فاروق سلوم
الحوار المتمدن-العدد: 3003 - 2010 / 5 / 13 - 00:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سمعت اعلاميا لبنانيا يحمد ربه ان محنة بلاده تجاوزت ( العرقنه ) ولم تنتقل الى لبنان عدوى بلاد الرافدين في صراعها الطائفي المعلن ! وازاء هذه العبارة السورياليه لانمتلك غير مراجعة النفس مااذا كنا نهذي او نغط في غمرة الكابوس . ففي قراءة كف المحنه السياسيه ، اتساءل مااذا سيكون امامنا صيفا ساخنا من حروب الكلام و التهويل وتفخيخ المشاعر. ومااذا سيكون طريق الأستقطابات والمحاصصات والصراع يوحي أن الأنتخابات لم تحصل ، وان الفوضى الديموقراطيه هي النتيجه المنطقيه الوحيده في بلادنا المضطربه .
وفي حوار ساخن في احد اروقة جامعة اوربرو ، سألني الباحث اريك آمنو على هامش بحثه : الديموقراطيه والمجتمع المدني ، مااذا كنت استطيع ان اصف الحال السياسي في العراق مابعد الأنتخابات ، فقلت انها نمط من مصارعة الكوريداس العراقيه المستمره ، وكنت اعني ان الصراع الذي مايزال مستمرا اثر الأنتخابات ، يشبه بحق تلك المصارعة الأسبانية الشهيرة التي يسهم في بدايتها اربعة مصارعين في اثارة فزع الثور و انفعاله فيما هو يدور ويدور حتى ينقض عليه المصارع الرئيسي في عرضه المتواصل لينهيه بمشهدية الدم وسقوط الضحيه وسط هياج مكبوت يطلقه الحشد في مسيرة العقل الجمعي الباحث عن الأثارة حتى في اعتى درجات اليأس .
وكنت تساءلت اكثر من مرة اثر الأنتخابات مااذا سيعمل الكورد على انقاذ الديموقراطيه في العراق ، ولكن الحكمه الكورديه تعلمنا كل يوم ان السياسه هي فن المغانم وتحقيق المصالح وصولا الى الأهداف .. فما مصلحة الكورد في دولة موحده وحكومه قويه ، وقد نقلت النيويورك تايمز للتو تعبير الرئيس البرزاني : احلام العصافير ازاء عراق موحد ، كما ان اداء الرئيس الطالباني ظل رهين لعبة تمرير الوقت والتوازنات الأقليميه والعربيه من زيارة طهران الى زيارة القاهره فيما يتم ائتلاف الكتل الكردستانيه الخمسه وتحديد اطر الحوار واهدافه مع الأطراف السياسيه ( ميزانية كردستان والبيشمركه وحدود الأقليم والوزارات السياديه واستثمار النفط ) مايرسم صورة الحكمه السياسيه الخارجه من رماد الحروب والأنفله والأباده والقتل وتدمير الحلم من اوائل القرن الماضي ايام محمود الحفيد الى حركة التغيير حيث تظهر اجيال كرديه في الأقليم وفي المنافي تنادي بدولة عصريه خارج كل اطار قبلي او سياسي ضيّق ، وكأنه نوع من سفر الخروج الكردي ..الذي يمنحنا درسا !!
*
ومنذ ان أعلن السيد محمد تقي المدرسي عبارته الشهيره عام 2003 ( لقد خرج الشيعه من القمقم ) والمشهديه الشيعيه في حالة تغير من واقع الى آخر ، من طقس العقيده الى سؤال البقاء ، حيث تظهر كل يوم عناصر وطنيه قبليه واجتماعيه في جنوب العراق تطالب بتغيير الأولويات من دينيه الى مدنيه ومن طائفيه الى وطنيه ، كما تظهر وسط هاوية الكوارث العراقيه نبرة القول كفى ( لااحد ينبغي ان يدفع الثمن ) برغم ان السيد محمد باقر الحكيم دفع ثمن عبارته الشهيره : (عفى الله عما سلف). مقابل عبارة السيد عبد العزيز الحكيم في حسينية عبد الرسول: ان الوقت قد حان ليدفع ابناء العامة الثمن التاريخي ، وهما معادلتان متقابلتان حيث يعمل الآن السيد عمار الحكيم من جهة والتيار الصدري من جهة اخرى على اعادة النبرة الوطنيه الى بيئة الأحزاب الدينيه ، برغم الضغوط الأيرانيه والأقليميه والدوليه التي تريد عزل الصراع وتجزئته لكي لايصل العراقيون الى لحظة لقاء. ثمة اجيال جديده تطالب بمزيد من تكريس عناصر الحياة الحديثه والخدمات وتحسين الوضع الأقتصادي والأجتماعي وتوفير فرص العمل والسكن وحل الأشكاليات الصعبه التي تعصف بحياة العراقيين منذ الأحتلال الأمريكي الى اليوم ؛ فألى جانب الوضع الأمني الشائك والأشكالي ، تظهر وزارة التربيه لتنبه في تعميم على مدارسها ، الى انتشار المخدرات في المدارس في توصيف دقيق لحالة المدمن وكأنها فعلا حالات موجوده تعاني منها ادارة المؤسسة التعليميه ، كما ظهر وزير الصحه ليشير بوضوح الى محنة المخدرات والحبوب وطرق عبورها الى العراق والمنطقه مع ازمة علاج وخدمات ، ووزارة النفط تواجه انخفاضا مقلقا في الأنتاج ( الجنرال بترايوس يقول ان العراق بلد يتدبر بالكاد خبزته وسط عاصفه اقتصاديه ) كما تنخفض فرص العمل ويسوء الأداء الأداري والخدماتي ( يقول تقرير منظمة العمل ان مدة العمل في دوائرالدوله في حدود ساعتين كل يوم ) فيما نقرأ تقارير الوزارات والمؤسسات وهي تشير الى ان البلاد لاينبغي ان تكون دولة لمؤسسات الوقف الديني والمحاصصه على حساب مصلحة المجتمع ومكوناته ..
ووسط تداعيات الوضع العراقي وتأزماته يعيد الأمريكان ترتيب وجودهم ، حيث يشيرتقرير الفريق الذي يعمل رفقة مايكل كوبرن مساعد وزيرة الخارجيه الى ان جيم جيفري سفير امريكا في تركيا سيحل قريبا محل كريستوفر هيل في بغداد وسيكون مساعده سينوارت جونز الخبير في وزارة الخارجيه الأمريكيه بشؤون العراق والشرق الأوسط ، كما يحين وصول جوزيف بايدن الى بغداد ليتدخل في تنظيم فصول الكوريدا العراقيه المستمره من صراعات وتحالفات الحكومه المقبله ، وتدرس بعثة حلف الناتو في العراق برئاسة الجنرال مايكل باريو( فرصا اوفر لبقاء الناتو بعد الأنسحاب ازاء وجود قاعدة للتنصت والمراقبه عند حدود محافظة واسط وقواعد في الناصريه وبغداد وصلاح الدين وغرب العراق ) في بلاد تنوء تحت رحمة الأحتلال وقواه الحليفه ،كما يصف كارل روفر مستشار بوش الوضع في كتابه الأخير ( الشجاعه والثواب )- اننا لم نرتكب خطأ جسيما في العراق وان الذي يحصل جزء من مضاعفات كل عمل تاريخي – وازاء سحر التاريخ أقلب قائمة مجلة التايم الأمريكيه لأسماء مائه من اكثر الشخصيات تاثيرا في بنية العالم و في امتلاك سلطة النفوذ وليس نفوذ السلطه ، تظهر ثلاث شخصيات تختتم المشهد : الجنرال ستانلي مكريستال القائد العام للقوات الأمريكيه في افغانستان لدوره في اعادة صياغة الدور الأمريكي هناك ، والمعماريه العراقيه زها حديد لدورها في اعادة رؤيتنا لعمارة عالميه موحيه بلأستقرار والفنتازيا والحلم .. والرئيس البرازيلي لويس انتونيو لولا داسيلفا في اول القائمه تقديرا لدوره في ادارة بلاده نحو حلول جذريه لأصعب المشاكل السكانيه والأقتصاديه فضلا عن دوره الريادي في تكريس سياسه رشيده في بلاده ..
ترى هل ستأتي لنا التحولات والتحالفات بحكومة رشيده تنتهج سياسه الحكمه في بلاد تمور بالصراعات وجدل البقاء وتهديدات الغد ..
#فاروق_سلوم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟