أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - شاكر النابلسي - قدَمُ عمرو ورأسًُ عرفات!















المزيد.....

قدَمُ عمرو ورأسًُ عرفات!


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 921 - 2004 / 8 / 10 - 09:29
المحور: القضية الفلسطينية
    


-1-
منذ زمن بعيد والسلطة الفلسطينية متهمة بأنها تصفي معارضيها، ومن تعتبرهم أعداءها. ولعل تصفية ناجي العلي في العام 1987 الذي (أكله الذئب) وبالطريقة التي تمت بها في لندن، وتهديده في السابق من قبل ياسر عرفات بوضع اصابعه في الأسيد كما قال عرفات نفسه في خطبة له في بداية الثمانيات في ثانوية عبد الله المبارك في الكويت، أيام كانت السلطة الفلسطينية سمناً على عسل مع الكويت والخليج، وقبل أن يجنح عرفات ويقف إلى جانب صاحبه (أبي عدي) كما كان يطلق عليه اثناء حرب الخليج 1991 ويجر المصائب على السلطة الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني الذي خسر سنوياً ما لا يقل عن نصف مليار نتيجة لغباء عرفات السياسي، ونتيجة لتهوره وأحلامه السياسية التي هي عبارة عن كوابيس سياسية، لم تجرَّ على الشعب الفلسطيني غير الكوارث والنوازل العصيبة.

بالأمس اطلقت النار على الرمز الفلسطيني الحداثي والليبرالي والعلماني نبيل عمرو.

وهذه هي المرة الثانية التي يتعرّض فيها عمرو لإطلاق النار عليه. حيث أطلق مسلحون النار علي منزله قبل أكثر من عام، واتهموه بالخيانة بعد أن انتقد الأسلوب الذي يدير فيه عرفات شؤون السلطة الفلسطينية. ولكن نبيل عمرو المؤمن بضرورة الاصلاح لم يخشَ من رسالة عرفات له، ولم يتعظ، ولم يقطع لسانه، بل ازداد انتقاداًُ للسلطة الفلسطينية ولفسادها الفظيع الذي حوّل غزة والضفة الغربية إلى مزرعة لقادة فتح وقائدها ياسر عرفات.

-2-

ونبيل عمرو من السياسيين الفلسطينيين الطليعيين أبناء القرن الحادي والعشرين. وهو معروف بأفكاره الليبرالية وانفتاحه السياسي وعلمانيته وشجاعته السياسية ونقده الموضوعي المرير للسلطة الفلسطينية المهترئة. لذا، فإن اطلاق النار على عمرو بقصد قتله كما تم قتل ناجي العلي من قبل جاء بمثابة رسالة من انصار عرفات لعمرو باعتباره أحد اقطاب حكومة ابو مازن الطليعية، ولتجاوزه "الخطوط الحمراء" – وما أكثرها - في انتقاد الرئيس النفيس، وتبنيه المطلق لدعوات الاصلاح الامريكية، التي تتهم من قبل اليمين الفلسطيني القومي والديني بالكفر والعهر وقصر النظر. ومن هنا لم تهتم السلطة الفلسطينية بعلاج نبيل عمرو، ولم تنفق عليه فلساً واحداً وهو يعالج الآن على نفقة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. فالسلطة الفلسطينية غير مكترثة بحال بقدم نبيل عمرو بقدر ما هي مشغولة برأس ياسر عرفات الذي تحرسه السلطة الفلسطينية بأكملها، وتنفق عليه وعلى عائلته في باريس مئات الآلاف من الدولارات كل شهر.

فليسلم رأس عرفات ولتقطع رجل نبيل عمرو الذي كان من المفروض أن يتم قطع لسانه قبل أن يتم قطع رجله، ليكون عبرة لغيره من طويلي اللسان المتمادين على رأس السلطة "الشرعية الموقرة".

-3-



قدم نبيل عمر سوف تقطع غداً ولكن لسانه سوف يبقى.

وحتى لو قطع عرفات لسان عمرو أو قتله فلن يموت نبيل عمرو.

فهل مات حقاً ناجي العلي؟

ناجي العلي ما زال حياً بيننا برسوماته الساخرة الناقدة المتنبئة منذ عشرات السنين بحاضر السلطة الفلسطينية وبفسادها الحالي.

كم قدماً سيقطع ياسر عرفات حتى تكف المعارضة عن فضح ملفات فساد السلطة الفلسطينية.

كم لساناً سيقطع عرفات حتى تصمت المعارضة وتغمض عيونها عن سرقة الذهب والعقل الفلسطيني؟

إن السلطة الفلسطينية قررت أن تقطع دابر المعارضة بقطع أرجلها وقطع ألسنتها ليبقى فقط رأس الرئيس النفيس المنتخب الذي انتهت ولايته في اكتوبر 1997 (تم انتخابه لمدة أربع سنوات في أكتوبر 1993 ولم يترشح أحد ضده حقيقةً في ذلك الوقت، وذلك جرياً على الطريقة العربية في الانتخابات "الشرعية") مرفوعاً بالعزة والكرامة الفلسطينية والعربية.

-4-

عرفات لم يأت بجديد في القاموس السياسي العربي. فحال عرفات مع المعارضة هو حال كل الحكام العرب منذ خمسة عشر قرناً إلى الآن.

فاذا كان عرفات قد قطع رجل نبيل عمرو حيث لم يقدر بعد على قطع لسانه، فإن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان أمر واليه خالد القسري بذبح المعارض جعد بن درهم ذبح الشياه تحت المنبر بعد خطبة صلاة عيد الضحى. وقتل من بعده طوابير من المعارضة السياسية بدءاً بابن المقفع وابن أبي العوجاء، وبشّار بن برد، وصالح بن عبد القدّوس، وحمّاد عجرد، وانتهاءً بسيد قطب وفرج الله الحلو وشهدي عطية وسليم اللوزي ورياض طه وكامل مروة وغيرهم.

فهل ما زال العرب يعيشون في القرون الوسطى؟

كل حكام الأرض في القرون الوسطى عذبوا معارضيهم أقسى العذاب وأشده، ولكن كل الشعوب ما عدا الشعب العربي هبّت وعلمت حكامها كيف عليها أن تحترم المعارضة، بحيث أصبحت المعارضة علامة سياسية فارقة للعصر الحديث ومنجزاته السياسية. فلا سياسة في العصر الحديث دون وجود معارضة.

لقد عجز الشعب العربي عن تعليم حكامه كيف يجب عليهم أن يحترموا المعارضة. بل لقد كره الشعب العربي المعارضة واعتبرها تعمل ضد مصلحة الوطن وأولي الأمر. ونبذ عناصر المعارضة واعتبرها عميلة للاستعمار والمخابرات الاجنبية، وردد شعارات الدولة الرسمية بحق المعارضة. وأشار الى المعارضة على أنها من رذائل المجتمع. وابتعد عنها واتقى منها ابتعاده واتقائه من الأمراض المعدية الفتاكة.

-5-

ياسر عرفات بقطعه رجل نبيل عمرو لم يكتب تاريخاً جديداً في السياسة العربية، وانما أكمل كتابة سطراً أسود في هذا التاريخ. وكان أبو عمار رحيماً برفيق نضاله ومعارضه نبيل عمرو. فلم يذبحه ذبح الشياه كما فعل عبد الملك بن مروان بجعد بن درهم، ولم يشويه بالفرن كما فعل الخليفة المنصور بابن المقفع، ولم يعلقه على باب غزة أو رام الله كما تم تعليق غيلان الدمشقي، ولم يسلخ لسانه الذي كان "يلعلع" في الفضائيات منتقداً السلطة الفلسطينية وفاضحاً فسادها المريع كما سُلخت يد سليم اللوزي الذي انتقد السلطة السورية التي قتلته ورمته للكلاب في حرش بيروت، ولم تضعه في الأسيد كما وضع عبد الناصر فرج الله الحلو وشهدي عطية، ولم يُعلق له حبل المشنقة كما علق عبد الناصر هذا الحبل لسيد قطب، ولم يقتله كما قتل من قبل ناجي العلي، وكما قتل النميري محمود طه، وكما قتل صدام حسين مئات المعارضين .. الخ.

وليسلم رأس عرفات الرئيس النفيس، ولتقطع رجل نبيل عمرو الآن، ولسانه غداً.

-6-

نبيل عمرو معارض فلسطيني مؤدب، دمث الأخلاق، عفّ اللسان.

اقرأوا ما قاله عن من حاول اغتياله (الشرق الأوسط، 7/8/2004):

"صحيح أننا نمضي في خط صعب، ولكن أن يأتي فلسطيني ويطلق النار عليك لغرض قتلك، وعندما تسأل لماذا، لا تجد جواباً".

ولكن نبيل عمرو يعرف الجواب، وهو بكل بساطة:

طول اللسان.

ولو ضبَّ نبيل عمرو لسانه، أو قطعه، أو اكتفى باستعماله للزغردة على انجازات الرئيس النفيس، أو استعمله للعق الأحذية والأطياز لما حصل له ما حصل في الماضي والحاضر.

ولو أكل نبيل عمرو مع الآكلين، ولهط مع اللاهطين، وسرق مع السارقين، وشكر وحمد، لما تعرّض لما تعرّض له في الماضي والحاضر.

ونبيل عمرو الذي بُترت ساقه لطول لسانه يعلم حقيقة من هم الذين أرادوا اغتياله في الماضي والحاضر.

لنقرأ ما بين السطور ما يقوله عمرو:

"قصة علاقتي بالرئيس عرفات قصة طويلة وعميقة جداً ، إنها علاقة نشأت ونمت واستمرت في ظل التحديات. ونظراً إلى تاريخها الزمني ستجد أنه لم يكد يمر شهر راحة فيها من صراعاتنا في لبنان إلى صراعاتنا في الأردن إلى معارك الدفاع عن القرار المستقل. أحسبها تجدها سلسلة من الظروف الصعبة. من الانشقاق الأول إلى الانشقاق الثاني ستجدها عبارة عن مجموعة من المآزق الصعبة والخطرة، والتي عندما يأخذ الإنسان فيها موقفا فأقل ما يتوقعه ثمناً لهذا الموقف أن يفقد حياته".

فهل عرفتم أيها السادة من الذي حاول اغتيال نبيل عمرو في الماضي والحاضر؟

ليسلم رأس الرئيس النفيس عرفات، ولتبتر قدم نبيل عمرو وطائفة من أمثال نبيل عمرو. فما زلنا في ظلام القرون الوسطى أيها السادة حيث الحاكم هو الحاكم بأمر الله وبالحق الإلهي المطلق، وحيث لا كلمة فوق كلمته، ولا صوت يعلو فوق سوطه. وحيث رأسه تساوي كل أقدام شعبه.

فماذا يهم لو تكرّسح كل الشعب وأصبح كسيحاً، وسلم رأس الرئيس النفيس!



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طريق الثورة الملكية الأردنية
- أيها الخليجيون: احتضنوا العراق!
- ما هي الثورة الملكية التي يحتاجها الأردن الآن؟
- إلى متى سيبلعُ الفلسطينيون سكاكين الديكتاتورية نكايةً بإسرائ ...
- لماذا أصبحَ العربُ عَصْيين على التطبيع؟
- المهزلةُ الفلسطينيةُ: شَعبٌ كبيرٌ، و-مُختارٌ- صغيرٌ!
- لماذا يسعى الإخوان المسلمون إلى تغيير الجلود والعهود؟!
- قرضاويّان، لا قرضاوي واحد!
- هل حقاً أنَّ القرضاوي يُعتبرُ داعيةً وسطياً معتدلاً ؟
- هل حقاً أنَّ العربَ يعيشوا الآن في ظلامِ القرونِ الوسطى؟!
- محاكمةُ صدام حسين محاكمةٌ للنظام العربي عامة
- اليومُ المشهودْ، ووفاءُ العهودْ، وفتحُ الطريقِ المسدودْ!
- وجه العرب الأمريكي القبيح!
- من هم الليبراليون العرب الجدد، وما هو خطابهم؟
- المحافظون الجدد والليبرالون الجدد بين الواقع ومهاترات الغوغا ...
- ديمقراطية القرضاوي الإسلاموية الزائفة
- العالمُ الحرُ يَمْهُرُ العراقَ الجديدَ بخاتم الشرعية الدولية
- يا لهذا العراق الجديد ما أقواه!
- دعوة لعدم التضامن مع نوال السعداوي!
- العرب: من حُكم الخلافة المُطلق إلى الديكتاتورية الطاغية


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - شاكر النابلسي - قدَمُ عمرو ورأسًُ عرفات!