أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد حسنين الحسنية - توماس فريدمان يتجاهل البيئة السياسية كعامل حاضن للإعتدال الديني















المزيد.....

توماس فريدمان يتجاهل البيئة السياسية كعامل حاضن للإعتدال الديني


أحمد حسنين الحسنية

الحوار المتمدن-العدد: 2937 - 2010 / 3 / 7 - 23:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما يتحدث فيلدرز ، و أمثاله ، عن الإسلام ، أغلق الصفحة ، و سبق أن ناشدت القراء ألا يولوه ، و أمثاله ، إهتمامهم ، و لكن عندما يتحدث ، أو يكتب ، أشخاص مثل لورد تيبت ، أو توماس فريدمان ، و أمثالهما ، فإنني أتمعن فيما قالوه ، أو كتبوه ، رغم إنه في أحيان عدة تكون وجهة نظري مغايرة لوجهة نظرهم .
الفارق في موقفي هو في تفهم الدوافع التي تقف وراء تلك الشخصيات ، فدوافع شخص مثل فيلدرز عندما يتحدث عن الإسلام ، و المسلمين ، تختلف عن دوافع شخص مثل نورمان تيبت ، أو توماس فريدمان .
على إنني سأركز في حديثي على مناقشة توماس فريدمان ، الكاتب ، و الصحفي ، الأمريكي المعروف عالميا ، نظراً لأنه أكثر إطلاعا على العالم الإسلامي ، و كتاباته ذات منحى عالمي ، و تلقى كتاباته متابعة في الشرق الأوسط ، بعكس لورد تيبت ، السياسي البريطاني المحافظ ، الأكثر محلية ، و المهتم بالوضع الداخلي في بريطانيا ، و شتان بين البيئة السياسية في بريطانيا ، و البيئة السياسية في معظم دول العالم الإسلامي ، من المغرب إلى أندونيسيا .
من المتابعة المستمرة لكتابات توماس فريدمان ، و من مطالعتي لبعض ما صرح به لورد تيبت ، و ما كتبه غيرهما من الشخصيات الجادة ، أجد أن هناك إتجاه قوي يطالب المسلمين القيام بدور لتصحيح أنفسهم ، و هو إتجاه يصل إلى درجة اللوم الصريح .
هذه المطالبة ، أو اللوم ، فيها شيء طيب ، و هو الإقرار بأن هناك مسلمين طيبين ، مثلما هناك أشرار ، و أن الطيبين هم الأغلبية الساحقة ، و أن الإسلام دين مثل أي دين ، فيه مدارس متباينة .
و لكن هذه المطالبة فيها أيضا شيء غير عملي ، و هو إغفالها للوضع السياسي في الدول ذات الغالبيات المسلمة ، أو بقول أخر : البيئة السياسية في تلك الدول .
قد يحق للورد تيبت أن يلوم بعض مسلمي بريطانيا في هذا الشأن ، و لكن أن يلوم توماس فريدمان جماهير المسلمين في العالم الإسلامي ، و العربي خصوصا ، وحدهم ، و هو المطلع بشكل ممتاز على البيئة السياسية في العالم الإسلامي ، و له أصدقاء شخصيين في كل ركن من ذلك العالم ، فهذا ما لا يمكن قبوله من شخصه .
لو أن الأستاذ فريدمان راجع بسرعة تاريخ كل حركات الإصلاح الديني ، سيجد أن البيئة السياسية المناسبة قد لعبت دور هام في نجاح تلك الحركات .
مارتن لوثر لم يكن المصلح الديني الأول في غرب أوروبا ، كما يعلم الأستاذ فريدمان ، و لكن الذي حمى لوثر من الحرق حيا كبعض من سبقوه من المصلحين ، وجود حاكم سياسي وفر له الحماية .
و الذي كتب لحركة لوثر النجاح ، و جود العديد من الإمارات الألمانية ، و دول أخرى مثل السويد ، و فرنسا ، التي وفرت الجيوش اللازمة لحماية الحركة الإصلاحية ، من الجيوش المناصرة للبابوية الكاثوليكية ، مع ملاحظة أن دوافع فرنسا الكاثوليكية كانت سياسية ، و ليست دينية بالطبع .
محمد ، صلى الله عليه وسلم ، و الذي يتفق الكتاب المنصفون ، غير المسلمين ، و غير المتدينين ، على إنه قاد حركة إصلاحية دينية - إجتماعية ، في الجزيرة العربية ، لم يكتب لحركته النجاح إلا بعد أن خرجت الحركة من تحت الطغيان المكي ، إلى الحرية في يثرب ، أو المدينة المنورة ، و تمتعت بالحماية التي وفرتها قبيلتي ، الأوس ، و الخزرج ، فقد كانت الهجرة النبوية ، علامة إنتقال من بيئة سياسية ضاغطة ، إلى بيئة سياسية مناسبة للنمو ، أو علامة إنتقال من مرحلة إلى أخرى أفضل ، لهذا إستحقت الهجرة إختيارها كبداية للتقويم الإسلامي .
سيرة الإمام ابن حزم الأندلسي أيضا دليل على أهمية وجود البيئة السياسية المناسبة الحاضنة .
الأمثلة كثيرة ، و أكتفي بالأمثلة السابقة لإثبات أهمية وجود البيئة السياسية المناسبة ، كعامل في نجاح الحركات الإصلاحية .
في العالم العربي الوضع أسهل بكثير من الوضع في ألمانيا في عهد مارتن لوثر ، فنحن لا نحتاج في الحقيقة إلى مذهب ديني جديد ، لأن في الكثير مما أخرجته المدارس الإسلامية الفقهية ما لو أخذنا به لكان فيه إنتقال للوضع الذي نحلم به .
أمثلة على ذلك : لو أخذنا برأي الإمام مالك في الكفاءة ، و التي رفضها ، لإنتهينا من قضية التفرقة الطبقية ، و العنصرية ، التي تأخذ شكل ديني .
و لو أخذنا برأي الإمام ابن حزم الأندلسي في حق المرأة - في أي عمر - في السفر بمفردها ، لإنتهينا من قضية التمييز بين الرجل ، و المرأة ، في حرية السفر ، و في قيادة السيارات بشكل أولى .
و سبق أن ذكرت رأي الشيخ يوسف القرضاوي في تأييده لحق غير المسلم ، و المرأة ، في تولي منصب رئاسة الجمهورية ، و في هذا الحق إقرار بحق المواطنة المتساوية لجميع المواطنين في أي دولة إسلامية .
الأمثلة كثيرة على أن فقهنا الإسلامي الحالي فيه الكثير اللازم لتأسيس مجتمع مدني يتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ، و الذي نعده في حزب كل مصر جزء من الوثيقة الأساسية للحزب .
مشكلتنا ، و كما ذكرت سابقا في هذا المقال ، أبسط بكثير من الوضع في أوروبا الغربية ، في عصر الإصلاح الديني ، أو في عصر النهضة السابق عليه ، فنحن ، كمسلمين ، لسنا في حاجة لمارتن لوثر مسلم ، و لا في إنتظار لميلاد جيل جديد من المسلمين يقبل بالدولة المدنية ، و يدين بالإعتدال ، لأن أغلبية المسلمين ، من سنة ، و شيعة ، تدين بالأراء المعتدلة في الإسلام ، و ترفض العنف ، و لكن المشكلة في حكامنا .
إنني أتصور الإعتدال ، و الإنفتاح ، الإسلاميين ، كنبتة ، فكيف تنمو هذه النبتة ، و تزدهر ، و حذاء الإستبداد فوقها ؟؟؟
المشكلة الأساسية هي في البيئة السياسية غير المناسبة ، و التي صنعها حكامنا ، الذين يريدون أن تظل صورة المسلمين سيئة في نظر العالم ، حتى يحصلوا على تأييد العالم .
إصلاح البيئة السياسية سيقود لسيادة الأراء الإسلامية المتوافقة مع مبادئ الدولة المدنية ، و إصلاح البيئة السياسية ليس مسئوليتنا وحدنا ، نعم الجزء الأكبر يقع على كواهلنا ، و لكن الحذاء سيكون أخف ، و أسهل في الإزالة ، عندما تكف دول العالم الحر عن دعم ذلك الحذاء .
المسئولية إذا ، عن الوضع الحالي في العالم الإسلامي ، مشتركة يا أستاذ فريدمان ، و لا يجب أن تلومنا وحدنا .
يجب أن تلوم أيضا كل من يدعم ذلك الحذاء ، و يزيد من وطأته على نبتة الإعتدال الإسلامي .



#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى لا تصبح ديمقراطياتنا مثل ديمقراطية رومانيا
- المصرفي الصالح لا يسرق عملائه يا جيمي
- الحرب الدينية ، لو قامت ، فلن تكون إلا إسلامية - إسلامية
- الشعب الإيراني يتطلع لمصدق أخر ، و ليس لشاه ، و يرفض ولاية ف ...
- شبيبة مبارك ، و هلال معقوف ، نظرة للتغيرات الثقافية ، و السي ...
- الجمالية ، خير إسم للعقيدة الإقتصادية التي تحكم مصر
- النضال الحوثي ، نضال لمضطهدين ، و ليس نضال لبناة دول و مجتمع ...
- حماس باقية ، ما أبقت قيادها في يد متطرفيها ، و كبحت معتدليها
- دلالات الإنجاز الحوثي
- حرام ، و فاشلة ، و يجب محاكمة المسئولين عنها
- ما أتفق فيه مع القرضاوي
- ماذا سيستفيد الشيعة في العراق من دعم الديمقراطية السورية ؟
- حكم الأغلبية في سوريا ، صمام أمان للمنطقة
- مبارك الأب يقامر بمستقبل أسرته
- القاعدة في أرض الكنانة ، كارت آل مبارك الأخير
- حلايب قضية حلها التحكيم
- الأكاذيب السعودية يروجها الإعلام الرسمي الروماني
- في اليمن و باكستان أرى مستقبل مصر للأسف
- التوريث أصبح باهظ الكلفة لسمعة مصر
- محمد البرادعي و طريق مصطفى كامل


المزيد.....




- خبراء: فلسطين قضية محورية في تجديد الأمة الإسلامية
- مفتي القاعدة السابق يروي تفاصيل خلاف بن لادن والملا عمر
- تفجير الكنيسة يُفجع عائلة سورية.. ومناشدة للشرع
- “ماما جابت بيبي” استقبل دلوقتي تردد قناة طيور الجنة 2025 Toy ...
- أضبطها الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات ...
- لليوم الـ12: الاحتلال يواصل إغلاق المسجد الأقصى وكنيسة القيا ...
- “سلي طفلك الأن” تردد قناة طيور الجنة الجديد عبر النايل سات و ...
- الأزهر: من مسجد الفاطميين إلى جامعة إسلامية عريقة
- الهجوم على كنيسة مار إلياس بدمشق يثير مخاوف المسيحيين في سور ...
- سوريا.. عملية أمنية ضد وكر إرهابي متورط بهجوم الكنيسة


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد حسنين الحسنية - توماس فريدمان يتجاهل البيئة السياسية كعامل حاضن للإعتدال الديني