أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نزار حمود - الأستاذ سليم زبال














المزيد.....

الأستاذ سليم زبال


نزار حمود
أستاذ جامعي وكاتب

(Nezar Hammoud)


الحوار المتمدن-العدد: 2915 - 2010 / 2 / 12 - 08:41
المحور: المجتمع المدني
    


كان ذلك في يوم صيف قائظ الحر. كنت حينها في مكتب رئـيس جامعة دمشق لمتابعة بعض الأمور الإدارية والمالية العالقة المتعلقة بأحد الكتب الصادرة عن هذه الجامعة العريقة التي أمضيت بين جدرانها نحو عشر سنوات بحلوها ومرها. في قـاعة الانتظار تقابلت صدفة ً مع أحدهم. ثم دار بيننا حديث مازال صامدا ً ضد الزمن والنسيان. لم يعد اســم هذا الشخص حامل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية والاقتصاد مهما ً بعد مرور الزمن. ما بقي في الذاكرة هو الأهم. كان شاباً، عائدا ً حديثا ً من الولايات المتحدة الأمريكية بعد فترة دراســة طويلة وكنت مدرسا ً منذ نحو الأربع سنوات. بعد الرشفات الأولى من فنجان القهوة المرة الذي قدمته لنا يدا حاجب رئيس الجامعة، تبين لي أنه أصلا ً من لواء اسكندرون السوري لكنه يحمل الجنسية التركية وأن موضوع رسالته كان قبرص والوضع القانوني الدولي للقضية القبرصيـــة. كونه من اللواء، الذي مازال العديد من السوريين يذكرون أنه سوري وأنه سليب، أســعدني وشجعني على الحديث معه أكثر. فأنا الآخر أنتمي عن بعد إلى هذا اللواء الجميل من الساحل السوري الذي لاأظنني أغالط الحقيقة بشيء إذا قلت إنه أجمل قطعة أرض ساحلية سورية على الإطلاق. لقد تم تغييب لواء اسكندرون رسميا ً من على الخرائط الصادرة عن إدارة المسح والطبوغرافيا في سوريا و يبدو أن قدره أن يبقى مغيبا ً حتى إشعار ٍ، بعيد المدى، آخر. طال انتظارنا في مكتب الرئيس وطال وتشعب بيننا الحديث عن قبرص موضوع أطروحته. معروف أن هذه الجزيرة الصغيرة المشابهة للغاية في طبيعتها للطبيعة الجغرافية السورية واللبنانية تعاني من سرطان الانقسام وأن شمالها التركي أعلن استقلاله عن جنوبها اليوناني إثر التدخل العسكري التركي عام 1974. شمال قبرص غير معترف به عالميا ً، إلا من قبل تركيا طبعا ً، وجنوبها معترف به من قبل العالم أجمع. يذكر دستور البلاد المكتوب إثر الاستقلال عن بريطانيا في العام 1960 أن رئيس البلاد يجب أن يكون تركيا ً وأن المناصب الهامة يجب أن توزع عرقيا ً بين الأتراك واليونان. الصراع الذي أدى في النهاية لتقسيم الجزيرة القبرصية كان ومازال، في أصوله، عرقيا ً ودينياً وهو في ذلك شديد الشبه مع الصراع اللبناني والمشرق العربي عموما ً. مايهمني أن أنوه له من خلال كل ذلك... هو أني تفاجأت للغاية لتفاصيل الأحداث التي جرت على الأرض القبرصية إبان التقسيم. يذكر الباحث في أطروحته أنه كان هناك مغالون أتراك مسلمون ينادون بالإسلام والانتماء لتركيا الأم كما كان هناك مغالون متطرفون مسيحيون ينادون بالمسيحية والانتماء لليونان الأم. كلا الفريقين كان ينعم بوجود جهة خارجية تدعمـــه وتؤمن له سبل الحياة والتموين بالسلاح والمال. لكن كان هناك فريق صغيرٌ ثالث ٌ ينادي بوحدة قبرص ضمن دولـــة ديمقراطية عصرية علمانية تنادي بوحدة الشعب القبرصي وخضوعه لقانون مدني يضمن وحدة البلاد واستقلالها ويغض النظر عن الانتماء العرقي المذهبي. الذي أدهشني وآلمني هو أن هذا الفريق المنادي بالوحدة القبرصية ضمن حدود دولة قبرص العلمانية العصرية كانوا الأكثر عرضة ً للتصفية والاغتيال السياسي. لقد قدمت هذه الفئة من الناس المنادية بالعدالة الاجتماعية والديمقراطية عدداً هاماً من ضحايا الإرهاب والاغتيال والتصفية الجسدية ولقد ساق لي هذا الباحث الشاب العديد من الأمثلة والأسماء الهامة. لقد دفعت قبرص ومازالت تدفع ثمن هذا الغباء وقصر النظر غاليا ً من استقلالها ووحدة أراضيها ودماء أبنائها.
على الساحة اللبنانية والعربية المشارقية عموما ً الموقف مشابه تماما ً. الجهة الثالثة المناديـة بالاستقلال الحقيقي ودولة المؤسسات منبوذة من قبل الجميع. موقفها غير مفهوم ومدان عموما ً من قبل كل الأطراف العرقية والمذهبية المتناحرة. الأفرقاء المتعددون متمترسون خلق انتماءاتهم الدينية والعرقية ناسين أو متناسين أن الوطن ووحدة الوطن في خطر. وحتى هنا في كندا... نجد الجالية العربية المشارقية المهاجرة تعيش نفس هذه الحالة. الجهات المتمترســة في الوطن تجد لها هنا في مونتريال من يدعمها ماليا ً ومعنويا ً أما الفريق الثالث فهو منبوذ ومهمش وغير مفهوم.
لقد قمت منذ نحو الشهر تقريبا ً بزيارة الأستاذ الصحافي الكبير سليم زبال الذي يعتبر واحدا ً من أعمدة الصحافة العربية في القرن العشرين وأحد مؤسسي مجلة العربي التي كانت ومازالت تصدر في الكويت حتى الآن. لقد فاجأني الأستاذ سليم بمشروعه الجميل المتمثل بإنشاء أرشيف كبير للجالية العربية في مونتريال. إنه مجهود فردي كبير قرر القيام به عن وعي وسابق ترصد وتصميم. تغص غرف البيت بالوثائق والملفات والأوراق المنسقة والمرتبة بمنتهى الدقـــة والترتيب. في هذا الأرشيف تجد وثائق أصلية وقصاصات جرائد تحكي عن أول المهاجرين من لبنان وسوريا في نهايات القرن التاسع عشر. تجد كذلك ملفا ً كاملا ً للأسماء العربية التي برزت في المهجر كإدوارد سعيد مثلا ً، وعن كل من كتب أو مازال يكتب في الصحافة المهجرية. تجد فيه أيضا ً أسماء العرب الذين غرقوا مع من غرق أو نجوا مع من نجا من حادثة غرق سفينة التيتانيك الشهيرة. وقد تتعرف على أقارب لك من بين هذه الأسماء. لقد قام الأستاذ سليم بذلك منطلقا ً من إيمانه بانتمائه لعروبته فكان أن أخذ أرشيفه شكل الأرشيف العربي الواحد الشامل المحيط. مالم ينتبه له الأستاذ سليم هو أن هذا الأرشيف، على الرغم من أهمية الجهد والوثائق التي يحتويها، لن يجد جهة رسمية تهتم به... فهو من التيار الثالث. كونه منتم ٍ للجميع يعني أنه لم يعد ينتمي لأحد. إنه ينتمي للاتجاه الثالث العربي الذي مازال ينادي بالوطن والهوية في عصر التفتت والانقسام والتشرذم. يبحث الأستاذ سليم عن جهة رسمية تتبنى هذا الجهد الكبير لتظهره إلى النور علَّ الأجيال القادمـــة تجد به بعضا ً من ذاكرتها الغائبة محفوظة ً مبوبة وممنهجة. ترى هل سيطول انتظار الأستاذ سليم؟ أم أنه سيجد من ينقذ هذا الأرشيف من الضياع؟ سؤالٌ في ذمة الضمير العربي!



#نزار_حمود (هاشتاغ)       Nezar_Hammoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى المواطن اللبناني العنيد
- والله زمن يا سلاحي !
- النار هذه المرة
- علهم في آخر الأمر يعرفون
- أغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون
- مصر يامّه يا بهية
- العرب أذكياء بالمفرق وأغبياء بالجملة
- الأنا الأعلى
- حدود الفيزياء
- غزة حتما
- الأحزاب والحزب
- إنهم عنصريون ... أليس كذلك ؟
- الذاكرة
- أنا مش كافر
- التدين البديل
- إذا لم تستح فاصنع ماشئت
- دبي... نهاية مدن الملح؟
- مدن الملح
- حلم


المزيد.....




- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...
- تعذيب وتسليم.. رايتس ووتش: تصاعد القمع ضد السوريين بلبنان
- كنعاني: الراي العام العالمي عازم على وقف جرائم الحرب في غزة ...
- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نزار حمود - الأستاذ سليم زبال