أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلال الشريف - أفلاسطينوس














المزيد.....

أفلاسطينوس


طلال الشريف

الحوار المتمدن-العدد: 2957 - 2010 / 3 / 27 - 23:25
المحور: الادب والفن
    



التهب شاربه بياضاً بعد خروجها من رحمة الرب كما ادعوا عليها وتضاءلت عيناه تحتضنها حين هلل الحاضرون لمن بدأ من العسكر إلقائها في النار بحجة الفاحشة على مر الأيام دون وازع لما قدمته من خدمة جليلة للرب بحملها وولاداتها الفائقة العدد لتعمير البسيطة.

وكان أفلاسطينوس قد خرج عن المعهود فباركها ودافع عنها باستماتة، فألقوا القبض عليه وعذبوه ولما علا صوته هاتفا: إنها طاهرة .. إنها طاهرة .. قاموا بربطه وصنعوا له لجاماً من حديد ولم يعد يستطيع الكلام أو الصراخ فارتاحوا من هتافاته، وانشغلوا فرحين بسكوته عن الكلام.

تقوقع أفلاسطينوس في ركن بعيد عن صخب المنافقين والمغفلين فحمله الأبرياء إلي شعبتهم وقناعاتهم ببراءة الولود متعهدين إلي الحراس بعدم فك لجامه إلي أن يعفو عنه السلطان، وكان لهم ذلك.

مرت الأيام والشهور الأولى وأفلاسطينوس حزيناً لعدم قدرته على الكلام وخوفاً من إلقاء الولود في النار كما أرادوا، وتجمع حوله الأبرياء وعلى قناعاتهم ببراءة الولود، واتفقوا أن يكونوا مخلصين لأفلاسطينوس بأن يعطوه حرية الكلام ولو دقائق يوميا لأنهم أحبوه، وخوفا من العسس حاولوا توقيت فك اللجام عن حنكه خمس دقائق يومياً يجمعوا خلالها مجموعة جديدة من الأبرياء في مكان مهجور ويقوم أفلاسطينوس بالهتاف في حضرة هؤلاء الأبرياء، إنها طاهرة .. إنها طاهرة، حتى يصيح الجمع الصغير مردداً خلفه إنها طاهرة .. إنها طاهرة، وفجأة يختفي الجمع الصغير ويغادرون المكان المهجور دون أن يسمعهم أحد.

استمر الأبرياء بعقد الحلقات للهتاف بطهارتها يوماً بعد يوم، وبجمع صغير جديد من الأبرياء خلف أفلاسطينوس حتى حفظ جميع الأبرياء هذا النشيد عن ظهر قلب وارتبط في عقولهم ارتباطاً وثيقاً فكان الواحد منهم ما إن يسمع لفظة إنها في أي وقت أو أي مكان ينطلق هاتفاً دون شعور طاهرة إنها طاهرة ...

وفجأة وفي ساعة الذروة حين كان تجمع المنافقين والمغفلين أخذ العسكر يجمعون الناس بالسياط ضرباً للاحتفال بقذف الولود إلي النار كان أفلاسطينوس واحداً ممن جلبوهم عنوة للاحتفال كما باقي الناس، وقد نسي الأبرياء إغلاق اللجام عن حنكه بعد حلقة الهتاف الأخيرة.

وبينما كان العسكر يقومون بطقوسهم قبل إلقاء الولود بالنار كان أفلاسطينوس يراقب تلك اللحظات مقهوراً لدرجة الهذيان والذهول من الموقف وفجأة تقلصت عضلات رقبته ووجهه بانفعال شديد وحاول الصراخ ولكن اللجام وقف حاجزاً منيعاً أمام شفتيه فقفزت الدموع من عينيه غزيرة فأراد إخفاءها بإمالة رأسه إلي الأسفل كي لا يرى الحاضرون دموعه وانكساره، وما إن أمال رأسه إلي الأمام حتى انفتح اللجام عن حنكه فجأة، فأصابته الدهشة وارتبك قليلاً وبهدوء أعاد اللجام إلي مكانه ووقف شارد الذهن للحظات هل يفعلها .. إنها الفرصة التي انتظرها طويلاً وشعر بالعزة والعنفوان وأن النصر على مرمى لحظات.
تحامل على نفسه وبثقة النصر مشي خطوات قليلة بين الحاضرين مستجمعاً كل ذرة من رباطة جأشه فسرت في كيانه طاقة النصر المؤزر كالمحررين للأبرياء على مر التاريخ، وفجأة اعتلى مكاناً مرتفعاً قليلاً ووقف بشجاعة الأبطال صائحاً ، إنها طاهرة .. إنها طاهرة ، وما إن سمعه الحاضرون حتى انطلقوا بصوت واحد مرددين بقوة، إنها طاهرة .. إنها طاهرة ودبت الفوضى بالمكان وانطلق الأبرياء والحاضرون معهم نحو العسكر واشتبكوا وعلا الصراخ والهتاف، إنها طاهرة .. إنها طاهرة، وعندها وجد العسكر أنفسهم في مأزق فعددهم أصبح ضئيلاً في وجه ثورة الأبرياء العارمة وفروا من المكان وسار الأبرياء في البلدة الولود الطاهرة بحرية واقتدار حاملين أفلاسطينوس بطلاً على أكتافهم لتشرق الشمس من جديد.
24/3/[email protected]



#طلال_الشريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماسونية والبهائية ضد غزة
- فلسطين الكارثة تنتظر البطولة
- عصابات أم أحزاب في بلدنا ؟ !!
- لا تعرفون المصالحة مع وطن !!
- غزة لا تحب الحرب
- عندما يضيق الناس بظلمهم ... يزف الرحيل
- جيل بلبع
- من هؤلاء يا ترى ؟؟ !!
- الوحدة بأي ثمن لفلسطين
- رحلة عابرة لمدافن السائرين
- وقفات تحريضية
- كانت تراقص القلب والذاكرة
- أين أيديولوجيتي وهويتي؟ من أنا؟ ما العمل؟
- شجون الأيديولوجيا والهوية
- إنحني إنها النساء
- سيبقى القوس مفتوحا
- الثوار الخونة ... الحلم بغد مشرق لن يتوقف !!
- تحية لفتح ونصيحة الي حماس في فلسطين
- لا تصمت فالصمت خواء
- موحد الفردتين 42 ، 43


المزيد.....




- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلال الشريف - أفلاسطينوس