محمد سنجر
الحوار المتمدن-العدد: 3013 - 2010 / 5 / 23 - 10:31
المحور:
الادب والفن
( جلس التوابتي في انتظار شيخ الخفر بمكتبه ،
ما هي إلا لحظات حتى دخل عليه شيخ الخفر )
ـ السلام عليكم .
ـ و عليكم السلام ، أهلا بزعيم كفر البلاص ، حمد الله على السلامة .
ـ الله يسلمك يا توابتي ، بس أنته الله ينور عليك يا توابتي .
ـ و عليك يا زعيم ، و هو أني مهما عملت مش ممكن أبدا أوفي الدين اللي ليك في رقبتي .
ـ لأ بجد ، انته جيت في وقتك ، و أحلى حاجة إنك عالجت الموضوع بسرعة ، و من غير ما حد ياخد باله .
ـ أنا لقيتني بأجري عليكم من غير ما أحس ، و بعدين عاوزني أشوف المجنون ده بيضربك و أعمل إيه يعني ؟ ده تتقطع إيده من بدري ....
ـ و هو انته فكرك إني سكت له ؟ تلاتة بالله العظيم ما لقيت نفسي إلا بأرد له القلم قلمين ....
ـ ما آني شوفتك و أنت نازل فيه دب ، ده كان ها يموت في إيدك .
ـ ليكون فاكر نفسه لسه عمدة زي زمان ؟
ـ قول للزمان ارجع يا زمان ، أصل ده بعيد عنك راجل ما يتمرش فيه الخير ..
ـ تخيل انته بعد كل اللي عملتهوله ده كله يكون ده جزاتي ؟
ـ مش بيقول لك ، آخر خدمة الغز علقة ؟
ـ على رأيك .
ـ بس ده كان ماشي كويس و زي الفل ، نفسي أعرف إيه اللي قلبه القلبة دي كده فجأة ؟
ـ الراجل الأهبل لسه بأقول له إن الشركة خدت الأراضي من أهل البلد عشان يعرفوا يشوفوا شغلهم ، و ده اللوسة جت له ...
ـ مش بأقول لك إتجنن .
ـ قال إيه عاوز الناس ترجع تاني تزرع و تقلع .....
ـ تقلع ؟ أعوذ بالله ، بالذمة ده كلام ناس عاقلين ؟ يعني عاوز الناس بقى تمشي بلابيص في الشارع ؟
( لم يستطع شيخ الخفر منع الضحك الذي سيطر عليه فأطلق له العنان )
ـ إيوه كده اضحك اضحك ، ما حدش واخد منها حاجة ....
ـ ما يقصدش كده ، هو قصده يعني إن الناس ترجع تاني تفلح في أرضها ، قال إيه يقول لي ، طب و عيالنا ها يعملوا إيه بكره لما يكبروا ؟
ـ و إيه اللي دخل عيالنا دلوقتي في الموضوع ؟
ـ آني عارف و هو إحنا مقصرين مع العيال ؟
ـ مقصرين إزاي بس ، ده إحنا مش حارمينهم من أيتها حاجة .
ـ و غير كده ها نسيب لهم شيء و شويات ، ده احنا ها نسيب لهم ملايين متلتلة .....
ـ دول لو قعدوا يصرفوا فيها عمرهم كله مش ها يقدروا يخلصوها .
ـ المهم دلوقتي أنا عاوزك تشدد الحراسة عليه هو و الواد عبد الجبار ...
ـ ده أني حاطط عليهم حراسة تسد عين الشمس ....
ـ و تخليك حابسهم كده لغاية لما نشوف لهم صرفة ، و خلي بالك ، ممنوع أي حد يدخل لهم ...
ـ وحياتك ما هايشوفوا النور تاني ( يهمس ) تحب أخلصك منهم خالص ؟
ـ لأ ، بأقول لك إيه ، بلاش أفكارك اللي تودي في داهية دي .
ـ و لا تودي في داهية و لا حاجة ، دي فكرة و لا تخطر على بال إبليس نفسه .....
ـ أعوذ بالله منك يا شيخ ....
ـ طب بس خد مني ، أصل أنا نشرت الخبر في الكفر ، و الأهالي كلتها عارفين دلوقتي إن العمدة اتجنن .....
ـ حلو كده ....
ـ و إحنا بقى ها نقول إنه من جنانه قام في ليلة و حاول يقتل الواد عبد الجبار ، و الواد عبد الجبار قتله دفاع عن النفس ، و بكده يبقى ضربنا عصفورين بحجر ، خلصنا م العمدة و نعدم الواد عبد الجبار بتهمة قتله .
ـ لأ معلش ، خلي أفكارك دي لنفسك ، المهم عندي دلوقتي إن البلد كلتها تعرف إن إحنا خايفين عليهم م العمدة ، لأنه بقى خطر عليهم .
ـ ما فيش أبسط من كده .
ـ نفسي الناس تنسى العمدة ده خالص ، و ما يبقاش على لسانهم غير شيخ الغفر و بس .
ـ إعتبرهم نسيوه خلاص ....
ـ مش ها ينسوه بسهولة كده ، آني عارف ، عشان كده عاوزك تنشر في البلد إن العمدة كان عاوز يمنع عنهم الراتب و التموين اللي بياخدوه كل شهر ، و إن آني اللي وقفت له ....
ـ ماشي ، و لا يكون عندك فكرة ...
ـ و عاوزك كمان من بداية الشهر الجاي تزود للناس الراتب و التموين اللي بياخدوه ، و لازم الناس كلتها تعرف مين صاحب الفضل عليهم .
ـ ما هو آني عشان كده كنت جاي لك ، و كانت عندي كام فكرة كده كنت عاوز آخد رأيك فيهم .
ـ و ساكت ليه ؟ ما تقول ...
ـ كنت عاوز أسألك سؤال الأول .
ـ اسأل .
ـ هو إحنا أقل من أمريكا أو أوروبا ؟
ـ لأ طبعا ، دول همه ذات نفسيهم يتمنوا يبقوا ربعنا .
ـ طيب ليه بقى بنشتري كل حاجة عندنا بالدولار ؟
ـ أمال عاوزنا نشتري بالجنيه ؟
ـ لأ طبعا ، لكن إيه المانع إننا نعمل لنا عملة خاصة بينا إحنا ؟
ـ ما فيش أيتها مانع .
ـ و ياريت نعملها م الدهب عيار أربعة و عشرين ، و نحط صورتك عليها ، و بكده ها تبقى صورتك مع كل واحد في الكفر .....
ـ الله عليك ، و ها نسميها إيه بقى ؟
ـ الزورار .
ـ زورار ؟
ـ أيوه عشان يناطح الدولار من ناحية ، و م الناحية التانية يدخل أيتها عروة في البلد ......
ـ هههههههههههه .......
ـ مش كده و بس ، لأ ، ده غير صورتك اللي ها نحطها ف كل بيت و ف كل حارة و زقاق ، و ها نحطها كمان على التموين اللي بنديه للأهالي كل شهر ، و ممكن نكتب عليها كمان (منحة شيخ الغفر) تحت صورتك ، و بكده ها يبقى على لسان الناس غير سيرة شيخ الغفر و بس .
ـ الله ينور عليك ، انته دماغك بدأت تجيب زبدة أهي ...
ـ مش بس كده ، ده آني عاوز كمان أعمل شوية حفلات و أخلي العيال اللي بتكتب أغاني تكتب كام أغنية عنك و عن بطولاتك و اللي عملته للكفر ، ده بقى غير المسابقات و الجوايز اللي ها تبقى باسمك طبعا ، و أهي فرصة عشان نمرمغ الناس في العز ، هو الواحد مننا ها يعيش كام مرة يعني ؟
ـ على رأيك ، العمر واحد و الرب واحد ....
ـ مش المجنون اللي بيقول لي خلي الناس ترجع تشتغل تاني ، بالذمة ده كلام برضه ؟
ـ خلاص ، آدي تفويض مني أهوه عشان تكاليف الحاجات دي كلها .
( يأخذ شيخ الخفر إحدى الأوراق من فوق المكتب أمامه و يوقع عليها و يناولها للتوابتي )
ـ و عاوزك برضه تعمل لي جرنان كفر البلاص ، و تنزل فيه أخبار الكفر يوم بيوم ، و طبعا مش ها أوصيك ع اللي ها يتكتب عليا كل يوم ، الناس لازم تعرف أنا بأعمل إيه عشانهم كل يوم ، و برضه عاوز العيال بتوع الإذاعة و التلفزيون بتاع الكفر يتلحلحوا شوية .....
ـ و الله و لا لك عليا حلفان كنت ها أعمل كده ، بس كنت هاخليها لك مفاجأة ، بس انته حرقتها لي .....
ـ مش عارف من غيرك كنت ها أعمل إيه يا توابتي ؟
ـ ده إحنا اللي من غيرك و لا كنا نسوى تلاتة تعريفه ، ربنا يخليك لينا يا كبير كفر البلاص ، ربنا يخليك لينا ......
( صوت طلقات نارية تقطع سكون الليل )
( يتبع )
#محمد_سنجر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟