أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - عولمة رياضية














المزيد.....

عولمة رياضية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3028 - 2010 / 6 / 8 - 11:16
المحور: كتابات ساخرة
    



قد يبدو رفع علم دولة أجنبية في شوارع أية مدينة ذات دلالات غير وطنية إذا ما أخذ الأمر بسوء نية، لكنه في المجال الرياضي لا يغضب أحداً فلكل دولة متميزة رياضياً، هناك عشاق لفريقها وفرسانها الذين يصنعون اسمها ومجدها. وبات لذلك من الطبيعي أن ترى علماً لدولة أجنبية يرفرف عالياً وشامخاً، وربما منافساً، وبشكل أكثر غطرسة وغروراً بجانب أعلام وطنية تبدة متواضعة وقليلة الحيلة أمام هذا المد العولمي الرياضي الجبار الذي لا يقدر أحد على وقفع سوى التميز والإبداع وصنع البطولات البريئة والسلمية.

ال‘لام مقدسة أحياناً، وهي رمز لكرامة الأمم والأأوطان والشعوب. وحين اشتداد الغضب أو التوتر بين دولة وأخرى لسبب ما فعادة ما يقوم المتظاهرون أو المحتجون على سياسة هذه الدولة أو تلك بحرق أعلام الدولة الأخرى تعبيراً عن الرغبة في إيقاع المهانة والإذلال نظراً لما يمثله العلم الوطني عادة من رمز للشموخ والإباء والسيادة الوطنية والكبرياء، لاسيما أن معظم أعلام الدول تعكس، أو ترمز لطبيعة البلد أو أمر جوهري فيه عسكري، أو اقتصادي أو زراعي، وهناك ورود، وأوراق شجر، ونسور، ونجوم، كما سيوف وحيوانات في أعلام دول هنا وهناك، كلها تعكس مزاجاً وجوهراً في هذا البلد أو ذاك.

واليوم ومع اقتراب حفلة المونديال العالمي تزهو جميع دول العالم، وكنتيجة للعولمة المباركة في جوانبها الطيبة، التي تكتسح العالم من أقصاه لأقصاه، بأعلام الدول المتأهلة للأدوار النهائية في جنوب إفريقيا، ومعظم هذه الأعلام وبكل أسف باتت كلاسيكية واحتكارية، كما تحتكر العولمة الاقتصادية والعسكرية والعلمية والثقافية والتجارية والإعلامية ...إلخ، كل شيء. فأعلام إنكلترا، والبرازيل، والولايات المتحدة، وفرنسا، وإسبانيا، وإيطاليا، وألمانيا، وهولندا، والإرجنتين، ولكل-العلم- جمهوره الخاص به، قد باتت من كلاسيكيات هذا المونديال التي لا تفارقه أبداً. وكأنما خلقت له، وخلق لها. وبات الطفل الصغير يعرف مثلاً علم فرنسا، وإنكلترا، والبرازيل..إلخ ويستطيع رسمه إن طلب منه، في الوقت الذي قد لا يعرف فيه علم بلاده، وبالكاد يعرف علم دولة مجاورة مغمورة رياضياً، وعسكرياً، وسياحياً، أو تجارياً. ويلاحظ أن هذه الأعلام ودولها، التي تهيمن تقريباً على الفضاء السياسي، والاقتصادي، والعسكري، والسياحي والمالي، هي ذاتها التي باتت تهيمن أيضاً على الفضاء الرياضي لا بل وتحتكره، كلياً، ومنذ نشوء هذا المونديال الرياضي. ويلاحظ أيضاً، وبكل أسف ، ومن جملة الأعلام المرفوعة، والتي أتابعها، غياب أي احتفاء، أو اهتمام، بها، كالعلم الجزائري، "الشقيق" (باتت هذه الكلمة بمثابة التهمة)، رغم أنه علم "عربي"، و"إسلامي"، حسب الخطاب الرسمي والتقليدي المعروف والمألوف، ومن المفترض أن يرفعه العرب وأطفالهم، ومشجعوهم قبل أي علم آخر، فهل هذا يعكس الحقيقة المفزعة، وهي تقدم العولمة الرياضية والثقافية، على قيم الثقافة المحلية، وجرفها أمامها، في عملية حتمية، باتت فيه فكرة القومية ضعيفة وواهية وعاجزة أمام زحف العولمة الهائل الذي لا يرحم، ويبدو أنه لن يرحم المتقاعسين والنائمين والشاخرين. نعم علم الجزائر العربي غائب عن سماوات العرب، واسمها الذي كان يطربنا، مع نشيد القسم بالنازلات الماحقات، قد غاب وأفل، ولم تعد حناجرنا تهتف به، وربما لا تريده منعاً للإحراج، ولا أيادي أطفالنا الصغار ترغب بحمله، على ما يبدو. وقد عكست مباراة الجزائر ومصر الشهيرة، وتداعياتها، شيئاً من هذا القبيل وهذه الحقيقة المرة التي لا يريد أحد الاعتراف بها، والتسليم بهشاشة وهزيمة الأفكار والمفاهيم التقليدية أمام القيم والمفاهيم الحداثية الناشئة والضاغطة بقوة على عنق كل ما هو سالف وقديم ويبدو عاجزاً عن أية مقاومة وحراك والإتيان بأي فعل فقد سحقت الثورة المعرفية والعلمية عالم الاساطير ونسفت أباطيله من جذورها. وما لم تبادر تلك الدول المتواضعة والمتدروشة علمياً للمبادرة، فقد لا تغيب أعلامها فقط عن المونديال، فقد تغيب هي ذاتها عن الخارطة السياسية كلياً. إنها نواقيس الخطر التي تدق بعتف، وهنا يبرز ويلوح صداها. تتباهي الجزائر اليوم ببناء أكبر مسجد وأعلى مئذنة في العالم، ورغم أن القاهرة تسمى مدينة الألف مئذنة فإنها لم تساعدها في التأهل للمونديال الرياضي الذي يحتكره "الكفار"و "الصليبيون" والملاحدة العلمانييون والعياذ بالله، من حفدة القردة والخنازير الذي لا يبدو أنهم "خاسئون" البتة في هذا المضمار. كما سيكون فريق الجزائر كما هو متوقع كومبارس و"مكسر عصا" للفرق العولمية الجارفة الذي ستأخذه في طريقها بسبب الفارق الحضاري والتقني بين الجانبين، كما حصل، في مونديال سابق، مع فريق "التوحيد"، الأخضر الذي مني بنصف دستة مخجلة وربع "دستة" فوقهم من الأهداف من الفريق الألماني الذي استباح مرماهم بلا رحمة.

لا شك أن رفع الأعلام الأجنبية وبتلك الطريقة الاستفزازية أحياناً، تدخل ضمن إطار التشجيع البريء والعفوي، لاسيما أن أصحابه هم من أصحاب الأعمار الصغيرة وليست لديهم أية خلفيات سياسية وإيديولوجية، ولكنهم مأخوذون ومبهورون بسحر الكرة وبريقها بالإضافة إلى عامل التفوق والإبداع والإتقان الذي يزيد من عشقهم وولههم بها. لكن دلالات الأمر خطيرة جداً، ومؤرقة على صعيد العامل الوطني "لصغار" العالم، ودروايشهم المعتاشين على "السبحانية" في كل شيء.

وهذا يعني، بالمحصلة، أن لا مكان لغير المتميزين والمبدعين والمتفوقين في عالم العولمة اليوم، وأما الدروايش البهاليل فلن يجدون من يذكر حتى اسماءهم. فلنعمل على رفع أعلامنا في مدنهم كما ترفع في أعلامهم وراياتهم خفاقة، في مدننا، وبين يدي أطفالنا، عنوة وغصبا عنا، ونحن واقفون نتفرج، وفي قلوبنا حسرة، وفي حلوقنا غصة، وفي مآقينا دمعة تجثم وتأبى أن تترجل.

الزحف العولمي قادم، فاجتنبوه.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجهاد الإسلامي بين الأنموذج الأردوغاني والأنموذج البن لادني
- نعم لإرضاع الهندي الفقير
- العرب والسطو على التاريخ
- أيهما أهم الأخلاق أم الأفكار؟
- الأساطير الدينية تحت الاختبار: إنتاج أول خلية حية والإنسان ا ...
- هل يعتذر البدو الغزاة ويدفعون تعويضات لضحاياهم؟
- من أين ستأتي الخليجيات باللبن الكافي لإرضاع هنود الخليج؟
- متى ينسحب البدو العرب الغزاة كما انسحبوا من إسبانيا؟
- هل يمازحنا فضيلة الشيخ القرضاوي؟
- زحف المغول الثقافي: هل يقضي المهاجرون على الحضارة الأوروبية؟
- اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين فقط!!
- هل كان لدى البدو حمّامات في الصحراء؟
- التعليم الديني للصغار كنمط للإكراه في الدين
- لماذا لا نستبدل حصص التربية الدينية بحصص الموسيقى والفن والب ...
- البورنو الديني في مدن الظلام: وثقافة الجن والعفاريت
- ثقافة الوأد وافتراس الأحياء والصغيرات: آباء أم ذئاب؟
- لا حضارة من غير بشر حضاريين
- طلاق الصغيرات
- هزيمة النقاب ومشروع بدونة أوروبا
- لول: وأعداء الضحك والابتسام


المزيد.....




- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - عولمة رياضية