أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلال الشريف - موحد الفردتين 42 ، 43















المزيد.....

موحد الفردتين 42 ، 43


طلال الشريف

الحوار المتمدن-العدد: 2726 - 2009 / 8 / 2 - 04:50
المحور: الادب والفن
    


تعود المناضل سالم على شراء حذاء كل ستة أشهر نتيجة استهلاكه للأحذية بسرعة،وقد كان يذهب دائما في هذه المهمة الصعبة ومعه صديقه حمزة.

في هذه المرة ذهب إلي محل بيع الأحذية الذي تعود على الشراء منه، وانتهز كما العادة وقت الزحمة ، ودخل إلي المحل طارحا السلام على المتواجدين، ولم يلحظ هذه المرة صديقه العامل "عرفة"، فسأل عنه فقالوا له، بأن صاحب المحل قد غير كل العمال السابقين، وبأن عرفة التحق بمحل لبيع بنطلونات الجينز.

انتابت سالم حيرة، ولكنه أراد بعد تفكير أن يجرب هذه المرة الحصول على حذاء بواسطة عامل جديد، فنادي علي أحدهم، وأطلعه على الحذاء الذي يريده في فاترينة المحل، وعاد إلي مقعده ينتظر إحضار العامل للحذاء، كان في حالة اضطراب، حيث تعود أن يعطي عرفة عشرين شيكل بقشيش لتسهيل أخذ طلبه دون عناء.

أحضر العامل له زوجين من الأحذية مقاس 42 ،43، كما طلب منه سالم، رغم تذمر البائع الجديد، الذي استغرب بداية من طلب المقاسين، وقال لسالم، خلينا نجرب 42، وإذا ما ناسبك بنجيب 43، ولكن سالم قال له ليس لدينا وقت، أنتا شو راح تخسر هيك بشتري مرات 42، ومرات 43، فوافق البائع وقال في داخله بتحصل صحيح في مقاسات بعض الأحذية أن تنقص أو تزيد نمرة الحذاء لدى الشخص، وذلك حسب الموديل.

أخذ سالم الكرتة أو اللبيسة، ليقيس الحذاء، وخلع الحذاء القديم، ليجرب الحذاء 42، الذي قدمه له البائع الجديد، ولبس فردة الحذاء اليمني، وتمشي بها خطوات في المحل، وهز سالم رأسه، لا بأس وقال للبائع خلينا نجرب 43، ووقف البائع ينتظر، فألهاه حمزة بالحديث، وقام سالم هذه الأثناء بلبس فردة اليمين 43، في قدمه اليسري، بعد أن انشغل العامل مع زبون آخر وأخذ سالم يتمشي وهو يلبس فردتي حذاء، واحدة يمين مقاس42 في القدم اليمنى، وفي القدم الأخرى أيضا فردة يمين مقاس 43، وتولى حمزة إرجاع الفردتين الأخريين المختلفتين في الكرتونة وإغلاقها لإرجاعها، وطلب من البائع كيس نايلون، ووضع فيه حذاء سالم القديم.

خرج سالم وهو يمتطي الحذاء الجديد متظاهرا بالإعجاب به، بعد أن دفع ثمنه بسرعة ودون مفاصلة على الثمن، و غادر المحل بصحبة حمزة . وما إن خرجا من المحل، حتى راح العامل الجديد نحو صاحب المحل الجالس على الكاش وبيده الكرتونة، ليظهر لصاحب المحل بأنه ولو أنه جديد فانه شاطر ويبيع الزبون بسرعة، وبالثمن الذي يطلبه، فابتسم له صاحب المحل، وربت على كتفه، وقال له، أرني هذا الموديل الذي بيدك والذي أقبل عليه الناس، دون تردد في دفع السعر، وفتح الكرتونة، ولخبرته الطويلة، لاحظ اختلاف المقاس، وأن فردتي الحذاء بالكرتونة المتبقيتين، هما يسار، فتشنج الرجل، وهم واقفا، وصرخ بالعامل، اذهب بسرعة وراء الرجل الذي اشترى الحذاء، وأوقفه لإرجاعه إلى المحل، فأنا أنتظره منذ زمن.

وجرى العامل بسرعة خارجا من المحل وراء سالم وحمزة فوجدهما على وشك ركوب سيارة أجرة ليس بعيدا عن المحل، وكان أن لحق به صاحب المحل، فوجد العامل يتجادل مع سالم وحمزة، وحاول صاحب المحل الاستعانة بشرطي كان على مقربة من المكان بعد أن تجمهر الناس حولهم، وحاولوا فض الإشكال، الذي بدا للناس بأنه بسيط، وأنه يمكن تغيير فردة الحذاء لصالحهم الاثنين، ولكن صاحب المحل أصر على الشرطي المتواجد لإيقاف سالم الذي كان موقفه لا غبار عليه حسب رأي الناس ولم يفعل جرما، وأنها غلطة العامل الذي لم ينتبه حين وضع الحذاء بالكيس، بعد موافقة سالم علي شرائه، ولكن العامل أخذ يدافع عن نفسه بأنه لم يضع الحذاء بالكيس بل إن سالم هو الذي لبس الحذاء الجديد، وغادر المحل، ولم يشك العامل بالموضوع أيضاً، ولكن صاحب المحل قد اكتشف شيئا هاما بالنسبة له، وقال للناس ستعرفون حالا الذي أريده.
تحت إصرار صاحب المحل، حضرت سيارة الشرطة إلي جمهرة الناس بالمكان، وعندها فجر صاحب المحل الذي استاء الناس من موقفه، وأخذوا يكيلون له الشتائم على صغر عقله، واشتباكه مع سالم وحمزة على موضوع لخبطة بسيطة بنمرة الحذاء. وفجأة صرخ صاحب المحل بصوت عال للشرطة والناس، هذه ليست أول مرة تعالوا معي لتروا كم زوجا من الأحذية قد خسرتهم من وراء هذا الرجل، فأنا منذ سنتين ونصف وأنا أحاول معرفة سر الأحذية التي تبور عندي نتيجة هذا النصاب .

والقي القبض على سالم وحمزة، وقدما للمحاكمة، وفي يوم المحكمة :

سأل القاضي: سالم، لماذا تفعل هذه الأفعال يا سالم؟
صمت سالم برهة وهو يفكر بماذا يرد، هل يخبرهم بالحقيقة أم يكذب عليهم، ولكنه فجأة وبدون مقدمات، بدأ سالم يروي قصته للقاضي، وقذف بالمفاجئة أمام المحكمة، وأمام الحضور، بأن خلع حذاءه وشراباته، ووقف عاري القدمين أمام القاضي والحضور، وهو يرفع بنطاله إلي ركبتيه.

انظر سيدي القاضي، لقد ولدت بقدمين يمين، وليس لدي قدم يسار، فماذا أفعل؟ ووجدت بالصدفة أنني عندما البس في قدمي اليسري فردة حذاء يمين أكبر، فإنها تناسبني وتريحني بالمشي لوجود تشوهات في هذه القدم، وكان يشير إلي قدمه اليسرى التي هي في الحقيقية قدم يمني ثانية.

اندهش القاضي، وانفعل لحظات، ثم عاد إلي ضبط حديثه بعد صمت
وقال: يا سالم نحن لا نعيب عليك خلقتك، واحمد الله أنهما يمين وقد أراحك الله من اليسار
ففي اليمين بركة، ولكن، كان الأولى يا سالم أن تخبر صاحب المحل بما تفعله، ولا يجوز أن تسرق، رغم احتياجك إلي ما فعلته، وأن تقوم بتخسير الناس وتخريب لأموالهم، هذه سرقة، وأيضا، أنت لم تخرب حذاء واحدا، أنت خربت على المحل حذاءين.

فرد سالم: لا يا سيادة القاضي، هم يخسرون حذاء واحدا، لأنني آخذ دائما حذاء من الاثنين، رغم اختلاف المقاسات.

قال القاضي : لا يجوز لك هذا، وهذا ليس من حقك، وكان الأولى أن تجد من يفصل لك حذاءً مناسبا، وتفصيل ليس جاهز أفضل لقدميك اليمينيتين

رد عليه سالم: نعم سيادة القاضي، ولكن أسعار التفصيل مرتفعة جدا، وأنا بحاجة إلي حذاء كل ستة أشهر، وذلك يتطلب مني أموالا كثيرة، وليس في مقدوري ذلك، وقد طرحت قصتي على الكثيرين، ولم أجد منهم مساعدة.وفي المرة الوحيدة التي ساعدني أحد الجيران وكان واصل بالحكومة، أن أحضر لي فردتي حذاء، الاثنتين يسار، يبدو أنه اشتراها من هذا المحل برخيص لأن أحدا لا يشتريها.

رد عليه القاضي: كل هذا لا يبرر فعلتك رغم احتياجك له

فقال سالم: نعم سيادة القاضي، أنا سرقت حذاء لإعاقتي، ولكن، ما رأيك فيمن ينتعل كل منهم من الوطن فردة حذاء واحدة ؟؟!!
فأنا على الأقل امشي بفردتي حذاء في جسم واحد، يعني في وحدة حذائية وطنية واحدة، فماذا تقول سيادة القاضي؟

سكت القاضي دقيقتين ثم قال متجهما : باسم الثورة والثوار، باسم المجاهدين والمناضلين، وباسم الشعب العربي الفلسطيني، حكمت عليك المحكمة بالسجن لمدة ثلاث سنوات لأنك فرقت فردتي حذاء عن بعضهما.

قال سالم: يا سيادة القاضي كنت بحاجة لأسير بهما، فكل الناس لهم أحذية
قال القاضي : نعم الناس لها أحذية دون سرقة
قال سالم: أسرق حذاءً، وقد حررت الفردتين، تحكمون عليّ ثلاث سنوات !! فماذا تحكم على من فرق وباعد بين الفردتين؟
قال القاضي : وأنت أيضاً لقد استوليت على الفردتين بالتدليس واحتللتهما، وقد فرقت ودوخت وعزلت وباعدت بين الفردتين ال 43

قال سالم : ولكني لم أقطع رباطها، ولا سببت لأي فردة أي خدش،
وعند ذلك بدا واضحا تململ الحاضرين وانفعالهم ورغبتهم بفعل شيء، وعلى وجوههم شرارات الغضب
قال القاضي بسرعة قبل هيجان الناس: حكمت المحكمة عليك يا سالم ثلاث سنوات مع النكد العام المتواصل لحين موعد الانتخابات القادمة في 25/1/2010م .
فهاج الجمهور على القاضي، وهتفوا... بصوت واحد:

" بالروح بالدم نفديك يا سالم"

" فردة شمال وفردة يمين وعن وحدتنا ما بنلين "

" عاش سالم موحد الفردتين عاش سالم موحد الفردتين ".



#طلال_الشريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة: نيو يا حاج نيو
- أبو مازن وصحبه هم الامتداد الحقيقي لياسر عرفات
- قصة قصيرة : بين أصمين !!
- هذا الحزب ارتفعت شعبيته في قطاع غزة ؟!!
- أغنياء الحرب وأغبياء القطيع
- هل خلط نتنياهو الأوراق وانقلب على السلطتين ؟؟!!
- الجنون الثالث ... جن جن وجنون
- السُرّاق
- في الظلم الواحد والعشرين
- المؤتمر السادس يسأل هل في فتح فتحاويون ؟
- مات الرائي مصطفى الحمدني فأين الطريق ؟
- سأقرأ لكم
- هل انتهى زمن هذه الفصائل الفلسطينية ؟!!
- إذا فشل الحوار فعلى شعبنا أن يحاكم قياداته
- عودوا لنا
- قولوا لها !!
- مطلوب من الأحزاب عند العودة مجدداً للحوار !!
- العبث الاستراتيجي الفلسطيني أخل بالتحرر الوطني !!
- المعضلة الحضارية العربية !!
- فرصة انتخابات - ذهبية - قادمة الي فلسطين!!


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلال الشريف - موحد الفردتين 42 ، 43