محمد سنجر
الحوار المتمدن-العدد: 2887 - 2010 / 1 / 13 - 12:50
المحور:
الادب والفن
( النار تلتهم أحد البيوت ،
سحب الدخان الأسود غطت سماء القرية ،
صوت شهيق النار يشق صمت الليل ،
أخذت الصرخات تتعالى رويدا )
ـ غيتونا يا خلق هـــــــوه ....
ـ النار قايدة في دوار العمدة القديم يا بلد ...
ـ إلحقونا يا عالم ....
( دب النشاط في أهالي القرية ،
أشباح تجري في كل مكان ،
اختلط الحابل بالنابل ،
البعض يسكب الماء على النار لإخمادها ،
بعض النساء يجرين إلى الترعة يملأن الأواني بالماء ،
الرجال يحاولون تكسير الباب الخشبي العتيق ،
يأتي أحد الرجال حاملا فأسه يصرخ )
ـ وسع يا جدع أنت و هو ...
( يضرب قفل الباب الحديدي بفأسه حتى ينخلع ،
يفضون الباب على مصراعيه ،
يتسلل أحدهم لتحرير البهائم من مربطها ،
يدخل بعض الخفر يحملون ما تبقى من أجولة الدقيق و السكر لإخراجها ،
تنطلق البهائم فارة من النيران ،
حالة من الهلع تسيطر على الجميع ،
محاولات مضنية لإخماد الحريق ،
صرخات تتلاحق )
ـ مية بسرعة يا عالم ؟
ـ اطلع أنت يا عم خميس ....
ـ صب هناك على طرف القش ياد يا عوض ...
ـ هاتي يا أم علي ، ناوليني بسرعة .....
( دقائق تمر سنوات ،
بدأت النار تنحسر رويدا رويدا ،
ما هي إلا لحظات حتى هدأت النيران ،
أخيرا ينجحون في إخمادها )
ـ الحمد لله ، الحمد لله ...
ـ الله يبارك فيك ياد يا مهموز ...
ـ و هو أنا عملت حاجة ، ادعي للواد أبو الروس هو اللي طفاها .
ـ الله يخليك يا حسين ، هي دي الرجالة بصحيح ...
( يدخل شيخ الخفر حاملا مطفأة الحريق ،
يوجه فوهتها ناحية النيران الخامدة ،
يصرخ فيهم )
ـ وسع يا جدع أنت و هو ، وســــــــــــــــع ...
( يضغط على ذراع التشغيل ،
تخرج من فوهتها بضع بصقات سائلة يصحبها صوت تنفيس واهن يحتضر ،
عندها ينفجر الرجال في الضحك ،
يصرخ )
ـ بتضحك على إيه يا وله أنت و هو ؟
ـ مش عليك و الله يا شيخ الغفر .....
ـ ماشي يا حسين يا أبو أليطة ، بس لما يجي حضرة العمدة ها أقوله انك بتضحك على طفايته اللي جايبها م البندر .
ـ و الله ما ضحكت عليها يا شيخ الغفر ، ده أنا بضحك على الواد أبو راسين أصله طلع منه صوت مش و لابد .
ـ ماشي ، ها أعديها لك المرة دي بمزاجي .
( يأتي أحد الخفر ، يضرب الأرض بقدمه لأداء التحية العسكرية )
ـ تمام يا فندم .
ـ إيه الأخبار يا أبو سليمان ؟
ـ كله تمام يا شيخ الغفر ، تمت الزيطرة على الولعة خلال ساعات مع دودة.
( يوجه شيخ الخفر كلامه للأهالي )
ـ شكرا يا رجالة ، ياله كل واحد يروح لحاله ، انصراف .
( يخرج الرجال و النساء ،
يوجه حديثه للخفير )
ـ فيه شبهة جنائية يا ولة ؟
ـ قصدك إيه يا فندم ؟
ـ ها أفضل أفهمك لحد إمتى ؟ يعني الولعة دي ممكن تكون بفعل فاعل ؟
ـ أنا الصراحة كده رأيي إنه ماس كهربائي .
ـ ماس كهربائي منين يا وله و الدوار ده أصلا ما فيهوش كهربا من أساسه ؟
ـ يمكن حد وصل له الكهربا و احنا نايمين يا شيخ الغفر .
ـ ما فيش فايدة ، نقول تور يقولوا احلبوه ، اتلقح على جنب و اسكت خالص ، فين الواد عوضين ؟
ـ بيدور على البهايم اللي هربت م الحريقة .
ـ لما يجي خليه يحصلني على دار العمدة .
ـ أوامرك يا شيخ الغفر .
( يخرج شيخ الخفر متوجها إلى دار العمدة ،
و في الطريق ،
يقابله العمدة على حماره )
ـ إيه اللي حصل يا شيخ الغفر ؟
ـ سليمة إن شاء الله يا حضرة العمدة ، النار ولعت في الدوار القديم ، بس إحنا سيطرنا عليها و طفيناها ....
ـ و البهايم و التموين ؟
ـ البهايم سليمة الحمد لله ، بس هربت م النار و الواد عوضين بيلمهم ، و التموين لحقناه بأعجوبة ، يدوبك شوالين تلاتة اللي النار كلتهم و الباقي سليم و زي الفل .
ـ و جنابك نايم على ودانك ؟ أمال فين الغفر اللي بيحرسوا الدوار يا جدع انته ؟
ـ واحد استأذن مني ، أصل مراته كانت بتولد ، و التاني نام على روحه...
ـ الاتنين ياخدوا جزا ، و أنت كمان معاهم ...
ـ طب و أنا ذنبي إيه بس يا حضرة العمدة ؟
ـ ذنبك على جنبك يا اخويا ، ما هو أنت لو شايف شغلك كويس ما كانش اللي حصل ده حصل .
ـ ده قضاء و قدر يا عمدة .
ـ لأ مش قضاء و قدر يا شيخ الغفر ، النار دي بفعل فاعل يا ناصح .
ـ إزاي ؟
ـ مش قلت لك نايم على ودانك ؟ الواد خميس جاني بلغني ، و لقيته جايب معاه الجركن ده ، و قالي إنه لقاه مرمي في مسرح الجريمة جنب الدوار ، افتحه كده و شمه .
( يفتحه شيخ الخفر ، يشم رائحة ما بداخله )
ـ إيه ده ؟ ده جاز يا عمدة ، طب تصدق بإيه ؟ أنا قايل إنها بفعل فاعل بس ما كنتش عايز اتهم حد ظلم يا عمدة ....
ـ لا إتهم يا خويا ، و آدي الدليل قدامك أهو .
ـ أيوة بس مين اللي ممكن يعملها يا عمدة ؟
ـ الجماعة اللي قطعنا عنهم التموين يا فطن .
ـ معقول ؟ و هو ده رد الجميل ؟
ـ ها تعمل إيه بقى ؟
ـ لا يمكن أسكت أبدا على المسخرة دي يا حضرة العمدة ، معنى كده إنهم ممكن يعملوها تاني و تالت ، لازم نلمهم واحد واحد و نحبسهم .
ـ ها تلم مين و إلا مين يا شيخ الغفر ؟ دول متين وخمسين نفر .
ـ على الأقل نحقق معاهم و أكيد ها نوصل للي عملها و نسجنه .
ـ أيوة وتقعد تعذب فيهم لغاية لما واحد فيهم يقر ؟
ـ في ظرف يومين بعون الله أكون عرفت لك اللي عملها .
ـ واحد و عملها و يستاهل اللي يجرى له ، طب و المية تسعة و أربعين ؟
ـ مالهم ؟
ـ ها تقول إيه مع للمية تسعة و أربعين اللي عذبتهم من غير ذنب يا شيخ الغفر ؟
ـ حضرتك تعتذر لهم اعتذار رسمي و خلاص .
ـ تصدق بإيه ؟
ـ لا إله إلا الله .
ـ تلاتة بالله العظيم ، و لا لك عليا حلفان ، لو أنا واحد من المية تسعة و أربعين مظلوم دول ، لو جبت لي العالم ده كله و حطيته تحت رجليا ، لا يمكن أسامحك أبدا على ألم واحد ، و ساعتها بعد ما كان عندك مجرم واحد بقى عندك مية و خمسين مجرم ،
و اللي عمره ما جه على باله يعملها ها يتجرأ بعد كده و يعمل اللي ألعن منها ، و خد عندك بقى .....
ـ طب و الحل يا حضرة العمدة ؟
( يتبع )
#محمد_سنجر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟