أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حبيب تومي - العرب والديمقراطية شئ ما يشبه شئ















المزيد.....

العرب والديمقراطية شئ ما يشبه شئ


حبيب تومي

الحوار المتمدن-العدد: 2988 - 2010 / 4 / 27 - 16:07
المحور: كتابات ساخرة
    


الديمقراطية تعني حكم الشعب ، وعملية الأنتخابات هي الف باء الديمقراطية ، وتداول السلطة سلمياً وديمقراطياً هي من ابجديات الديمقراطية ، ومن تلك القاعدة تتأسس وتزدهر وتتوسع الى كل مجالات الحياة . العقل العربي عصي على فهم الديمقراطية وهضم مفرداتها ، فالثقافة العربية عبر التاريخ تشير بوضوح بأن العرب شغوفون بديمقراطية السيف ، قرأت مرة هذه الواقعة : اراد معاوية بيعة يزيد ابنه وليأخذه للعهد . فكثر الأخذ والرد وانقسم الناس بين مؤيد ومعارض ، فقام واحد وخطب قائلاً :
أمير المؤمنين هذا ( وأشار الى معاوية ) .
فإن مات فهذا ( وأشار الى يزيد ) .
فمن أبى فهذا ( وأشار الى السيف ) .
فقال له معاوية : أجلس فأنت سيد الخطباء .
نعم هذه الذهنية هي سائدة بين محافل كثيرة إن لم تكن هي النظرة السائدة في عقلية العالم العربي برمته . وإن تجارب تداول السلطة في هذا الجزء من العالم ماثلة امامنا فمن الخلافة الراشدية كان سبب وفاة ثلاثة خلفاء هو الأغتيال ، وإن اول خلفاء العباسيين لقب نفسه بالسفاح ، كما ان معظم الخلفاء العباسيين كان القتل والأغتيال السبب الرئيس في وفاتهم ، فالخليفة المتوكل يقتله ابنه المنتصر والخليفة المنتصر يغتاله طبيبه المرتشي ، والمستعين بالله يقتله ابنه المعتز بالله ، والخليفة معتز بالله يقتله المهتدي بالله ومن لم يكن مصيره الأغتيال فيكون مصيره إما سمل العيون او القتل بالسكاكين او التسمم .
أما في عصرنا الحديث فقد رأينا ما حل بالعائلة المالكة من قتل والتمثيل بجثثهم، وبعد توالي الأنقلابات كان القتل سيد الموقف ، فعبد الكريم قاسم لم يسعفه عفوه عن رفاق دربه ان ينتقموا منه بأقرب فرصة ممكنة ورمي جثته بنهر دجلة ، وفي حكم صدام تجلى العنف العراقي بأوضح صوره ، ثم كان العنف الدموي الذي تسيد على كل اللغات بعد نيسان 2003 فالقتل على الهوية كان سيد الموقف والى اليوم هذه هي اللغة السائدة .
وحين التلكلم عن الديمقراطية كان تركيعها من قبل العالم العربي بتوريث الأبناء او بالفوز بنسبة 99,99% التي اشتهر بها العرب بكل جدارة فأفرغت الديمقراطية من مضامينها السياسية والأنسانية .
إن هذه المقدمة المطولة هو لتبيان الخلفية الثقافية للعالم العربي ، فكل ذي سلطة في هذه الأصقاع يرى ان الحكم من حقه وليس من حق سواه ، وإن ما يعرف بالديمقراطية اليوم هي من اجل وصوله الى كرسي الحكم والى الأبد .
جاءت امريكا من اقاصي الأرض وأسقطت حكم صدام الديكتاتوري ، وهي تعتقد ان العراقيين لهم تاريخ مجيد ولهم وحضارة تاريخية ، وبلادهم غنية بالثروات التي تنشلهم من الفقر والبطالة ، وعسى ان يكونوا مثل اليابانيين والألمان ويسعون الى بناء وطناً متطوراً ديموقراطياً يكون مثالاً يحذى به في المنطقة والعالم ، وها هي امريكا تشد امتعتها وتهئ نفسها للرحيل ، وساساتنا الكرام لا زالوا يتناكفون وهم مخمورون بعبقة الكعكة ومنظرها الساحر .
في انتخابات سابقة اخفق علاوي في الأنتخابات رغم وجوده في كرسي رئاسة الوزارة ، وتسليماً لمنطق لغة الديمقراطية نزل الرجل من كرسي الحكم وسلمه لمن فاز في الأنتخابات ، واليوم ونحن في سنة 2010 تجري الأنتخابات وتسفر عن نتائج وتفوز قائمة العراقية التي يأسها الدكتور اياد علاوي في المرتبة الأولى من بين القوائم المتنافسة ، والدستور والقانون والتقليد يقضي بأن يقوم علاوي بتشكيل الوزارة ، وإن اخفق في تحشيد الأكثرية في البرلمان بعد مشاوراته مع مختلف القوى عندئذ يكلف شخص آخر ان كان المالكي او غيره ، وهذه ابسط قواعد اللعبة الديمقراطية . لكن بدلاً من التسليم بنتيجة الأنتخابات وتسليم السلطة للفائزين حدثت امور عجيبة غريبة وهي السباق المارثوني لساستنا نحو دول الجوار العربية وغير العربية لنيل بركاتهم ولكسب دعمهم .
اليس من المخجل بحق ساستنا وقد انتخبهم الشعب العراقي ووضع بهم ثقته ، فلماذا الأستنجاد بالجيران ايها السادة ؟ عندما فاز احمدي نجاد في الأنتخابات في ايران هل سافر الى العراق ليأخذ بركاتهم ؟ وهل استشار العراقيين في امور تخص ايران ؟ فلماذا تتركون الشعب الذي انتخبكم وتهرولون الى الجيران ؟
ثمة تفسير واحد لهذه الهرولة وهي من اجل التشبت بالكرسي ومن اجل تركيع الديمقراطية ومن اجل الأستحواذ على اكبر حصة من الكعكة .
من جملة المعوقات امام انتقال السلطة ديمقراطياً اخترعت وسيلة الفرز اليدوي للاصوات ، وهي قصة لا تنتهي ، ان وضع المعوقات لوضع العصي في دولاب الأنتقال السلمي السلس للسلطة ، وانتهاج ثقافة المحاصصة القبلية والمذهبية والعرقية والدينية السائدة في العراق هي امتداد للثقافة القبلية القديمة وجهود لتركيع الديمقراطية الفتية في العراق .
المشهد العراقي اليوم يستند على التراضي والموافقة على الحصة من الكعكة ، فأين اصبحت الديمقراطية والأكثرية البرلمانية والأقلية؟ وأين اصبحت المعارضة إن كان الأمر يتلخص في ترضية الجميع على تقاسم الكعكة ؟ أما ترضية الناخب العراقي المسكين وانتشاله من واقعه المزري ومن همومه اليومية فقد اصبح في خبر كان .
فالكرسي ومكاسبه التي يسيل لها اللعاب اصبحت تشغل مخيلة ساستنا الذين انتخبهم الشعب ليوفر لهم الكهرباء والماء الصافي ، والصرف الصحي والتعليم والبناءوالعلاج وقبل كل شئ إحلال الأمن والأستقرار في البلاد وتوفير العمل للعاطلين ومكافحة الفساد المستشري والرشاوي ووو.. والقائمة تطول في امنيات الناخب العراقي التي يحلم بها . لكن بعد ان فاز ذلك الذي ملاْ الدنيا بشعاراته وخطبه وصور
2010 ه الملونة والدعاية المحمومة والسباق المارثوني والشعارات الدافئة والأخوة الحميمة للمواطن التي كان يطلقها المرشح في مسرحية الدعاية الأنتخابية ، فالفائز بعد فوزه يدير ظهره لذلك الناخب المسكين ، ويقول له :
((عزيزي المواطن العراقي انت حبي وحياتي وتاج رأسي ، لقد انتهى دورك والى اللقاء في حلقة قادمة بعد اربعة سنوات إنشاءالله)) .
مجمل العملية السياسية غارقة في فوضى المناورات والتصريحات والخطوط الحمراء وفي استخدامات الفيتو من قبل اكثر من طرف والتشبث بالكرسي الى آخر الأنفاس ، ثم الأستقواء بالجيران لترضيتهم ولكسب ودهم ، وتبادل المنافع والمكاسب بين الفائزين ، ونسيان بأن هنالك شعب قد انتخبهم وينتظر تشكيل حكومة ، هذه الفوضى هي عملية التفاف على الديمقراطية وتركيعها وتفريغها من محتواها الإنساني ، وبدلاً ان تكون نعمة للشعب تنقلب الى نقمة .
الديمقراطية ان تشكل حكومة من الأكثرية وأن تشكل حكومة ظل من المعارضة وإن تكون هذه المعارضة السيف المسلط على رقاب الحكومة لمراقبة ومحاسبة كل تصرفاتها ، لكن حينما تكون الحكومة بعد تقاسم مصالح وتراضي بين الفرقاء المتنافسة سوف يجري السكوت على كل الزلات وعلى كل الفضائح والرشاوي والخروقات بل والجرائم ومن باب ( شيلني وأشيلك ) ، الم اقل ان الديكمقراطية والعرب شئ ما يشبه شئ ؟



#حبيب_تومي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غبطة البطريرك عمانوئيل دلّي هل يرضيكم تغييب شعبكم الكلداني ع ...
- بمناسبة عيد اكيتو هل يعيد العراق امجاده البابلية الكلدانية ؟
- نعم سُلب مقعد المجلس القومي الكلداني ومنح للحركة الديمقراطية ...
- الكلدان قادمون
- الف مبروك لزوعا والمجلس الشعبي فكونوا أمناء لمطالب المسيحيين ...
- ملا مصطفى البارزاني ودوره في تاريخ الشعب الكوردي في العصر ال ...
- امريكا طبخت وأيران اكلت ، والعراق هل خرج من المولد بلا حمص ؟
- العراقي بين وعود السفارة العراقية في النرويج والورقة البيضاء ...
- الأتحاد العالمي للادباء والكتاب الكلدان يقف مع القائمتين الك ...
- اليس من المخجل ان يقف المالكي وحكومته متفرجين على دراما قتل ...
- المالكي والنجيفي يتحملان المسؤولية الأمنية والأخلاقية في قتل ...
- مهنية فضائية سوريويو سات وانحيازية الفضائيات الآشورية
- بصراحة إن القيادة الكوردية لم تُنصف الشعب الكلداني بما يضاهي ...
- لماذا يؤيد الحزب الآشوري الكوتا المسيحية رغم رغم تناقضها مع ...
- اقباط مصر وتشكيل حزب قومي كحزب العمال الكوردستاني التركي
- أيهما اكثر تعايشاً وتسامحاً مع المسيحيين سنّة الموصل ام شيعة ...
- الأقتتال الكوردي الكوردي سيعمل على وأد التجربة الكوردية الف ...
- لماذا تريد الاستحواذ على ما ليس لك ايها الدكتور .. ؟
- اين تقف كنيستنا من المسألة القومية للامة الكلدانية ؟
- الدكتور حنين قدّو علموا شعبكم ثقافة قبول الآخر والتعايش معه


المزيد.....




- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حبيب تومي - العرب والديمقراطية شئ ما يشبه شئ