هل الشعب المغربي صار تحت رحمة لوبيات الفساد....؟ !!!...3 1

محمد الحنفي

الحوار المتمدن-العدد: 2978 - 2010 / 4 / 17 - 15:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    

ثالثا : لوبي الفساد في العلاقة مع التعليم...
قد يعتقد البعض أن التعليم خال من الفساد، مع أن هذا المجال، ونظرا لكون منظومته لا ديمقراطية، ولا شعبية؛ لأن برامجه وضعت على أساس الاختيارات القائمة على أساس دستور لا ديمقراطي، ولا شعبي، وانطلاقا من أن الدولة المغربية بأجهزتها المختلفة: التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، لا يمكن أن تكون إلا في خدمة التحالف البورجوازي / الإقطاعي ، المخزني الحاكم، والمتخلف، ومن كون هذه الدولة هي التي تضع البرامج الدراسية، وهي التي تعيد النظر فيها، فإن برامج التعليم المتبعة في المدرسة المغربية العمومية، والخصوصية على السواء، هي التي تخرج صناع الفساد في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

فالتعليم، إذن يعرف، وجود الفساد، كما يعرف وجود، ونمو، واستئساد لوبي الفساد؛ لأنه لا يمكننا الحديث عن الفساد الاقتصادي، وعن الفساد الاجتماعي، وعن الفساد الثقافي، وعن الفساد السياسي، دون الحديث عن الفساد في مجال التعليم؛ لأن هذا المجال له علاقة بالمجالات الأخرى، التي تعرف فساد لا حدود له.

ونظرا لطبيعة مجال التعليم، فإن ذوي حضور الضمير المهني، الذين يتجنبون ما أمكن التحلي بهذا الشكل أو ذاك من الفساد، الذي له علاقة بالقيام بالمهمة التربوية / التعليمية / التعلمية. إلا أن ذوي الضمير المهني المتجنبون للاتصاف بالفساد، لا ينفي وجود هذا الفساد التعليمي، وكونهم ليسوا من لوبي الفساد التعليمي لا ينفي، كذلك، وجود هذا اللوبي.

ولذلك، فحديثنا عن لوبي الفساد في مجال التعليم، يأتي من بابه الواسع، ودون تحفظ؛ لأن ما يجري في الساحة التعليمية، يعتبر دليلا ساطعا على وجود الفساد المذكور، وعلى انتشاره، وتجذره في صفوف نساء، ورجال التعليم العمومي، والخصوصي على السواء، وفي المدرسة العمومية، والخصوصية، كذلك، على السواء، وفي الإدارة التعليمية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية.

فماذا نعني بالفساد التعليمي؟

إن الفساد في المجال التعليمي، قد لا يصير واضحا للعيان، وقد يختفي وراء جملة من المبررات التي قد يقنعنا بها ممارسو ذلك الفساد بشكل، أو بآخر، وقد يصير واضحا للعيان.

وسواء كان غير واضح، أو مختفيا وراء جملة من المبررات، أو واضحا، فإن الفساد التعليمي هو هو، ويعني في العمق: أن التعليم مهنة يمتهنها شخص، أو مجموعة من الأشخاص، كما يتم الترويج لذلك، وهو ما ينفي كونه رسالة يتم تبليغها لأصحابها الآتين من عمق المستقبل، و تحويل التعليم إلى مجرد مهنة. وهو الذي يلعب دوره في اتجاه التحول الذي تعرفه الأهداف التعليمية.

فبدل أن تصير الأهداف منصبة على الاهتمام بإعداد الأجيال الصاعدة إعدادا جيدا، صارت هذه الأهداف منصبة على الرفع من مستوى الوضعية المادية، والمعنوية، لنساء، ورجال التعليم.

وما دام الهدف من التعليم قد تحول من اهتمام نساء، ورجال التعليم بإعداد أبناء الشعب المغربي لتحمل المسؤولية في جميع مجالات الحياة، إلى الاهتمام بتحسين أوضاعهم المادية والمعنوية مما يساعد على تحقيق التطلعات الطبقية لمعظم نساء ورجال التعليم، وما دام الأمر كذلك، فإن نساء ورجال التعليم يلجئون إلى:

1) خوض إضرابات متوالية لا تستجيب لها الحكومة، بقدر ما تؤدي إلى تعرض أبناء كادحي الشعب المغربي، الذين لا يتوفر لهم ما يؤدون منه واجب الدروس الخصوصية، أو يمكنهم من إدخال أبنائهم إلى المدارس الخصوصية، اتقاء لشر الإضرابات التي تدعو لها حتى نقابة الشيطان، مع العلم أن العاملين في المدارس الخصوصية، هم أنفسهم نساء ورجال التعليم الذين لا يضربون عن العمل فيها، حتى لا تستغني عنهم، وعن خبرتهم الوهمية، التي اكتسبوها من العمل في المدارس العمومية.

2) العمل في المدارس الخصوصية خارج أوقات عملهم الرسمية، من أجل إضافة مداخيل زائدة على راتبهم الشهري، ومن أجل الارتباط بأبناء الطبقات المتوسطة، وبأبناء التحالف البورجوازي / الإقطاعي / المخزني / المتخلف، سعيا إلى تقديم الدروس الخصوصية لهم في بيوتهم، أو في المدارس الخصوصية، من أجل مضاعفة مداخيلهم التي تنقلهم إلى مستوى أعلى، حتى يصيروا جزءا لا يتجزأ من التحالف البورجوازي / الإقطاعي / المخزني المتخلف.

3) تقديم الدروس الخصوصية إلى تلاميذهم، أو إلى أي تلميذ يدرس في المدرسة التي يعمل فيها نساء، ورجال التعليم، وبمقابل يعجز أبناء الكادحين عن دفعه، وفي الوقت الذي يعتبرون فيه العمل في المدارس العمومية مناسبة للاستراحة من كد العمل في المدارس الخصوصية، ومن الجري وراء تقديم الدروس الخصوصية، حتى وقت متأخر من الليل. وهو ما يعكس:

أولا: المستوى المادي الذي أصبح يتمتع به نساء، ورجال التعليم.

ثانيا: تدني مستوى تعليم أبناء الكادحين، الذين لا يستطيعون مسايرة التطور الدراسي للذين يتلقون الدروس الخصوصية، فيضطرون، إن عاجلا، أو آجلا، إلى مغادرة المدرسة في اتجاه الشارع، حيث يتعرضون لكافة الأخطار.

4) اللجوء إلى الاستثمار في مجالات معينة، كالتجارة، والزراعة، والعقار، لضمان التنمية المستدامة لثرواتهم الخاصة. وهو ما يجعل الاهتمام بالبحث، والتكوين المستمر، وتتبع المستجدات التربوية، والمستجدات مجال التخصص، غير واردة عند نساء، ورجال التعليم المستثمرات، والمستثمرين.

وماذا نعني بلوبي الفساد في مجال التعليم؟

إن لوبي الفساد في مجال التعليم، هو تكتل يسعى إلى إنضاج شروط إفلاس المدرسة العمومية، في أفق الانقضاض عليها، من أجل خوصصتها، حتى تصير وسيلة لنهب ثروات الشعب المغربي، ومدخرات المواطنين، التي تصير متجمعة بين أيدي الطبقة التي تصير مالكة للمدارس العمومية المخوصصة، في مستوياتها المختلفة.

وهذا التكتل، لا يهتم بالتعليم، ولا بتكوين أطره، ولا برفع مستوى التلاميذ، بقدر ما يهتم بتنمية ثرواته التي تصير بدون حدود. ولذلك فهو يتلهف من أجل الوصول إلى لحظة الإفلاس التام للمدرسة العمومية، وعجز الدولة المطلق عن تمويل المدرسة العمومية، وعن الاستجابة لمطالب نساء، ورجال التعليم المشروعة.

ويتكون تكتل لوبي الفساد في مجال التعليم من:

1) الطبقة الحاكمة، كواضعة للخطوط العريضة التي تحدد المسار الذي يكون عليه التعليم، انطلاقا من اختياراتها اللا ديمقراطية، واللا شعبية، وسعيا إلى ضمان أن يصير التعليم في خدمة تحقيق أهدافها في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.

2) الحكومة باعتبارها منفذة لتعليمات الطبقة الحاكمة، والتي تقوم بإعداد الأجهزة المختلفة، لأجرأة التعليمات المتعلقة بالتعليم على مستوى إعداد الأطر، وإعداد المؤسسات، وإعداد البرامج.

3) الأجهزة المركزية، والجهوية، والإقليمية، والمحلية، التابعة لوزارة التعليم، والتي تتحمل المسؤولية المباشرة في وضعية الفساد، التي صار يعاني منها التعليم العمومي بصفة عامة، والمدرسة العمومية بصفة خاصة. وهو ما ينعكس سلبا على أبناء كادحي الشعب المغربي.

4) الإدارة التربوية المباشرة، التي تقف على أمور تضر أبناء الشعب المغربي، المنتمين إلى المدرسة العمومية، فلا تعمل على وضع حد لها، وتغض الطرف عن الممارسات التي تنتهك حقوق التلاميذ إما داخل الفصل الدراسي، أو في ساحة المدرسة.

5) المدرسون الذين لا ضمير مهني لهم، والذين يأتون إلى حجرة الدرس، لا للقيام بالمهام التربوية / التعليمية / التعلمية، كما هو مطلوب منهم، بل من أجل أخذ الراحة الكافية، استعدادا للعمل في المدرسة الخصوصية، أو استعدادا لإعطاء الدروس الخصوصية بعد مغادرة المدرسة.

6) الآباء الذين يقبلون بأداء قيمة الدروس الخصوصية، إلى مقدمي تلك الدروس إلى أبنائهم، وكأنهم يعملون على تشجيع الفساد في مجال التعليم، من أجل أن يستفيد أبناؤهم من ذلك الفساد.

7) السلطات المحلية التي تقف على انتشار الفساد التعليمي في المؤسسات التعليمية، وتقف على مظاهره في المجتمع، ولا تقوم بواجبها لوضع حد له.

8) السلطة القضائية التي تعلم أن القائمين بالفساد التعليمي استأسدوا، وأن الفساد ضرب أطنابه في المؤسسات العمومية، ولا تقوم باللازم من أجل مقاضاة القائمين بذلك الفساد.

وتعدد الواقفين وراء الفساد التعليمي خير دليل على أن لوبي الفساد تمكن من تخريب المدرسة العمومية، ومن تغيير اهتمامات الناس، والوصول إلى القول بأفول أهمية المدرسة العمومية، وحضور المدرسة الخصوصية في الاهتمام الشعبي. وهو ما يعني مسؤولية المجتمع، ككل، عن وجود هذا الفساد، وعن تجذره في الممارسة التعليمية جملة، وتفصيلا، سواء كان هذا التعليم عموميا، أو خصوصيا.

#محمد_الحنفي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات