أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علي الحمداني - الهوية الثقافية هل في خطر؟














المزيد.....

الهوية الثقافية هل في خطر؟


حسين علي الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 2950 - 2010 / 3 / 20 - 20:49
المحور: الادب والفن
    


كثيرا ما تطرح إشكالية العلاقة بين الهوية الوطنية والقومية ومجتمع المعلومات العالمي وتكون هذه الإشكالية تعزف على الهوية القومية تارة وعلى الهوية الإسلامية تارة أخرى , ومبعث ذلك أسباب , الأول هو أن الهوية في مجتمعاتنا لم تحلّ بعد بالقدر الكافي معضلة العلاقة بين الأصالة والحداثة ولا تزال في صدام مع التاريخ ومع الآخر. والسبب الثاني هو اختراق هوية هذا المجتمع من طرف قوى العولمة وآلياتها بما فيها آليات الاقتصاد والسوق وتدفق المعلومات بسهولة ويسر عبر الشبكة العنكبوتية . فهل نحن الأمة الوحيدة المهددة بهويتها ؟؟ لننظر إلى التجربتين اليابانية والصينية. هذان المجتمعان يُعدّان من روّاد الثقافة الرقمية ومجتمع المعلومات ومن القوى الفاعلة في التقدم التكنولوجي للثورة الاتصالية. ولكن هذا التطور لم يؤثّر في مقومات الهوية اليابانية أو الصينية ولم يحصل الانفصال بين ذاكرة التراث وعناصر الشخصية من ناحية ومتطلبات مجتمع المعرفة والانفتاح على شبكة المعلومات من ناحية أخرى. هناك إذن ضرورة معرفية لمساءلة الخصوصية الثقافية لعالمنا العربي في عصر المعلومات، والمعروف ان الهوية الثقافية هي كائن جماعي حيّ يتغير ويتحوّل أوّلا من الداخل بفعل تغيّر المرجعيات القيمية، وثانيا من الخارج بتأثير تطور علاقات الفرد والمجموعة مع التحوّلات الكونية. ونحن كمجتمع عربي لم يصبنا تحولا من الداخل باستثناء ما حصل في العراق من تغيرات جذرية فأصبح الإنسان العراقي بشكل عام والمثقف بشكل خاص أصبح كيان حركي قابل للتشكل حسب تجربة الحاضر وتطلعات المستقبل. والذي يجعله يتحرّك هو قيم ثابتة مرتبطة بالجدلية التاريخية بين قيم التراث ورؤية المستقبل. هذه القيم لها اتصال تكويني بالهوية الثقافية تتحقق حسب العصور والظروف، ومن أهمّها التوازن بين البعدين المادي والروحي، ومبدأ الاجتهاد والانفتاح. هي إذن هوية شاملة وجامعة لمرجعيات مختلفة ومتنوعة تكون حصيلة لتجارب إنسانية عبر عصور التاريخ. وهذه لا تتناقض مع مقومات الحداثة وتطور منظومة الفكر وفق مخرجات الحضارة الإنسانية , وقد قرأنا كثيرا عن غزو ثقافي يجتاح عالمنا العربي دون أن نفكر بان أمم أخرى يجتاحها في ذات الوقت , وعلينا أن نستذكر كيف احتفظنا بهويتنا وخصوصيتنا في حقب تاريخية ماضية , وربما تشكل بعض الدعوات التي تحاول ان تقودنا إلى مناطق العنف التاريخي تحت شعارات حماية الذات والهوية ومعاداة الآخر ورفض تقنياته وعلومه ومنجزاته. وهنالك من يشجع على التعامل مع هذا ايجابيا , وبين هذين الموقفين المتجاذبين للهوية في عصر المعلومات والعولمة، هناك طريق ثالث، طريق الحداثة المدنية الذي يربط جدليا بين الهوية والمعرفة والحرية في إطار المنظومة الديمقراطية التي تؤسس الذات على فكرة الانفتاح والتسامح والاعتراف بالاختلاف والتنوع، وفي إطار منظومة تربوية حداثية تهدف إلى بناء المواطنة المدنية المشاركة في مؤسسات المجتمع والمسؤولة بالدرجة الأولى على تطوير معارفه. واستثمار التكنولوجيا الرقمية و إيجاد سبل الانخراط المدروس في هذه الثورة التي غيرت تضاريس العالم وجعلت منه قرية كونية تهدّد الثقافات إمّا بالذوبان أو التقوقع إذا لم تحتل موقعها في اقتصاد المعرفة وثورة الإنتاج الرقمي فالمعروف اليوم أن 12 % من سكان العالم يسيطرون على أكثر من 90 % من حجم التجارة العالمية (أمريكا، اليابان، أوروبا)، اليابان وحدها تسيطر على 44 % من صادرات العالم، هذا الواقع هو ترجمة للثورة المعلوماتية والاتصالية والتفجّر المعرفي. وهذا يعني إن الهوية التقليدية غير قادرة على مواجهة هذا الواقع، كما أن الدولة التقليدية غير قادرة على الصمود أمام العولمة. وحين نبحث عن أسباب هذا التفوق خاصة في الدول الصناعية نجد انه قائم على الإنسان العارف , إذن المعادلة الآن بين القوة والمعرفة فلم يعد لعدد السكان ووفرة الموارد والجيوش تأثير يذكر في تحديد مصادر القوة الحقيقية. العقول المبدعة والمتحكمة في تقنيات المعلومات والاتصال هي التي تؤثر اليوم في توجهات السياسة والاقتصاد ومراكز القرار والنفوذ. من هنا نجد إن العلاقة الجدلية بين الهوية ومجتمع المعلومات. هي علاقة تأثير عميق قد يكون سلبيا أو ايجابيا، حسب قدرة الثقافة على إدماج الهوية في حركة التاريخ من ناحية، وقدرة العقل السياسي المضطلع بمسؤولية الحكم على بلورة خيارات حداثية في منظومة الفكر والسلوك والمؤسسات. فالمفصل الحقيقي بين الهوية والمعلوماتية هو الثقافة الديمقراطية بالمعنى المدني الذي يرادف الحداثة والمواطَنة الحرّة . ونحن في العراق وفي مرحلة ما بعد انتهاء حقبة الشمولية في كافة المجالات لنا هوية جامعة ودرجات متفاوتة في تكييف هذه الهوية مع مستجدّات العصر، وعلينا أن ندرك بأن الهوية القادرة على الصمود والإضافة في مجتمع المعلومات هي الهوية النقدية المتشبعة بثوابتها الثقافية والوطنية.



#حسين_علي_الحمداني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكومة الائتلافية
- الديمقراطية خيار الشعب العراقي
- عراقيون رغم كل شيء
- البحث عن صنم
- تعالوا ننتخب
- انتهاء ثقافة الخاكي
- في مدرستنا مطبق
- 7 آذار
- الخالص 2010
- المواطنة وبناء الدولة
- الخالص مدينة الأدباء
- منظمات المجتمع المدني وبناء الدولة
- كيف نبني حكومة قوية؟
- عنك ما منعنه الخوف
- موازنة بلا وظائف
- لو كنت مرشح
- البعث دعاية إنتخابية
- الانتخابات والنظام الديمقراطي
- مراهنات وتطلعات
- قانون حماية الصحفيين


المزيد.....




- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علي الحمداني - الهوية الثقافية هل في خطر؟