أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد السلام أديب - السياسات الاقتصادية والاجتماعية في ظل الأزمة العالمية وانعكاساتها على أوضاع الطبقة العاملة















المزيد.....


السياسات الاقتصادية والاجتماعية في ظل الأزمة العالمية وانعكاساتها على أوضاع الطبقة العاملة


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 3006 - 2010 / 5 / 16 - 15:54
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


تحت شعار"التنسيقيات:الوحدة في النضال ضد النهب والتفقير والعطالة وتدهور الخدمات العمومية" نظمت التنسيقية المحلية لمناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية بمكناس ندوة في موضوع:"السياسة الاقتصادية المتبعة وانعكاساتها السلبية على الأوضاع الاجتماعية" وذلك يوم السبت 15ماي 2010 على الساعة الرابعة بعد الزوال بقاعةالمحاضرات بغرفة الصناعة والتجارة والخدمات. وقد أستدعي لتأطير هذه الندوة كل من المناضلين في تنسيقيات الرباط والدار البيضاء محمد أبو النصر و عبد السلام أديب. وقد حضر الندوة العديد من الجماهير الكادحة خاصة منهم النساء.

وفيما يلي نص مداخلة عبد السلام أديب والتي قدمت باللهجة الدارجة المغربية مع بعض التصرف نظرا لطبيعة المشاركين في الندوة.

مقدمة
ظلت الطبقة العاملة والعمال الزراعيين وعموم الكادحين تعاني منذ أكثر من أربع سنوات من تفاقم متواصل لأسعار المنتجات والخدمات، ولم تكن هذه الزيادات في الأسعار بفعل قانون العرض والطلب أو بفعل المضاربين والمحتكرين فقط بل كانت الحكومة وراء قرار الزيادات في الأسعار، حيث كانت تزيد في معدلات الضرائب على المنتوجات والخدمات مما يرفع أتوماتيكيا الأسعار وبطبيعة الحال تشكل هذه الزيادات قاطرة تدفع مختلف الأسعار الأخرى للارتفاع. لذلك كنا دائما في تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية نتهم الحكومة باعتماد سياسات تفقيرية لا شعبية تضرب فيها القوت اليومي للجماهير الشعبية.

ولم تكن الأسعار هي وحدها ما كان يهمنا في تنسيقيات مناهضة الغلاء بل كنا نهتم أيضا بتدهور الخدمات العمومية من صحة وتعليم ونقل وماء وكهرباء والتي عرفت هي الأخرى هجوما كاسحا انطلق مع اعتماد سياسات التقويم الهيكلي سنة 1983.

المفارقة هنا هي أن هذه السياسات الاقتصادية والاجتماعية تسير في الاتجاه المعاكس للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والذي وقع عليه المغرب سنة 1979 والذي ينص على المجانية والجودة في مجال التعليم والصحة وعلى ضمان التغذية الجيدة والشغل للجميع. لكننا نلاحظ منذ ذلك الحين أن العكس هو الذي يقع.

إذن فنحن أمام سياسات اقتصادية واجتماعية لها انعكاسات كارثية على الأوضاع الاجتماعية للكادحين. السؤال الذي يمكننا طرحه الآن عن مستقبل هذه السياسات الاقتصادية والاجتماعية في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية المتفاقمة؟ وعن آثار هذه السياسات مستقبلا على الأوضاع الاجتماعية؟

أولا: الأزمة العالمية وافلاس نمط الانتاج الرأسمالي:
أ – انفجار الأزمة المالية:
لاشك أن الجميع تابع حدث انفجار الأزمة المالية في الولايات المتحدة الأمريكية في شهر شتنبر 2008 والتي انتقلت بسرعة الى جميع أنحاء العالم، وقد تمثلت هذه الأزمة خاصة في:

أ - أزمة أبناك عالمية: فمنذ انهيار ليمان برادرز في 12 شتنبر 2008 بلغ عدد الأبناك التي تم الإعلان عن إفلاسها لحد الآن حوالي 150 بنك وهي موجودة على موقع FIDIK الأمريكية؛
ب - أزمة بورصات وأوراق مالية عالمية: انهارت أسعار الأسهم بنسب عالية تبخرت معها قيم الأوراق المالية التي تقدر بالملايير والتي أدت الى خسارات لدى أشخاص ودول عانى منها حتى المغرب؛
ج – أزمة تمويل الأنشطة الإقتصادية العالمية: فانهيار الثقة بين الأبناك أدى الى صعوبة توفير قروض للتمويل الدولي للانشطة الاستثمارية
د – بلغ حجم تدمير رؤوس الأموال على مستوى الأبناك ومؤسسات التأمين وشركات الاستثمار وتبخر الأوراق المالية حوالي 50 بليون دولار وذلك حتى نهاية دجنبر 2008 وهو مبلغ يزيد بألف مرة عن المبلغ الذي تم تدميره خلال أزمة 1929 والذي لم يتجاوز 50 مليار دولار.
ب – انفجار الأزمة الإقتصادية:
وقد تولدت عن هذه الأزمة المالية أزمة اقتصادية عميقة شملت مجموع دول العالم بشكل متزامن ويمكن الإشارة إلى أهم مظاهرها فيما يلي:

أ - تراجعت مبيعات السيارات بالولايات المتحدة وأوروبا واليابان بالثلث أي حوالي 33 %
ب - إفلاس جنرال موتورز ووقوف طويوطا عند حالة الإفلاس، فقد بلغ مجموع خسارة طويوطا 1,5 مليار أورو
ج - تراجع مبيعات الشاحنات في العالم ب 30 %
د - تراجع انتاج سيارات فولزفاكن في العالم ب 20 %
ه - تراجعت صناعات التعدين والصناعات الكميائية والمناجم في العالم بحوالي 50 %
و - تراجعت نسبة استهلاك البترول بكميات هائلة لم يشهدها العالم منذ 26 سنة
ز - بقيت حوالي 50 % من حاويات البواخر مخزنة لعدم استعمالها في نقل البضائع
ح - انهارت التجارة الخارجية خلال أربعة أشهر الأولى للأزمة ب 20 %
ط - انخفض الإنتاج العالمي ب 30 %
ي - تراجع الطلب العالمي خلال أربعة أشهر الأولى للأزمة الى نحو الصفر
ص - انخفضت الملاحة التجارية ب 50 %
ع - وحسب دراسة للبنك الدولي، فإن النمو الاقتصادي انهار سريعا بسبب الأزمة في 94 من اصل 116 دولة من دول العالم الثالث، خصوصا عقب الانخفاض الدرامي للطلب على المواد الأولية وانهيار أسعارها.
ف - فقدان المهاجرون القادمون من الدول الخاضعة للاستعمار الجديد لعملهم، على الخصوص في اليابان والولايات المتحدة وأوروبا. كما تناقصت تحويلاتهم والتي تعد بالملايير في ميزانيات دولهم الأصلية.
ض تفاقم جديد لأزمة المديونية الدولية ،سيكون لها انعكاسات غير منتظرة على ظروف العيش والعمل لعدة ملايين من الناس.
ق - في الولايات المتحدة تم تسريح أربعة ملايين عاملة وعامل، حيث بلغت التسريحات شهريا حوالي نصف مليون نسمة؛
ر – في الصين تم تسريح حوالي 20 مليون عاملة وعامل؛
س – بلغ عدد التسريحات حتى نهاية سنة 2009 حوالي 60 مليون نسمة.


ج – الحلول المعتمدة لتدبير الأزمة:
امام انهيارات الأبناك والشركات وتوقف الانتاج العالمي سارعت الدول الصناعية الأكثر تقدما الى دعوة ما سمته بمجموعة العشرين للاجتماع أولا في نيويورك في 15 نونبر 2008 ثم ثانيا في 20 أبريل 2009 ثم ثالثا في بترسبورغ في 24 شتنبر 2009. وقد ثمنت هذه القمة الاجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة عقب انهيار بنك ليمان برادرز وذلك عبر دعوة الكونكرس للموافقة على ضخ 700 مليار دولار في خزانات الأبناك والشركات المنهارة.
وقد اتفقت مجموعة العشرين على تعميم هذا الاجراء على جميع الدول حتى تتدخل بواسطة ميزانياتها العامة لإنقاد المؤسسات الاقتصادية والبنكية من الانهيار.
لكن ماذا يعني مطالبة الدولة بالتدخل لإنقاد الشركات والأبناك المتسببة في الأزمة، في حين أن الأسس الفكرية للنيو ليبرالية هو عدم تدخل الدولة لأن قوانين السوق كفيلة باستعادة التوازن المختل؟
- أول استنتاج يتمثل في وهمية المبادئ التي تدافع عنها النيوليبرالية وأن اليد الخفية التي تعيد التوازن ما هي في الواقع سوى جهاز الدولة، وأن الدولة هي الأداة الطبقية التي يعتمد عليها رأس المال لتعميق استغلاله للطبقة العاملة؛
- الاستنتاج الثاني هو أن تدخل الدولة لانقاد الشركات والأبناك بواسطة ميزانياتها العامة التي تمولها الجماهير الكادحة بواسطة الضرائب، سيؤدي حتما الى تفاقم عجز الميزانية وتفاقم المديونيتين الداخلية والخارجية؛
- الاستنتاج الثالث هو أنه عند حصول العجز وتفاقم المديونية يتسابق السياسيين من أجل فرض مخططات تقشفية تكون على حساب الطبقة العاملة التي تتفاقم وضعيتها الاجتماعية نتيجة العطالة وتجميد الأجور وغلاء الأسعار وغياب التعليم وغياب التمدرس.
2 – آثار الأزمة المالية والاقتصادية على المغرب:
رغم العديد من التفاؤل الذي كان يبديه المسؤولين الحكوميين من كون المغرب بمنأى عن التعرض للازمة المالية والاقتصادية العالمية خصوص عبر تصريحات وزير المالية الذي كان يطمأن الجميع، إلا أن المغرب تعرض لتأثيرات مباشرة للأزمة أصابت ما يزيد عن ثلث ما يمثله القطاعين الاقتصادي والمالي. وفيما يلي أهم هذه الثأثيرات المالية والاقتصادية:
أ – انعكاس الأزمة على قيمة الأسهم في بورصة الدار البيضاء والتي عرفت تدهورا شاملا، علما أن جزء هام من تميل الشركات المغربية الكبرى يتم عن طريق البورصة؛
ب – انخفضت تحويلات المغاربة العاملين بالخارج بنسبة عالية تجاوزت 14 مليار درهم، علما أن تناقص هذه التحويلات يؤثر بشكل قوي في ميزان الأداءات مع الخارج؛
ج – انخفضت صادرات المغرب نحو الخارج بنسب عالية أحدثت عجزا خطيرا في الميزان التجاري مما يؤثر أيضا على حجم المخزون الوطني من النقد الأجنبي؛
د – من بين القطاعات الاقتصادية التي تأثرت بقوة قطاع النسيج والجلد حيث توالت اقفالات شركات النسيج متسببة في تسريحات واسعة للعاملات والعمال بلغت حسب الاحصائيات الرسمية سنة 2009 حوالي 50 ألف عاملة وعامل كما تجاوزت سنة 2010 حوالي 14 ألف عاملة وعامل؛
ه – تأثر قطاع السياحة بدوره بشكل كبير نتيجة تراجع وفود السواح الأجانب على المغرب مما كان له تأثير على مخزون النقد الأجنبي وأيضا على قطاع الفنادق حيث تم تسريح العديد من العاملين في هذا القطاع؛
و – تأثر أيضا قطاع تركيب السيارات حيث توقف الانتاج وتم تقليص ساعات العمل وأجور العمال نتيجة لذلك؛
ز – تأثر أيضا قطاع البناء بنسبة الثلت الشيء الذي أدى الى تسريح واسع لعمال البناء؛
ح – كما تأثر قطاع الصناعة التقليدية نتيجة لارتباط هذا القطاع بالتصدير وبوفود السواح الأجانب.

3 – التدابير الحكومية لمعالجة الأزمة:
اجتمعت الحكومة والباطرونا في 24 فبراير 2009 للنظر في الترتيبات الكفيلة بمواجهة الأزمة، وقد أفضى الاجتماع الى
أ - الاتفاق على تدخل الدولة بواسطة الميزانية العامة لدعم مالي لعدد من القطاعات المتضررة وقد رصدت لهذا الدعم حوالي 13,5 مليار درهم، كما واصلت الحكومة هذا الدعم عبر ميزانية 2010 من خلال اعفاءات ضريبية واعفاءات من أداء الواجبات الاجتماعية للعمال كحصة المشغل من اقتطاع التقاعد؛
ب - كما وافقت الحكومة على امكانية الشركات المتضررة القيام بتسريحات للعمال في حدود 5 في المائة وقد عمدت عدد من الشركات المتضررة وغير المتضررة من الأزمة الى تسريح العاملات والعمال تحت حماية الدولة، ويمكن اعتبار تسريح 850 عاملا في شركة سيميسي ريجي بخريبكة داخلا في هذا الاطار؛
ج – تمكين الشركات من تقليص الحد الأدنى للأجور الى غاية 1200,00 درهم.

4 – تفسير أسباب الأزمة المالية والاقتصادية العالمية:
يمكن في هذا الاطار تفسيرين اثنين للأزمة ويتمثلان في كل من التفسير البرجوازي للأزمة والتفسير الماركسي لها:
أ – التفسير البرجوازي للأزمة:
يقتصر التفسير البرجوازي للأزمة على العوامل السطحية رافضين الغوص في أسبابها العميقة وفي هذا الاطار يسوقون الأسباب التالية:
- الأزمة ترتبط بالظرفية الاقتصادية وبالدورات الاقتصادية المعروفة؛
- مبالغة الشركات والأبناك والمؤسسات المالية في عدم الاحتياط في تعاملاتها المالية وفي الائتمان والمضاربات في البورصة؛
- ابداع العديد من المشتقات البنكية ذات المرونة والمخاطر المرتفعة؛
- التراجع الخطير في ادخار العائلات وتفاقم مديونيتها بالمقابل؛
- أزمة السوبرايم العقارية، أي العقارات المشتراة بواسطة قروض ذات فوائد متغيرة؛
ب – التفسير الماركسي للأزمة:
يقوم التفسير الماركسي للأزمة على التناقض الحاصل بين قوى الانتاج التي تعرف تقدما هائلا والذي تتملكها البرجوازية وعلاقات الانتاج بين رب العمل والعامل والتي تعتبر جد متخلفة نتيجة الاستغلال المفرط للعمال وضرورة انتاج الجيش الاحتياطي للعمل للحصول على تقليص كبير في الأجور.
فبناء على هذا التحليل فإن كل عامل يشتغل نصف يوم لضمان أجره ويشتغل نصف يوم آخر يستحود البرجوازي على عائدة وهو الذي يسميه كارل ماركس بفائض القيمة. لكن الرأسمالي يريد أن يتخلص من عدد العمال فيحاول امتلاك الآلات والتكنولوجيات لتحقيق هذا التقليص، لكن المفارقة هنا هو أن الربح لا يتحقق الا عن طريق فائض القيمة الذي يقتطع من العمال بينم الآلات لا تنتج ربحا، وبذلك فإن الربح يتضاءل على المدى الطويل.
فالرأسمالي ينتج كميات هائلة من السلع ليطرحها في السوق لكن الاقبال على شراء هذه السلع يتناقص نظرا لأن الأجور مجمدة وضعيفة، وفي هذه الحالة يلجأ الرأسمالي الى التوقف عن الانتاج وتسريح العمال أو الى اقفال المعمل، وفي هذه الحالة نكون في حالة أزمة.
في القرن التاسع عشر مثلا عندما تحدث الأزمة تبدأ البرجوازية في البحث عن الحلول ومن بين هذه الحلول تصدير فائض الإنتاج الى الخارج، وبذلك بدأت مرحلة الامبريالية المتسمة بامتلاك مستعمرات لتصدير السلع الفائضة وللحصول على يد عاملة رخيصة وأيضا على مواد أولية حيث شكل الاستعمار مجالا حيويا للرأسمال.
لكن مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كانت الامبرياليات الأوروبية قد استعمرت العالم بكامله، وهنا تطورت طبيعة الأزمة، فأمام انتاج السلع على الصعيد العالمي وتناقض قوى الانتاج وعلاقات الانتاج يتفاقم فائض الانتاج غير المباع كما يتفاقم فائض رؤوس الأموال غير المستثمرة، الشيء الذي دفع كل امبريالية على حدة للبحث عن كيفية معالجة أزمته على حساب الامبرياليات الأخرى فنشبت الحرب العالمية الأولى التي ذهبت بأرواح 10 ملايين بروليتاري، لكن رغم هذه الحرب الأولى لم تحدث انتعاشة اقتصادية بل تفاقمت الأزمة وانفجرت سنة 1929 عالميا مخلفة الملايين من العاطلين ناشرة المجاعة على الصعيد العالمي.
لمعالجة الأزمة الكبرى وقع اختيار البرجوازية على تفجير حرب عالمية ثانية ذهبت بأرواح حوالي 70 مليون نسمة من الكادحين، وقد شكل اعادة بناء أوروبا المدمرة عن طريق تدخل واسع للدولة في الاقتصاد انتعاشة اقتصادية دامت سبعة عشرة سنة حتى سنة 1967 حيث بدأت بوادر الأزمة من جديد وتعمق فائض الانتاج وفائض رؤوس الأموال غير المستثمرة والذي يحدث التضخم والبطالة في نفس الوقت.
ورغم الانقلاب على الكينيزية والعودة لليبرالية الاقتصادية مع ريغان وتاتشر إلا أن الأزمة تتعمق أكثر عقب كل عشر سنوات تم عقب كل خمس سنوات.
خلاصة التحليل الماركسي للأزمة هي أن هذه الأخيرة تشكل ظاهرة بنيوية تؤدي البروليتاريا على الخصوص فاتورتها بل تؤدي البشرية ثمنا غاليا من خلال الحروب والفقر والمجاعات وتدمير البيئة وهذا ما يستدعى البحث عن كيفية استبدال النظام الرأسمالي بنظام اشتراكي انساني يضع الانسان في صلب العملية الانتاجية.

ثانيا: أشكال مقاومة الشعب المغربي ضد الاستغلال الرأسمالي:
عقب خروج الاستعمار وهيمنة البرجوازية المحلية على جهاز الدولة بدأت هذه الأخيرة تعمل على التكوين البدائي لرأس المال، من خلال القطاع العمومي أولا ثم من خلال القطاع الخاص ثانيا. فالقطاع العام شكل لمدى عقدين من الزمن بقرة حلوب للوبيات البرجوازية الملتصقة بالسلطة من أجل الاغتناء والنهب والاستدانة المفرطة على حساب عموم الكادحين.
وقد أبدع الشعب المغربي خلال هذه المرحلة أشكالا عدة من مقاومة هذه السياسة كانت تواجه بالقمع الشرس للنظام حيث ارتكبت الى جانب الجرائم الاقتصادية العديد من الجرائم السياسية والتي وصمت هذه المرحلة بسنوات الرصاص. وقد كانت الزيادات في أسعار المواد الأساسية لتعويض الرأسمالين خسائرهم جراء الأزمة أحد الأسباب التي تؤدي الى ردود فعل شعبية قوية كان أبرزها انتفاضة 20 يونيو 1981.
سيخضع المغرب منذ بداية عقد الثمانينات لبرامج التقويم الهيكلي والذي سيتراجع في ظلها دور الدولة للقيام بدور الدركي لحماية استغلال رأس المال المحلي والدولي للطبقة العاملة، ومباشرة عقب إقرار زيادات في الأسعار أواخر سنة 1983 اندلعت انتفاضة يناير 1984. ومع استمرار الأزمة حاولت الحكومة الزيادة في الأسعار سنة 1990 لكنها جوبهت بانتفاضة 14 دجنبر 1990.
إن مظاهر الاستغلال الرأسمالي للطبقة العاملة ستتفاقم خلال عقد التسعينات وستواكبها أزمات تم التعبير عنها بالسكتات القلبية وكانت دائما الطبقة العاملة هي ضحية هذه السكتات القلبية لأن الإجراءات التي تتخذ لتدبير الأزمة تتمثل دائما في تشديد استغلال الطبقة العاملة وحرمانها أكثر فأكثر من مكتسباتها الاجتماعية.
وأمام صمت الأحزاب السياسية والمركزيات النقابية وتواطئها مع السياسات المركزية للنظام بدأت الإنتفاظات في كل مكان حتى في أبعد القرى النائية، وكان الكثير من هذه الانتفاظات تحدث بشكل عفوي، لكنها في العمق عبارة عن صراع طبقي مستمر بوسائل محدودة وفي ظل تعتيم إعلامي متواطئ.
ان تجربة تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية كإطار منظم ستنطلق سنة 2005 مع تجربة سيدي افني ووادي زم ثم في 16 شتنبر من سنة 2006 ستنطلق معارك التنسيقيات المحلية والوطنية وستعبر عن قدرة تعبوية عالية ستجد فيها الجماهير الشعبية اطارا للتعبير عن سخطها بخصوص السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة.
لقد كان التوجه الحقوقي أحد منطلقات حركة التنسيقيات، نظرا لأن الجمعية المغربية لحقوق الانسان دعت مختلف قروعها في المغرب لتنسيق مع هيئات ديموقراطية من أجل التنديد بالغلاء لأنه يضرب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنات والمواطنين، وقد استطاع هذا التوجه تعبئة عدد من القوى الديموقراطية للاصطفاف وراء تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية ومدها بالمناضلين وبالدعم المادي والمعنوي.
لكن هذا التوجه الحقوقي ستزاحمه توجهات سياسية متناقضة تسعى كل منها لفرض توجهها على النسيقيات، خصوصا وأن سنة 2007 كانت سنة انتخابات تشريعية، حيث كان البعض يسعى الى توظيف التنسيقيات في الحملة الانتخابية أو على الأقل ضمان حيادها، بينما كان البعض الآخر يرى في التنسيقيات أداة قوية لتأجيج الصراع الطبقي وفضح الطبقة الحاكمة المشاركة في الإنتخابات وبالتالي المطالبة مطالبة الجماهير الشعبية لمقاطعة هذه الانتخابات. وهذا بالفعل ما حدث خلال المسيرة الوطنية المنظمة في 2 شتنبر 2007 خمسة أيام قبل الانتخابات التشريعية، وحيث رفعت شعارات تندد بالانتخابات وتدعو الى مقاطعتها بينما رفعت شعارات أخرى مضادة مطالبة بالمشاركة في الانتخابات.
إن هذا التناقض الداخلي سيتواصل عقب استدعاء وزير الداخلية للأحزاب السياسية المكونة للتنسيقيات عقب انتفاظة صفرو في 23 شتنبر 2007، وبدلا من أن تعقد لجنة المتابعة الوطنية الملتقى الرابع في دجنبر 2007 كما كان متفقا وبمدينة خنيفرة كما كان مقترحا، تم تهريب الملتقى الى شهر مارس 2008 وبمدينة الدار البيضاء وبدون ارسال مسبق لوثائق الملتقى للتنسيقيات المحلية وبدون استدعاء المكونات الرئيسية للتنسيقيات وعبر تنظيم انزال حزبي لا علاقة له بالتنسيقيات بلغ 250 مشاركة ومشارك.
لقد كان من الطبيعي أن ينفجر هذا الملتقى وتنبثق عنه تنسيقيتين وطنيتين، واللذان سيستمران بشكل خجول منذ ذلك الحين الى الآن بدون أن تبدل جهود حقيقية لتجاوز الصدع وتنظيم ملتقى خامس على أسس سليمة.
حاليا لا زال عدد من التنسيقيات يساهم في النضال على عدد من الواجهات لكن بدون دينامية وطنية، تمكنها من رفع سقف مطالبها وفرض ارادتها على الحكومة من أجل انتزاع حقوقها.

بدلا من الخاتمة
في مواجهة الهجوم الرأسمالي العنيف الذي بدأ يظهر جليا أنه بلغ حدوده التاريخية وأنه لن ينتج سوى الكوارث للإنسانية ، يجب أن تتهيكل مقاومة الشعوب من أجل حماية نفسها من جشع البرجوازية، ومن أجل بلورة مشروع مجتمعي اشتراكي تنتفي فيه الطبقات وتتبلور فيه المساواة الحقيقية بين المواطنات والمواطنين.



#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة الفكر البرجوازي وإرهاصات العواصف الثورية
- لتتضامن البروليتاريا العالمية ضد الهجوم البرجوازي على الطبقة ...
- الدور الانتهازي للبرجوازية الصغرى
- معالجة إفلاس الدولة البرجوازية على حساب الطبقة العاملة
- ثورة نسائية جذرية جديدة في مؤتمر عالمي بفنزويلا سنة 2011
- وزارة الاقتصاد والمالية تسترق موظفيها
- قراءات في النظرية الاقتصادية الماركسية
- وحدة الطبقة العاملة في مواجهة البرجوازية المتعفنة
- قراءة نقدية سريعة في مشروع قانون المالية لسنة 2010
- دردشة في مرتفع مالاباطا المطل على مدينة طنجة
- إدانة واحتجاج لإنعقاد ما يسمى بمنتدى المستقبل بالمغرب
- جميعا من أجل مناهضة المشروع الأمريكي الامبريالي “منتدى المست ...
- شعوب العالم تحتاج للطعام لا للتطعيم ضد انفلونزا الخنازير
- الطبقة العاملة تتعرض في العاصمة الرباط للإهانة والاستغلال
- دردشة مع صديقي الاتحادي
- القروض الاستهلاكية وأزمة الطبقة الكادحة
- أزمة صناديق التقاعد
- ارتفاع الأسعار، الأسباب وآليات المواجهة
- الغلاء ونضالات تنسيقيات مناهضة الغلاء
- المخلفات المأساوية للأزمة وآفاق التجاوز


المزيد.....




- المغرب وفرنسا يسعيان لتعزيز علاقتهما بمشاريع الطاقة والنقل
- مئات الشاحنات تتكدس على الحدود الروسية الليتوانية
- المغرب وفرنسا يسعيان إلى التعاون بمجال الطاقة النظيفة والنقل ...
- -وول ستريت- تقفز بقوة وقيمة -ألفابت- تتجاوز التريليوني دولار ...
- الذهب يصعد بعد صدور بيانات التضخم في أميركا
- وزير سعودي: مؤشرات الاستثمار في السعودية حققت أرقاما قياسية ...
- كيف يسهم مشروع سد باتوكا جورج في بناء مستقبل أفضل لزامبيا وز ...
- الشيكل مستمر في التقهقر وسط التوترات الجيوسياسية
- أسعار النفط تتجه لإنهاء سلسلة خسائر استمرت أسبوعين
- -تيك توك- تفضل الإغلاق في أميركا إذا فشلت الخيارات القانونية ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد السلام أديب - السياسات الاقتصادية والاجتماعية في ظل الأزمة العالمية وانعكاساتها على أوضاع الطبقة العاملة