أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير قوطرش - ماء الحياة














المزيد.....

ماء الحياة


زهير قوطرش

الحوار المتمدن-العدد: 2927 - 2010 / 2 / 25 - 21:21
المحور: الادب والفن
    


كان يا ما كان في قديم الزمان.حيث كان يعيش أحد الملوك الحكماء ، حكيماً في حكم رعيته. حاشيته وشعبه كانوا يعيشون حياة الكفاية والسعادة ويتمتعون بالقسط والعدل والأمن. ذلك لأنه وفر لهم أسباب السعادة والرخاء مما جعل الابتسامة والهدوء والرضا لا تفارق محياهم .
الحاشية والشعب وجيرانه من دول الجوار ،كانوا يعيشون في حالة من القلق, سببه خوفهم من فقدانهم لهذا الملك الحكيم برحيله الى العالم الأخر.
في أحد الأيام وصل إلى المملكة رجلُ أدَّعى أنه يبيع ماء الحياة،من يشرب منه يُكتب له الخلود. المشكلة أن بائع ماء الخلود ،كان لا يملك سوى زجاجة صغيرة تكفي لشخص واحد فقط.
بعد سماع الحاشية و ممثلي الشعب أمر هذا الماء وفعاليته،أصروا على الملك أن يشتري الزجاجة ويشرب ما فيها من ماء الحياة حتى يكتب له الخلود ويضمنوا استمرار الوضع على ما هو عليه.
الملك الحكيم وكعادته في حكم شعبه ،لم يتسرع في اتخاذ قراراه ،لهذا فكر ملِّياً ،واستدعى حاشيته وممثلي شعبه لاستشارتهم ,و بعد المشاورات لم يجد أحداً منهم من يعارض رأي الإجماع بدعوته آنذاك لشرب ماء الحياة ، أخافه هذا الموقف الجمعي ،واعتبره حالة غير صحيِّة في مملكته . قال في نفسه صحيح أني أحب حاشيتي وممثلي شعبي،لكني لا أرتاح الى أن الكل يتبنى موقفاً واحداً ،وأخشى أكثر ما أخشاه النفاق الجمعي .
طلب الملك من الحضور فض الاجتماع ،وخرج الى حديقة القصر حزينا محتاراً لا يدري ماذا يفعل ،سأل الطيور عن رأيهم ،وسأل حيوانات القصر .واعتقد جازماً أنها تشارك حاشيته وممثلي شعبه الرأي.
بعد تفكير طويل ،أعلن الملك أنه على استعداد لسماع أراء عامة الشعب
وخاصة إذا تبنى أحدهم موقفاً مغايراً أو تقدم إليه بنصيحة بناءة تخالف رأي الحاشية وممثلي الشعب .
انتظر الملك طويلاً ،ولم يتقدم أيُّ مواطن برأيه الى ديوان الملك .حزن الملك ،لكن حزنه لم يطل ،وإذ بأحد المتصوفين الذين يعيشون حياة الزهد والتقشف ، من الذين لا تعنيهم الدنيا ومباهجها بشيء .سأل الدخول على الملك. نظر إليه الملك ،واستقبله باحترام بالغ،وأجلسه الى مجلسه ،وكان فضولياً لسماع رأي هذا المتصوف.وقال في نفسه لعلي أسمع رأيا يخالف ما أجمع عليه المقربون.
لم ينتظر المتصوف دعوته للكلام ،لكنه بادر الملك بسؤاله .
هل هذا الماء يستطيع أن يشرب منه أفراد عائلتك وحاشيتك وشعبك أيها الملك أم أنك الوحيد الذي يستطيع شربه؟ ثم تابع ولم ينتظر الجواب.
إذا كان هذا الماء فقط لتشربه وحدك دون أهلك ومقربيك و رعيتك ، فلا تشربه أيها الملك.
هل لك أن تتصور أيها الملك أن زوجتك وأولادك وأحفادك وعائلتك وحاشيتك وهذا الشعب الذي أحبك ،سيموت ويذهب بلا رجعة .وأنت تطلب من بعدهم الخلود !!!!!
أي حياة سعيدة هذه ستعيشها بعد موتهم؟
هذه ليست حياة جديرة بأن تعاش أيها الملك ,وخاصة بعد فقدان الأحباب حتى ولو كانت حياة الخلود هي الثمن….
أيها الملك ،عش حياتك السعيدة مع من أحبك وتحبهم ،وارحل معهم الى حيث يرحلون في نهاية العمر ,حيث سيرحل معكم هذا الحب المتبادل. الحياة بدونهم لا تستقيم أيها الملك.
السعادة الحقيقية أيها الملك تكون حيث يوجد الحب المتبادل .
صمت الملك ….ونظر الى المتصوف قائلاً …صدقت وما قلته هو عين الصواب .ورفض شرب ماء الحياة
تصورت , هل يمكن للحكام العرب رفض شرب ماء الحياة وحياة الخلود لو عرض عليهم ، وهل سينتظرون رأي شعوبهم التي أكرهوها على حبهم.أم أنهم على استعداد للتضحية بحياة شعوبهم من أجل خلودهم.ومع ذلك فحكامنا جميعاً هم خالدون حتى و إن لم يشربوا ماء الحياة.



#زهير_قوطرش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام هو الحل
- خال المؤمنين معاوية بن ابي سفيان
- حكاية وعبرة
- العجوز التي فجرت قنبلة
- الحضور الألهي ,والشخصية الإنسانية
- خالد بكداش ,للأمانة والتاريخ (1)
- الأصلاح الديني ما بين الشيخ محمد عبده ,والدكتور أحمد منصور
- فقر أم تفقير
- الأشتراكيون والمتدينون
- نساؤكم حرث لكم
- كل العالم ضد العرب والمسلمين
- الصحوة الإسلامية بين الحقيقة والوهم
- هل أنا سنية أم شيعية؟
- حياك الله يا شعب غزة
- الموروث الثقافي للأمة الإسلامية
- كن فيكون
- لا تنتظر أكثر -غابريل غارسيا ماركيز
- الإتباع والخلاص
- لم أرزق ولداً
- ما بين غزة وهايتي


المزيد.....




- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير قوطرش - ماء الحياة