محمد سنجر
الحوار المتمدن-العدد: 2896 - 2010 / 1 / 22 - 01:01
المحور:
الادب والفن
عمدة كفر البلاص ( 5 )
( طرقات أياد قوية تدق الباب ،
تدق و تدق و تدق ،
فتح العمدة الباب و إذا بشيخ الخفر يخر على يديه مقبلا ، يصرخ )
ـ أبوس إيدك يا حضرة العمدة خبيني .
ـ فيه إيه يا وله ؟
ـ أهالي البلد عاوزين يقتلوني .
ـ نعم نعم نعم نعم ؟ إنت بتستهبل يا جدع أنت و الا إيه ؟
ـ تلاتة بالله العظيم بأكلمك جد ، أهالي البلد هاجم و اتلموا كلهم بربطة المعلم و قالبين البلد عليا عشان يقتلوني .
ـ و فين القلاضيش بتوعك يا سبع البرمبة ؟
ـ ضربوهم و خدوا منهم البنادق كمان .
ـ إهي ؟ دي ثورة بقى ؟
ـ و أي ثورة يا عمدة ؟ دي و لا بتاع عرابي .
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ....
( فجأة يظهر ضوء المشاعل يضيء سماء القرية من بعيد )
ـ أهم يا حضرة العمدة ....
ـ إيه ده يا وله ؟ معقولة ؟
ـ مش بأقولك مش ها تصدق إلا أما تشوف بعنيك .
ـ استغفر الله العظيم ، هو إنت عملت لهم إيه يا منيل على عينك ؟
ـ و هو أنا بأعمل حاجة إلا بمشورتك يا حضرة العمدة ؟
ـ إيوة إيوة يا كهين يا ابن السهن ، لزقها فيا أنا دلوقتي ، طب إيه رأيك يا له امشي انجر من هنا خليهم يقطعوك حتت .
( يخر على يديه يقبلها )
ـ لا أبوس إيديك يا عمدة ، دول مش ها يخلوا في جتتي حتة سليمة .
ـ اتمسكن اتمسكن يا وله ، تعرف إن إنت صعبت عليا ....
( صوت زئير الأهالي يعلو أكثر فأكثر مع اقتراب ضوء المشاعل )
ـ أرجوك يا عمدة خبيني أنا في عرضك ...
ـ طب خش استخبى أنت ورا الباب لحد ما أشوف آخرتها .
( يقف العمدة في وجه الطوفان الهادر ،
بمجرد رؤية الأهالي للعمدة تتخافت الاصوات شيئا فشيئا ،
حتى يسود صمت رهيب ،
لحظات من الصمت تخيم على الجميع ،
باغتهم العمدة )
ـ فيه إيه يا بلد ؟ خلاص ما عدلكوش كبير خلاص ؟ بقينا زي الكلاب المسعورة بننهش في لحم بعض ؟ ده اللي مالوش كبير بيشتري له كبير يا عالم ، و أنا كبير البلد دي ، و ها أفضل طول عمري كبير البلد دي غصبن عن التخين فيكم ، و اللي مش عاجبه يوريني نفسه .
( خيم الصمت على الجميع و كأن على رؤوسهم الطير )
ـ أيوة كده ، ممكن بقى نتكلم بهداوة ؟
أولا أنتم سيد العارفين إني بأحترم أقل جزمة فيكم ، إنتم أهلي و عزوتي و ضهري و لا يمكن أبدا أرضى إن حد يهينكم أو يتطاول عليكم ، فهموني براحة كده إيه الحكاية بالظبط .
ـ شيخ الغفر يعيث في القرية فسادا يا حضرة العمدة .
ـ و هو أنت بقى الزعيم يا شيخ جمعة ؟
ـ لا أنا بس ممكن تقول كده المتحدث الرسمي ...
ـ آه المتحدث الرسمي ؟ أمال مين الزعيم فيكم ؟
( تتكلم إحدى نساء القرية )
ـ ما فيناش زعيم يا عمدة ، كلنا كده مع بعض بربطة المعلم زي ما أنت شايف .
ـ يا حلاوة يا ولاد ، دي القوالب نامت و الانصاص قامت ، ده النمل طلع له سنان أهو ، ده الحريم كمان صوتهم علي أهو و بيلعلع .
ـ ما حناش بني آدميين و إلا إيه يا عمده ؟
ـ إنتي ها تركبيني الغلط من أولها يا بت يا خضرة و إلا إيه ؟
ـ العفو يا حضرة العمدة ، المقامات محفوظة برضه .....
ـ طيب قولي إنتي ، ماله شيخ الغفر ؟
ـ يا ريت شيخ الغفر بس يا عمدة ....
ـ مين كمان ؟
ـ الغفر كلهم يا عمدة من أولهم لآخرهم .
( عندها يقاطعهم الشيخ جمعة )
ـ لا يا خضرة ، حرام ، الشهادة لله مش كلهم ، الغفير محسن عمرنا ما شفنا عليه حاجة كده و إلا كده ، مية مية الصراحة ، و برضه الغفير مطاوع مش بطال .
( ينفذ صبر العمدة )
ـ أنت بتنقي خيار يا شيخ جمعة ؟ هو إيه اللي ميه ميه و إيه اللي مش بطال ؟ عملوا لكم إيه بقى الغفر و شيخ الغفر يا بت يا خضرة ؟
ـ أبو سليمان بيتعرض لي في الرايحة و الجاية يا عمدة ، و لما اشتكيته لشيخ الغفر لقيت ما أسخم من ستي إلا سيدي ....
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ...
( يقاطعهم أحد رجال القرية )
ـ و أنا كمان يا عمدة ، الغفير عوضين كل يوم لازمن يقعد عندي في القهوة و يشرب له حجرين تلاتة معسل و ما يدفعش ....
ـ و إنت ساكت له ليه يا فالح ؟
ـ مرة ما رضيتش قام مكسر لي القهوة .
ـ وما اشتكيتش لشيخ الغفر ليه ؟
ـ ما أني رحت لشيخ الغفر ، قال لي عوضين هو اللي ماسك قياس الجودة و لازم يطمن على المعسل اللي بأشربة لأهل البلد إن كان مغشوش و إلا مش مغشوش ...
ـ لا إله إلا الله .
( يقاطعهم آخر )
ـ و أنا كمان يا عمدة ...
ـ فيه إيه أنت راخر يا حاج عليوة ؟
ـ الغفير خميس كمان يا عمدة يوماتي على الله ، لازم يعدي عليا ياخد بصل و فجل و جرجير .
( تقاطعه زوجته )
ـ و مراته كمان يا عمدة بتعدي عليا في البيت كل يوم تاخد مني لبن .
ـ بيشتروا منكم يعني ؟
ـ هههههههه ، يشتروا مين يا عمدة ، خلي الطابق مستور ، ده كل ما نسألهم يقولوا ، معقولة تاخدوا فلوس من العمدة ؟
ـ نعم نعم نعم نعم ؟ هي الحاجات دي بياخدوها بحجة إنها رايحة لدار العمدة ؟
ـ أيوة و الله يا عمدة ، بس الكلام ده طبعا ما يخيلش علينا ، و هو إحنا لسه ها نعرفك يا عمدة ، ده أنت بتاخد من بيتك يا راجل و تدينا ، ربنا يخليك لينا يا عمدة ....
( عندها يهتف الأهالي )
ـ ربنا يخليك لينا يا عمدة ، ربنا يخليك لينا يا عمدة ...
( عندها يرفع العمدة يده )
ـ شكرا ، ألف شكرا ، طبعا أنا مش ممكن أبدا أسكت على البلاوي دي كلها ، بس برضه أحب أقول لكم كلمتين تعلقوهم حلقة في ودانكم ،
الغفر دول أنا جايبهم منين ؟
ما تردوا عليا ،
أنا جايب الغفر دول منين يا بلد ؟
من كفر أبو حطب ؟ و إلا من أبو زعيبل ؟ و إلا جايز م البندر ؟
الغفر دول م البلد دي و إلا مش م البلد دي ؟
ما تردوا ، ساكتين ليه ؟
شيخ الغفر ده مش يبقى ابن خالتك بهانة ياد يا حسان يا أبو شقفة ؟
و يبقى ابن عمك حصري يا حاج خضر ؟
حصل و إلا ما حصلش ؟
حد فيكم يكذبني يا بلد ،
الغفير أبو سليمان ده مش عمك ياد يا حسان ؟ و جوز خالتك سعدية و إلا مش جوز خالتك سعدية ياد يا توفيق ؟
عوض ده يبقى لك إيه يا حسين يا أبو أليطة ؟ خالك و إلا مش خالك ؟
يعني شيخ الغفر ده و الغفر دول كلهم منكم و فيكم ،
حد منكم يعرف يطلع لي شربات م الفسيخ ؟
حد فيكم يقدر يعمل لي من الجلة (كالونيا) ؟
طبعا مستحيل ، الفسيخ عمره ما يطلع إلا مش مملح ، و الجلة برضه عمرها ما ها تطلع إلا ريحة منيلة بستين نيلة ،
و أنتم برضه لو عصرتكم كده على بعضيكم مش ها تنزلوا غير شوية غفر زي دول ،
يبقى حكمكم على الغفر حكم على نفسيكم ،
و طالما الغفر اللي طالعين منكم زفت يبقى أنتم زفت مقطرن يا بلد ،
و يبقى أنتم اللي عاوزين رباية من أول و جديد يا بلد ،
( عندها يلوح العمدة ب (خيزرانته) في الهواء فتصدر صوتا مخيفا )
ـ و تلاتة بالله العظيم كبرت في دماغي و لازم أربيكم من أول و جديد ...
( ينطلق الناس فرارا ، بينما ينطلق العمدة خلفهم يشق الهواء بخيزرانته يصرخ )
ـ تلاتة بالله العظيم لأربيكم يا بلد ، و الله لأربيكم يا بلد .....
( يتبع )
#محمد_سنجر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟