|
حينما تلتقي المنفى بالديكتاتورية لا أحد يتقن الحديث إلا مولر
مصطفى العوزي
الحوار المتمدن-العدد: 2937 - 2010 / 3 / 7 - 03:09
المحور:
الادب والفن
هيرتا مولر ، اسم سطع نجمه في سماء الأداب العالمي ، حينما تقدم بيتر انجلد سكريتر أكاديمية نوبل بالسويد ، للإعلان عن المتوجة بجائزة نوبل الرفيعة في الاداب للعام 2009 ، لم يكون إسم مولر الأديبة الألمانية الرومانية مألوفا ، لتنطلق وسائل الإعلام الدولية مسلطة الضوء على هذه الشخصية المتفردة ، و المرأة الثانية عشر في سجل النساء المتوجات بنوبل . ببلدة – نيتسكيدورف - برومانيا رأت مولر النور في 17 من غشت من العام 1953 ، من أبوين ينحدران من الأقلية الرومانية الناطقة بالألمانية ، و منذ ولادتها و هي تعيش تجارب الترحال و المنفى الإضطراري تحت وقع حكم ديكتاتوري متسلط لتشاوشيسكو ، درست الأدبين الألماني و الروماني بلغتيهما ، بجامعة – بيتميشوارا- ، و بعد تخرجها عملت مولر بأحد المصانع مدة لم تتعدى العامين لتطرد منه بسرعة بعدما رفضت الإنصياع للشرطة و التعاون معها كمخبرة سيما و أنها كانت عضوة في منظمة للأدباء الشباب المعارضين لحكم تشاوشيسكو . سنة 1987 ستهاجر مولر رومانيا متجهة صوب ألمانيا بعدما وصل حد الإضطهاد بها إلى منعها من نشر أعمالها ، هذه الأعمال التي تطغى عليها تيمتين أساسيتين و تحضران بقوة في محكياتها المتعددة . عن المنفى كتبت مولر روايات من أبرزها - أرجوحة الجهاز التنفسي - ، و فيها عملت مولر على تصوير أحداث و معاناة ترحال عدد من المواطنين الرومانيين تعسفا نحو الإتحاد السوفياتي ، و كانت والدتها واحدة من هؤولاء المنفين ، نفس التيمة تحضر في روايتها المعنونة ب - حيوان القلب - ، و التي تحكي قصة فتاة ريفية فقيرة تضطر تحت تسلط أمني للقيام بهجرات مفاجأة تاركة الدراسة و الجامعة و المدينة . و عن تيمة النظام الديكتاتوري إحدى مواضع مولر الرئيسية في نتاجها السردي ، كتبت الكاتبة رواية - السهول - أولى أعمالها و التي تعمل على إلتقاط فصول حياة طفل و نظرته في ظل زمن الديكتاتورية المتوحشة ، تقول مولر عن هذه الرواية في إحدى الحوارات الصحفية - كان الموضوع المركزي في هذا الكتاب و في غيره من الكتب هو الديكتاتورية ، لم أعرف شيأ أخر لم أرى شيأ أخر ، و أنا مستمرة مع هذا الموضوع - ، و في مقطع من رواية حيوان القلب تكتب مولر – لم نكن نريد أن نهجر البلد ، لم نكن نريد أن نركب السفينة على نهر الدانوب أو طائرة أو قطار بضائع ... قال ادغار : لو ذهب الشخص الصحيح لكان بمقدور الجميع أن يبقوا في البلد ... لا أحد يصدق أن على الشخص الصحيح أن يذهب ، في كل يوم كنا نسمع شائعات عن أمراض الديكتاتور، قديمها و حديثها و لكن لم يكون أحد يصدقها كذالك رغم ذلك كان الشخص يهمس في أذن التالي ، نحن أيضا تناقلنا الشائعات ، كأنها تحتوي على فيروس الموت الزاحف الذي سيصل في النهاية حتما إلى الديكتاتور : سرطان الرئة ، سرطان الحلق ، هكذا كنا نهمس ، سرطان الامعاء ، ضمور المخ ، شلل ، سرطان الدم - . على طول مسار حافل بالعطاء المتميز ، ألفت مولر روايات أخرى ترجمت الى لغات متعددة و نالت إعجاب الكثير من المتتبعين و المختصين و منها : - الترحال على ساق واحدة - ، - الشيطان منعكسا في المرة - ، - الثعلب كان هو الصياد - ، - الملك يركع و يقتل – الرجال الشاحبون و فناجين القهوة - ، و أعمال أخرى . كما نالت جوائز تقديرية عالمية رفيعة ، منها جائزة كلايست عام 1994 ، ثم جائزة الإتحاد الأروبي للأداب بعدها بسنة ، و جائزة فرانز كافكا سنة 1999 ، فجائزة ايمباك للوكالة الدولية دبلن 1998 ، و توجت دربها الإبداعي كمتربعة على عرش نوبل لسنة 2009 . و رغم إنشغالها بالأداب و إنصرافها التام له ، و لدروبه الموزعة بين القصة و الرواية و الشعر ، لا تفتئ مولر تولي إهتماما بليغا لأوضاع بلدها الأصلي رومانيا ، فتعمل على متابعة أكثر القضايا إثارة للجدل ببلدها ، و تحرر مقالات متميزة ، بجرائد و مجالات عالمية ، لتكون بذلك مثالا واضحا عن نموذج المثقف العضوي المنخرط في صلب تحولات مجتمعه الراهنة ، تكتب تتحدث و تحلل ، تسرد و تعلق ، إنها كاتبة مبدعة ، و قطعة من قلبين ، واحد برومانيا ، و أخر بألمانيا .
#مصطفى_العوزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوم هاجرنا الطيب صالح
-
في ذكرى الوفاة
-
شذرات شبابية
-
تطوان في السرد الروائي ... تجارب و شهادات
-
عجوز يصارع للبقاء في هافانا
-
الإنتماء الى أفرقيا
-
قبلة و أغنية حزينة
-
غابرييل غارسيا ماركيز ... و ريح شقاء ايرينديرا
-
جامعة ... و دورة إستدراكية
-
الهجرة الى أين ؟
-
جمعية قدماء تلاميذ ثانوية الفقيه داود التأهيلية بالمضيق و رس
...
-
الاسلام و ظواهر المجتمع ( 4 )
-
الاسلام و ظواهر المجتمع ( 3 )
-
الاسلام و ظواهر المجتمع ( 2 )
-
الاسلام و ظواهر المجتمع ( 1 )
-
موسم الهجرة الى أصيلة
-
غابرييل غارسيا ماركيز ... على خطى الرواية و التقشف
-
جنون و حرائق و سهول
-
العالم الثالث و فن الانتقام
-
العربية ... اللغة و العصر
المزيد.....
-
-صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل
...
-
أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب
...
-
خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو
...
-
في عيون النهر
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
-
إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|