محمد سنجر
الحوار المتمدن-العدد: 2997 - 2010 / 5 / 6 - 09:21
المحور:
الادب والفن
( مركبة عسكرية تقف أمام قصر شيخ الخفر ،
ينزل قائد المركبة من ذوي البشرة البيضاء مرتديا زيه العسكري الأنيق ،
يسرع إلى باب المركبة الخلفي ، يفتحه و ينحني ،
ينزل من المركبة الخفير ( التوابتي ) في زيه العسكري الأنيق و قد وضع نظارته الشمسية على عينيه ،
يرفع الجندي يده مؤيدا التحية العسكرية و ضاربا الأرض بقدمه صارخا )
ـ عاش الطاهر .
( يرد له التوابتي التحية بإشارة ( هتلرية ) بيده )
ـ عاش ، عاش ، عاش .
( يتجه إلى باب القصر ، عندها يقوم الجنود الواقفون أمام الباب بإلقاء التحية )
ـ عاش الطاهر .
ـ عاش ، عاش ، عاش .
( تعزف الموسيقى العسكرية ،
يصحب التوابتي جنديان إلى داخل القصر ،
يدبون الأرض بأقدامهم على إيقاع الموسيقى ،
يتجهون إلى باب داخلي يقف عليه بعض الجنود ، يؤدون التحية و يصحبون التوابتي إلى باب داخلي آخر ، و أخيرا ينفتح باب قاعة الاجتماعات ، يدخل التوابتي بينما يقف الجنود خارج الباب ،
قاعة كبيرة مؤثثة بأفخم الأثاث الأجنبي ، في واجهة القاعة مثبت خريطة كبيرة لكفر البلاص بحجم الحائط ، يجلس شيخ الغفر أمامها على مكتب كبير فخم ، يؤدي التوابتي التحية العسكرية رافعا يده يصرخ )
ـ عاش الطاهر ، عاش ، عاش ، عاش .
( عندها يضحك شيخ الغفر )
ـ أنت ها تعمل الشويتين دول عليا أنا كمان يا توابتي ؟
ـ عفوا جناب شيخ الغفر .
ـ طب اقعد لنا في حته ناشفة الله يخليك .
ـ أمرك يا افندم .
( يجلس التوابتي على أحد الكراسي بعيدا ،عندها يصرخ فيه شيخ الغفر )
ـ تعالى اقعد جنبي يا وله ، إحنا ها نتكلم من بعيد لبعيد كده ؟
ـ ما يصحش يا جناب شيخ الغفر .
ـ لأ يصح ، تعالى بس قرب ، أني اللي بأقولك ، تعالى تعالى .
( يقترب التوابتي و يجلس )
ـ هيه ، إيه آخر الأخبار يا وله ؟
ـ الكفر كله بيبوس إيدك يا زعيم ، دول ما لهمش سيرة غير سيرة سعادتك، كلهم بيدعوا لك .
ـ على العموم أنا شايف الكفر كله من الشاشات اللي قدامي أهو ، شايف ؟ مركبين لي كاميرا في كل حارة من حواري الكفر و بالألوان كمان ، و بتابع الكفر كله من هنا من مكتبي ، إيه رأيك يا وله ؟
ـ اللهم صلي على النبي ، لا تقول لي أوروبا و لا اليابان ، ربنا يزيدك من نعيمه ، بس فيه حاجة كده كنت عاوز أكلمك فيها .
ـ خير ؟
ـ عمدة زعيبل و عمدة كفر أبو حطب كانوا عاوزين يتشرفوا بمقابلة فخامتك .
ـ أيوه ما أنا شايفهم واقفين على الأسلاك من بدري ، خير ؟ هي المعونة مش بتوصل لهم كل أول شهر ؟
ـ أيوة طبعا ، بس الأهالي هناك عاملين مظاهرات و بيطالبوا إنك تضم بلدهم لدولة كفر البلاص ، و أهي تبقى كفر البلاص الكبير .
ـ هي المشرحة ناقصة قتلى ؟ و دول أضمهم أعمل بيهم إيه إن شاء الله ؟
ـ أهو برضك يبقوا عزوة ، و أهي البلد تكبر و تعدادها يزيد ...
ـ و مين اللي يخدمنا و يخدم أهالي كفر البلاص ؟
ـ ما إحنا بنجيب خدم من بلاد بره .
ـ جيرانا أولى بينا ، مش الجار أولى برضه ؟ و بعدين إيه اللي ها ينوبنا لما البلد تكبر و لا تزيد ؟ دي الفتافيت اللي بناخدها يا دوبك مكفيانا بالعافية ، طب تصدق بإيه و لا ليك علي حلفان ؟؟؟؟
ـ لا إله إلا الله .
ـ كنت عاوز أعمل الكفر زي ( فيينا ) ما آني عارف .
ـ زي فيينا إزاي يعني لا مؤاخذة ؟
ـ يعني بيوت الكفر كلتها تبقى عايمة في المية ، يعني الكفر كلاته ها يبقى عبارة عن حمام سباحة كبير ، بص التخطيط اللي جيباهولي جاكلين ،
( يشير إلى مجسم صغير موضوع أمامهم على الطاولة )
شوف بقى حمام سباحة كبير زي ده ، ها ياخد ميه معدنية قد إيه ، ده غير السمك الملون اللي ها يتحط فيه ، و غير الفلاتر و الأنوار و التجهيزات...
ـ يا حلاوة يا ولاد ، و ها يعبوه كله مية معدنية ؟
ـ أمال ها نملاه من مية الترعة اللي كلها بلهارسيا ؟ ده كفاية بس إن ما حدش في الكفر ها يمشي على رجليه ، يعني عشان تجيني تركب اليخت بتاعك كده زي الباشا م القصر بتاعك لغاية القصر بتاعي ، يعني لا هيبقى فيه لا عفرة و لا تراب و لا قرف ....
ـ طب المزارع و الأراضي ؟
ـ مزارع إيه و أراضي إيه يا دغف ؟ و هو حد فاضي يزرع و يقلع ؟ اللي احنا عاوزينه بنجيبه بفلوسنا ، حتى لو لبن العصفور ، و بعدين بأقول لك كفر البلاص ها تبقى حتة من الجنة ، بس شوف انته بقى ، موضوع زي ده عشان ننفذه محتاج فلوس قد إيه ، تقوم تقول لي كفر أبو حطب و ابو زعيبل ؟ مش لما نبقى نشوف نفسنا الأول ؟ و بعدين همه عاوزين إيه أكتر م اللي بيروح لهم كل أول شهر ؟ هي نهيبة و إلا نهيبة ؟
ـ على رأيك ، بس أني حبيت أقول لك على اللي بيحصل حوالينا ....
ـ سيبك منهم ، المهم دلوقتي ، أهل بلدنا بيقولوا إيه ؟أصل بعيد عنك البهايم اللي ركبوا لي الكاميرات خلوها صورة بس من غير صوت ، و بقى لي شهر ما خرجتش م القصر .
ـ إيوه صحيح ، افتكرت ، الغفر كانوا بيسألوا عليك ، هو انته كنت تعبان و إلا حاجة لا سمح الله ؟
ـ و لا تعبان و لا حاجة ، بس البت جاكلين جابت لي لعبة جديدة هدية ، بس إيه يا وله ، حاجة و لا في الأحلام ...
ـ لعبة إيه دي ؟
ـ نضارة كده تلبسها على عينيك ، بس إيه ، تلاقي نفسك في دنيا غير الدنيا ، تحس إنك في عالم تاني خالص ، بالصوت و الصورة ، يعني ممكن تروح بالنضارة دي المريخ أو تنزل على سطح القمر ، و تلاقي نفسك و كأنك جوه صاروخ بالظبط ، لأ و تطير بيه كمان و تنزل على سطح المريخ ، و هناك بقى تلاقي سكان المريخ ، بس أول ما بيشوفوك بيطلعوا يجروا وراك ، و انته طبعا بتهرب منهم ، و طبعا بيبقى معاك أسلحة و تقعد تحاربهم و تموتهم ، بأقول لك حاجة و لا في الأحلام ...
ـ يا حلاوة يا ولاد ، طب أنا عاوز ألعبها شوية الله يخليك .
ـ و ده وقته ؟
ـ الله يخليك يا حضرة شيخ الغفر .
ـ إنته ها تشبط زي العيال ؟
ـ عشان خاطري ، هو أني ما ليش خاطر عندك ؟
ـ حاضر ، حاضر ، بس لما تيجي فرصة كده أبقى أخليك تلعب بيها شوية ، خلينا في المهم دلوقتي ، ما تعرفش أخبار الواد حسان أبو شوشة إيه ؟
ـ سيب فخامتك منه ، ده واد أهبل ، قال إيه لا راضي يسكن في القصر بتاعه و لا عاوز ياخد راتب زي بقية خلق الله ، و قاعد يزرع و يفلح في أرضه زي زمان ، ده مش وش تطور ، ده وش تدهور ، الدنيا كلها بتتقدم لقدام و ده بيرجع لورا .
ـ على العموم سيبوه براحته ، ما حدش يضايقه أنا بأقولك أهوه .
ـ هو حر ، و الله اللي بيشيل قربة مخرومة بتخر عليه ، و إحنا مالنا ؟
ـ ما فيش أخبار عن أبوك العمدة يا وله ؟
ـ من ساعة ما بنوا المستشفى الجديد و خدوه هناك و هو في الإنعاش .
ـ ربنا يقومه بالسلامة .
ـ يقوم مين بالسلامة ؟ بأقول لجنابك في الإنعاش ، عارف جنابك سموها إنعاش ليه ؟
ـ ليه يا فالح ؟
ـ عشان اللي بيدخلها ـ إن عاش ـ إبقى تعالى تف في وشي .
ـ الملافظ سعد يا وله .
ـ و هوه أني قلت حاجة غلط ؟ ما هي اللي اسمها كده ، و بعدين ده عايش بالخراطيم ، و لا داري عن الدنيا أيتها حاجة .
ـ ربنا يكون في عونه ، على العموم إبقى وصيهم ياخدوا بالهم منه يا وله ، ده مهما كان برضه عمدتنا .
ـ كفر البلاص بقت دولة العالم كله بيتكلم عنها دلوقتي ، مش حتة كفر ماحدش يدرى عنها ، على العموم ها أبقى أنبه عليهم حاضر ، تأمرني بحاجة تانية فخامتك ؟
ـ ما تقعد ، رايح فين ؟
ـ عاوز استأذن عشان مراتي متفقة مع شركة من استراليا ها تعمل لها حمام سباحة ألفرانكا سخن و بارد في الحوش بتاع القصر ، و زمانهم جايين دلوقتي ، تحب أخلي الشركة تعمل لك واحد ؟
ـ و ها أحتاج حمام سباحة ليه بقى و البلد كلتها ها تبقى حمام سباحة ؟
( يهمس التوابتي )
ـ موت يا حمار .
ـ بتبرطم بتقول حاجة يا وله ؟
ـ بأقول سلام عليكم .
ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ، ما تقعد تتغدى معايا .
ـ الله يخليك ، دايما عامر ، ده اني لسه ضارب لي خمسة كنتاكي و عشرة كاكولا من شوية ، سلام عليكم .
ـ و عليكم السلام ، ألف سلامة .
( يتبع )
#محمد_سنجر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟