محمد سنجر
الحوار المتمدن-العدد: 3024 - 2010 / 6 / 4 - 19:04
المحور:
الادب والفن
( اجتمع الأهالي أمام دار العمدة القديم ينتظرون خروج العمدة ،
الدار ما زالت على نفس حالتها لم تتغير ،
صمت خيم على الجميع ،
يخرج العمدة بصحبة حسان أبو شوشة ،
تنطلق زغاريد النساء و يعم التصفيق و التهليل ،
يرفع أبو شوشة يده و يبدأ العمدة الكلام فينصت الجميع )
ـ السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ، حمد الله على سلامتك يا أبا العمدة ....
ـ ألف حمد الله على السلامة يا عمدتنا .
ـ الله يسلمكم جميعا ، بصوا بقى يا جماعة ، لازم تخلوا بالكم من حاجة مهمة قوي ، و هي إن أني بأعتبركم كلكم ولادي و بناتي و أهلي ، و مهما حصل و الا ها يحصل برضه ها تفضلوا أهلي و عزوتي ....
( تنطلق الزغاريد و التصفيق و التهليل و الهتاف )
ـ فيه حد فيكم يعرف يقول لي ، إيه الفرق بين الراجل الجدع و الراجل الخايب ؟
( صمت يخيم على الجميع ، بينما يهمس أحدهم للجالس إلى جواره )
ـ هو ها يعمل لي فيها نيللي و ها يبدأها بفوازير رمضان و إلا إيه ؟
ـ أني عارف ، على العموم سيبه يطرش الكلمتين ، خليه يطلع اللي تحت البلاطة عشان نلاقي نطفح .
( ينظر لهم العمدة ، فيسألهم )
ـ هيه ؟ حد فيكم عارف الفرق يا وله انته و هوه ؟
ـ لأ يا أبا العمدة ، ده أنا كنت بأقوله إن وش حضرتك منور زي البدر يعني ......
ـ الله يخليك يا سيدي ، طيب ، هيه ، حد عارف يا ولاد ؟ طيب أقول لكم أني بقى ، الراجل الخايب هو اللي دايما يبص وراه و يتحسر على اللي فاته ، و يقعد يندب حظه زي النسوان ،
لكن الراجل الجدع اللي من ضهر راجل بصحيح ، هو اللي يرمي كل اللي فات ده ورا ضهره و يبص قدامه ،
يعني الراجل الجدع هو اللي دايما يحط نقطة ،
و يقلب الصفحة و يجيب صفحة جديدة و يبدأ من أول السطر ،
و عشان كده أني مش عاوز أيتها حد فيكم يتكلم في اللى فات ، اللي فات مات خلاص و ادفن ، عاوزين بقى من دلوقتي ، نحط نقطة و نبدأ من أول السطر ، إحنا أولا و أخيرا فلاحين ولاد فلاحين ، و فيه منا اللي حداد و نجار و صياد ، بس الأصل في البلد دي هي الفلاحة و الزراعة ، و عشان كده أول حاجة ها نعملها نشوف الترعة اللي ردمناها دي ، يبقى نحط إيدينا في إيدين بعض و نحفر الترعة من أول و جديد ، بعد كده نبدأ نقسم أرضنا علينا مرة تانية بما يرضي الله و نرجع نزرعها و نخليها زي ما كانت و أحسن كمان ،
و عشان نبدأ صح لازم أول حاجة يكون للكفر ده كبير نسمع كلامه ، و نرجع له و ناخد مشورته ف كل حاجة ف البلد ، يعني بالعربي كده لازم نعمل انتخاب و نختار عمدة للبلد ...
( يقاطعه أحد الأهالي )
ـ لا عاش و لا كان أيتها واحد يكون عمدتنا غيرك انته يا عمدة ...
ـ غلط ، أهو كده يبقى ها نبدأ نعك من أولها ، العمودية مش حكر على حد ، اللي شايف نفسه ممكن يكون عمدة لازم يرفع إيده و يرشح نفسه قبالي ، لكن نخلي العمودية حكر على واحد بس لأ و ألف لأ ، أني عن نفسي ها أرشح نفسي ما قلتش لأ ، لأن دي مسؤولية و أني شايف إني ممكن أقوم بيها ، لكن برضه ما يمنعش إن أي حد فيكم شايف نفسه ينفع يبقى عمدة لازم يترشح و يقول اللي عنده و أني ها أقول اللي عندي أني كمان ، و الناس بقى هي اللي تقول و تختار عمدتها ....
( يقف التهامي )
ـ أني عاوز أرشح نفسي للعمودية ....
( عندها يقف أبو شقفة )
ـ و ليه ما أكونش أني العمدة ؟ هو أنته أحسن مني و الا تكونش فاكر نفسك يعني أحسن مني ؟
( يضرب العمدة كفا بكف و يصرخ )
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ، ما فيش فايدة ، ما فيش فايدة ، نقول طور يقولوا احلبوه ....
( يصرخ أحد الأهالي )
ـ مش عاوزين غيرك يا عمدة .
( يردد الأهالي وراءه )
ـ مش عاوزين غيرك يا عمدة ، مش عاوزين غيرك يا عمدة ...
ـ يا إخوانا ......
( يقاطعه الأهالي )
ـ مش عاوزين غيرك يا عمدة ، مش عاوز..............
( يرفع يديه مهدئا )
ـ استنوا ..........
( يغطي صوت الأهالي على صوته )
ـ مش عاوزين غيرك يا عمدة مش .........
( يرفع العمدة خيزرانته عاليا )
ـ هيه ؟ فاكرين دي و الا خلاص نسيتوها ؟ ما تدوني فرصة أتكلم الله يا وله انته و هوه .....
( يقل الضجيج رويدا رويدا )
ـ بصوا بقى من أولها ، زعيق و هيصة و هتافات و شغل ألبندا م اللي بتعملوه ده مش عاوز ، لازم نسمع بعض ، المشكلة إننا بنتكلم أكتر ما بنسمع ، طب حد فيكم يعرف ليه ربنا خلق لنا عينين اتنين و ودنين و بق واحد بس ؟
( يرد أحد الأهالي )
ـ عشان ما ناكلش كتير يا عمدة ....
( يضحك الأهالي )
ـ لأ يا فالح ، ما لهاش دعوة بالأكل خالص ، ربنا خلق لينا عينين و ودنين و بق واحد بس عشان نشوف كتير و نسمع كتير لكن لما نتكلم نتكلم قليل ، و عشان كده عاوزين نتفق إن لما حد فينا يتكلم لازم نسمع له كويس و ما نقعدش نصرخ و نشوشر عليه ، هوه ده الفرق بينا و بين البهايم ،
عمركم شوفتم بهيمة قاعدة ساكتة و بتسمع للبهيمة اللي بتنهق جنبها ؟
( يضحك الناس )
ـ اضحكوا اضحكوا على خيبتكم التقيلة ، دلوقتي بقى سيبوني أفهم التهامي و أبو شقفة حاجة مهمة قوي ، ليكونوا فاكرين إني عاوز العمودية و إلا متلهف عليها قوي ، العمودية يا إخوانا مش شرف و لا منظرة على مخاليق ربنا ، العمودية دي مسؤولية الناس لازم تهرب منها ،لأن الناس دي كلتها ها تتعلق في رقبتك يوم القيامة ، لازم كل واحد فيكم كده يتخيل إنه ها يجي يوم القيامة و الناس دي كلها متعلقة في رقبته ، تلاتة بالله العظيم لولا إني شايف إن عيب عليا إني أسيبكم في الظروف المنيلة بستين نيلة اللي انتو فيها دي لكنت سبت البلد و هجيت ، بس مش دي الرجولة و المجدعة ، مش م الرجولة أبدا إني أمشي و اسيبكم في حالة زي دي ،
عارفين المصيبة اللي حصلت للبلد دي كلها كانت بسبب إيه ؟
كانت بسبب واحد فيكم ساب المسؤولية و هرب بنفسه ، ساعتها ما كانش يهمه غير نفسه و بس ، الراجل ده هو اللي قاعد جنبي دهوه .......
( يشير العمدة إلى حسان أبو شوشة الذي يجلس إلى جواره ، عندها يصرخ أبو شوشة )
ـ بسببي آني ؟
ـ إيوة بسببك إنته يا حسان يا أبو شوشة ،( يوجه كلامه للأهالي ) الراجل ده يا بلد كان أنسب واحد يمسك شياخة الغفر ، و ده مش كلامي لوحدي ، لأ ، ده الكفر كله كان متفق على كده ساعتة لما عملنا ترشيح لشياخة الغفر ، فاكرين ؟
( يرد أحد الأهالي )
ـ ودي حاجة تتنسي ؟
ـ طبعا فاكرين .
ـ الراجل ده ساعتها هرب م المسؤولية بالرغم من إننا كلنا كنا شايفين إنه أنسب واحد للموضوع ده ، و بسبب هروبه م المسؤولية اللي هو أحق بيها خلى اللي ما يسواش هو اللي يمسك شيخ غفر ، و من ساعة ما هرب م المسؤولية و كل حاجة باظت ف البلد ، و عشان كده و عشان أنتم كلكم عاوزني و شايفين إني أحق بمسك العمودية ، أني مش ها أعمل زي أبو شوشة ما عمل قبل كده و أهرب زي هو ما هرب ، لأ ،
لأن هروبي ها يخلي حد تاني غيري ما يستحقش يجي مكاني و يمسك هو العمودية ، و الله أعلم بقى باللي ها يعمله فيكم ، و عشان أني قبل كده سمعت كلام بعض الناس و حودت عن الطريق الصحيح ، ها نشمي صح إن شاء الله من هنا و رايح مهما كان ، و عشان كده برضه أني ها أرشح نفسي قدامك أهوه ، و اللي موافق عليا و عاوزني أبقى العمدة يرفع إيده ، و اللي مش موافق تلاتة بالله العظيم قدام البلد كلتها أهوه لأشيله ف حبابي عنيا من جوه و لا ها يقلل شعرة واحدة من منزلته عندي أبدا ...
( يرفع التهامي يده عاليا و عندها يرفع أبو شقفة يده عاليا ،و يرفع جميع الأهالي أيديهم عاليا )
ـ على بركة الله ، طيب و شيخ الغفر ؟ اللي عاوز يرشح نفسه عشان يبقى شيخ غفر يرفع إيده .
( يهتف الأهالي )
ـ أبو شوشة ، أبو شوشة ....
( ينظر العمدة إلى أبو شوشة ، فإذا بأبو شوشة يرفع يده عاليا )
ـ أيوة كده ، الله ينور عليك ، خلينا بقى نرجع اللي فات ، فيه حد تاني شايف نفسه ينفع شيخ غفر .
( لا يرفع أحد يده مع أبو شوشة )
ـ بسم الله الرحمن الرحيم ، كده ممكن أقول نقطة و من أول السطر ...
( يأتي أحد الأهالي من بعيد يصرخ )
ـ إلحق يا أبا العمدة ......
( صمت يكمم الأفواه )
ـ فيه إيه يا وله ؟
ـ الكفر دي اسمها كفر البلاص ليه يا عمدة ؟
ـ مش عارف .
ـ أني بقى عرفت ، خد .....
( يضع الرجل بعض القطع الذهبية بين يدي العمدة )
ـ بسم الله ما شاء الله ، ده إيه ده كله يا وله ، و جايبهم منين دول ؟
ـ لسه باعزق بالمسحة في الأرض إلا و لقيتها بتعمل صوت زي ما تكون جت في حجر و لما قعدت أنحفر حوالين الحجر عشان أطلعه لقيته مش حجر يا عمدة .....
ـ أمال لقيت إيه يا وله ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ لقيت بلاص كبير ملان دهب ، أيوة دهب ، و الله العظيم دهـــــــــــــب يا أبــــــــا العمـــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــدة .......
( تمــــــــــــــــــــــت بحمد الله )
#محمد_سنجر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟