أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نزار حمود - أنا الفينيقي














المزيد.....

أنا الفينيقي


نزار حمود
أستاذ جامعي وكاتب

(Nezar Hammoud)


الحوار المتمدن-العدد: 3007 - 2010 / 5 / 17 - 09:00
المحور: المجتمع المدني
    


بث التلفزيون الكندي مؤخرا ً برنامجا ً وثائقيا ً شيقا ً للغايـــة عن أحد قباطنة البحار المأخوذين بتاريخ وجمال وقوة البحارة الفينيقيين الذين استطاعوا منذ الماضي السـحيق قهر مجاهل البحار والوصول إلى بحر الظلمات أو مايطلق عليه اليوم المحيط الأطلسي ومنه وعلى أمواجه إلى جزر لم تكن لتخطر على بال إنسان في ذلك الزمن. هدفهم الأول والأخير كان التجارة التي أتقنوها أيما إتقان. تاجروا بالخشب والعطور والأصبغة والأقمشة والنبيذ الفاخر والجواهر إلخ... واستطاعوا من خلال ذلك وصل أمم العالم ببعضها بجمال ورشاقة وصمت. لقد بلغ انبهار هذا البحار المخضرم، وأظن أن اسمه كان ويلارد، أن عمل جاهدا ً لتوفير منحة مالية مهمة لتمويل بعثة استكشافية للبحث عن بقايا السفن الفينيقية الغارقة للتعرف أكثر على تقنيات الإبحار وإنشاء السفن الرشيقة السريعة التي اجترحت المعجزات في يوم ما. وربما من المهم هنا ذكر أن روما العظيمة كانت قد أخذت أول مخططات سفن أساطيلها الحربية والتجارية من الأسطول القرطاجي الفينيقي الذي كانت له السيادة الكاملة على البحر المتوسط الجامع حينذاك.
ثم كان أن حاول هذا البحار المخضرم ضم جهوده إلى جهود باحث ٍ آخر يعمل على البر. باحث يعمل على المورثات البشرية واستكشاف الأصول البشرية من خلال المادة الوراثية فقط. فمن المعروف أن للنزعة الفينيقية أهلها وأصحابها في لبنان الأرز الخالد. ومنهم من يدافع بحمية وعصبية عن أصولهم الفينيقية ويربطها بدينه وطائفته ومن يقول إنهم هم فقط من يحمل هذه الأصول وأن باقي اللبنانيين محروم ٌ منها ومن أمجادها. لابل لقد كانت شكلت هذه الفكرة أحدى دعائم الإيديولوجية التي استــُخدمت لإيجاد الدافع الوطني الكافي واللازم لإنشاء لبنان الكبير بشكله الحالي الذي نعرفه اليوم. لاداعي للإطالة في شرح مجريات الأحداث. إلا أن البرنامج الوثائقي جدير ٌ بالمشاهدة والمتابعة بطبيعة الحال. لكن المهم هنا هو تلخيص النتائج. نتائج البحث بشقيه البحري والمورثي.
في الشق البحري، فشل القبطان الشهير بالوصول إلى بقايا واضحة المعالم لأية سفينة فينيقية. وربما لو طال به زمن البعثة الاستكشافية وتمويلها لاستطاع تحقيق حلمه بخاصة أنه استعمل أحدث التقنيات المماثـلة لتلك التي تم استخدامها في البحث عن سفينة القرن العشرين المنكوبة، التيتانيك.
أما في الشق البـري فقد كان المـوضوع مختلفا ً. لقد استطاع الباحث في علوم مورثات البشر أن يعثر على مورثات واسمة تشير إلى أصول الفينيقيين بالذات دون غيرهم من البشر وذلك من خلال العمل على أسنان إحدى المومياءات المدفونة في مقبرة فينيقية على الشاطئ اللبناني. ثم تابع البحث على المورثات المماثــلة لها والمتفرعة منها والمتشعبة عنها في دماء وخلايا الشعب اللبناني بأسره من خلال أخذ عينات من كل الأراضي اللبنانية. من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب و من الجبل إلى الساحل. وهنا كانت المفاجأة التي لن تروق لمناصري النزعة الفينيقية والإصرار على حصر هذه الصفة بهذه الطائفة الدينية أو تلك من جبل لبنان. لقد تبدى للباحث في علوم المورثات أن كل الشعب اللبناني يحمل كل المورثات الفينيقية الثمينة. وأن الشيعي، كما الدرزي، كما السني، كما الماروني، كما العلوي، كما الأرثوذوكس كما كل الطوائف والمـلل اللبنانية تتمتع بهذه المورثات والصفات المورفولوجية والبسيكولوجية والفيزيولوجية النفيسة (؟) التي تعطيها. ياللغرابة! الجميع من أصل إثني واحد.... ولو استمر هذا الباحث المورثي في عمله وصعد قليلا ً على الشريط الساحلي باتجاه طرطوس وأرواد وجبلة وبانياس وعمريت وأوغاريت واللاذقية ولو نزل قليلا ً باتجاه حيفا ويافا لوجد نفس هذه المورثات تسرح وتمرح في خلايا الشعب السوري والفلسطيني الذي يسكن هذه السواحل منذ آلاف السنين. ولوجد كذلك أن أكشاك الحدود التي زُرعــت في بدايـــة القرن العشرين لم تستطع أن تمنع هذه المورثات من عبور الحدود للتعبير عن نفسها أينما حلت ووقعت. ولاأستطيع أن أمنع نفسي من تخيل موقف المصري المتفرعن، أي ذاك الذي يقول عن نفسه إنه هو دون سواه سليل الفراعنة وأن غيره إنما أتى لاجئا ً وغريبا ً ومحروما ً من هذا الإرث، تخيل موقفه عند معرفتـــه بنتائج مثل هذا البحث على أرض الكنانة المصرية. ترى كيف سيتصرف عندما يعرف أن الأخوان المسلمين المتشددين في مصر هم أيضا ً من سلالة الفراعنة. وأن مورثات الفراعنـــة تغطي كل الشعب المصري بغض النظر عن الدين والطائفة والمذهب!
قد يبدو كلامي بدهيا ً بالنسبة للبعض... لكنه قد يشكل صدمـــة مهمة بالنسبة للبعض الآخر!
أعتقد أنه من المفيد أن أختم مقالي هذا ببيت شعر لطيف لابن الذروي، يعبر تماما ً عن حال هذا الباحث في علم المورثات عند قرائته لنتائج بحثه:
وشاعر ٌ أوقد الطبع الذكاء له أوكاد يحرقه من فرط إذكاء
أقام يجــهد أيـاما ً رويـــتـــــه وفسر الماء بعد الجهد بالماء
وربما كان الأولى أن يقول الشاعر... وباحث ٌ أوقد الطبع الذكاء له ...



#نزار_حمود (هاشتاغ)       Nezar_Hammoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنت الأهم
- لماذا الانتخابات ولماذا فيزيون مونتريال - هاريل ؟
- خادم وحامي الحرمين الشريفين !
- حتى نغير ما بأنفسنا
- صديقي خليل
- ما لقيصر لقيصر ... ومالسليم لسليم
- الأستاذ سليم زبال
- رسالة إلى المواطن اللبناني العنيد
- والله زمن يا سلاحي !
- النار هذه المرة
- علهم في آخر الأمر يعرفون
- أغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون
- مصر يامّه يا بهية
- العرب أذكياء بالمفرق وأغبياء بالجملة
- الأنا الأعلى
- حدود الفيزياء
- غزة حتما
- الأحزاب والحزب
- إنهم عنصريون ... أليس كذلك ؟
- الذاكرة


المزيد.....




- الحكومة اليمنية تطالب الأمم المتحدة بإعادة النظر في التعامل ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى إجراء تحقيق دولي بشأن المقابر الجماعي ...
- مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: نحاول إعادة تشغيل مستشفى الأ ...
- الأمم المتحدة: توزيع مساعدات على نحو 14 ألف نازح حديث في الي ...
- خطة ترحيل اللاجئين إلى رواندا: انتقادات حقوقية ولندن تصر
- حملة -تطهير اجتماعي-.. الشرطة الفرنسية تزيل مخيما لمهاجرين و ...
- الأمم المتحدة تطلب فتح تحقيق دولي في المقابر الجماعية في مست ...
- أرقام صادمة.. اليونيسيف تحذر من مخاطر -الأسلحة المتفجرة- على ...
- أهالي الأسرى الإسرائيليين يحتجون في تل أبيب لإطلاق أبنائهم
- بدء أعمال لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان بمقر الجامعة الع ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نزار حمود - أنا الفينيقي