أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد كعيد الجبوري - حلم الماضي وخيبة الحاضر وأستشراق المستقبل في رذاذ على جبين غزالة















المزيد.....

حلم الماضي وخيبة الحاضر وأستشراق المستقبل في رذاذ على جبين غزالة


حامد كعيد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 2962 - 2010 / 4 / 1 - 10:09
المحور: الادب والفن
    


بدءاً من مقدمة ديوان (رذاذ على جبين غزاله) للشاعر (رياض النعماني) والذي كتب مقدمة ً لديوانه يقول في جزءٍ منها (هل بمقدور بياض الشعر أن ينهي سواد ليل ، هل بأستطاعة الحب وقصيدة الحب أن ينتصرا على الشر وأدوات الردة وسكاكين الطائفية ودبابات الأحتلال بكل ما يمثله من بشاعة وفظائع ؟ وهل بأمكان الزهرة الطالعة .....الخ) .
من عرف وزامل ورافق الشاعر (رياض النعماني) يخلص لحقيقة نفسه الحالمة وتطلعه المشروع نحو الرقي في كل مفاصله ، يطمح أن يرى الأسود ابيضاً ، والصحراء حدائق غناء ، والقلوب التي ملأت حقدا ًوغيضا ً تغتسل بماء الفراتين لتطهر ، توقضه البلابل بترانيمها ويطرب حد الرقص للصوت العراقي الشجي ، و(لسعدي الحلي ) وهو يردد (عشكك عشك ليله ويوم) ، ويجسد (رياض) ذاته (أنت أبكثر ماشفاف ماتنشاف) ، ولربما كانت الشفافية المفرطة عند (النعماني) رسمت له الكثير الكثير ، التعلق اللامحدود بالأرض والأحبة والأصدقاء والأهل وبواكير الطفولة ومراتع الصبا ومحطات الشباب والعشق الأول والأنتماء للذات العراقية مبكرا ً- السياسة- وكتابة الشعر عند العتبة الأولى للجيل السبعيني الذي يصعب أن يكرر ، وبكل هذه الشفافية وببساطة متناهية يرى العالم بعين بصيرته مؤملا ً نفسه والأخرون (من أول درج سوته الدنيه وحتى هذا اليوم / يوميه ملايين البشر تصعد وتنزل / عالدرج كل يوم / أمنيتي أشوفن درج يصعد على واحد يوم) ، وبأي مقياس يمكن أن يؤشر شفافية (رياض) الحالمة (عالنسيم الشذري ناعس مر هواها / مشت والحيطان سكرت من تراجيها ونداها / عافت البيبان كل ذاك الطرف كله وبقت تمشي وراها) ، ولكن الدرج الذي عبرت عليه الملايين تلو الملايين بقي صاحبنا (النعماني) بمحطته مؤملا ً نفسه أن يرى الدرج يصعد على أحدهم ويحقق المستحيل ، (مينا آنه / ولوعة الغربه الضاعوا أبكل الزمن) ، ويبدأ الضياع (وين هذا الدرب ياخذني بغيابه / أدخل ألكه الروح بره / أطلع ألكه الروح جوه) ، وبين هذا الضياع والأمل والشفافية والغربة نحاول الولوج لها مجتمعة لحلم الماضي وخيبة الحاضر وأستشراق المستقبل ، (ظهر والكل نام / تتذكر صباها وتحسب الأيام / ولنه العصر / وجاي العصر / والناس والجيران) ، مشرعة ً محطات الغربة والتذكر والحنين وخواطر الحبيبة (أعرف أم منحر العالي / بحجلها الزاهي أبو الثومه / ) ، وتمر السنون ثقيلة بهمومها وكوابيسها القاتلة ، (يذاك العمر كلبي أمن الهرش مكطوع لتلومه) ، باقية بداخله جذوة الشباب وخصوبتها مستذكرا ً شموخ البيوت العراقية بعزها وتأريخها الأبيض النظيف ، (أحس روحي حصاد وصوت المهاويل / والحب والبيادر والهلاهل والرصاص / وذاك عز بيوتنا المد الشمس ومطول بيومه) ، صراع داخلي بين اليكن واللايكن ، بين الشموخ والأستسلام للواقع المعاش (تره الأيام كسرتني بلا كومه) ، مستصرخا ً للذات العراقية الطيبة من أهل وأحبة ورفقة (بعيد ولا يجي مكتوب لا عنوان لا منهم خبر) ، حتى يقع فريسة اليأس ، (باجر وين / بياديره ومطر وبيا حدود) ، هكذا كل ليلة متطلعا ً لفجر أخر جديد ولربما سيأتي أشد وقعا ً عما قبله ، (يوميه ناس وشارع وغربه / ويجيك الليل / وين أتنام وتهيج المواجع والفرح والشوك) ، وفي هذا الخضم من الغربة والشوق والحنين والمعاناة غير المجدية يتذكر حبيبته وجمالها وأنوثتها وعذوبتها ، (أنت سبع رايات من تمشي أبعكد / كل البنات تباوع وتحتار / ونهيدك الفرفوري شايف روحه ومزعل النحر) ، وأستعارة (شايف روحه) للنهد أستعارة جميلة لها مدلولاتها وخصائصها الجمالية ، ويستمر (النعماني) ليزيح بأمانيه الحالمة ركام الغربة وعذاباتها لتقوده مرة أخرى ، (كلشي كضه / وأنت ظلام أووحشه / من وحشتها يستاحش كبر / يوميه ديره والشوارع تاخذك ليل ومطر) ، سائرا ً رغم أرادته نحو هدف مجهول ، (تمشي ومتعرف وين تمشي / وين ترجي الراس عد يا باب) ، ويعود بحلمه صوب صباه (ع الفراغ أتحط ثكل راسك وتحلم / والنخله بهذاك البيت تتلكاك بالفي والنده وبغنج حامل) ، ونخلته تدلي عذوق رطبها لتريح رأسه والهموم التي تركها بظل نخلته و (طارمة) البيت و(الناكوط) – كوزفخاري يوضع تحت حب الماء – وحمامته المحجلة التي تبحث عن فحل لها – زافت : بلغة مربي الحمام - ، ويطول حلمه وأمانيه بالعودة لبغداد لأنه وكما يعرف الكثير عاش الغربة القسرية التي أمتدت لثلاثين سنة هربا ً من بطش النظام السابق المقبور ، (هذا أنت وشيبت شيردك البغداد / شيردك بعد / وفيها وسهر حاناتها وشطها وشرايعها وغناها وجنة الألوان – أشارة لأكاديمية الفنون الجميلة - /) ، عائدا ً لأحبته وصداقاته والقطار الذي يمر على السدة والعصافير وفائق حسن – الفنان العراقي الكبير – والأغاني والأشجار ، وهنا يتمنى أن يجمع عمره ويرسم من حاضرة غربته (نرسم من بعد شباج ونباوع / بنات أووشوشات وكاس وهموم وقصايد / دنيا ماتنحد ) ، ما أحلى أيامه الخوالي وهو يجوب مقاهي بغداد وأزقتها وجيوبه خاوية ، أذن كيف يدبر (الماي الحلال) ، ويعود بتلك ليلته الى ليل الوزيريه (بندى وجوري الحدايق بالشجر ضم رجفة الخصرين) ، وتتصاعد نبرة الحنين ويذهب صوب المقدس بعد غلق كل الأبواب دونه ، (وين أبو الحملات رد بي َّ عليهم / وين أبو الحملات رد بيَّ / وأسيس فوك من جسر الخشب لآخر جرف ياماي سوّيني جرفهم ) ، عودي أيتها الأعوام اللعينة وأنا راض ٍ بكل الغربة والوحشة والوجع ، (ماظلت شديده ونايبه مامرت أبروحي) ، أنا هذا الخراب الذي يسير بين الناس وأنا الفاجعة بذاتها تركت العراق قسرا ً والعراق شامة الدنيا وأستوطنت الشام السورية محبا ً لها كشامتي بغداد ، (الشام بت مدرسه وحلت ضفايرها) ، ولكنه يرى الشام خيمة سرعان مايقوضها الريح و (بلكن أتبدل الخيمه أبسكف) ، والسقف الذي يأمل أن يظله (هذا الوطن آحاه / من ياطين من ياظلم) ، وينهار الظلم فيجدد (رياض) أمانيه العراقية المؤجلة ويحلم بوطن يحترم أنسانية الأنسان ، ولعله يجدها في القادم الجديد ، وبعاطفة عراقية حقيقية – كما الجميع – أرى أنها حكم وقرار مبكر جدا ً غُلبت – بظم الغين - العاطفة فيها على العقل ، (المجد / دار الزمان ومالكاله أمكان / ومن وصل أرض العراق / وكف الخيل وكلها ... هذا المكان ) ، أو (أغرك أبدجله تظل حي للأبد) ، ولم يخالف الحقيقة (رياض) وكذا لم يخالف قناعاته التي وسمتها بالمبكرة وحينما يسأل عما حدث بالعراق وللعراق وأين الجيش وجيش القدس وجيش النخوة والأسلحة والملايين المطبلة لقائد من وهم وجليد ، ويجزم (النعماني) أنه شاهد ملأ العين (عاهر سلم العاهر بلدنا والله هو يعين) ، وبغداده التي حلم أن يكحل عينيه فيها أضحت (بيها الليل حفره والبيوت أكبور / ياناس وين الناس / وين الهوى وذاك العمر / جنيت يابغداد) ، ويجوب بجسمه النحيل المتعب وكأنه حافي القدمين يطرق الأبواب سائلا ً عن بغداده المستباحة مفتشا ً عن قبور الراحلين (طارق ياسين ، يعرب الزبيدي ، عبد الرحمن طهمازي ، وأخرون) ، ويعود ثانية يائسا ً نحو المقدس مستصرخا ً السماء عن الذنب الذي جنته بغداده لتحال الى ركام هكذا ، راسما صورة مأساوية متخيلا ً مقاهي بغداد تجوب شوارعها لتقتنص لمن سيجلس فيها ، (والمذابح والأحزاب أشكثر) ، وحين الوصول والأدراك المتأخر واللا متأخر لهذه الخيبة المريرة فيمزق أستار سنينه عائدا ً بذاكرته التي ترفض أن تشيخ لذاته العراقية التي أشرنا أليها سلفا ً ، (تاخذك روحك الكل هذا العراق / وتيه يمم وجهك الذاك النخل والكصب والرايات / طر أترابها وأعبر / وتاخذك زهوة طرب من تصعد أبروحك روايح ذيج الأيام البعيده) ، والمشاحيف التي تخترق سواد الليالي الشتائية مضيئة لهور (الغموكه) بفوانيسها التي تمتد على مد النظر وكأنها مسبحة (كهرب) مرددة أغاني النصر هلاهلا ،ً وأصوات (البرنو) تمزق أسيجة الرعب وأم الشهيد (أمين الخيون) تشرق قبل طلوع الشمس متوشحة على خصرها ملائتها السوداء بل قل البيضاء ممتطية صهوة (تنورها) لتستخرج منه خبزا ً شريفا ً طريا ً لتقدمه وجبة أفطار لأبنائها الثوار الذين نذروا أرواحهم (للزينه والشدات) ، ومن بين غابات القصب (تطلع زلم ماشايفه أولايات) ، والدلالة التي يسوقها (رياض) في هذه الصورة الفريدة عن أولئك الرجال الرجال وكأنه يحاكي (حيدر حيدر) في (وليمة لأعشاب البحر) ، (زلم ماشايفه أولايات) مذكرا ً العراق والعراقيين بملاحم الأهوار البطولية التي أرخت لثورات الزنج سابقا ً وأيام الظفر والصبر والعز والشرف التي ترشد للكرامة المتربعة على تيجان (الصرايف) العراقية ، و(البيرغ المحنه الوكع والشاله كل هذا الكصب) الثائر على الظلم والفاشية ، و(أنحر على جيوش الزمان) وترك مثابة نضالية تتغنى بها الأجيال العراقية وبيوتها (الماطفه موكدها ليله) ، وللموت الذي (أنحني بيه ليل الجباشه ونسهر الجيته بغنى وهوسات) ، ومضيف العراقيون (العله صوب الشمس) وأرتفع بها جهة الشموخ والكبرياء ، فهذا هو العراق أيها البائعون والطامعون القادمون بلا عظة من تأريخنا المشرف الأصيل .
(رذاذ على جبين غزالة) قرأته هكذا ، أمل وتعلق بالتأريخ النضالي العراقي ممثلة بقصائد ما قبل عام 2003 م ، وخيبة مشوبة بالعاطفة المتأرجحة ، وأستنهاض بين للقوى الوطنية الخيرة ممثلة بقصائد ما بعد عام 2003 م ، وقصائد (رياض النعماني) كما وصفتها لا تميل صوب السردية المملة ، ولا للرمزية الموغلة وعلى أنها تحمل شفافية شاعر لا شفافية سياسي مقامر ، بعيدة عن قصائد منصات الأيام هذه التي تثير الزعيق حد الغثيان لتستلب التصفيق من السذج الذين قبضوا أثمان تصفيقهم سلفا ، قصائد تزيح الركام عن العقول التي تظن أن الشعر الشعبي العراقي فقد أصالته .
يعتقد بل يؤمن (النعماني) بأن الحب والجمال قادر على أن يغير المسارات المنحرفه ليضعها صوب جادة الحق لينعم الجميع بالفطرة التي جبل الكون عليها ، يقول (رياض النعماني ) في مقدمة ديوانه (من جهتي اؤمن بذلك الأيمان كله لأن الجمال وحده يستطيع مقاومة القبح وهزيمته المؤكده) .



#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤى ورقَةُ القوافي في زمكانية (وتَر المنافي)
- يومية أنتخب
- صبر مفطوم
- روض
- مشهد الشمس وطقوسه الحلية
- العراق الفاز / مهداة للحزب الشيوعي
- أوتارٌجبهويه *
- واقع أم خيال حلاق بيد واحدة
- الحلة الفيحاء وأعياد أيام زمان
- تباً للسيلسة / مهداة الى العراق العظيم
- حرامي الضحاك
- الشاعر عبد الصاحب عبيد الحلي /تجربة رياديّة ضاجّة بالعطاء
- عيون الشعب
- سالوفة فَخر
- ويلاد مريدي
- الخيط والخويطات
- ديوان البخيت
- التمرد على المألوف في القصائد الشعبية ( النهد انموذجا)
- أضلوع السجن
- بعيداً عن الضجيج ، قصائد تخترق الشغاف


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد كعيد الجبوري - حلم الماضي وخيبة الحاضر وأستشراق المستقبل في رذاذ على جبين غزالة