موسم الهجرة الى أصيلة

مصطفى العوزي

الحوار المتمدن-العدد: 2740 - 2009 / 8 / 16 - 04:33
المحور: الادب والفن
    

أواخر فبراير من هذه السنة كانت لي زيارة لمدينة أصيلة الجميلة و الهادئة ، زرت خلالها معالي الوزير السابق السيد محمد بن عيسى ببيته بذات المدينة ، و قد كان أول ما تحدثنا فيه بعد التحية و الترحيب ، وفاة الكاتب العربي الكبير الطيب صالح ، شيخ الرواية العربية ، سألت ساعتها السيد محمد بن عيسى عن إحساسه بتلقي هذا الخبر المحزن ، فكان رده أن الأمر كان مأساة على القلب و الروح ، فزيادة على كون الرجل هرم من أهرام الرواية العربية و مبدع من الطراز الرفيع ، فقد كان الطيب صالح أحد الأصدقاء المخلصين لمدينة أصيلة و لموسمها الثقافي الدولي .
شارك الطيب صالح في موسم أصيلة الدولي في دورته الثالثة سنة 1980 ، و كان بحق صديق مخلصا للمدينة ، و للمغرب عامة ، و من أصيلة انطلق في رحلة زار فيها ضريح الولي الصالح مولاي عبد السلام بن مشيش رفقة محمد بن عيسى ، و توالت زيارات الرجل للمغرب و لمدينة أصيلة خاصة بعد ذلك لسنوات عديدة و في دورات المنتدى الموالية ، فلم ينقطع عنها إلا في السنتين الاخرتين لما منعه المرض من ذلك و لما اختاره رب العباد لمغادرة هذه الدنيا .
و سبق لمدينة أصيلة أن كرمت الرجل حين فوزه بجائزة محمد زفزاف للرواية العربية سنة 2002 ، عندها وصف الرجل بشيخ الرواية العربية ، و قال عنه محمد بن عيسى في كلمتين " و الله انك لطيب صالح " ، الأولى يصاف بها ذو النفوس و الخصال الطيبة ، و الثانية لذوي الصلاح و الأخلاق الحميدة الرفيعة . و هذه السنة خصصت مؤسسة منتدى أصيلة الثقافي ندوة تكريمية و تأبينية ، ركزت فيها على مسار رجل سوداني عاش حياة تجوال و كتابة مكرسا لهما جل وقته ، فكتب موسم الهجرة إلى الشمال ليحكي بعضا من فصول حياته تارة بظهور علني و تارة أخرى مرتديا شخصية مصطفى سعيد - بطل العمل - ، فعالج إشكالية الصراع بين الشمال و الجنوب مقدما طبقا متنوعا من الآراء و التصورات التي تأطر تلك العلاقة الإشكالية و المعقدة . للطيب صالح أيضا أعمال أخرى من بينها "عرس الزين" ، "دومة ود حامد" ، "نخلة على جدول" و أعمال أخرى ، و قد عمل في سنواته الأخيرة على تقديم إطلالة جميلة على واقع المجتمع السوداني و تاريخ البلاد السياسي و الثقافي من خلال عموده " نحو أفق بعيد " بجريدة الرأي العام السودانية .
بهذه الندوة الثقافية التي دامت يومين بحضور نخبة من المثقفين العرب و الأجانب تكون أصيلة قد أرسلت رسالة شكر و امتنان و إخلاص و رد للاعتبار و الجميل لروح عبقري الرواية العربية الكاتب الكبير الطيب الصالح ، و هي تقول : الطيب صالح في الذاكرة .

#مصطفى_العوزي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل