أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زهير قوطرش - المقهور














المزيد.....

المقهور


زهير قوطرش

الحوار المتمدن-العدد: 2966 - 2010 / 4 / 5 - 18:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كما تناولت موضوع الفقر , لابد لي من متابعة مسلسل المصائب التي يعاني منها مواطننا على امتداد الوطن العربي ,إلا من رحم ربي في بعض الدول وعند بعض الأنظمة. ومن هذه المصائب.......
القهر.
كلنا في هذا الوطن مقهورين ,ويمارس علينا القهر منذ الطفولة إلى الشباب والكهولة وحتى الشيخوخة .قهر الأب ,وقهر المدرسة , قهر العمل ,وقهر السلطة السياسية والأمنية , وقهر رجال الدين والمؤسسة الدينية ,أو قهر التنظيمات والأحزاب السياسية الشمولية ,وحتى قهر مصحات العجزة والشيخوخة ,إلى جانب قهر القوى الخارجية التي تمارس قهرها على الشعوب.
.وهذا القهر الذي نعاني منه هو أحد أسباب تخلفنا في كل المجالات وبالطبع لا يمكن التعميم ,فهناك مجتمعات ليس بها قهر ولكنها تعاني من ذهنية متخلفة.
وفي هذه الحالات يمكن تعزية وجود التخلف إلى عدم الاهتمام بتنمية القدرات الذهنية وملكات التفكير عند هؤلاء الناس.
أما نحن فتخلفنا هو نتيجة القهر بالدرجة الأولى,وثانياً عدم الاهتمام بتطوير ملكات التفكير عندنا .
والقهر ,يوّلد عند الإنسان المقهور الذي لا حول ولا قوة له ,آليات خاصة بالمقهورين ,فنراه لعدم مقدرته على مقاومة القهر ,يستخدم الغيبيات ,والسحر , والهروب إلى الماضي الذي يجد فيه الملاذ الأمن . ولتوضيح هذه الآليات , لا يمكننا القول أن كل من يؤمن بالغيب هو إنسان مقهور ,لكن هناك فرق بين الإيمان بالغيب العقائدي أو العقدي ,وبين الإيمان بالغيب التخلفي .
القهر يجعل الإنسان أسيراً لقدرية مكبلة. تقوم هذه القدرية بتنظيم الاعتباط الذي يحيط بوجوده .حتى يقبل الاعتباط كأمر واقع .كمظهر من مظاهر قانون الكون والأشياء.وتتحول القدرية على نوع من الواجب .ولهذا يعتبر القهر نوع من الامتحان الإيماني ,الذي لا يجوز التمرد عليه ,ويدعوا الله بدعاء معروف"اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه"
والغريب في هذا الدعاء,أن المقهور لا يسأل الله رد القضاء ,مع أنه يدعوه ,فلماذا لا يطلب رد القضاء بالكامل, أنها صفة المقهور ,حيث أن المقهور يتعايش مع قهره ولا يرغب بالتخلص منه وإنما يريد أن تكون نتائجه أقل إيلاماً .
وطالما أن القهر سلسلة غير منتهية من قبل المتسلط تمارس على المقهورين. فيتفاقم القهر ,ويستفحل عجز الإنسان وتنعدم قدرته على التأثير في الأحداث.عندها يحاول المقهور أيجاد وسائل دفاعية كمظاهر العنف المرتدة إلى الذات على شكل إدانة الإنسان لنفسه وكأنه هو المسئول عن التسلط ,كي يجمد الأمور ويعدم الإحساس بها.وبالتالي يخفف من قلقه.وفي بعض الأحيان يأخذ العنف المقنع شكل عدوان موجه إلى الخارج ,فيحاول تخريب الممتلكات العامة ,أو يختلق نكات وتشنيعات مختلفة في حق المتسلط حيث يتم تناول هذه النكات في الاجتماعات العامة ,وتعمل السلطة الأمنية على ترويجها وانتقالها بسرعة ,نوع من امتصاص نقمة المقهور,ويدخل المقهور في تصرفات النفاق والخداع مع المتسلط .,وأحياناً تتطور الأمور إلى العنف الرمزي ,إلى سلوك جانح يهدف إلى خرق القوانين.حيث تنفجر طاقات العدوانية اللفظية فيشتم ويسب المتسلط وزبانيته حتى تصل الأمور في النهاية إلى حمل السلاح في فورات الغضب ,ومع كل أسف توجه فورة السلاح إلى جماعات خارجية من خلال التعصب العرقي والطائفي ,وما يرادف ذلك من ميول فاشية ,حتى تصبح نظرته للأخر ليس شريراً وحسب, بل هو رمز الشر والسوء.فيحكم عليه بالموت ,حتى يصبح العدوان عنده مشروعاً بل مطلوباً.وهذا ما نراه في ممارسات الحركات الجهادية المختلفة ,ترمي حقدها ناراً لتحرق فيه الأبرياء والحجر والشجر.
ولو شاءت الظروف ليعتلي المقهور منصباً ما عند المتسلط ,فأنه سيتماهى بعدوان المتسلط ,فيتظاهر بالاستعلاء على الضعفاء المقهورين من أمثاله ,ويستعرض قوته عليهم ,ويقوم في بعض الحالات بممارسة البطش والعنف والتعذيب ضد الضعفاء المقهورين من أمثاله.....وهذا ما نلاحظه من سلوك رجال الأمن والشرطة الذين يحسون بضعفهم وقهرهم وقلة قيمتهم ,فيصبحون أشد قسوة من سيدهم المتسلط والمستبد.
حدثني بعض الأخوة الأكراد ,أن الكردي المقهور والذي تشتريه السلطة الأمنية في مناطق الأكراد في سوريا ,يتحول إلى متسلط وعدواني ,ويمارس عدوانيته حتى على أقرب الناس إليه. والسبب في ذلك كونه يحارب بفعله وتسلطه مشاعره الدونية بصب جام غضبه على الفقراء المقهورين ,والذين كان واحداً منهم.

المقهور ,الذي يعاني القهر ,من طفولته حتى انتقاله إلى العالم الأخر,يعيش حياته مع كل أسف مشلول في الفكر النقدي ,يعيش حياته مطيعاً ,ولا يرغب حتى في حصوله على حق النقاش والفهم .لهذا تكون حياته صعبة الاحتمال ,ويكرس كل إمكانياته البشرية إلى توسل العديد من وسائل الحماية التي تذهب في كل اتجاه .فهو منكفيء على ذاته ,فينسحب ويتقوقع بدلاً من مجابهة التحديات الراهنة (وهذا ما يرضي السلطة السياسية الشمولية وزبانيتها الأمنية) .
يفقد المقهور صفة الطموح ,فيتقبل المصير أو يحاول إقناع نفسه بهذا المصير . وحتى يستطيع تجاوز هذا الواقع ,فهو يتمسك بالتقاليد والماضي المجيد ,ويقدس من صنعوا له هذا الماضي ,فيقبل قبورهم ويخلد ذكراهم.أو أنه يبحث عن ملاذ أو زعيم منقذ أو شيخ حسبة , أو التعلق بالأبطال أو اللجوء إلى الأولياء.حسب اعتقاده ليتكل عليهم .
لهذا ...لا يمكن لمجتمعاتنا أن تتطور إذا كان أفراد هذه المجتمعات ,يعيشون حالة القهر هذا.
وسؤالي الأهم من توصيف القهر.... كيف يمكننا التخلص من مسلسل القهر الذي تعيشه أمتنا منذ ولاية معاوية إلى يومنا هذا؟



#زهير_قوطرش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشكلة الفقر
- رحيل مناضل
- أعشق شهر إبريل (نيسان)
- مرض التقليد في الحركات الشيوعية العربية.
- الجنس عند العرب والمسلمين
- الاشتراكية و صحة الإنسان
- لماذا يا أبي؟
- أمي الأرملة.
- ما ذنب الكلاب !!!!
- يا نساء العالم ,ويا نساء المملكة العربية السعودية
- الاشتراكية..... هل انتهت؟
- ماء الحياة
- الإسلام هو الحل
- خال المؤمنين معاوية بن ابي سفيان
- حكاية وعبرة
- العجوز التي فجرت قنبلة
- الحضور الألهي ,والشخصية الإنسانية
- خالد بكداش ,للأمانة والتاريخ (1)
- الأصلاح الديني ما بين الشيخ محمد عبده ,والدكتور أحمد منصور
- فقر أم تفقير


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زهير قوطرش - المقهور