أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي أبو مريحيل - جعلتني شحاذاً














المزيد.....

جعلتني شحاذاً


علي أبو مريحيل

الحوار المتمدن-العدد: 3028 - 2010 / 6 / 8 - 09:19
المحور: الادب والفن
    



لم تشِ السماء قبل ذلك اليوم بليلة القدر !
وعلى غير عادتي لم أدعُ الله في الصباح لأني لم أصحُ طاهراً
بكامل تثاؤبي خرجت إلى وظيفتي المؤقتة ـ معداً ومشرفاً على موقع
إلكتروني يضم كافة أعمال محمود درويش الشعرية ـ .
لم أفكر في صباح ذلك النهار بغير العطر الذي يسفلت شفتي
بخدر امتد من حلم لم ترق له نظافة ملابسي الداخلية !!
مستلقياً على ظهري كنت أقطع المسافة بين البحر الكامل والبحر الوافر
حين هاتفني القدر ممثلاً بصوت أخي الذي لم تلده أمي (ياسر الوقاد)
وبحكم مكانتي الأدبية وضآلة الأجر الذي أتقاضاه
كنت أستطيع أن أغرد خارج دائرة العمل متى أشاء
ولأني لا أستطيع أن أرد لأخي ياسر طلباً , خرجت ملبياً نداء القدر ..

على ذات الرصيف المثقل بالرغبات المؤجلة , حيث لم يسلم طيف أنثوي
لا من سهام شهية التملك في رجولة نضجت تحت شمس التأمل
وإنما من الحملة التي تشنّها خلاياي بحثاً عن وجه حبيبتي الغائب !
بخطاً لا مبالية كنت أسير منتعلاً ضياعي
بعد أن أنفقت كل ما فيّ من أمل في بئر ثلاث سنوات عجاف !

كنت .. لا لم أكن قبل هذا اليوم , أنا ابن هذه اللحظة المباركة
كيف للمرء أن يولد شاباً على رصيف يضجّ بالمارة
دون طبيب يقطع له الحبل السري , دون نزيف يفضح أمه اللحظة ؟!
دون صراخ يشي بحاجته إلى القليل من الحليب ؟!

ها هي الشمس تشرق على يومي الأمل , ها هي الطبيعة تنتفض ..


أسمعها

تئن أهدابُ السماءْ

يا ليت لي حظَّ الندى






يا ليت لي حظَّ الهواءْ

الشمس تُدلي دَلوَها

والبحر يدميه البكاءْ

الموج يدنو

والجبال تنحني

والأرضُ يَرثيها الثراءْ

يعلو الصفيرْ

كل الروابي أعينٌ

وأنفس تشدو.. تطيرْ

حتى الورود الملحدة

تبكي بمحراب العبيرْ

لا تسألوني عن حروفي

عن جنوني وضيوفي

باختصار بالغ

حبيبتي نحوي .. تسيرْ



ها هي إذن .. بعباءتها السوداء , بمشيتها الارستقراطية
بكل ما أرغب وأحلم , كأنها لم تغب وكأني لم أمت
برفقة امرأة ـ تبدو أمها ـ تسير في مرمى غمزة






كادت أن تسبقني إليها خطاي لولا لمعة الخاتم في كفها الأيمن !
يا إلهي .. كيف لخاتم صغير أن ينوب عن نفخة الصور بلمعة واحدة ؟!
أيعقل أن تكون الكف التي أدميتها قبلاً هي ذات الكف التي تحمل حبل مشنقتي ؟!
تلمع في عيني دمعة وبين اللمعتين أقف حائراً قبل أن يوحدنا الذهول على حافة البكاء
تتمتم بكلمات لا يفهمها أحد سواي , كأن عينيها تعتذران عما سببتا لي من ضياع
أحاول أن استجمع قواي , وأفشل في اجتياز حاجز الصمت !
فيسعفني حرصي الدائم على حمل نسختين من مجموعتي الشعرية التي
ولدت يتيمة بلا أبوين , تحسباً لهذه اللحظة التي ما عادت مباركة !
ولكن كيف لي أن ألكمها بهذه المجموعة, وأمها أقرب لها من ظلها
الذي تحول قداسته دون أن يلامس الرصيف !
تراودني فكرة مجنونة , وعلى الفور افترش الأرض تحت قدميها
مفرغاً ما في جعبتي من ذخيرة !
وبيد مرتبكة خجولة وصوت لا يكاد يُسمعني .. أباغتها
" تفضلي سيدتي .. الكتاب الواحد بخمسة شواقل !!!"
فتنفجر ضاحكة وأنفرج سقوطاً بالضربة القاضية
وقبل أن يعدّ لي القدر ثلاثاً , أرفع الراية البيضاء
بما تسربل من دماء وبكاء فوق أنقاض اللقاء !
و يسدل الستار على موتي الأخير..
ومن خلف الستار تقترب .. تتدارك ردة فعلها القاتلة
تصمت,تنصت,تدنو,ترنو, تنحني .. كادت أن تتواطأ معي
لولا لكزة أمها التي مُنحت بفضل سماحة وجهها
حصانة كافية ضد حقدي وكراهيتي لها !!

يتجمهر المارة حول مكتبتي الصغيرة , يقلبون مشاعري بأكف حافية !
هذا يسأل عن موطن الشاعر, وذاك يدّعي صداقته
وآخر يسأل عن سعر الكتاب
وأنا لا أحد يسأل عني في هذا الضباب !!
ألملم خيبتي بما تبقى من بقاياي على قيد الحياة
وانسحب ـ متكئاً على ظلي ـ إلى رحم آخرتي
بحثاً عن شاهد جديد .. أنقش فيه هذا النص !!!

علي أبو مريحيل - كوانزو



#علي_أبو_مريحيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصوص قصيرة
- حتى وإن كان جماداً
- الكتابة على ضوء الفسفور الأبيض
- نجدُ الوقتَ للدعابة
- نزلتِ سهماً وحللتِ جرحاً
- ملثم
- على سُنة الورد
- عارٍ بلا صوت يغطيني
- كغابة من الإناث
- رسالة اعتذار إلى الشاعرة فيفيان صليوا
- قنبلة موقوتة (من يوميات الحرب)
- سيمرُّ موتي في خبر عاجل
- تضيق علينا الحياة فنمتلئ بها (من يوميات الحرب)
- على حرِّ شمسين من صيفكِ الحارق
- تفاصيل لا تخص أحداً سواي
- أوصيك بالقمر خيراً (من يوميات الحرب)
- هديتها
- امرأة من بكاء
- قصيدة حداثية
- رسائل إلى شاعر شرقي


المزيد.....




- الفيلم الفلسطيني -الحياة حلوة- في مهرجان -هوت دوكس 31- بكندا ...
- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي أبو مريحيل - جعلتني شحاذاً