محمد سنجر
الحوار المتمدن-العدد: 2907 - 2010 / 2 / 4 - 01:46
المحور:
الادب والفن
عمدة كفر البلاص ( 7 )
( جلس العمدة إلى طاولته ، الشيخ جمعة إلى يمينه و الدكتور عادل إلى يساره ، دق العمدة بخيزرانته على الطاولة فعم الصمت )
ـ بصوا بقى يا بلد ،
أظن كده كل واحد فيكم خد حقه تالت و متلت ،
و الغفر و شيخهم خلاص ( ينفض كفيه ) بح ،
دلوقتي إنتم ذات نفسيكم اللي ها تختاروا الغفر و برضه منكم ،
لا ها أجيب قوات من عصبة الأمم و لا من الإف بي آي ،
منكم فيكم ، فاهمين ؟ منكم فيكم أهوه ، و مش ها أفرض عليكم حد ، عشان ما حدش يقول كلمة كده و لا كده ،
شاهد يا شيخ جمعة ؟
( يشير الشيخ جمعة برأسه )
ـ شاهد يا عمدة .
( ينظر العمدة إلى يساره )
ـ شاهد يا دكتور عادل ؟
ـ أيوة يا عمدة ، شاهد .
( يوجه كلامه لأهالي البلد )
ـ اللي شايف في نفسه إنه ممكن يخدم أهله و ناسه و يبقى غفير يقوم يقف .
( يقف بعض الرجال ، عندها يسود الهرج و المرج بين الناس ، يتساءل العمدة )
ـ فيه إيه يا بلد ؟ حصل إيه ؟
( لا يرد عليه أحد ، عندها يميل إليه الشيخ جمعة يهمس )
ـ أصل الأهالي كلها كانت عايزة الواد حسان أبو شوشة يقف عشان فيه شبه إجماع إنه يبقى شيخ الغفر ...
ـ و إيه المشكلة طيب .
ـ ما قامش وقف يا عمدة ، لأنه رافض الموضوع ده من أساسه .
( يرفع العمدة يده عاليا فيعود الصمت شيئا فشيئا )
ـ طبعا أنا سمعت إن فيه ناس عاوزة حسان أبو شوشة يبقى شيخ الغفر ، و الصراحة كده و الشهادة لله الواد ده ما فيش عليه أيتها شكاوي ، و لا عمر حد قال فيه حاجة كده و لا كده لا سمح الله .
( ينادي العمدة )
ـ حسان أبو شوشة .
( يقف الغفير محسن يلفه الحياء )
ـ أفندم يا حضرة العمدة .
ـ إنت ما وقفتش ليه يا أبو شوشة من ضمن الناس اللي وقفوا ؟
ـ مش عاوز يا حضرة العمدة .
ـ هو إيه اللي مش عاوز ؟ هو إحنا بنعزم عليك تيجي تاكل معانا ؟
خد تعالى هنا .
( يذهب إليه )
ـ فيه إيه يا وله ؟ مش عاوز تبقى غفير ليه ؟
ـ إلا دي يا حضرة العمدة .
ـ يعني إيه إلا دي ؟ و بعدين الناس كلها عاوزاك شيخ غفر كمان ، مش غفير و بس ، يعني شغلانة شريفة ما كتش تحلم بيها لا انته و لا أهلك ، ها تاكل و تشرب و تتبغدد منها إنت و مراتك و عيالك ، و بعدين انته يا وله لا عندك أرض ها تزرعها و لا لك شغلة و لا مشغلة .
ـ كفاية عليا شط الترعة اللي انته كتبتهولي يا عمدة .
ـ شط ترعة إيه يا أهبل ؟ و هو برضه شوية الجرجير و البصل اللي بتزرعهم دول يأكلوك انته و عيالك ؟
ـ و انته يعني كنت شفتني مادد إيدي بأقول حسنة لله يا حضرة العمدة ؟
( يقبل كفه وجها و ظهرا ) مستورة و الحمد لله و القاشية معدن ، بس ربنا يديمها علينا نعمة .
( يقاطعهم الشيخ جمعة بصوت خفيض )
ـ يا وله دي الغفارة ها تدخلك مبلغ حلو بدل الفقر اللي انته مزروع فيه ده ، و بعدين ها تلبس البدلة الميري أم زراير دهب يا وله ، و إلا يعني عاجبك قوي الجلبية المرقعة اللي انته لابسها دي ...
ـ على قلبي زي العسل يا شيخ جمعة ، ما دام بأنام متهني و لا حد زعلان مني و لا أني زعلان من حد ، لأ معلش ، يفتح الله يا جماعة ، حد الله بيني و بينها .
( يسأله الدكتور )
ـ بعد إذنك يا حضرة العمدة .
ـ اتفضل يا دكتور .
ـ ممكن نفهم بس انته ليه رافض الموضوع ده يا أبو شوشة ؟
ـ دي مسؤولية يا دكتور ، عارف يعني إيه مسؤولية ، يعني ها أبقى مسؤوووول ، عارف يعني إيه مسؤول ؟
( يقاطعه الشيخ جمعة )
ـ يعني قيمة و سيمة و وظيفة ميري و تمشي كده في البلد رافع راسك ، تأمر و تنهي على كيف كيفك ، و لا حد يقولك تلت التلاتة كام ...
( يقاطعه أبو شوشة )
ـ لا يا شيخ جمعة ، معلش بقى ده عندك انته ، و برغم إني راجل جاهل مش متعلم زيكم ، لكن معلش أبويا علمني إن مسؤول دي يعني إنسان عريان و حافي .
ـ عريان و حافي إزاي يا أهبل ، ده انته ها تبقى ملو هدومك و ها تقعد مع العمدة و كبرات البلد .
ـ انته بتتكلم عن الدنيا ؟ ههههههه ، لا يا شيخ جمعة ، دي طلعت و إلا نزلت اسمها دنيا ، و باينة من اسمها ، يعني لا مؤاخذة كده واطية ، لكن أني بأقول عريان و حافي يوم القيامة قدام رب العالمين ، و ساعتها ها أبقى مسؤول بحق و حقيقي ، لأنه ها يسألني عن كل كبيرة و صغيرة ، و بصراحة كده أني مش قد الموضوع ده ، و لا قد سؤال واحد أرد عليه قدام رب العالمين ، لأ يا جماعة لأ ، و الله العظيم ما أني قدها ، شوفوا واحد يقدر يقف و يرد على رب العزة لما يسأله ( تترقرق الدموع في عينيه )
لكن أني ؟ تلاتة بالله العظيم ما أقدر ....
( يقاطعه العمدة )
ـ ما هو عشان الحتة دي بقى الكل عاوزك انته بالذات تمسك العمودية ( يتدارك نفسه ) تمسك الغفارة الله يخرب بيتك لخبطتني ،
خلاص انتهى الكلام ، ده أمر يا أبو شوشة ، انته ها تبقى شيخ الغفر ...
( ينكب أبو شوشة باكيا على كف العمدة يقبله )
ـ أبوس إيدك يا أبا العمدة بلاااااش ، و الله ما أني قدها ، أبوس إيدك ...
( يسحب العمدة كفه بسرعة ، ينكب أبو شوشة على قدمه يقبلها ، يصرخ)
ـ أبوس رجلك يا أبا العمدة ، تلاتة بالله العظيم ما أني قدها ، عشان خاطري ، و حياة حبيبك النبي يا شيخ بلااااااش .....
( يقف العمدة مبتعدا عنه يدفعه بعيدا )
ـ استغفر الله العظيم ، لا حول و لا قوة إلا بالله ......
( يلاحقه أبو شوشة )
ـ بالله عليك يا أبا العمدة ......
( عندها يقوم الشيخ جمعة و الدكتور يحاولان إمساك أبو شوشة و الحيلولة بينه و بين العمدة ، يحاول أبو شوشة الإفلات من بين أيديهم ، يدور العمدة حول الطاولة فارا بنفسه ، بينما يستصرخه أبو شوشة با كيا)
ـ أبوس إيدك يا أبا العمدة بلاش أني ، و الله العظيم ما أني قد المسؤولية دي يا عمدة ، شوف حد تاني ، و حياة حبيبك النبي اللي انته زرته ،
( يحاول استرحام الشيخ جمعة و الدكتور ) بالله عليك يا شيخ جمعة تقوله بلاش أني ، إلهي ربنا يخلي لك بنتك يا دكتور عادل تقنعه يشوف حد غيري ( يسقط أبو شوشة جالسا على الأرض يهيل على نفسه التراب )
حد يغيتني يا عالم يا هـــوه ، حرام عليكم ، و الله حرام حرام حراااااام ...
( يحاول الدكتور و الشيخ جمعة تهدئته ، تقف زوجته تصرخ )
ـ حرام عليكم يا عالم ، خلوا في قلوبكوا شوية رحمة يا هـــــوه ...
( تذهب إلى زوجها لتهدئته ، يشير العمدة إلى بعض الرجال )
ـ خدوا المجنون ده بعيد عن هنا ، خدوه ورا خالص .
( يحمله الرجال إلى آخر الصفوف ، يتجمع الأهالي حول أبو شوشة يحاولون تهدئته ، يعود العمدة و الشيخ جمعة و الدكتور إلى أماكنهم ، يضرب العمدة كفا بكف )
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، إيه ده ؟ فيه لسه ناس بالشكل ده ؟
( يهمس إليه الشيخ جمعة )
ـ ما هو برضه الواد معاه حق يا حضرة العمدة ، الواد شايف نفسه مش قدها .
ـ يعني إيه ؟
( يميل الدكتور إلى العمدة هامسا )
ـ يعني ما نقدرش نغصبه على حاجة زي دي يا عمدة ، خلاص هو حر ، طالما رافض بالشكل ده يبقى نشوف حد تاني أحسن .
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، فيه حد يرفس النعمة ؟
ـ من وجهة نظرنا إحنا بس يا عمدة ، لكن الواد شايف غير كده .
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، خلاص كفاية كده النهاردة ،
( يوجه حديثه للأهالي )
معلش يا أهل البلد ، فركش ، ها نأجل الموضوع ده لبكره إن شاء الله .
( يقف العمدة و الشيخ جمعة و الدكتور ، يتوجهون إلى داخل دار العمدة ، يحاول العمدة تعديل هندامه ، بدا و كأنه يكلم نفسه )
ـ الواد هد حيلي الله يهد حيله ، منك لله يا أبو شوشة ،
الواد يا خويا كأني بأرميه في النار ،
لا حول و لا قوة إلا بالله ، لا حول و لا قوة إلا بالله ....
( يتبع )
#محمد_سنجر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟