغرابة أن ظهرت الايديولوجيا (الجبرية) في زمنهم . لكن النبي لابد أنه أدلى في هذ الاتجاه حتى يمكن الأستناد عليه و تكبيره وتضخيمه اعلاميا من قبل فقهاء و وعاظ آل أمية . ولكن أين المقصد الحقيقي لنبي الاسلام ؟ .
وفي مقابل ماسبق هناك اتجاه اسلامي اخر ، ينطلق من ( لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق ) ، و اذا كانت رسالة كل الأديان حسب الفيلسوف (أسبينوزا) هي (العدل ، الرحم) ، فان معصية الحاكم لله في هذا النحو يعني انكاره للعداالة واتباعه الظلم ، وهنا تكون المعارضة جائزة بل ربما واجبة . وضمن هذا الاتجاه شجع الاسلام المواطن على ابداء المعارضة للحا كم بوسيلة الكلام ( وربما الاعلام بلغة العصر) حيث أن خير جهاد ( كلمة حق عند سلطان جائر ) ، في حين يتسع هذا الاتجاه في ظل مبدء ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) . حيث أنه يجعل كل الخيارات متاحة أمام جمهرة المواطنين . اذ أن تغير المنكرجائز باليد واللسان والقلب . و أميل شخصيا الى تكيف وسيلة القلب القديمة مع وسيلة الانتخابات الحديثة ، حيث يستطيع المواطن المعارضة بعدم التصويت للسلطة ، هذا طبعاً في ظل ألأنظمة الأنتخابية . ثم لاننسى ان هناك اية قرانية لا يتفطن لفحواها جل الأسلاميين ولايصلون الى كنهها الحقيقي ، و يمليها العلامة (علي الوردي) أهمية بالغة في علم الأجتماع ( لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ) . ان هذا المنطق قريب من جدلية ( هيغل ) ، وقد يكون هو سر ديمومة الحياة .
على الرغم من عدم وضوح المشهد ، ينبغي مراعاة تأثر الأسلام كغيره من الايديولوجيات بالعرف ونمط الحياة ووسائل الأنتاج ، وقد يختلف الأسلام من بيئة الى أخرى . على هذا الأساس هل يمكن الذهاب الى أن الأسلام الذي لايتيح مجالا للمعارضة هو الأسلام المتأثر بطابع بداوة العربي وبيئته الأجتماعية ، وأن الأسلام المنفتح على مختلف الاراء هو الذي يمثل زبدة الأسلام وصفائه ؟ . انطلاقا من ( لا اكراه في الدين ) ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) ( من شاء فليأمن ومن شاء فليكفر ) ( انا هديناه النجدين) ( لكم دينكم ولي دين ) . ان هذه الايات القرآنية فيها فسحة كبيرة لمعارضة النظام في ظل الحكم الأسلامي ، لكن المشكلة تكمن في أن البعض يذهبون الى أن معظم هذه الايات ومثيلاتها هي ايات مرحلة الدعوة في مكة وليست ايات أيام الدولة في يثرب .
لن ينزل الوحي من جديد ، ولن يأتي الخبر اليقين لا من شيخ ولا ولي ولا من فقيه . ان الأسلام يفسر في كل عصر وفي كل بيئة بشكل مختلف حسب درجة وعي المجتمع وتمدن الأنسان فيه ومدى ارتقائه في سلم الحضارة .
# ملاحظة : أعتذر من عدم الأشارة الى المصادر، فما كتبته من بقايا خزين الذاكرة .
ئارام باله ته ي
ماجستير في القانون
[email protected]
#ئارام_باله_ته_ي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟